و (مِنْ رِجالِكُمْ) وصف ل (أَحَدٍ) ، وهو احتراس لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أبو بنات. والمقصود : نفي أن يكون أبا لأحد من الرجال في حين نزول الآية لأنه كان ولد له أولاد أو ولدان بمكة من خديجة وهم الطيّب والطاهر (أو هما اسمان لواحد) والقاسم ، وولد له إبراهيم بالمدينة من مارية القبطية ، وكلهم ماتوا صبيانا ولم يكن منهم موجود حين نزول الآية.
والمنفي هو وصف الأبوّة المباشرة لأنها الغرض الذي سيق الكلام لأجله والذي وهم فيه من وهم فلا التفات إلى كونه جدّا للحسن والحسين ومحسن أبناء ابنته فاطمة رضياللهعنها إذ ليس ذلك بمقصود ، ولا يخطر ببال أحد نفي أبوته لهم بمعنى الأبوة العليا ، أو المراد أبوّة الصلب دون أبوة الرّحم.
وإضافة (رجال) إلى ضمير المخاطبين والعدول عن تعريفه باللام لقصد توجيه الخطاب إلى الخائضين في قضية تزوج زينب إخراجا للكلام في صيغة التغليط والتغليظ.
وأما توجيهه بأنه كالاحتراز عن أحفاده وأنه قال : (مِنْ رِجالِكُمْ) وأما الأحفاد فهم من رجاله ففيه سماجة وهو أن يكون في الكلام توجيه بأن محمدا صلىاللهعليهوسلم بريء من المخاطبين أعني المنافقين وليس بينه وبينهم الصلة الشبيهة بصلة الأبوة الثابتة بطريقة لحن الخطاب من قوله تعالى (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] كما تقدم.
واستدراك قوله : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) لرفع ما قد يتوهم من نفي أبوته ، من انفصال صلة التراحم والبرّ بينه وبين الأمة فذكّروا بأنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو كالأب لجميع أمته في شفقته ورحمته بهم ، وفي برّهم وتوقيرهم إياه ، شأن كل نبيء مع أمته.
والواو الداخلة على (لكِنْ) زائدة و (لكِنْ) عاطفة ولم ترد (لكِنْ) في كلام العرب عاطفة إلّا مقترنة بالواو كما صرح به المرادي في «شرح التسهيل». وحرف (لكِنْ) مفيد الاستدراك.
وعطف صفة وخاتم النبيئين على صفة (رَسُولَ اللهِ) تكميل وزيادة في التنويه بمقامهصلىاللهعليهوسلم وإيماء إلى أن في انتفاء أبوته لأحد من الرجال حكمة قدّرها الله تعالى وهي إرادة أن لا يكون إلا مثل الرّسل أو أفضل في جميع خصائصه.
وإذ قد كان الرسل لم يخل عمود أبنائهم من نبيء كان كونه خاتم النبيئين مقتضيا أن لا يكون له أبناء بعد وفاته لأنهم لو كانوا أحياء بعد وفاته ولم تخلع عليهم خلعة النبوءة