فانها كانت محاولة فاشلة وعقيمة ، وليس لها أية قيمة علمية ، وذلك لانها ـ لو صحت ـ فلسوف تعني ، لنا : أننا سوف لن نستطيع إثبات أية حقيقة تاريخية على الاطلاق ، بل أننا سوف نشك حتى في وجود معاوية ، وعلي عليهالسلام ، وفي واقعة صفين ، والجمل ، وكربلاء. ولسوف لن نصدق بعد الآن .. بحدوث الطوفان ، ولا بسقوط الاندلس ، ولن يمكن أيضاً إثبات صفة الكرم والشجاعة للعرب ، ولا غير ذلك من امور ..
وذلك لان ما نقل إلينا حول مسألة التمييز العنصري ـ إن كان لا يثبت هذا الامر ، وهو بهذه الكثرة العجيبة والمفرطة ـ فإنه لا يمكن اثبات أي شيء من الحقائق المشار إليها آنفاً ، على الاطلاق.
وكيف يمكن اعتبار الفتاوى الفقهية ، المتأثرة بهذه النزعة ، والتي تعمل بموجبها فرق كبيرة ، ومنتشرة في طول البلاد وعرضها ـ كيف يمكن اعتبارها ـ من الامور الشاذة والنادرة؟! ولسوف يأتي بعض من ذلك في مسائل الزواج ، والارث ، فانتظر ..
هذا إلى جانب هذا الاُمر زخماً عقائدياً ، كان ولا يزال راسخاً في عقل السواد الاعظم من الناس ، ولمدة قرون عديدة ؛ حتى لنجد ابن تيمية يقرر ذلك بصورة صريحة وواضحة ، ويرسله ارسال المسلمات ؛ فيقول :
« .. فان الذي عليه أهل السنة والجماعة : اعتقاد : أن جنس العرب أفضل من جنس العجم ؛ عبرانيهم وسريانيهم ، رومهم وفرسهم ، وغيرهم (١) .. » واستدل على ذلك بان العرب أفهم من غيرهم ، واحفظ ، وأقدر على البيان (٢).
هذا .. ولسوف نجد في هذا الفصل ، وفي الذي يليه طائفة كبيرة من النصوص ، عن كثير من المصادر ، تظهر التنوع والاختلاف الشديد في الموارد ، وفي طبيعة الاُمور ، التي ظهرت فيها هذه النزعة اليهودية البغيضة!! فان من
__________________
(١) اقتضاء الصراط المستقيم ص ١٤٨.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ص ١٦٠.