(إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) : ممّا ينالكم من الجراح منهم.
(فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ) : أيضا ممّا ينالهم من ذلك.
(كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) : من إظهار الدّين ، واستحقاق الثّواب. فأنتم أحرى وأولى على حربهم منهم على قتالكم. وهذا إلزام على المؤمنين وتقريع على التّواني فيه ، بأنّ الضّرر دائر بين الفريقين غير مختصّ بهم ، والنّفع مختصّ بهم.
وقرئ : «أن تكونوا» بالفتح ، أي : ولا تهنوا ، لأن تكونوا تألمون. ويكون قوله : (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ) علّة للنّهي عن الوهن لأجله (١).
(وَكانَ اللهُ عَلِيماً) : بمصالح خلقه.
(حَكِيماً) (١٠٤) : في ما يأمر وينهى.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا رجع من وقعة أحد ودخل المدينة نزل عليه جبرئيل ، فقال : يا محمّد ، إنّ الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ، ولا يخرج معك إلّا من به جراحة.
فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مناديا ينادي : يا معشر المهاجرين والأنصار ، من كانت به جراحة فليخرج ، ومن لم يكن به جراحة فليقم. فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها. فأنزل الله على نبيّه : (وَلا تَهِنُوا) (الآية.) وقال ـ عزّ وجلّ ـ (٣) : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) إلى قوله : (شُهَداءَ).
فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح.
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) : بما عرّفك ، وأوحى إليك. وليس من الرّؤية ، بمعنى : العلم. وإلّا لاستدعى ثلاثة مفاعيل.
في أصول الكافي (٤) : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن قال : وجدت في نوادر محمّد بن سنان ، عن محمّد بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : والله ما فوّض الله إلى أحد من خلقه إلّا إلى رسول الله وإلى الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ. قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) وهي
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٤١.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٢٤.
(٣) / ١٤٠.
(٤) الكافي ١ / ٢٦٧ ، ح ٨.