عليه الصلاة والسلام : «اخترني أو اخترهما». قال زيد : ما أنا بالذي أختار عليك أحدا ، فانصرف أبوه وعمّه وطابت أنفسهما ببقائه ، فلما رأى النبي صلىاللهعليهوسلم منه ذلك أخرجه إلى الحجر وقال : «يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه» ، فصار ابنا للنبيصلىاللهعليهوسلم على حكم التبني في الجاهلية وكان يدعى : زيد بن محمد.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم زوّجه أمّ أيمن مولاته فولدت له أسامة بن زيد وطلقها. ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زوّجه زينب بنت جحش الأسدي حليف آل عبد شمس وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب ، وهو يومئذ بمكة. ثم بعد الهجرة آخى النبي صلىاللهعليهوسلم بينه وبين حمزة بن عبد المطلب ولما بطل حكم التبنّي بقوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) [الأحزاب: ٤] صار يدعى : حبّ رسول الله. وفي سنة خمس قبل الهجرة بعد غزوة الخندق طلق زيد بن حارثة زينب بنت جحش فزوجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأمها البيضاء بنت عبد المطلب وولدت له زيد بن زيد ورقية ثم طلّقها ، وتزوج درّة بنت أبي لهب ، ثم طلّقها وتزوج هند بنت العوام أخت الزبير.
وشهد زيد بدرا والمغازي كلّها. وقتل في غزوة مؤتة سنة ثمان وهو أمير على الجيش وهو ابن خمس وخمسين سنة.
وزوج زيد المذكورة في الآية هي زينب بنت جحش الأسدية وكان اسمها برّة فلما تزوجها النبي صلىاللهعليهوسلم سمّاها زينب ، وأبوها جحش من بني أسد بن خزيمة وكان أبوها حليفا لآل عبد شمس بمكة وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوّجها زيد بن حارثة في الجاهلية ثم طلّقها بالمدينة ، وتزوجها النبي صلىاللهعليهوسلم سنة خمس ، وتوفيت سنة عشرين من الهجرة وعمرها ثلاث وخمسون سنة ، فتكون مولودة سنة ثلاث وثلاثين قبل الهجرة ، أي سنة عشرين قبل البعثة.
والإتيان بفعل القول بصيغة المضارع لاستحضار صورة القول وتكريره مثل قوله تعالى : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) [هود : ٧٤] وقوله : (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ) [هود : ٣٨] ، وفي ذلك تصوير لحثّ النبي صلىاللهعليهوسلم زيدا على إمساك زوجه وأن لا يطلقها ، ومعاودته عليه.
والتعبير عن زيد بن حارثة هنا بالموصول دون اسمه العلم الذي يأتي في قوله : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ) لما تشعر به الصلة المعطوفة وهي (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) من تنزه النبي صلىاللهعليهوسلم عن استعمال ولائه لحمله على تطليق زوجه ، فالمقصود هو الصلة الثانية وهي (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) لأن المقصود منها أن زيدا أخص الناس به ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام