فقال : نعم ، ولكن لا تعلم به أهلك فتتّخذه (١) سنّة ، فيبطل قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ).
قال البيضاويّ (٢) حصر لمقامات (٣) السّالك على أحسن ترتيب ، فإنّ معاملته مع الله تعالى إما توسل وإمّا طلب.
والتّوسّل إمّا بالنّفس ، وهو منعها عن الرّذائل وحبسها على الفضائل ، والصّبر يشملهما. وإمّا بالبدن ، وهو إمّا قوليّ وهو الصّدق ، وإمّا فعليّ وهو القنوت الّذي هو ملازمة الطّاعة ، وإمّا بالمال وهو الإنفاق في سبيل الخير.
وأمّا الطّلب وهو الاستغفار (٤) ، لأنّ المغفرة أعظم المطالب بل الجامع لها. وتوسيط الواو بينها للّدلالة على استقلال كلّ واحدة منها وكمالهم فيها ، أو لتغاير الموصوفين بها.
(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، أي : بيّن وحدانيّته بنصب الدّلائل الدّالّة عليها ، أو شهد به لنفسه.
(وَالْمَلائِكَةُ) : بالإقرار ، أو شهدوا كما شهد.
(وَأُولُوا الْعِلْمِ) : وهم الأئمّة (٥) ـ عليهم السّلام ـ بالاحتجاج عليه ، أو شهدوا كما شهد ، وعلى المعنى الأوّل في «شهد» استعارة تبعيّة ، حيث شبّه ذلك في البيان والكشف بشهادة الشّاهد.
(قائِماً بِالْقِسْطِ) : مقيما للعدل في حكمه وقضائه ، وانتصابه على الحال من «الله» وإنّما جاز إفراده بها ولم يجز جاء زيد وعمرو راكبا لعدم اللّبس ، أو من «هو» والعامل فيها معنى الجملة ، أي : تفرّد قائما أو أحقّه ، لأنّها حال مؤكّدة أو على المدح. أو الصّفة للمنفيّ ، وفيه ضعف للفصل ، وهو داخل في المشهود به إذا جعلته صفة أو حالا عن الضّمير.
وقرئ : القائم بالقسط ، على البدل من «هو» أو الخبر المحذوف (٦).
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن جابر قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هذه الآية : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
__________________
(١) النسخ : فيتخذه. المصدر : فتتخذونه.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٥٢.
(٣) النسخ : مقامات. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٤) المصدر : «فبالاستغفار» بدل «فهو الاستغفار».
(٥) أ : علماء.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٥٢.
(٧) تفسير العياشي ١ / ١٦٥ ، ح ١٨.