السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات تاسوعاء
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-90423-5-0
الصفحات: ٦٤٠
الطّرفة الحادية والثلاثون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرف ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٩٤ ).
قال عليّ عليهالسلام : فحدّ لي أيّ النواحي أصيّرك فيه؟ قال : ستخبر بالموضع وتراه
مرّ قبل قليل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قد أوصى عليّا عليهالسلام أن يدفنه في الموضع الذي قبض فيه ، وأنّه لا يقبض الله نبيّا إلاّ في موضع ارتضاه لدفنه ، وفوق ذلك ؛ فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبر عليّا عليهالسلام بموضع دفنه وبقبره بعينه ، كما أخبره أنّ الملائكة الكرام ستخبره بموضع دفنه وتعينه في الدفن ، كما أعانته في الغسل والصلاة عليه.
ففي نهج البلاغة ( ج ٢ ؛ ١٧٢ ) من كلام للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال فيه : ولقد وليت غسله صلىاللهعليهوآله ، والملائكة أعواني ، فضجّت الدار والأفنية ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم ، يصلّون عليه ، حتّى واريناه في ضريحه. وهذا صريح في أن الملائكة الكرام كانت مع عليّ عليهالسلام في دفن النبي صلىاللهعليهوآله.
وفي الكافي ( ج ١ ؛ ٤٥٠ ـ ٤٥١ ) بسنده عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، ادفني في هذا المكان ، وارفع قبري من الأرض أربع أصابع ، ورشّ عليه الماء.
وفي بصائر الدرجات (٢٤٥) بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر ، قال : ففتح لأمير المؤمنين بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض ، يغسّلون النبي صلىاللهعليهوآله معه ،
ويصلّون معه عليه ، ويحفرون له ، والله ما حفر له غيرهم ، حتّى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل ، فوضعوه فتكلّم ، وفتح لأمير المؤمنين عليهالسلام سمعه ، فسمعه يوصيهم به ، فبكى عليهالسلام ، وسمعهم يقولون : لا نألوه جهدا ، وإنّما هو صاحبنا بعدك ، إلاّ أنّه ليس يعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه.
حتّى إذا مات أمير المؤمنين عليهالسلام ، رأى الحسن والحسين عليهماالسلام مثل ذلك الّذي رأى ، ورأيا النبي صلىاللهعليهوآله أيضا يعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنبي.
حتّى إذا مات الحسن عليهالسلام ، رأى منه الحسين عليهالسلام مثل ذلك ، ورأى النبي صلىاللهعليهوآله وعليّا عليهالسلام يعينان الملائكة.
حتّى إذا مات الحسين عليهالسلام ، رأى عليّ بن الحسين عليهالسلام منه مثل ذلك ، ورأى النبي صلىاللهعليهوآله وعليّا والحسن عليهماالسلام يعينون الملائكة.
حتّى إذا مات عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، رأى محمّد بن عليّ عليهماالسلام مثل ذلك ، ورأى النبي صلىاللهعليهوآله وعليّا والحسن والحسين عليهمالسلام يعينون الملائكة.
حتّى إذا مات محمّد بن عليّ عليهماالسلام ، رأى جعفر عليهالسلام مثل ذلك ، ورأى النبي صلىاللهعليهوآله وعليّا والحسن والحسين وعليّ بن الحسين عليهمالسلام يعينون الملائكة.
حتّى إذا مات جعفر عليهالسلام ، رأى موسى عليهالسلام منه مثل ذلك ، هكذا يجري إلى آخرنا.
وفي البداية والنهاية ( ج ٥ ؛ ٢٨١ ) : وقال يونس بن بكير : عن المنذر بن ثعلبة ، عن الصلت ، عن العلباء بن أحمر ، قال : كان عليّ عليهالسلام والفضل يغسّلان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فنودي عليّ عليهالسلام : ارفع طرفك إلى السماء.
