وذلك كله أمر طبيعي ، فان الناس بشر ، لهم أحاسيسهم ، ومشاعرهم ، ولهم كذلك كرامات ، وطموحات ، لابدّ من مراعاتها ، والاستجابة لها ، وإلا .. فان النار تحرق ، والشجر يورق ، والبحر يغرق.
هذا .. ولكن سياسة علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ، قد اسفرت عن نتائج وآثار سلبية ، واخرى ايجابية ..
فأما بالنسبة للسلبية منها ؛ فان مساواة علي عليهالسلام بين العرب وغيرهم ، ولا سيما في العطاء ، قد كان من أهم اسباب الخلاف عليه ، وكانت قسمته بالسوية أول ما أنكروه منه ، واورثهم الضغن عليه (١).
وكان ذلك من أسباب خروج طلحة والزبير ، ثم ما جرى في حرب الجمل (٢).
وقد قال له عمار ، وأبو الهيثم ، وأبو أيوب ، وسهل بن حنيف ، وجماعة :
« إنهم قد نقضوا عهدك ، واخلفوا وعدك ، ودعونا في السر الى رفضك. هداك الله لرشدك ، وذلك لانهم كرهوا الاسوة ، وفقدوا الإثرة ، ولما آسيت بينهم وبين الاعاجم أنكروا إلخ .. » (٣).
وكتب ابن عباس إلى الامام الحسن عليهالسلام يقول له :
« .. وقد علمت أن أباك عليّاً ، إنما رغب الناس عنه ، وصاروا إلى معاوية ؛ لانه واسى بينهم في الفيىء ، وسوى بينهم في العطاء إلخ .. » (٤).
بل لقد كان للعرب ، كل العرب موقف سلبي من علي عليهالسلام ، قد عبر
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي الخنفي ج ٧ ص ٣٧.
(٢) راجع : المعيار والموازنة ص ١١٣/١١٤.
(٣) شرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ٧ ص ٣٧ عن الاسكافي ، وبهج الصباغة ج ١٢ ص ٢٠٠.
(٤) الفتوح لابن اعثم ج ٤ ص ١٤٩ وشرح النهج للمعتزلي الحنفي ج ١٦ ص ٢٣ وعن جمهرة رسائل العرب ج ٢ ص ١ وراجع : حياة الامام الحسن بن علي القرشي ج ٢ ص ٢٦.