فان الهدهد اخذ يفصل لسليمان ما حدث ، ( فقال احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين * اني وجدت امرأة تملكهم واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) (١).
ولما سمع سليمان كلام الهدهد طأطأ برأسه وغرق في تفكيره ، الا ان الهدهد لم يمهله طويلا فأخبره بخبر جديد ومزعج مريب ، اذ قال : ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ) (٢).
بعد ان اصغى سليمان الى كلام الهدهد بكل اهتمام ، وفكر مليا ، رفع رأسه ، وكتب كتابا وجيزا ذا مغزى عميق ، وسلمه الى الهدهد وقال له : ( اذهب بكتابي هذا فالقه اليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون ) (٣).
ذهب الهدهد مسرعا الى قصر ملكة سبأ ، ودخل مخدعها والقى الكتاب اليها.
فتحت الكتاب واطلعت على مضمونه ، وحيث ان بلقيس كانت من قبل قد سمعت باخبار سليمان واسمه ، وكان الكتاب يدل على اقدامه وعزمه الشديد في شأن بلد سبأ ، وبعد ان فكرت مليا ، دعت من حولها من المستشارين والوزراء ، واخبرتهم بالكتاب ومضمونه وانه من سليمان ومختوم بخاتمه ، وطلبت منهم ان يحكموا بهذه المسألة المهمة والدقيقة وماذا يفعلون.
فالتفت اليها اشراف قومها وقالوا لها : ( نحن اولو قوة واولو بأس شديد والامر اليك فانظري ماذا تأمرين ) (٤).
__________________
١ ـ ٢ ـ النمل : ٢٢ ـ ٢٨.
٣ ـ المصدر السابق.
٤ ـ النمل : ٣٣ ـ ٣٤.