تسكنين أنت بيتا من البيوت ، إنّما هو بيتي يا عائشة ، ليس لك فيه من الحقّ إلاّ ما لغيرك
اختصت هذه الطّرفة بنقل هذا المطلب والحوار عند وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد حدث بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ما في هذه الطّرفة ، إذ تصرّفت هي وأختها حفصة في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأدخلتا في البيت من لا يحبّه رسول الله ، وقد ورد هذا المطلب على لسان أئمّة
أهل البيت عليهمالسلام وأصحابهم ، على أنّه لم يجرأ مدّع من المسلمين أن يدّعي أن البيت لعائشة أو لحفصة أو لهما ، بل هو لرسول الله صلىاللهعليهوآله بإجماع الأمّة ، فإن قيل : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يورث درهما ولا دينارا ـ كما في رواية أبي بكر ـ فليس لهما منه شيء ، خصوصا وأنّ المرأة لا ترث من عقار الرجل ، وإن قيل بأنّه ميراث كسائر المواريث ، فرسول الله صلىاللهعليهوآله مات وعنده ولد ـ وهي الزهراء عليهاالسلام ـ وتسع نسوة ، فيكون للنساء الثمن ، ولكلّ واحدة التسع من الثمن ، وهذا لا يساوي من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله مفحص قطاة.
ففي دلائل الإمامة (٦٢) بعدة أسانيد عن الصادق ، والحسن العسكري ، والرضا عليهمالسلام ، في حديث طويل في دفن الحسن ، فيه : وكانت عائشة تقول : والله لا أدخل داري من أكرهه ، وكادت الفتنة أن تقع ، فقال الحسين عليهالسلام : هذه دار رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنت حشيّة من تسع حشيات خلّفهنّ رسول الله ، فإنّما نصيبك من الدار موضع قدميك.
وفي الكافي ( ج ١ ؛ ٣٠٠ ) بسنده عن الباقر عليهالسلام في حديث دفن الحسن عليهالسلام ، وفيه : فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجا ـ فقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين عليهالسلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأدخلت عليه بيته من لا يحبّ قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة.
وفي الكافي ( ج ١ ؛ ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ) بسنده عن الباقر عليهالسلام أيضا ، في حديث دفن الحسن عليهالسلام ، وفيه : فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجا ـ فوقفت ، وقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله صلىاللهعليهوآله حجابه ، فقال لها الحسين عليهالسلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ... إنّ الله تبارك وتعالى يقول : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) وقد أدخلت أنت
__________________
(١) الأحزاب ؛ ٥٣
بيت رسول الله الرجال بغير إذنه ...
فهذا الحسين عليهالسلام ـ سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانته ـ يؤكّد أنّ البيت لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّ نصيب عائشة منه موضع قدميها لو قلنا بتوريثها ، مع أنّها ما ادّعت ذلك ، وكانت تنهى نساء النبي عن المطالبة بالميراث ، لكنّها باتّفاق مع أبيها أخذت حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله كما سيأتيك.
وقد صرّح أتباع أئمّة أهل البيت عليهمالسلام تبعا لأئمّتهم بما قلناه ، فراحوا يحاججون بالحجّة القويّة الدامغة أعداء آل محمّد ؛
ففي الفصول المختارة (٧٤) قال : وأخبرني الشيخ أدام الله عزّه أيضا مرسلا ، قال : مرّ فضّال بن الحسن بن فضال الكوفي بأبي حنيفة وهو في جمع كثير ، يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه ، فقال لصاحب كان معه : والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة ، فقال صاحبه : إنّ أبا حنيفة ممّن قد علمت حاله ومنزلته ، وظهرت حجّته ، فقال : مه ، هل رأيت حجّة كافر [ وفي الاحتجاج : حجّة ضالّ ] علت على حجّة مؤمن؟! ثمّ دنا منه فسلم عليه ، وردّ القوم بأجمعهم السلام ، فقال : يا أبا حنيفة ، إنّ لي أخا يقول : إنّ خير الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ بن أبي طالب ، وأنا أقول : إنّ أبا بكر خير الناس بعد رسول الله ، وبعده عمر ، فما تقول أنت رحمك الله؟
فأطرق مليّا ، ثمّ رفع رأسه ، فقال : كفى بمكانهما من رسول الله كرما وفخرا ، أما علمت أنّهما ضجيعاه في قبره؟! فأيّ حجّة أوضح لك من هذه؟!
