ليستتبعني (١) قال : فمرّ ولم يفعل ، حتى مرّ بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعرف ما في وجهي ، فقال : «أبو هريرة؟» فقلت : لبيك يا رسول الله ، فدخل بيته ، واستأذنته ، فأذن لي فدخلت قال : فوجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لبنا في قدح في أهله فقال : «من أين لكم هذا اللبن؟» قالوا : أرسل به إليك ـ فلان ـ قال ابن ذر : أو قال : آل فلان ـ فقال : «يا أبا هريرة انطلق إلى أهل الصّفّة فادعهم» قال : وكان أهل الصّفة أضياف الإسلام لا أهل ولا مال ، إذا أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها شيئا ، فإذا جاءته هدية أصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني إرساله إياي ، فقلت : كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوّى بها ، وما هذا اللبن في أهل الصّفة؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم بدّ ، وكنت أنا الرسول ، فأتيتهم فأقبلوا مجيبين ، فاستأذنوا ، فأذن لهم ، وأخذوا مجالسهم من البيت ، وقال : «خذ يا أبا هريرة فأعطهم» قال : فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروى ، حتى أتيت على جميعهم ، فدفعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفي الإناء فضلة ، فأعطيته القدح ، فرفع رأسه فنظر إليّ متبسما فقال : «يا أبا هريرة بقيت أنا وأنت» قال : قلت : صدقت يا رسول الله قال : «فاشرب» فشربت قال : «اشرب» فشربت ، قال : «اشرب» فشربت ، فما زال يقول : «اشرب» فأشرب حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا ، فأخذ فشرب من الفضلة [١٣٦٠٣].
أخبرنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو نعيم الحافظ (٢) ، نا القاضي أبو أحمد محمّد بن أحمد ابن إبراهيم ، نا أحمد بن محمّد بن الهيثم الدوري ، نا محمّد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي يقول : يا أبو حمزة عن جابر ، عن عامر ، عن أبي هريرة قال :
كنت من أصحاب الصّفّة ، فظللت صائما ، فأمسيت وأنا أشتكي بطني ، فانطلقت لأقضي حاجتي [فجئت وقد أكل الطعام ، وكان أغنياء قريش يبعثون بالطعام إلى أهل الصفة](٣) فقلت : إلى من؟ فقلت : إلى عمر بن الخطاب ، فأتيته وهو يسبّح بعد الصلاة ، فانتظرته ، فلما انصرف دنوت منه فقلت : [أقرئني](٤) وما أريد إلّا الطعام ، قال : فأقرأني آيات من سورة آل عمران ، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب ، فأبطأ ، فقلت : ينزع ثيابه ، ثم يأمر لي بطعام فلم أر شيئا ، فلمّا أطال عليّ قمت فمشيت ، فاستقبلني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكلّمني
__________________
(١) بالأصل : استتبعني.
(٢) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ١ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك للإيضاح عن حلية الأولياء.
(٤) زيادة لازمة عن الحلية.