الواضح : أنه لا يمكن أن يربط بين هذه المتفرقات ، ويجمع تلك المختلفات ، إلا عصبية راسخة ، وبواعث لا شعورية عميقة.
هذا كله .. إلى جانب نصوص كثيرة ، لم نتعرض لها ؛ لاننا لسنا بصدد دراسة مستوعبة وشاملة لهذه القضية ، وإنما هدفنا مجرد الالماح والاشارة .. مع تأكيدنا على أن دراسة مختلف مظاهر هذا الاتجاه ، وما كان له من آثار عبر التاريخ على المجتمعات ، وفي الحروب ، والحركات ، حتى ليقال :
إن تمييز العرب على غيرهم ، كان هو السبب في ضياع الاندلس ، فضلاً عما سوى ذلك من قضايا كبيرة ، وأحداث خطيرة ، عانى منها العالم الاسلامي عبر التاريخ .. (١).
نعم .. إن دراسة كهذه ، تحتاج إلى مزيد من التتبع والاستقصاء ، وإلى كثير من الوقت والجهد ، لسنا الآن مهيئين له ، ولا قادرين على توفيره ..
وأخيراً .. فلا يفوتنا التنبيه على أن هذا الصراع قد اتخذ طابعاً نظرياً فكرياً أيضاً ، فاقيمت الحجج والبراهين ، وكتبت الرسائل والبحوث ، لاثبات فضل العرب ، على غيرهم. وقد استمر ذلك إلى عهود متأخرة ، وقد أدلى ابن تيمية (٢) بدلوه في هذا المجال ، كما صنع غيره.
وقد كان من الطبيعي : أن يجهد اولئك المضطهدون ، والمهدورة كراماتهم ، والمسلوبة حقوقهم ، في سبيل اثبات مساواتهم للعرب ، واقناعهم : بأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، والعمل الصالح ..
ولكننا لم نجد شيئاً ذابال ، في هذا المجال في عهد الامويين ، ولعل ذلك
__________________
(١) راجع : الاسلام والمشكلة العنصرية ص ٩٧ ـ ١٠٣.
(٢) راجع : اقتضاء الصراط المستقيم ص ١٤٢ ـ ١٧٠.