فقال له فضال : إنّي قد قلت ذلك لأخي ، فقال : والله لئن كان الموضع لرسول الله صلىاللهعليهوآله دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حقّ ، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلىاللهعليهوآله لقد أساءا وما أحسنا إليه : إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما.
فأطرق أبو حنيفة ساعة ، ثمّ قال : قل له : لم يكن لهما ولا له خاصّة ، ولكنّهما نظرا في حقّ عائشة وحفصة ، فاستحقّا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما.
فقال له فضال : قد قلت له ذلك ، فقال : أنت تعلم أنّ النبي صلىاللهعليهوآله مات عن تسع حشايا ، فنظرنا فإذا لكلّ واحدة منهنّ تسع الثمن ، ثمّ نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر ، فكيف
يستحقّ الرجلان أكثر من ذلك وبعد ، فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفاطمة عليهاالسلام ابنته تمنع الميراث؟!
فقال أبو حنيفة : يا قوم ، نحّوه عنّي فإنّه والله رافضي خبيث. وانظر رواية هذه المحادثة في الاحتجاج (٣٨٢) وكنز الفوائد ( ج ١ ؛ ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ).
وفي الاحتجاج ( ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ) بسنده عن الأعمش ، قال : اجتمعت الشيعة والمحكّمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة ، وأبو جعفر محمّد بن النعمان مؤمن الطاق حاضر ... فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : أخبرني يا بن أبي حذرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله كيف ترك بيوته ـ الّتي أضافها الله إليه ونهى الناس عن دخولها إلاّ بإذنه ـ ميراثا لأهله وولده ، أو تركها صدقة على جميع المسلمين؟ قل ما شئت ، فانقطع ابن أبي حذرة لما أورد عليه ذلك ، وعرف خطأ ما فيه.
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : إن تركها ميراثا لولده وأزواجه ، فإنّه قبض عن تسع نسوة ، وإنّما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا البيت الّذي دفن فيه صاحبك [ يعني أبا بكر ] ، ولا يصيبها من البيت ذراع ، وإن كان صدقة فالبلية أطمّ وأعظم ، فإنّه لم يصب من البيت إلاّ ما لأدنى رجل من المسلمين ، فدخول بيت النبي صلىاللهعليهوآله بغير إذنه ـ في حياته وبعد وفاته ـ معصية إلاّ لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام وولده ، فإنّ الله أحلّ لهم ما أحلّ للنبي صلىاللهعليهوآله.
هذا ، مع أنّ عائشة نفسها كانت تنكر على أزواج النبي مطالبتهن أبا بكر بالميراث ، ثمّ بعد ذلك مكّنها أبوها من حجرتها ، ففي صحيح البخاريّ ( ج ٥ ؛ ١١٥ / كتاب المغازي ) ـ باب حديث بني النضير ـ : أنّ عائشة قالت : أرسلت أزواج النبي صلىاللهعليهوآله عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهنّ ممّا أفاء الله على رسوله ، فكنت أنا أردهنّ ، فقلت لهنّ : ألا تتقين الله؟! ألم تعلمن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : ما تركناه صدقة؟!
وفي شرح النهج ( ج ١٦ ؛ ٢٢٣ ) عن عروة ، قال : سمعت عائشة تقول : أرسل أزواج النبي صلىاللهعليهوآله عثمان بن عفان إلى أبي بكر ، يسأل لهنّ ميراثهنّ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا أفاء الله عليه ، حتّى كنت أردهنّ عن ذلك ، فقلت : ألا تتقين الله؟! ألم تعلمن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : لا نورّث ما تركناه صدقة ـ يريد بذلك نفسه ـ إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال.
وفيه أيضا ( ج ١٦ ؛ ٢٢٠ ) عن عروة ، عن عائشة : إنّ أزواج النبي صلىاللهعليهوآله أردن لمّا توفّي أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر ، يسألنه ميراثهنّ ـ أو قال : ثمنهن ـ قالت : فقلت لهنّ : أليس قد قال النبي صلىاللهعليهوآله : لا نورّث ما تركناه صدقة؟!
