ثانيا : إنه لجميع الناس ، وهذا دليل انه جاء من أعلى ، دون ان يخضع لحدود الزمان والمكان ، ومحددات المادة.
ثالثا : الظلمات هي الحالة الأولى التي كان البشر فيها على حالة من العجز والنقص ، وغلظة الروح ، وانغلاق النفس والجهل ، وغلبة الشهوات ، وبتعبير آخر : إنها حالة العدمية المحيطة بالخلق من قبل أن يرشّ عليها ربنا من نوره ، خلقا وإنشاء وقوة وعلما.
والرب الحميد الذي نفخ في هذا الإنسان من نور الإيجاد ما أخرجه به من ظلمات العدم الى نور الخلق. هو الذي بعث بنور الرسالة ليخرجه به من ظلام الجهل الى نور العقل والعلم ، ومن ظلام الجهالة والجاهلية والفوضى الى نور التزكية والتسليم والنظام.
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
فليس الله باعث النور فقط ، بل هو الذي يرعاه أيضا لحظة بلحظة ، وخطوة بخطوة ، فلو لا تأييده لرسله لم يقدروا على إنقاذ البشر من الظلام ، واشاعة النور في حياتهم.
والنور الإلهي هو الهداية الى السبيل المؤدي الى الله العزيز ، الذي قهر بقوته كل شيء ، والحميد الذي وسعت رحمته كل شيء ، فلم يأخذ أحدا بقوته الا بعد ان أتم عليه حجته وأسبغ عليه من نعمه ظاهرة وباطنة.
(وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) :
[٢] السماوات والأرض لله ، فمن أعز منه جانبا ، ومن هو أحق بالخوف منه وهو الذي لا يرحم الكافرين ، بل يهددهم بعذاب شديد ، وويل وثبور.