أي انكم فعلتم أمراً وهو البيعة لابي بكر ، ولكن كانكم ما فعلتم شيئاً ، حيث لم يكن فعلكم في موضعه ، كقولك لم يصدر منه أمر لا يؤثر شيئاً ما صنعت شيئاً (١).
وسيأتي ان ابن عمر قال لعمرو بن العاس ، حين كانا يدبران الحيلة لصرف سلمان عن خطبته بنت عمر بن الخطاب : « .. هو سلمان! وحاله في الاسلام حاله!! ».
وعدا عن ذلك كله .. فلعل الخليفة الثاني في قوله هذا المناقض لمواقفه تلك يرى: أنه لابد من التفريق بين السياسة والموقف ، وبين الاعلام له ..
فحين يكون الاعلام مضراً بالموقف؛ فلا بد من تسجيل الموقف على الارض ، ثم تجاهله ، أو انكاره ، وحتى تهجينه اعلامياً إن اقتضى الامر ، كما هو منطق سياسة أهل الدنيا ، التي تستفيد من الحكم كوسيلة لنيل ما تصبوا إليه من مكاسب وامتيازات ، على المستوى الشخصي ، أو القبلي ، أو الفئوي.
وأخيراً ..
فان هناك رواية تقول : إن عمر بن الخطاب نفسه قد سأل سلمان عن نفسه ، وذلك في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فقال : أن سلمان بن عبدالله ، كنت ضالاً فهداني الله بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكنت عائلاً فاغناني الله بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا حسبي ونسبي ، ثم شكا سلمان ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« يا معشر قريش ، إن حسب الرجل دينه ومروته ، وأصله عقله ، قال الله تعالى :
__________________
تاريخ دمشق ج ٦ ص ٢٠٥.
(١) في بعض المصادر أنه قال : كرواذ وناكرواذ ، أي عملتم ، وما عملتم ، لو بايعوا علياً لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم ، راجع انساب الاشراف ج ١ ص ٥٩١.