فَأينَ هَذا مِنْ قَولِهِ :
هَذا الذي تَعرِفُ البطحاءُ وَطْأتَهُ |
|
والبيتُ يعرفُهُ والحلُّ والحَرَمُ (١) |
ولهذا قال :
مِنْ حَدِيث نَمى إليَّ فَمَا أطْعَمُ |
|
غُمضاً ولاَ أَلَذُّ شَرابي (٢) |
فنكَّر الغُمْضَ احتقاراً لَهُ إذ كَانَ لا يعرِفُهُ ، وَعَرّف الشَّرَابَ إذ كَانَ لا بُدَّ أَنْ يشربَ وإن قل. قَالَ :
على كُلّ حال يأكلُ المرءُ زَادَهُ |
|
مِنَ الضُّرِّ والبأسَاءِ وَالحَدَثَانِ (٣) |
وِلأَجلِ ذَلِك لَم تندُبِ العربُ المبهمَ ولا النكرةَ لاحتقارها ، وإنَّما تندُب بأشهر أسماءِ المندوبِ ، ليكونَ ذلك عُذراً لَهَا في اختلاطها وتفجّعها (٤).
__________________
(١) نُسِبَ البيتُ في المحتسب إلى الحَزين الكناني في مدح عبد الله بن عبد الملك بن مروان وينسب إلى الفرزدق من قصيدة في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) وليست في ديوان الفرزدق والقصيدة التي منها هذا البيت منسوبة إلى الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) في أكثر من مصدر منها : أمالي المرتضى : ١ / ٦٧ والأغاني (ساسي) : ١٩ / ٤٠ ووفيات الأعيان : ٦ / ٩٥ وشرح شواهد المغني للسيوطي : ٢٤٩. كما ذكرها بروكلمان في تاريخ الأدب العربي : ١ / ٢١٤ فقال توجد قصيدة الفرزدق في مدح زين العابدين مخطوطة في جوتا : ١٤ و ٢٦ وليدن ٥٩٠ وباريس ٥٦ ، ١٢٠٥ و ٥ و ٤٢٦١ وبوهار ٤٣٦ وطبعت على الحجر في طهران سنة ١٢٧٥ هـ.
(٢) البيت لعلفاء بن الحارث. انظر : المحتسب : ١ / ١٦٩ ومعجم الشعراء : ٤٣٣.
(٣) ينسب البيت لأعرابية وهو في : مجالس ثعلب وربيع الأبرار.
(٤) هذا هو رأي البصريين ، أمَّا الكوفيون فذهبوا إلى جواز ندبةِ النكرةِ والأسماءِ الموصولة ، واستشهدوا بقول العرب : (وا من حفر بئر زمزم اهـ) وما أشبَهَ ذلك ، وردَّ البصريون ذلك.
انظر : الكتاب : ١ / ٣٢٤ والإنصاف في مسائل الخلاف : ٢ / ٢٠١ مسألة ٥١.