و (الَّذِينَ خَلَوْا) الذين مضوا وتقدموا. والأظهر أن المراد بهم من سبقوا من أعداء النبي صلىاللهعليهوسلم الذين أذنه الله بقتلهم مثل الذين قتلوا من المشركين ومثل الذين قتلوا من يهود قريظة. وهذا أظهر لأن ما أصاب أولئك أوقع في الموعظة إذ كان هذان الفريقان على ذكر من المنافقين وقد شهدوا بعضهم وبلغهم خبر بعض.
ويحتمل أيضا أن يشمل (الَّذِينَ خَلَوْا) الأمم السالفة الذين غضب الله عليهم لأذاهم رسلهم فاستأصلهم الله تعالى مثل قوم فرعون وأضرابهم.
وذيل بجملة (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) لزيادة تحقيق أن العذاب حائق بالمنافقين وأتباعهم إن لم ينتهوا عما هم فيه وأن الله لا يخالف سنته لأنها مقتضى حكمته وعلمه فلا تجري متعلقاتها إلا على سنن واحد.
والمعنى : لن تجد لسنن الله مع الذين خلوا من قبل ولا مع الحاضرين ولا مع الآتين تبديلا. وبهذا العموم الذي أفاده وقوع النكرة في سياق النفي تأهلت الجملة لأن تكون تذييلا.
(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣))
لما كان تهديد المنافقين بعذاب الدنيا يذكّر بالخوض في عذاب الآخرة : خوض المكذبين الساخرين ، وخوض المؤمنين الخائفين ، وأهل الكتاب ، أتبع ذلك بهذا.
فالجملة معترضة بين جملة (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) [الأحزاب : ٦٠] وبين جملة (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) [الأحزاب : ٦٤] لتكون تمهيدا لجملة (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ).
وتكرر في القرآن ذكر سؤال الناس عن الساعة ، والسائلون أصناف :
منهم المكذبون بها وهم أكثر السائلين وسؤالهم تهكم واستدلال بإبطائها على عدم وجودها في أنظارهم السقيمة قال تعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) [الشورى : ١٨] وهؤلاء هم الذين كثر في القرآن إسناد السؤال إليهم معبّرا عنهم بضمير الغيبة كقوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) [الأعراف : ١٨٧].
وصنف مؤمنون مصدقون بأنها واقعة لكنهم يسألون عن أحوالها وأهوالها ، وهؤلاء