اختيار العلماء
الحقيقيين ، والاخيار ، والابتعاد عن المزيفين ، أصحاب الاهواء ، ووعاظ السلاطين ،
الذين هم صنائع الحكم والحاكمين.
وأمّا بعد أن تأسّس أساس الاسلام ،
واتضحت معالمه ، وظهرت شرائعه واحكامه كما هو الحال في زمن الامويين والعباسيين ،
فان المشاركة في الحكم لا تعني إلا الاعانة على الظلم والانحراف ، وتبرير جرائم
الحكم والحكام ، والموبقات التي يرتكبونها .. وليكون هؤلاء الواجهة التي تختفي
وراءها كل المفاسد ، والمعول الذي يهدم به اساس الاسلام ، وإذن .. فلا تجوز
المشاركة ، ولا مدّ يد العون لهم ، ولو بمثل أن يكري الرجل جمله للحاكم ليحج عليه ..
اللهم إلاّ أن يكون في موقع حساس يسمح له بأن يقوم بخدمة كبرى للاسلام وللمسلمين ،
كأن يمنع من استئصال شأفة المؤمنين ، ويحفظ لهم ولو الحد الادنى من وجودهم ، إما
مباشرة ، أو بأن يكون في مركز يخوله الاطلاع على خطط الحكم ومؤامراته ، ليمكن
مواجهتها بالموقف المرن والمسؤول ، ومن موقع الوعي والحذر ..
هذا كلّه .. بالنسبة لمشاركة هؤلاء في
الحكم .. وأما بالنسبة لاشراك الحكام لهؤلاء فيظهر : أنه كان لاهداف غير حميدة ،
ولعل المراد اسكاتهم ، أو تلويثهم ، أو اظهار مشروعية حكمهم .. إلى غير ذلك من
اهداف ، لسنا هنا بصدد تتبعها ولعل فيما ذكرنا ـ حول أهداف المأمون من تولية
الامام الرضا عليهالسلام
العهد بعده ـ ما يفيد في هذا المجال.
بل لقد قال ابن شهرآشوب : « كان عمر
وجّه سلمان أميراً إلى المدائن ، وانما أراد له الختلة ، فلم يفعل إلاّ بعد أن
استأذن أمير المؤمنين ، فمضى فاقام بها إلى أن توفي ، وكان يحطب في عباءة يفترش
نصفها .. إلخ » .