فافتدته ، فاستقبله أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فمرّ فقالوا : يا أبا العاص هل لك أن تسلم على ما في يدك من هذه الأموال ، فتسود قريشا ، وتكون أكثرهم مالا؟ قال : ما كنت لأستقبل الإسلام بغدرة ، فأتى مكة فدفع إلى كلّ ذي حقّ حقّه فقال : يا أهل مكة قبضتم أموالكم وبرئت ذمتي؟ قالوا : نعم ، قال : فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا رسول الله ، ثم هاجر إلى المدينة فأقاما (١) على نكاحهما.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم ، قال :
خرج أبو العاص بن الربيع تاجرا إلى الشام ـ وكان رجلا مأمونا ـ وكانت معه بضائع لقريش ، فأقبل قافلا فلقيته سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستاقوا عيره ، وأفلت ، وقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما أصابوا فقسمه بينهم ، وأتى أبو العاص حتى دخل على زينب ، فاستجار بها ، وسألها أن تطلب له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم رد ماله عليه ، وما كان معه من أموال الناس ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم السرية فسألهم فردّوا عليه ، ثم خرج حتى قدم مكة ، فأدّى على الناس ما كان معه من بضائعهم ، حتى إذا فرغ قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم معي مال لم أردّه عليه؟ قالوا : لا ، فجزاك الله خيرا ، قد وجدناك وفيّا كريما ، فقال : أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدم عليكم ، إلّا تخوّف (٣) أن تظنوا أنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم ، فإني أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا عبده ورسوله.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب.
وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر الحافظ (٤).
قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا أبو بكر بن عتاب العبدي ، ثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة ، نا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة.
__________________
(١) بالأصل : «فاقا» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٢) رواه أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة ٤ / ٨٥ ـ ٨٦.
(٣) بالأصل ودلائل النبوة : تخوفا.
(٤) رواه أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة ٤ / ١٧٤ وما بعدها.