فأين صاحبنا؟ وقال بعضهم : الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا. وقال من سمع منه : إنّ الله يرفعني إلى السّماء ، إنّه رفعه إلى السّماء. وقال قوم : صلب النّاسوت وصعد اللّاهوت.
(لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) : لفي تردّد.
و «الشّكّ» كما يطلق على ما لا يترجّح أحد طرفيه ، يطلق على مطلق التردّد وعلى ما يقابل العلم. ولذلك أكّده بقوله :
(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) : استثناء منقطع ، أي : ولكنّهم يتّبعون الظّنّ.
ويجوز أن يفسّر «الشّكّ» بالجهل والعلم بالاعتقاد الّذي تسكن إليه النّفس ، جزما كان أو غيره ، فيتّصل الاستثناء.
(وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) (١٥٧) ، أي : وما قتلوه قتلا يقينا. أو ما قتلوه متيقّنين ، كما ادّعوا ذلك في قولهم : (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ). أو يجعل يقينا تأكيدا لقوله : (وَما قَتَلُوهُ) كقولك : وما قتلوه حقّا ، أي : حقّ انتفاء قتله حقّا.
وقيل (١) : هو من قولهم : قتلت الشّيء علما ، إذا بالغ فيه علمك.
وفيه تهكّم. لأنّه إذا نفى عنهم العلم نفيا كلّيا بحرف الاستغراق. ثمّ قيل : وما علموه علم يقين وإحاطة ، لم يكن إلّا تهكّما بهم.
(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) : ردّ وإنكار لقتله ، وإثبات لرفعه.
وفي من لا يحضره الفقيه (٢) ، عن زيد بن عليّ ، عن أبيه سيّد العابدين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : وإنّ لله ـ تبارك وتعالى ـ بقاعا في سماواته. فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه ، ألا تسمع الله يقول (٣) : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) ويقول ـ عزّ وجلّ ـ في قصّة عيسى بن مريم : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : رفع ، وعليه مدرعه من صوف.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٢٧ ، ح ٦٠٣.
(٣) المعارج / ٤.
(٤) تفسير القمي ١ / ٢٢٤.