وبالرغم من ان محنة يوسف قد ابتدأت منذ تلك اللحظة إلّا ان يد الغيب هرعت اليه لتكون بديلا عن حماية اخوته الخائنين به ، وهكذا تشتد الأمور لتنفرج بإذن الله ، ويأتي بعد العسر يسر من فضل الله.
جا في الحديث عن الامام الصادق (ع) قال :
«لما القى اخوة يوسف في الجب نزل عليه جبرائيل فقال له : يا غلام! من طرحك هنا فقال : اخوتي لأبي لمنزلتي من أبي حسدوني ، ولذلك في الجب طرحوني ، فقال : أتحب أن تخرج من هذا الجب؟
قال : ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فقال له : جبرائيل : فان اله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك : قل : اللهم إنّي اسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلّا أنت بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، أن تصلّي على محمد وآل محمّد ، وان تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وترزقني من حيث احتسب ومن حيث لا احتسب فجعل الله له من الجب يومئذ فرجا ومخرجا ، ومن كيد المرأة مخرجا ، وآتاه ملك مصر من حيث لم يحتسب» (١)
[١٦] ولنترك يوسف تحوطه يد الرحمة الالهية ، وتربيّه في غيابت الجب ، ويأتي أحد اخوته بطعام له ، ولنعد الى البيت حيث نجد يعقوب ينتظر بفارغ الصبر عودة ابنه الحبيب ، ويتأخر إخوة يوسف أكثر من العادة ، فلما أسدل الليل ستارة جاؤوا الى أبيهم لعل ظلام الليل يغطي بكاءهم الكاذب.
__________________
(١) مجمع البيان ص ٢١٧ ـ ج ٥