قال يحيى بن آدم : سألت الكسائيّ عن واحد الأعراف فسكت ، فقلت : حدثتنا امرأتك عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال : «الأعراف سور له عرف مثل عرف الدّيك» فقال : نعم ، وإن واحده عرف بعير ، وإن جماعته أعراف ، يا غلام هات القرطاس كأنّه عرف بارتفاعه دون الأشياء المنخفضة ، فإنّها مجهولة غالبا.
قال أمية بن أبي الصلت : [البسيط]
٢٤٧٠ ـ وآخرون على الأعراف قد طمعوا |
|
في جنّة حفّها الرّمّان والخضر (١) |
ومثله أيضا قوله : [الرجز]
٢٤٧١ ـ كلّ كناز لحمه نياف |
|
كالجبل الموفي على الأعراف (٢) |
وقال الشّمّاخ : [الطويل]
٢٤٧٢ ـ فظلّت بأعراف تعادى كأنّها |
|
رماح نحاها وجهة الرّيح راكز (٣) |
وقال الزّجّاج ، والحسن في أحد قوليه : إن قوله : «وعلى الأعراف» وعلى معرفة أهل الجنّة والنّار ، كتبة رجال يعرفون كل من أهل الجنة والنّار بسيماهم ، للحسن : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فضرب على فخذه ثم قال : هم قوم جعلهم الله على تعرف أهل الجنّة وأهل النّار ، يميزون البعض من البعض والله لا أدري لعل بعضهم الآن معنا (٤).
قال المهدويّ : «إنّهم عدول القيامة الذين يشهدون على النّاس بأعمالهم ، وهم في كلّ أمّة» ، واختار هذا القول النّحّاس وقال : «هو من أحسن ما قيل فيه ، فهم على السور بين الجنّة والنّار».
فأمّا القائلون بالقول الأوّل فقد اختلفوا في الذين هم على الأعراف على قولين :
فقيل : هم الأشراف من أهل الطّاعة ، وقال أبو مجلز : «هم ملائكة يعرفون أهل الجنّة وأهل النّار» ، فقيل له : يقول الله ـ عزوجل ـ (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ) ، وتزعم أنّهم ملائكة ، فقال : «الملائكة ذكور لا إناث».
وقيل : هم الأنبياء ـ عليهم الصّلاة والسّلام ـ أجلسهم الله على أعلى ذلك السّور إظهارا لشرفهم وعلوّ مرتبتهم.
وقيل : هم الشّهداء.
__________________
(١) البيت ينظر ديوانه ٣٣ ، الدر المصون ٣ / ٢٧٤.
(٢) البيت ينظر : مجاز القرآن ١ / ٢١٥ ، البحر ٤ / ٢٨٧ ، اللسان (نون) ، الدر المصون ٣ / ٢٧٤.
(٣) البيت ينظر : ديوانه (٢٠١) مجاز القرآن ١ / ٢١٥ ، تفسير الطبري ١٣ / ٤٤٩ ، الدر المصون ٣ / ٢٧٤.
(٤) ذكره الرازي في تفسيره (١٤ / ٧٠).