ما في القرآن آية أحبّ إليّ من قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤٨) : ارتكب ما استحقر دونه الآثام.
وهو إشارة إلى المعنى الفارق بينه وبين سائر الذّنوب والافتراء ، أو كما يطلق على القول يطلق على الفعل ، وكذلك الاختلاق.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) :
في مجمع البيان (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أنّها نزلت في اليهود والنّصارى حين قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) وقالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى).
والجمع ، أنّها نزلت في الأوّلين وجرت في الآخرين ، وفيمن يسمّون أنفسهم باهل الرّياضة والتّوحيد ويجعلون أنفسهم ممتازة من أهل القشر والتّقليد.
(بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) : لأنّه العالم بما ينطوي عليه الإنسان من حسن وقبح ، ولا غرض في التّزكية ، وقد ذمّهم وزكّى المرتضين من عباده المؤمنين.
وأصل التّزكية ، نفي ما يستقبح فعلا] (٢) وقولا.
(وَلا يُظْلَمُونَ) : بالذّمّ والعقاب على تزكيتهم أنفسهم بغير حقّ ، (فَتِيلاً) (٤٩) : أدنى ظلم وأصغره. وهو الخيط الّذي في شقّ النّواة ، يضرب به المثل في الحقارة.
(انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : في زعمهم أنّهم أبناء الله وأزكياء عنده ، أو خلفاؤه ، أو أولياؤه.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٥٨.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.