في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم أو بعده والصحابة متوافرون وحفاظ القرآن كثيرون فلو تلفت هذه الصحيفة لم يتلف ما فيها من صدور الحفاظ. وكون القرآن قد تلاشى منه كثير هو أصل من أصول الروافض ليطعنوا به في الخلفاء الثلاثة ، والرافضة يزعمون أن القرآن مستودع عند الإمام المنتظر فهو الذي يأتي بالقرآن وقر بعير. وقد استوعب قولهم واستوفى إبطاله أبو بكر بن العربي في كتاب «العواصم من القواصم».
أغراض هذه السورة
لكثير من آيات هذه السورة أسباب لنزولها ، وأكثرها نزل للرد على المنافقين أقوالا قصدوا بها أذى النبي صلىاللهعليهوسلم.
وأهم أغراضها : الرد عليهم قولهم لما تزوج النبي صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة فقالوا : تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك ، فأنزل الله تعالى إبطال التبنّي. وأن الحق في أحكام الله لأنه الخبير بالأعمال وهو الذي يقول الحق. وأن ولاية النبي صلىاللهعليهوسلم للمؤمنين أقوى ولاية ، ولأزواجه حرمة الأمهات لهم ، وتلك ولاية من جعل الله فهي أقوى وأشد من ولاية الأرحام. وتحريض المؤمنين على التمسك بما شرع الله لهم لأنه أخذ العهد بذلك على جميع النبيئين. والاعتبار بما أظهره الله من عنايته بنصر المؤمنين على أحزاب أعدائهم من الكفرة والمنافقين في وقعة الأحزاب ودفع كيد المنافقين. والثناء على صدق المؤمنين وثباتهم في الدفاع عن الدين. ونعمة الله عليهم بأن أعطاهم بلاد أهل الكتاب الذين ظاهروا الأحزاب.
وانتقل من ذلك إلى أحكام في معاشرة أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر فضلهن وفضل آل النبيصلىاللهعليهوسلم وفضائل أهل الخير من المسلمين والمسلمات. وتشريع في عدّة المطلّقة قبل البناء. وما يسوغ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم من الأزواج. وحكم حجاب أمهات المؤمنين ولبسة المؤمنات إذا خرجن. وتهديد المنافقين على الإرجاف بالأخبار الكاذبة. وختمت السورة بالتنويه بالشرائع الإلهية فكان ختامها من رد العجز على الصدر لقوله في أولها : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [الأحزاب : ٢] ، وتخلّل ذلك مستطردات من الأمر بالائتساء بالنبيء صلىاللهعليهوسلم. وتحريض المؤمنين على ذكر الله وتنزيهه شكرا له على هديه. وتعظيم قدر النبيصلىاللهعليهوسلم عند الله وفي الملأ الأعلى ، والأمر بالصلاة عليه والسلام. ووعيد المنافقين الذين يأتون بما يؤذي الله ورسوله والمؤمنين. والتحذير من التورط في ذلك كيلا يقعوا فيما وقع فيه الذين آذوا موسىعليهالسلام.