كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) في سورة الأنعام [١١] ، وقوله : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) في سورة طه [١٣٢]. و (الَّذِينَ أَساؤُا) هم كفار قريش ، والمراد (بِآياتِ اللهِ) القرآن ومعجزات الرسول صلىاللهعليهوسلم.
و (السُّواى) : تأنيث الأسوإ ، أي الحالة الزائدة في الاتصاف بالسوء وهو أشد الشر ، كما أن الحسنى مؤنث الأحسن في قوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) [يونس : ٢٦]. وتعريف (السُّواى) تعريف الجنس إذ ليس ثمة عاقبة معهودة.
ويحتمل أن يراد ب (الَّذِينَ أَساؤُا) الأمم الذين أثاروا الأرض وعمروها فتكون من وضع الظاهر موضع المضمر توسلا إلى الحكم عليهم بأنهم أساءوا واستحقوا السوأى وهي جهنم. وفعل (كانَ) على ما هو عليه من التنبيه على تحقق الوقوع.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب (عاقِبَةَ) بالرفع على أصل الترتيب بين اسم (كانَ) وخبرها. وقرأه البقية بالنصب على أنه خبر (كانَ) مقدم على اسمها وهو استعمال كثير. والفصل بين (كانَ) ومرفوعها بالخبر سوغ حذف تاء التأنيث من فعل (كانَ).
و (أَنْ كَذَّبُوا) تعليل لكون عاقبتهم السوأى بحذف اللام مع (أَنْ) و (بِآياتِ اللهِ) : القرآن والمعجزات.
والباء في (بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) للتعدية ، وتقديم المجرور للاهتمام بشأن الآيات ، وللرعاية على الفاصلة.
(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١))
استئناف ابتدائي ، وهو شروع فيما أقيمت عليه هذه السورة من بسط دلائل انفراد الله تعالى بالتصرف في الناس بإيجادهم وإعدامهم وبإمدادهم وأطوار حياتهم ، لإبطال أن يكون لشركائهم شيء من التصرف في ذلك. فهي دلائل ساطعة على ثبوت الوحدانية التي عموا عنها.
وإذا كان نزول أول السورة على سبب ابتهاج المشركين لتغلب الفرس على الروم فقطع الله تطاولهم على المسلمين بأن أخبر أن عاقبة النصر للروم على الفرس نصرا باقيا ، وكان مثار التنازع بين المشركين والمؤمنين ميل كل فريق إلى مقاربه في الدين جعل ذلك الحدث مناسبة لإفاضة الاستدلال في هذه السورة على إبطال دين الشرك.