قال سيبويه : (فهذا لا يكون فيه إلا النصب ، لأن ما ذكرت بعده ليس مبنيّا على الاسم فيكون الاسم مبتدأ وإنما هو من نعت الفعل ، زعمت أن بيعك أسفله كان قبل بيعك أعلاه ، وأن الشراء كان في بعض أعجل من بعض ، وسقيه الصغار كان أحسن من سقيه الكبار ولم تجعله خبرا لما قبله).
يعني أنك لا تقول : " اشتريت متاعك بعضه أعجل من بعض" ، فتجعله ابتداء وخبرا في موضع الحال من" متاعك" ؛ لأنك لم ترد اشتريت متاعك وبعضه أعجل من بعض ؛ لأنه لا فائدة فيه ، ولم ترد سقيت إبلك وصغارها أحسن من كبارها ، كما تقول" ضربت زيدا أبوه قائم" على معنى ضربت زيدا وأبوه قائم ، وإنما المعنى اشتريت بعض متاعك أعجل من بعض ، فلما قدمت المتاع جعلت البعض بدلا منه ، وأدخلته في عمل الفعل ، وذلك معنى قوله : " وإنما هو من نعت الفعل".
قال : (ومن ذلك" مررت بمتاعك" بعضه مرفوعا وبعضه مطروحا ، فهذا لا يكون مرفوعا ؛ لأنك جعلت النعت على المرور فجعلته حالا للمرور ولم تجعله مبنيّا على مبتدأ ، ولم يجز ابتداء بعضه ، ولا تسند إليه شيئا).
يعني أنك لا تقول : " مررت بمتاعك بعضه مرفوعا" فترفع البعض ، وتنصب مرفوعا ؛ لأنك إذا رفعته فقد جعلته مبتدأ ولا خبر له ، ففسد لذلك ، ولو قلت : " بعضه مرفوع وبعضه مطروح" جاز ، وتكون الجملة في موضع الحال ، كما تقول : " مررت بقومك بعضهم قائم وبعضهم قاعد" ، أي هذه حالهم.
ومعنى قوله : " لأنك جعلت النعت على المرور فجعلته حالا".
يعني أنك جعلت" مرفوعا" و" مطروحا" حالا محمولا على المرور ؛ إذ كان العامل فيه ، وسمّي مرفوعا ومطروحا نعتا وليس بجار على منعوت ؛ لأنه سمي النعت كل ما كان فيه تمييز شيء من شيء ، لو لم يكن ذلك النعت لجاز وقوعه عليه وعلى غيره ، فمن ذلك" مررت برجل ظريف" و" ظريف" نعت لرجل ، وقد كان" رجل" قبل ورود" ظريف" يصلح أن يكون لظريف وغيره.
وإذا قلت : " مررت بمتاعك" صلح أن يكون مرفوعا ، وصلح ألا يكون مرفوعا ، فصار" مرفوع" نعتا له من طريق التمييز بين أحواله التي تتوهم ، وعلى ذلك سمي قائما وقاعدا في قولك : " ضربت الناس بعضهم قائما وبعضهم قاعدا" من نعت الفعل لأنك إذا