إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه (١) ، فمرّ بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلّا ليستتبعني ، فمرّ ولم يفعل ، ثم مرّ عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلّا ليستتبعني ، فمرّ ولم يفعل ، ثم مرّ أبو القاسم صلىاللهعليهوسلم فتبسم حين رآني وقال : «أبوهر» ، فقلت : لبيك يا رسول الله فقال : «الحق» ومضى فاتّبعته ، ودخل منزله فاستأذنت ، فأذن لي فوجد لبنا في قدح فقال : «من أين هذا اللبن لكم؟» فقيل : أهداه لنا فلان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [«أباهر»](٢) فقلت : لبيك يا رسول الله قال : «الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي «ـ وهم أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم فأصابه منها وأشركهم فيها ـ فساءني ذلك وقلت : هذا القدح بين أهل الصّفة وأنا رسوله إليهم ، فيسامرني أن أدور به عليهم ، فما عسى أن يصيبني منه وقد كنت أرجو أن أصيب منه ما يغنيني ، ولم يكن بدّ من طاعة الله وطاعة رسوله ، فدعوتهم فلمّا دخلوا عليه فأخذوا مجالسهم قال : «أبا هرّ ، خذ القدح فأعطهم» فأخذت القدح فجعلت أناوله الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرده ، فأناوله الآخر حتى انتهيت به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد روي القوم كلّهم ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم القدح فوضعه على يده ، ثم رفع رأسه إليّ فتبسم وقال : «أباهر» فقلت : لبيك يا رسول الله فقال : «اقعد واشرب» فشربت ثم قال : «اشرب» فشربت ، ثم قال : «اشرب» فلم أزل أشرب حتى قلت : والذي بعثك ما أجد له مسلكا ، فأخذ القدح ، فحمد الله وسمّى ثم شرب [١٣٦٠٢].
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن محمّد ، أنا الحسن بن علي بن محمّد ، أنا عمر ابن محمّد بن علي بن يحيى ، نا جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي ، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم الدمشقي ، نا مروان بن معاوية الفزاري ، نا عمر بن ذرّ الهمداني ، أخبرني مجاهد ، عن أبي هريرة قال :
والله إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت على طريقهم يوما قال : فمرّ بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلّا ليستتبعني (٣) فمرّ ولم يفعل ، ومرّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما أسأله إلّا
__________________
(١) بالأصل : «فيه» والمثبت عن أحمد والبخاري.
(٢) زيادة عن البخاري.
(٣) بالأصل : استتبعني.