وقيل : ناشر بمعنى منشر أي : المحيي تقول : نشر الله الموتى وأنشرها ، ففعل وأفعل على هذا بمعنى واحد ، وهذه الثّالثة ضعيفة.
الوجه الثاني : أنّ نشرا جمع نشور ، وهذا فيه احتمالان :
أرجحهما : أنّه بمعنى فاعل ، وفعول بمعنى فاعل ينقاس جمعه على فعل كصبور ، وصبر ، وشكور ، وشكر أي متفرقة ، وهي الرّياح التي تأتي من كل ناحية والنّشر التفريق ، ومنه نشر الثّوب ، ونشر الخشبة بالمنشار.
وقال الفراء : «النّشر من الرّيح الطيّبة اللينة التي تنشىء السّحاب ، واحدها نشور ، وأصله من النّشر وهو الرّائحة الطيّبة.
والثاني : أنّه بمعنى مفعول كركوب وحلوب بمعنى مركوب ومحلوب قالوا : لأنّ الرّيح توصف بالموت وتوصف بالإحياء فمن الأوّل قوله : [الرجز]
٢٤٩٢ ـ إنّي لأرجو أن تموت الرّيح |
|
فأقعد اليوم وأستريح (١) |
ومن الثاني قوله : «أنشر الله الرّيح وأحياها» وفعول بمعنى مفعول يجمع على فعل كرسول ورسل. وبهذا قال جماعة كثيرة ، إلا أنّ ذلك غير مقيس في المفرد وفي الجمع ، أعني أنه لا ينقاس فعول بمعنى مفعول لا تقول : زيد ضروب ولا قتول بمعنى مضروب ومقتول ، ولا ينقاس أيضا جمع فعول بمعنى مفعول على فعل. فحصل في هذه القراءة ستّة أوجه :
الأول : أنّها جمع لناشر بمعنى : ذا نشر ضدّ الطيّ.
الثاني : جمع ناشر بمعنى : ذي نشور.
الثالث : جمع ناشر مطاوع أنشر.
الرابع : جمع ناشر بمعنى منشر.
الخامس : جمع نشور بمعنى : فاعل.
السادس : جمع نشور بمعنى : مفعول.
وقرأ (٢) ابن عامر (٣) بضمّ النّون وسكون الشين ، وهي قراءة ابن عبّاس ، وزرّ بن حبيش ، ويحيى بن وثّاب ، والنخعيّ وابن مصرف ، والأعمش ، ومسروق ، وتخريجها بما ذكر في القراءة قبلها ، فإنّها مخفّفة منها ، كما قالوا : رسل في رسل وكتب في كتب ،
__________________
(١) البيت ينظر : البحر ٤ / ٣٢٠ ، روح المعاني ٨ / ١٤٥ ، اللسان (موت) ، الدر المصون ٣ / ٢٨٤.
(٢) ينظر : السبعة ٢٨٣ ، والحجة ٤ / ٣١ ، وإعراب القراءات ١ / ١٨٦ ، وحجة القراءات ٢٨٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٩٩ ، والعنوان ٩٦ ، وإتحاف ٢ / ٥٣.
(٣) في أ : عاصم.