وشمل قوله (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) مراتب اكتساب العلم وهي إما : الاجتهاد والاكتساب ، أو التلقي من العالم ، أو مطالعة الكتب الصائبة. وتقدم تفسير نظير هذه الآية في سورة الحج [٨].
وجملة (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) إلخ عطف على صلة (مِنَ) ، أي : من حالهم هذا وذاك ، وتقدم نظير هذه الجملة في سورة البقرة [١٧٠].
والضمير المنصوب في قوله (يَدْعُوهُمْ) عائد إلى الآباء ، أي أيتبعون آباءهم ولو كان الشيطان يدعو الآباء إلى العذاب فهم يتبعونهم إلى العذاب ولا يهتدون. و (لَوْ) وصلية ، والواو معها للحال.
والاستفهام تعجيبي من فظاعة ضلالهم وعما هم بحيث يتبعون من يدعوهم إلى النار ، وهذا ذم لهم. وهو وزان قوله في آية البقرة [١٧٠] : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً). والدعاء إلى عذاب السعير : الدعاء إلى أسبابه. والسعير تقدم في قوله تعالى : (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) في سورة الإسراء [٩٧].
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢))
هذا مقابل قوله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [لقمان : ٢٠] إلى قوله : (يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) [لقمان : ٢١] ، فأولئك الذين اتبعوا ما وجدوا آباءهم عليه من الشرك على غير بصيرة فوقعوا في العذاب ، وهؤلاء الذين لم يتمسكوا بدين آبائهم وأسلموا لله لما دعاهم إلى الإسلام فلم يصدّهم عن اتباع الحق إلف ولا تقديس آباء ؛ فأولئك تعلقوا بالأوهام واستمسكوا بها لإرضاء أهوائهم ، وهؤلاء استمسكوا بالحق إرضاء للدليل وأولئك أرضوا الشيطان وهؤلاء اتّبعوا رضى الله.
وإسلام الوجه إلى الله تمثيل لإفراده تعالى بالعبادة كأنه لا يقبل بوجهه على غير الله ، وقد تقدم في قوله تعالى (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) في سورة البقرة [١١٢] ، وقوله (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) في سورة آل عمران [٢٠].
وتعدية فعل (يُسْلِمْ) بحرف (إِلَى) هنا دون اللام كما في آيتي سورة البقرة [١١٢] وسورة آل عمران [٢٠] عند الزمخشري مجاز في الفعل بتشبيه نفس الإنسان بالمتاع الذي