فأثبتوا الواو تحقيقا لضم الهمزة وأثبتوا الألف لأن الألف صورة للهمزة.
[١٤ ـ ١٦] (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦))
أعيد (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) لزيادة التهويل الذي تقدم بيانه آنفا. وكرر (يَوْمَئِذٍ) لتأكيد حقيقة الظرفية. ولما ذكر إبلاس المشركين المشعر بتوقعهم السوء والعذاب أعقب بتفصيل أحوال الناس يومئذ مع بيان مغبة إبلاس الفريق الكافرين.
والضمير في (يَتَفَرَّقُونَ) عائد إلى معلوم من المقام دل عليه ذكر المجرمين فعلم أن فريقا آخر ضدهم لأن ذكر إبلاس المجرمين يومئذ يفهم أن غيرهم ليسوا كذلك على وجه الإجمال.
والتفرق : انقسام الجمع وتشتت أجزاء الكل. وقد كني به هنا عن التباعد لأن التفرق يلازمه التباعد عرفا. وقد فصل التفرق هنا بقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى آخره.
والروضة : كل أرض ذات أشجار وماء وأزهار في البادية أو في الجنان. ومن أمثال العرب «أحسن من بيضة في روضة» يريدون بيضة النعامة. وقد جمع محاسن الروضة قول الأعشى :
ما روضة من رياض الحزن معشبة |
|
خضراء جاد عليها مسبل هطل |
يضاحك الشمس منها كوكب (١) شرق |
|
مؤزّر بعميم النبت مكتهل |
و (يُحْبَرُونَ) : يسرّون من الحبور ، وهو السرور الشديد. يقال : حبره ، إذا سره سرورا تهلل له وجهه وظهر فيه أثره.
و (مُحْضَرُونَ) يجوز أن يكون من الإحضار ، أي : جعل الشيء حاضرا ، أي : لا يغيبون عنه ، أي : لا يخرجون منه ، وهو يفيد التأييد بطريق الكناية لأنه لما ذكر بعد قوله (فِي الْعَذابِ) ناسب أن لا يكون المقصود من وصفهم المحضرين أنهم كائنون في
__________________
(١) أراد بالكوكب النّور تشبيها له بكوكب نجوم السماء في البياض والاستدارة.