يحفظها بملائكته ، ويربيها بحكمته ، ويغذوها بعلمه ، فأمرهم يجل عن أن يوصف وأحوالهم تدق عن أن تعلم ، لأنهم نجوم الله في أرضه ، وأعلامه في بريته ، وخلفاؤه على عباده ، وأنواره في بلاده ، وحججه عل خلفه ، يا جابر : هذا من مكنون العلم ومحزونه فاكتمه إلا من أهله.
٥٩٠٢ ـ وروى المفضل بن عمر ، عن ثابت الثمالي ، عن حبابة الوالبية رضياللهعنها قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين ( عليهالسلام ) يقول : « إنا أهل بيت لا
__________________
مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيب ـ الحديث » وبمعناها أخبار أخر ، وقال الراغب الأصفهاني في تفصيل النشأتين الباب الرابع عشر في بيان الشجرة النبوية صنفا ونوعا واحدا واقعا بين الانسان وبين الملك ومشاركا لكل واحد منهما على وجه ، فإنهم كالملائكة في اطلاعهم على ملكوت السماوات والأرض وكالبشر في أحوال المطعم والمشرب ، ومثله في كونه واقعا بين نوعين مثل المرجان فإنه حجر يشبه الأحجار بتشذب أغصانه وكالنخل فإنه شجر شبيه بالحيوان في كونه محتاجا إلى التلقيح وبطلانه إذا قطع رأسه ، وجعل الله النبوة في ولد إبراهيم ومن قبله في نوح كما نبه عليه بقوله « ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب » وقال « ذرية بعضها من بعض » فهم عليهمالسلام وان كانوا من حيث الصورة كالبشر فهم من حيث الأرواح كالملك قد أيدوا بقوة روحانية وخصوا بها كما قال الله تعالى في عيسى عليهالسلام « وأيدنا بروح القدس » وقال في محمد صلىاللهعليهوآله « نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ».
وتخصيصهم بهذا الروح ليمكنهم أن يقبلوا من الملائكة لما بينهم من المناسبة بتلك الأرواح ويلقون إلى الناس لما بينهم من المناسبة البشرية لذلك قال سبحانه « ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون » تنبيها على أن ليس في قوة عامة البشر الذين لم يخصوا بذلك الروح أن يقبلوا الا من البشر ، ولما عمى الكفار عن ادراك هذه المنزلة وعما للأنبياء من الفضيلة أنكروا نبوة الأنبياء فالأنبياء صلوات الله عليهم بالإضافة إلى سائر الناس كالانسان بالإضافة إلى الحيوانات كالقلب بالإضافة إلى سائر الجوارح ـ إلى آخر ما قاله ـ رحمهالله ـ فراجع.