أي نشرب ونقامر من أثمان إبلنا. وتقدم بيانه عند قوله تعالى (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) في سورة النساء [٥].
و (مِنْ) في قوله (مِنْ رِباً) وقوله (مِنْ زَكاةٍ) بيانية مبينة لإبهام (ما) الشرطية في الموضعين. وتقدم الربا في سورة البقرة.
وقوله (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) جواب الشرط. ومعنى (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) أنه عمل ناقص عند الله غير زاك عنده ، والنقص يكنى به عن المذمة والتحقير. وهذا التفسير هو المناسب لمحمل لفظ الربا على حقيقته المشهورة ، ولموافقة معنى قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البقرة : ٢٧٦] ، ولمناسبة ذكر الإضعاف في قوله هنا (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) وقوله لا تأكلوا («الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) في سورة آل عمران [١٣٠]. وهذا المعنى مروي عن السدّي والحسن. وقد استقام بتوجيهه المعنى من جهة العربية في معنى (فِي) من قوله (فِي أَمْوالِ النَّاسِ).
ويجوز أن يكون لفظ (رِباً) في الآية أطلق على الزيادة في مال لغيره ، أي إعطاء المال لذوي الأموال قصد الزيادة في أموالهم تقربا إليهم ، فيشمل هبة الثواب والهبة للزلفى والملق. ويكون الغرض من الآية التنبيه على أن ما كانوا يفعلونه من ذلك لا يغني عنهم من موافقة مرضاة الله تعالى شيئا وإنما نفعه لأنفسهم. ودرج على هذا المعنى جم غفير من المفسرين فيصير المعنى : وما أعطيتم من زيادة لتزيدوا في أموال الناس ، وتصير كلمة لتربوا توكيدا لفظيّا ليعلق به قوله (فِي أَمْوالِ النَّاسِ).
وقوله (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) إلخ رجوع إلى قوله (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) [الروم : ٣٨] الآية لأن ذلك الحق هو المسمى بالزكاة.
وجملة (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) جواب (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) ، أي فمؤتوه المضعفون ، أي أولئك الذين حصل لهم الإضعاف وهو إضعاف الثواب. وضمير الفصل لقصر جنس المضعفين على هؤلاء ، وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد بإضعاف من عداهم لأن إضعاف من عداهم إضعاف دنيوي زائل. واسم الإشارة في قوله (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) للتنويه بهؤلاء والدلالة على أنهم أحرياء بالفلاح. واسم الإشارة إظهار في مقام الإضمار اقتضاه مقام اجتلاب اسم الإشارة.
وقرأ الجمهور (آتَيْتُمْ) بهمزتين ، أي أعطيتم. وقرأه ابن كثير (آتَيْتُمْ) بهمزة