قال سيبويه : وإنما أدخلت الألف واللام في" الحسن" ثم أعملته كما قلت : الضارب زيدا.
يعني أنك أدخلت الألف واللام على" حسن وجها" ، فصارت الألف واللام بمنزلة التنوين ، فعمل في" وجه" مع الألف واللام ، كما عمل مع التنوين كما قلت : ضارب زيدا" ثم أدخلت الألف واللام في" الضارب زيدا" فصار بمنزلة التنوين وكان ذلك بمنزلة قولك : " ضارب زيدا" ، ثم تقول : الضارب زيدا تنصب زيدا مع الألف واللام ، كما كنت تنصبه مع التنوين.
وعلى هذا الوجه تقول : " الحسن الوجه" وهي عربية جيدة ، قال الحارث بن ظالم :
فما قومي بثعلبة بن سعد |
|
ولا بغزارة الشعرى رقابا (١) |
قال سيبويه : وقد يجوز في هذا أن تقول : " هو الحسن الوجه" على قوله : " هو الضارب الرجل" ، فالجر في هذا الباب من وجهين.
قال أبو سعيد اعلم أنّا إذا قلنا : " الضارب زيدا والضارب رجلا" لم يجز فيه إلا النصب ؛ لأنّ" ضارب" قبل دخول الألف واللام عليه كان أصله منونا ناصبا لما بعده ، ويجوز حذف التنوين منه وجر ما بعده استخفافا ، وإن كان الأصل التنوين ، فإذا أدخلنا الألف واللام أدخلناه على ما بعده قبل أن ننقله عن أصله وحدّه ؛ لطلب الخفة ، فعاقبت الألف واللام التنوين ، فوجب نصب ما بعده ، وذلك قولك : " الضارب زيدا" و" الضارب رجلا" ، وعلى هذا تقول : " الضارب الرجل" ، كما قلت : " الضارب زيدا" ، وقد بينا أن الصفة المشبهة قد أعملت عمل اسم الفاعل فقيل : " الحسن الوجه" ، كأنا قلنا : " حسن وجها" ، ثم أدخلنا الألف واللام للتعريف ، كما قلنا : " ضارب الرجل" ، ثم قلنا : " الضارب الرجل".
وقد بينا وجه الجر في : " الحسن الوجه" الذي يستحقه في بابه ، وبينا ما بينه وبين اسم الفاعل من المناسبة ، فأجازوا لذلك أن يقولوا : " الضارب الرجل" ، فحملوه على" الحسن الوجه" لفظا للألف واللام التي في الرجل ، بالمشابهة للألف واللام التي في الوجه ، فلما كان" الحسن الوجه" في حال النصب ، قد جعل في منزلة" الضارب الرجل" وفي
__________________
(١) سبق تخريجه.