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٧ ؛ ٢١٦ ـ ٢١٧ ) بعد نقله كلام قاضي القضاة وردّ الشريف المرتضى عليه : والقول عندي مشتبه في أمر حجر الأزواج ، هل كانت على ملك رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أن توفّي ، أم ملكها نساؤه؟ والذي تنطق به التواريخ أنّه لمّا خرج من قباء ودخل المدينة ، وسكن منزل أبي أيوب ، اختطّ المسجد ، واختطّ حجر نسائه وبناته ، وهذا يدلّ على أنّه كان المالك للمواضع ، وأمّا خروجها عن ملكه إلى الأزواج والبنات فممّا لم أقف عليه.
انظر البحث في أنّ البيوت للنبي لا لأزواجه في الشافي في الإمامة ( ج ٤ ؛ ٩٣ ـ ١٠٥ ) وشرح النهج ( ج ١٧ ؛ ٢١٤ ـ ٢١٩ ) وتقريب المعارف (٢٢٨) ونهج الحقّ وكشف الصدق ( ٣٦٦ ـ ٣٦٩ ) ودلائل الصدق ( ج ٣ ؛ ٦٠٩ ـ ٦١٢ ).
فقري في بيتك ولا تبرّجي تبرّج الجاهليّة الأولى ، وتقاتلي مولاك ووليّك ظالمة شاقّة ، وإنّك لفاعلة.
انظر ما مرّ في الطّرفة الثالثة والعشرين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « وتخرج فلانة عليك في عساكر الحديد ».
الطّرفة الثانية والثلاثون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرف ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ) ، كما نقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢ ؛ ٩٥ ) باختصار.
ابيضّت وجوه واسودّت وجوه ، وسعد أقوام وشقي آخرون ، سعد أصحاب الكساء الخمسة ... يسعد من اتّبعهم وشايعهم ... اسودّت وجوه أقوام تردّوا ظماء مظمئين إلى نار جهنّم أجمعين
في كتاب سليم بن قيس ( ٢٣٠ ـ ٢٣١ ) : أبان ، عن سليم ، قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم توفّي ، وقد أسندته إلى صدري ، ورأسه عند أذني ، وقد أصغت المرأتان لتسمعا الكلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهمّ سدّ مسامعهما.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، أرأيت قول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) أتدري من هم؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنّهم شيعتك وأنصارك ، وموعدي وموعدهم الحوض يوم القيامة ، إذا جثت الأمم على ركبها ، وبدا لله في عرض خلقه ، ودعا الناس إلى ما لا بدّ لهم منه ، فيدعوك وشيعتك ، فتجيئون غرّا محجلين ، شباعا مرويّين.
__________________
(١) البيّنة ؛ ٧
يا عليّ ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) (١) فهم اليهود وبنو أميّة وشيعتهم ، يبعثون يوم القيامة أشقياء جياعا عطاشى ، مسودّة وجوههم.
وفي تفسير فرات ( ٥٨٥ ـ ٥٨٦ ) بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الّذي توفّي فيه لفاطمة عليهاالسلام : بأبي أنت وأمّي ، أرسلي إلى بعلك فادعيه لي ، فقالت فاطمة للحسن عليهماالسلام : انطلق إلى أبيك فقل : يدعوك جدّي ، قال : فانطلق إليه الحسن عليهالسلام فدعاه ، فأقبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حتّى دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفاطمة عليهاالسلام عنده ... ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ادن منّي ، فدنا منه ، فقال : أدخل أذنك في في ، ففعل ، وقال صلىاللهعليهوآله : يا أخي ، ألم تسمع قول الله تبارك وتعالى في كتابه : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٢)؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : هو أنت وشيعتك غرّ محجّلون ، شباع مرويّون.
أولم تسمع قول الله تعالى في كتابه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) (٣)؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : هم أعداؤك وشيعتهم ، يجيئون يوم القيامة مسودّة وجوههم ، ظماء مظمئين ، أشقياء معذبين ، كفارا منافقين ، ذلك لك ولشيعتك ، وهذا لعدوّك ولشيعتهم. هكذا روى جابر الأنصاريّ.
