يكن إلا النصب من ذلك قوله تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً)(١) ، وقالت خرنق : (٢)
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سم العداة وآفة الجزر |
النازلون بكل معترك |
|
والطيبون معاقد الأزر (٣) |
والشاهد في البيت : نصب" معاقد" لما ثبتت النون في الطيبين.
قولها : " سم العداة وآفة الجزر" يعني أنهم حتف من عاداهم ، وآفة الإبل ؛ لما ينحرونها للأضياف ، و" النازلون بكل معترك" يعني النازلون بمواضع القتال والاعتراك ، والغاشون للحروب ، " والطيبون معاقد الأزر" يعني أنهم أعفاء ، يقال : فلان طيب معقد الإزار ، وهو كناية عن العفة.
قال سيبويه : " فإن كففت النون جررت كان المعمول فيه نكرة أو فيه الألف واللام ، كما قلت : " هؤلاء الضاربو زيد".
يعني أن النون لما كانت في التثنية والجمع بمنزلة التنوين في الواحد ، وكانت الإضافة تعاقب التنوين عاقبت النون ، فقد حصل لك بهذا أن قولنا : " الضاربا زيد" و" الضاربو زيد" جائز ، وإن كان لا يجوز" الضارب زيد" ؛ لأنك قد حذفت في التثنية والجمع النون ، وجعلت الإضافة معاقبة لها ، وكذلك لا يجوز" الحسن وجه" ويجوز" الحسنا وجوه"" الحسنو وجوه" ؛ لمعاقبة النون الإضافة تشبيها" بالضاربي زيد" و" الضاربي زيد".
قال سيبويه : " وإن شئت نصبت على قولهم : الحافظو عورة العشيرة".
يعني أنك إن شئت حذفت النون استخفافا ، ونصبت على تقدير النون ، فقلت : " الطيور أخبارا" كأنك أردت النون ، وحذفتها تخفيفا ، وإنما جاز هذا لأن الألف واللام بمنزلة" الّذين" و" اللّذين" ، وقد جاز حذف النون من" الذين" و" اللذين" تخفيفا ، فحذفت أيضا من أسماء الفاعلين التي في معنى الذين قال الشاعر :
__________________
(١) سورة الكهف ، آية : ١٠٣.
(٢) الخزنق بنت بدر بن هفان شاعرة جاهلية شعرها في الرثاء والهجا وهي أخت طرفة بن العبد لأمه الخزانة ٢ / ٣٠٦ ـ أعلام النساء ١ / ١٩٤ ـ الأعلام ٢ / ٣٤٧.
(٣) ديوان خرنق ٢٩ ، الخزانة ٢ / ٣٠١ ، الدرر ٢ / ١٥٠.