.................................................................................................
______________________________________________________
إذا عرفت هذين الأمرين أعني جريان قاعدة الفراغ في الأجزاء ، وشمولها لما إذا كان الشك في الصحّة مستنداً إلى مراعاة الترتيب ووقوع المشكوك فيه في محلّه ظهر لك بوضوح إمكان تصحيح الصلاة في المقام بإجراء قاعدة الفراغ في الركوع.
فإنّ الصلاة الثنائية مثلاً تتألف من عدّة أجزاء ، من ركوعين وقراءتين وسجدات أربع ونحو ذلك مشروطة بمراعاة الترتيب ووقوع كلّ جزء في المحل الشرعي المقرّر له ، فيعتبر في صحّة الركوع الثاني وقوعه عقيب السجدتين من الركعة الأُولى وعقيب القراءة من الركعة الثانية ، فلو وقع قبل ذلك كان فاسداً لا محالة باعتبار عدم وقوعه في محلّه.
والمفروض فيما نحن فيه أنّ المصلّي عالم بذوات هذه الأجزاء وأنّه أتى بركوعين وقراءتين وسجدتي الركعة الأُولى ، وإنّما الشك في وقوع الركوع الثاني في محلّه ، الموجب بطبيعة الحال للشك في صحّته وفساده ، إذ لو كان قبل سجدتي الركعة الأُولى وقع فاسداً ، ولو كان بعدهما اتّصف بالصحّة ، ومقتضى قاعدة الفراغ الجارية في نفس الركوع البناء على وقوعه صحيحاً. ونتيجة ذلك التعبّد بوقوعه في الركعة الثانية.
وليس هذا من اللوازم العقلية لإجراء القاعدة ليكون من الأصل المثبت ، بل هو بعينه مفاد القاعدة ونفس مؤدّاها بالذات ، لما عرفت من أنّ الشك في صحّة الركوع في مفروض الكلام ليس إلّا من ناحية اتِّصافه بالترتيب ، وأنّه هل وقع في محلّه الشرعي الّذي هو عبارة عن كونه بعد القراءة من الركعة الثانية أم لا.
فاذا كانت الصحّة بهذا المعنى مورداً للتعبّد بمقتضى قاعدة الفراغ الدالّة على عدم الاعتناء بالشك وفرض المشكوك صحّته معلوم الصحّة ، فقد أحرزنا وقوع الركوع في محلّه المقرّر له ، وأصبحنا بمثابة العالمين بذلك ولو تعبّداً ، وقد عرفت عدم اعتبار الدخول في الغير في جريان هذه القاعدة. ومعه لا يبقى مجال