البعض (١) سَيَّارة في المعنى.
وحكى الأصمعي ، عن أبي عمرو ، قال : سمعتُ رَجُلاً مِنَ اليمنِ يقولُ : فلانٌ لَغوبٌ (٢) جاءتهُ كتابي فاحتقرهَا.
قالَ : فقلتُ لَهُ : أَتقول : جاءَتْهُ كِتابي؟
فقالَ : نَعَمْ ، أَليسَ بصحيفة (٣)؟ فلا تعْجَبْ إلاَّ مِنْ هذا الأَعرابي الجافي وهو يُعَلِّلُ هذا التَّعليلَ في تَأَنيثِ المُذَكَّرِ ، وَلَيسَ في شعر منظوم فَيُحتمَلُ ذَلِك لَهُ ، إنَّمَا هو في كلام منثور. فكذلك يكونُ تأنيثُ الإيمانِ ، أَلا تَراهُ طاعةً في المَعْنَى؟ فكأَ نَّهُ قالَ : لا تَنفَعُ نفساً طاعتُها. والشواهِدُ كثيرٌ لكنَّ الطريقَ التي
__________________
(١) يمنع بعض النحاة واللغويين دخول الألف واللاّم على كلّ وبعض لكن ابن جِنِّي أدخلهما عليهما. كما سيأتي في (إِيَّانَ لُغَةٌ في أيَّانَ) ص : ٢٨٠. وقد استعمل ذلك سيبويه والأخفش وأبو علي الفارسي وابن عقيل والأشموني. وغيرهم. قال أبو حاتِم : قلتُ للأَصمعي : رأيتُ في كتاب ابن المُقَفَّعِ : العلم كثيرٌ ولكن أَخذ (البعض) خيرٌ من ترك (الكلِّ) فأَنكرَهُ أَشدَّ الإنكار وقالَ : الألف واللاّم لا يدخلان في بعض وكلّ لأ نّهما معرفة بغير ألف ولام وفي القرآن العزيز : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) سورة النمل : ٢٧ / ٨٧. قال أبو حاتِم : ولا تقول العربُ : (الكلُّ) ولا (البعضُ) وقد استعمله الناس حتّى سيبويه والأخفش في كتبهما لقلَّةِ علمِهِمَا بهذا النحو!! فاجتنبْ ذلك فإنَّهُ ليسَ مِنْ كلام العرب. وقال الأزهري : النحويون أجازوا الألفَ واللاّم في بعض وكلّ وإنْ أَباهُ الأصمعي. وفي كتاب ليس لابن خالويه : العوامُ وكثيرٌ منَ الخواصِّ يقولون الكلّ والبعض وإنَّمَا هو كلّ وبعض لا تدخلها الألف واللاّم لأ نَّهما معرفتان في نية إضافة. الكتاب : ١ / ٢٥ والحلبيات : ٤٠ والخصائص : ١ / ٢٨ و ٦٤ والمحتسب : ٢ / ٢٦٥ و ٢٨٨ و ٣٥١ واللسان : ٨ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ وشرح ابن عقيل : ١ / ٦١٦ والبسيط : ١ / ١١٩ والمزهر : ٢ / ١٥٨ وشرح الأشموني : ٣ / ٢٠٩ ولحن العامّة والتطوّر اللغوي : ١٤٣.
(٢) اللغوب : الضعيف الأحمقُ. اُنظر : لسان العرب : ٢ / ٢٣٩ ـ لغب ـ.
(٣) انظر : لسان العرب : ٢ / ٢٣٩ والبحر المحيط : ٧ / ٣١٥.