وَهْيِّ هذه القراءة وَوَهْمِ القارئ» (١).
والذي حَمَلَ النحاةَ على تخطئة ابن عامر هو زَعْمُهُم : أَنَّ الإجماعَ واقعٌ على امتناع الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ، في غير ضرورة الشعر ، والقرآن ليس فيه ضرورة (٢).
قال صاحب الخزانة : هذه الأقوال كلُّهَا لا ينبغي أَنْ يُلتَفَتُ إليها ، لأ نَّها طعنٌ في التواتر ، وإنْ كانت صادرةً من أئمّة أكابر (٣).
أمَّا الكوفيون (٤) فقد أَجازوا هذهِ القراءَةَ (٥) واحتجّوا بِها وعقدوا عليها الحكم بجواز الفصلِ بينَ المضافِ والمضافِ إليه بغيرِ الظرف (٦).
٣ ـ ذهبَ الكوفيونَ إلى إعراب (أيّهم) واحتجُّوا بقراءَةِ مَنْ قرأ (٧) : (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيَّهُمْ) (٨) بالنصبِ. وردَّ البصريونَ احتجاجهم بِهَا
__________________
(١) الإنصاف : ٢٢٨ مسألة ٦٠ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٣.
(٢) الإنصاف : ٢٢٧ مسألة ٦٠ وخزانة الأدب : ٤ / ٤٢٤.
(٣) خزانة الأدب : ٤ / ٤٢٣.
(٤) وممّن شذَّ منهم الفرّاء كما مَرّ بنا في ص : ٥١.
(٥) الإنصاف : ٢٢٧ مسألة ٦٠ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٣٤٢.
(٦) مدرسة الكوفة : ٣٣٧.
(٧) هي قراءة طلحة بن مصرف ومعاذ بن مسلم الهَرَّاء شيخ الفرّاء وقراءة زائدة عن الأعمش وقرأ الجمهور (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) بالضَّمِّ وهي حركة بناء على مذهب سيبويه وحركة إعراب على مذهب الخليل ويونس. قال أَبو عمرو الجَرْمِي خرجتُ من البصرةِ فلم أَسمعْ منذُ فارقتُ الخندقَ إلى مكّة أَحداً يقول : لأضربنّ أَيُّهم قائمٌ بالضمِّ بل ينصبُها. وقال النحاس : ما علمتُ أَحداً من النحويين إلاّ وقد خطّأ سيبويه. وسمعتُ الزَّجَّاجَ يقولُ ما تبيَّنَ أنَّ سيبويه غلطَ في كتابه إلاّ في موضعين هذا أحدُهما. الكتاب : ١ / ٣٩٧ ومختصر في شواذّ القرآن : ٨٦ والبحر المحيط : ٦ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
(٨) من قوله تعالى من سورة مريم : ١٩ / ٦٩ : (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَة أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى