وفرصة لتحقيق رضا الله سبحانه بخدمة عباده ، ورعايتهم وهدايتهم.
ويرون كذلك : أن الايجابية هي أساس الحياة ، ورائد العمل ، وطريق النجاة .. وحتى حينما يتخذون بعض المواقف ، التي تكون سلبية بظاهرها ، فانما تكون سلبية من موقع المسؤولية ، يراد لها : أن تتمخض عن إيجابية بنّاءة وخيِّرة ، تعود بالخير وبالبركات ، حينما يقصد منها : أن تكون اسلوباً لتذليل الصعوبات ، وازالة الموانع من طريق العمل والعاملين.
ولاجل ذلك نجد أمير المؤمنين عليهالسلام ، الذي ذاق الأمرّين ، من غصب حقه ، والهجوم على بيته ، ومنع زوجته إرثها ونحلتها من أبيها .. إلى كثير من الاهانات والموبقات الكثيرة التي ارتكبت في حقه صلوات الله وسلامه عليه ، من قبل الذين بيدهم ازمة الامور بالفعل ، الامر الذي يجعل الجميع يتوقعون منه السلبية المطلقة في تعامله مع هؤلاء الذين غصبوه حقه ، وصغروا عظيم منزلته على حد تعبيره.
نعم .. إننا نجده عليهالسلام يخالف كل التوقعات ، ويتجاوز جميع التصورات ، فهو يهتم بإقامة علاقات مع نفس هؤلاء الغاصبين ، تكاد تكون طبيعية ، ويشارك في كثير من الامور بمستوى معين ، ويقدم لهم النصح ، ويعطي رأي الاسلام الاصيل في كل كبيرة وصغيرة ، كلما أمكنته الفرصة ، ووجد إلى ذلك سبيلاً ، ولا يألوا جهداً في تقديم العون لهم في كل ما فيه نصرة للدين ، وخير ومصلحة المسلمين .. ولعلهم كانوا غير راغبين كثيراً بالاستجابة لمبادراته هذه ..
ثم هو يعطي الضابطة لمسلكيته هذه ، حين يقول :
« .. فوالله ، لاسلمنّ ما سلمت امور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلاّ علي خاصة ، التماساً لاجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (١).
__________________
(١) نهج البلاغة بشرح عبده ج ١ ص ١٢٠/١٢١ ، الخطبة رقم ٧١.