الشمس وإحمائها لها ، وكان ينبغي أن يقول : " جلودها" كما قال : " عظامها".
وأما البيت الثاني فالشاهد منه : " في حلقكم عظم" وإنما أراد في حلوقكم ، لأنهم جماعة ، وكأنّ هؤلاء قوم سبوا من عشيرة هذا الشاعر ، وباعوا ما سبوا منهم ، ثم ثاب لعشيرة هذا الشاعر ظفر لمن سبي منهم ، فقتلوا منهم ، فقال شاعرهم وهو : " المسيّب بن زيد مناة الغنوي" من القبيلة التي عاقبت وقتلت ، ويخاطب الآخرين ، الذين سبوا منهم :
لا تنكروا القتل وقد سبينا
والأبيات في غير كتاب سيبويه ، يقولها المسيب بن زيد مناة الغنوي ، يخاطب حنظلة بن الأعرف الضبابيّ :
إن تك مقتولا فقد سبينا |
|
أو تك مجذوعا فقد شرينا |
أو تك مفجوعا فقد وهينا |
|
في حلقكم عظم وقد شجينا (١) |
" شرينا" أي باعونا ، وقوله : " شجينا" أي شجينا نحن ، و" في حلقكم عظم" هذا مثل ، كأنّه يقول : قد غصصتم ؛ لشدة ما نزل بهم كأنّ في حلوقكم عظاما لا تنزل ولا تخرج ، ومعنى" شجينا" أي شجينا نحن أيضا كما أصابكم ، ولا تنزل الغصّة ولا تخرج ، ومن ذلك شجيت الساق بالخلخال ، إذا لم يكن الخلخال قلقا فيها ، ويقال : " فلان شجى" في حلق فلان" إذا كان يثقل عليه أمره فلا يستسيغه ، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
قال سيبويه : " واختص بهذا الباب إلى تسعمائة".
يعني أضيف : " الثلاث" و" التسع" وما بينهما إلى" مائة" وهي واحدة ، وليس ذلك بالقياس في إضافة : " الثلاث" ؛ لأن الثلاث حكمها أن تضاف إلى جماعة ، غير أن الثلاث خصت بالإضافة إلى مائة.
وقد تقدم المعنى الذي له خصّت بذلك.
قال سيبويه : (كما أن" لدن" لها مع غدوة حال ليست لها في غيرها تنصب بها).
يعني : أن" لدن" ينخفض ما بعدها ؛ لأنها بمنزلة" عند" فتقول : " من لدن زيد" و" لدن عشية" و" لدن عتمة" وما أشبه ذلك ، وهو القياس فيها ، غير أنهم قد قالوا : " لدن غدوة" فنصبوا بها" غدوة" خاصة ، وإنما نصب بها" غدوة" ؛ لأن فيها لغات : منهم من
__________________
(١) سبق تخريجه.