رأت عيني ، وانظر هل ترى. وقال امرؤ القيس :
فلله عينا من رأى من تفرق |
|
أشتّ وأنأى من فراق المحصب |
وإجراء اسم موصول العقلاء على الأصنام مجاراة للمشركين إذ يعدّونهم عقلاء. و (مِنْ دُونِهِ) صلة الموصول. و (دون) كناية عن الغير ، و (مِنْ) جارّة لاسم المكان على وجه الزيادة لتأكيد الاتصال بالظرف.
و (بَلِ) للإضراب الانتقالي من غرض المجادلة إلى غرض تسجيل ضلالهم ، أي في اعتقادهم إلهية الأصنام ، كما يقال في المناظرة : دع عنك هذا وانتقل إلى كذا.
و (الظَّالِمُونَ) : المشركون. والضلال المبين : الكفر الفظيع ، لأنهم أعرضوا عن دعوة الإسلام للحق ، وذلك ضلال ، وأشركوا مع الله غيره في الإلهية ، فذلك كفر فظيع. وجيء بحرف الظرفية لإفادة اكتناف الضلال بهم في سائر أحوالهم ، أي : شدة ملابسته إياهم.
(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢))
الواو عاطفة قصة لقمان على قصة النضر بن الحارث المتقدمة في قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [لقمان : ٦] باعتبار كونها تضمنت عجيب حاله في الضلالة من عنايته بلهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذ سبيل الله هزؤا ، وباعتبار كون قصة لقمان متضمنة عجيب حال لقمان في الاهتداء والحكمة ، فهما حالان متضادان ؛ فقطع النظر عن كون قصة النضر سيقت مساق المقدمة والمدخل إلى المقصود لأن الكلام لما طال في المقدمة خرجت عن سنن المقدمات إلى المقصودات بالذات فلذلك عطفت عطف القصص ولم تفصل فصل النتائج عقب مقدماتها. وقد تتعدد الاعتبارات للأسلوب الواحد فيتخير البليغ في رعيها كقوله تعالى (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) في سورة البقرة [٤٩] ، (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) في سورة إبراهيم [٦]. وافتتاح القصة بحرفي التوكيد : لام القسم و (قد) للإنباء بأنها خبر عن أمر مهم واقع.
و (لُقْمانَ) اسم رجل حكيم صالح ، وأكثر الروايات في شأنه التي يعضد بعضها وإن كانت أسانيدها ضعيفة تقتضي أنه كان من السود ، فقيل هو من بلاد النوبة ، وقيل من الحبشة.