وعن النحاس أن بعض القراء سماها (لام أن) وتقدم قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) في سورة النساء [٢٦].
وقوله : (أَهْلَ الْبَيْتِ) نداء للمخاطبين من نساء النبي صلىاللهعليهوسلم مع حضرة النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد شمل كلّ من ألحق النبي صلىاللهعليهوسلم بهن بأنه من أهل البيت وهم : فاطمة وابناها وزوجها وسلمان لا يعدو هؤلاء.
(وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤))
لما ضمن الله لهن العظمة أمرهن بالتحلي بأسبابها والتملّي من آثارها والتزود من علم الشريعة بدراسة القرآن ليجمع ذلك اهتداءهن في أنفسهن ازديادا في الكمال والعلم ، وإرشادهن الأمة إلى ما فيه صلاح لها من علم النبي صلىاللهعليهوسلم.
وفعل (اذْكُرْنَ) يجوز أن يكون من الذّكر بضم الذال وهو التذكّر ، وهذه كلمة جامعة تشمل المعنى الصريح منه ، وهو أن لا ينسين ما جاء في القرآن ولا يغفلن عن العمل به ، ويشمل المعنى الكنائي وهو أن يراد مراعاة العمل بما يتلى في بيوتهن مما ينزل فيها وما يقرؤه النبي صلىاللهعليهوسلم فيها ، وما يبيّن فيها من الدين ، ويشمل معنى كنائيا ثانيا وهو تذكر تلك النعمة العظيمة أن كانت بيوتهن موقع تلاوة القرآن.
ويجوز أن يكون من الذّكر بكسر الذال ، وهو إجراء الكلام على اللسان ، أي بلّغنه للناس بأن يقرأن القرآن ويبلغن أقوال النبي صلىاللهعليهوسلم وسيرته. وفيه كناية عن العمل به. والتلاوة : القراءة ، أي إعادة كلام مكتوب أو محفوظ ، أي ما يتلوه الرسول صلىاللهعليهوسلم. و (مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) بيان لما يتلى فكل ذلك متلوّ ، وذلك القرآن ، وقد بين المتلو بشيئين : هما آيات الله ، والحكمة ، فآيات الله يعم القرآن كلّه ، لأنه معجز عن معارضته فكان آية على أنه من عند الله.
وعطف (وَالْحِكْمَةِ) عطف خاص على عام وهو ما كان من القرآن مواعظ وأحكاما شرعية ، قال تعالى بعد ذكر الأحكام التي في سورة الإسراء [٣٩] (ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) ، أي ما يتلى في بيوتهن عند نزوله ، أو بقراءة النبي صلىاللهعليهوسلم ودراستهن القرآن ، ليتجدد ما علمنه ويلمع لهن من أنواره ما هو مكنون لا ينضب معينه ، وليكنّ مشاركات في تبليغ القرآن وتواتره ، ولم يزل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم والتابعون بعدهم