جاؤوكم حصرت صدورهم أيضا عبارة عنهم حين جاؤوا إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وفي الخبرين الأوّلين ، جعل الأوّل عبارة عن الأسلميّين ، والثّاني عبارة عن بني مدلج [فمدفوع إن صحّ النّقل بحملهما على أنّهما من أشجع ـ أيضا ـ أو يجعل ما تتناوله العبارة فرقتين : الأولى الأسلميّون وأشجع والثّاني بني مدلج] (١) وأشجع.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) : بأن قوّى قلوبهم ، وبسط صدورهم ، وأزال الرّعب عنهم.
(فَلَقاتَلُوكُمْ) : ولم يكفّوا عنكم.
(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) : ولم يتعرّضوا لكم.
(وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) : الاستسلام والانقياد.
(فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (٩٠) : فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : حدّثني أبي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصّباح الكنانيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان سيرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قبل نزول سورة براءة ألّا يقاتل إلّا من قاتله ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده. وقد كان نزل عليه في ذلك من الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت عليه سورة براءة ، وأمر بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الّذين قد كان عاهدهم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم فتح مكّة إلى مدّة ، منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو.
والحديث طويل ، وهو مذكور بتمامه في أوّل براءة.
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) :
قيل (٣) : هم أسد وغطفان.
وقيل : بنو عبد الدّار ، أتوا المدينة وأظهروا الإسلام ليأمنوا المسلمين ، فلما رجعوا كفروا.
وفي مجمع البيان (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : نزلت في عيينة بن الحصين
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) تفسير القمي ١ / ٢٨١.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٩.