إِنَّما يُريدُ إِغماض ليلةَ أرمد ، فَنَصْبُ (ليلةَ) إذاً إِنَّما هو على المصدرِ لا على الظرفِ (١) لأَ نَّهُ لَمْ يُردْ ، أَلَمْ تَغْتمِضْ عيناك في ليلةِ أَرمد ، وإِنَّمَا أَرادَ أَلَمْ تَغْتَمِضْ عيناك مِنَ الشوقِ والأَسَفِ اغتماضاً مثل اغتماض ليلة رَمِد العين (٢).
وَكَذَلِك : (وَنُزِلَ الملائِكةُ) أَي : نُزِلَ نُزولُ الملائكةَ وَلَو سُمِيَ الفاعلُ على هذا التقديرِ لَقيلَ : نَزَلَ النازلُ الملائكةَ نَصَبَ الملائكةَ انتصابَ المصدرِ ، لأنَّ كُلَّ مضاف إليه يحْذَفُ مِن قبله ما كان مضافاً إِليه ، فَإنَّهُ يعرُب إعرابَه لازيادِة عليه ولا نقص منه (٣).
وَقَرَأَ يَحْيَى والنَّخَعِي : (ثُمَّ عُمُوا وَصُمّوا) (٤) بِضَمّ العينِ والصَّادِ.
قال أَبو الفتحِ : يَجبُ أَنْ يَكونَ هذا على تقدير فُعِلَ كقولِهم : زُكِمَ وَأَزْكَمَهُ اللهُ ، وَحُمَّ وَأَحَمَّهُ اللهُ ، فكذلك هذا أَيضاً جاءَ على عُمِيَ وَصُمَّ وأَعمَاهُ اللهُ
__________________
وهو مطلع قصيدة الأعشى ميمون في مدح الرسول (صلى الله عليه وآله). ويروى عجز البيت :
...... |
|
وَعـادَك مَـا عَـادَ السَّلِيمَ المُسَهَّـدا |
انظر : سيرة ابن هشام : ١ / ٢٥٦ والأغاني ـ تحقيق المهنا ـ : ٩ / ١٤٧ والخصائص : ٣ / ٣٢٢ والمنصف : ٣ / ٨ وشرح المفصل : ١٠ / ١٠٢ والمغني : ٢ / ٦٢٤ وهمع الهوامع : ١ / ١٨٨ والدرر اللوامع : ١ / ١٦١ والروض الأنف : ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣ والنبي وآله في الشعر العربي : ٢٠.
(١) نقل أَبو الفتح هذا الرأي عن شيخه الفارسي. انظر : الخصائص : ٣ / ٣٢٢.
(٢) قال ابن هشام : حذف المضاف والمضاف إِليه وأَقام صفته مقامه. أَي : اغتماض ليلة رجل أرمد. انظر : المغني : ٢ / ٦٢٤.
(٣) المحتسب : ٢ / ١٢٠ ـ ١٢٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٧١ : (وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ).