سليمان قال : وجد في ذخيرة حواري عيسى رقّ ، فيه مكتوب بالقلم السّريانيّ ، منقول من التّوراة ، وذلك لمّا تشاجر موسى والخضر ـ عليهما السّلام ـ. في قصّة السّفينة والجدار والغلام ، ورجع موسى إلى قومه ، فسأله أخوه هارون عمّا استعمله من الخضر وشاهده من عجائب البحر.
فقال موسى ـ عليه السّلام ـ : بينا أنا والخضر على شاطي البحر ، إذ سقط بين أيدينا طائر ، فأخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق ، وأخذ منه ثانية ورمى بها نحو المغرب ، ثمّ أخذ ثالثة ورمى بها نحو السّماء ، ثمّ أخذ رابعة ورمى بها نحو الأرض ، ثمّ أخذ خامسة وألقاها في البحر ، فبهتنا (١) أنا والخضر من ذلك ، وسألته عنه.
فقال : لا أعلم. فبينا نحن كذلك وإذا بصيّاد يصيد في البحر ، فنظر إلينا.
فقال : ما لي أراكما في فكرة من أمر الطّائر؟
فقلنا له : هو ذاك.
فقال : أنا رجل صيّاد وقد علمت إشارته ، وأنتما نبيّان لا تعلمان! فقلنا : لا نعلم إلّا ما علّمنا الله ـ عزّ وجلّ ـ.
فقال : هذا طائر في البحر يسمّى مسلما ، لأنّه إذا صاح يقول في صياحه : مسلم مسلم ، فإشارته برمي الماء من منقاره نحو المشرق والمغرب والسّماء والأرض والبحر يقول : إنّه يأتي في آخر الزّمان نبيّ ، يكون علم أهل المشرق والمغرب وأهل السّماء والأرض عند علمه ، مثل هذه القطرة الملقاة في البحر ، ويرث علمه ابن عمّه ووصيّه. فعند ذلك سكن ما كنّا فيه من المشاجرة ، واستقلّ كلّ واحد منّا علمه بعد أن كنّا معجبين بأنفسنا ، ثمّ غاب عنّا ، فعلمنا أنّه ملك ، بعثه الله إلينا ليعرّفنا نقصنا ، حيث ادّعينا الكمال.
وممّا ذكر في معنى فضلهم ـ عليهم صلوات الله ـ
ما ذكر الشّيخ أبو جعفر
__________________
(١) النسخ والمصدر : فبهتّ. وما أثبتناه في المتن موافق البحار والنسختين ٢١٣٠ و ٢١٤٠ من الأربعين.