وضمّن (يُؤْذَنَ) معنى تدعون فعدي ب (إِلى) فكأنه قيل : إلا أن تدعوا إلى طعام فيؤذن لكم لأن الطفيلي قد يؤذن له إذا استأذن وهو غير مدعو فهي حالة غير مقصودة من الكلام.
فالكلام متضمن شرطين هما : الدعوة ، والإذن ، فإن الدعوة قد تتقدم على الإذن وقد يقترنان كما في حديث أنس بن مالك.
و (غَيْرَ ناظِرِينَ) حال من ضمير (لَكُمْ) فهو قيد في متعلق المستثنى فيكون قيدا في قيد فصارت القيود المشروطة ثلاثة.
و (ناظِرِينَ) اسم فاعل من نظر بمعنى انتظر ، كقوله تعالى : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) [يونس : ١٠٢] الآية.
ومعنى ذلك : لا تحضروا البيوت للطعام قبل تهيئة الطعام للتناول فتقعدوا تنتظرون نضجه. وعن ابن عباس نزلت في ناس من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي فيدخلون قبل أن يدرك الطعام فيقعدون إلى أن يدرك ثم يأكلون ولا يخرجون ا ه. وقد يقتضي أن ذلك تكرر قبل قضية النفر الذين حضروا وليمة البناء بزينب فتكون تلك القضية خاتمة القضايا ، فكني بالانتظار عن مبادرة الحضور قبل إبان الأكل. ونكتة هذه الكناية تشويه السبق بالحضور بجعله نهما وجشعا وإن كانوا قد يحضرون لغير ذلك ، وبهذا تعلم أن ليس النهي متوجها إلى صريح الانتظار.
وموقع الاستدراك لرفع توهم أن التأخر عن إبان الطعام أفضل فأرشد الناس إلى أن تأخر الحضور عن إبان الطعام لا ينبغي بل التأخر ليس من الأدب لأنه يجعل صاحب الطعام في انتظار ، وكذلك البقاء بعد انقضاء الطعام فإنه تجاوز لحد الدعوة لأن الدعوة لحضور شيء تقتضي مفارقة المكان عند انتهائه لأن تقيد الدعوة بالغرض المخصوص يتضمن تحديدها بانتهاء ما دعي لأجله ، وكذلك الشأن في كل دخول لغرض من مشاورة أو محادثة أو سمر أو نحو ذلك ، وكل ذلك يتحدد بالعرف وما لا يثقل على صاحب المحل ، فإن كان محل لا يختص به أحد كدار الشورى والنادي فلا تحديد فيه.
و (طَعِمْتُمْ) معناه أكلتم ، يقال : طعم فلان فهو طاعم ، إذا أكل.
والانتشار : افتعال من النشر ، وهو إبداء ما كان مطويا ، أطلق على الخروج مجازا وتقدم في قوله : (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) في سورة الفرقان [٤٧].