وفي أمالي الطوسي (٦٧١) بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : دخل عليّ عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في بيت أمّ سلمة ، فلمّا رآه قال : كيف أنت يا عليّ إذا جمعت الأمم ووضعت الموازين ، وبرز لعرض خلقه ، ودعي الناس إلى ما لا بدّ منه؟ قال : فدمعت عين أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما يبكيك يا عليّ؟ تدعى ـ والله ـ أنت وشيعتك غرّا محجّلين ، رواء مرويّين ، مبيضّة وجوهكم ، ويدعى بعدوّك مسودّة وجوههم ، أشقياء
__________________
(١) البيّنة ؛ ٦
(٢) البيّنة ؛ ٧
(٣) البيّنة ؛ ٦
معذّبين ، أما سمعت إلى قول الله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) أنت وشيعتك ، « والذين كفروا بآياتنا أولئك هم شرّ البريّة » عدوّك يا عليّ.
وفي شواهد التنزيل ( ج ٢ ؛ ٤٦٠ ـ ٤٦١ ) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : لمّا نزلت هذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٢) ، قال النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : هو أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيّين ، ويأتي عدوّك غضابا مقمحين ، قال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ومن عدوّي؟ قال : من تبرأ منك ولعنك ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من قال « رحم الله عليّا » يرحمهالله. وانظر شواهد التنزيل ( ج ٢ ؛ ٤٥٩ ـ ٤٧٤ ) ففيه رواية هذا المضمون بأسانيد جمّة عن كثير ، وانظر هوامشه وتخريجاته ، وانظر خصائص الوحي المبين ( ٢٢٤ ـ ٢٢٧ ) وذكر السيّد الجليل عليّ بن طاوس أنّ محمّد ابن العبّاس بن مروان روى نزول الآية في عليّ عليهالسلام وشيعته من نحو ستة وعشرين طريقا ، أكثرها عن رجال الجمهور ، انظر ذلك في أواخر الباب الثاني من كتابه سعد السعود (١٠٨). وانظر ينابيع المودّة ( ج ١ ؛ ٧٢ ) و ( ج ٢ ؛ ٩٥ ، ١٢٦ ) ونظم درر السمطين (٩٢) وتفسير فرات ( ٥٨٣ ـ ٥٨٦ ) ومجمع البيان ( ج ٥ ؛ ٥٢٤ ).
وفي أمالي المفيد ( ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ) بسنده عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي ، قال : كنت جالسا مع عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على باب القصر ، حتّى ألجأته الشمس إلى حائط القصر ، فوثب ليدخل ، فقام رجل من همدان فتعلّق بثوبه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، حدّثني حديثا جامعا ينفعني الله به ، قال عليهالسلام : أو لم يكن في حديث كثير؟!
قال : بلى ، ولكن حدّثني حديثا جامعا ينفعني الله به ، قال عليهالسلام : حدّثني خليلي رسول الله صلىاللهعليهوآله « أنّي أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويّين ، مبيضّة وجوههم ، ويرد عدوّنا ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم » ، خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ، ولك
__________________
(١) البيّنة ؛ ٧
(٢) البيّنة ؛ ٧
ما اكتسبت ، أرسلني يا أخا همدان ، ثمّ دخل القصر. انظر بشارة المصطفى ( ٥٠ ، ١٠٣ ).
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ١٦٢ ) : عن أبي رافع من خمسة طرق ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ترد على الحوض وشيعتك رواء مرويّين ، ويرد عليك عدوّك ظماء مقمحين.
وفي ينابيع المودّة ( ج ٢ ؛ ١٢٦ ) وأخرج الديلمي « يا عليّ إنّ الله قد غفر لك ولذريّتك ولولدك ، ولأهلك ولشيعتك ، ولمحبّي شيعتك ، فأبشر فإنّك الأنزع البطين ، وأنت وشيعتك تردون على الحوض رواء مرويين ، مبيضّة وجوهكم ، وإنّ أعداءك يردون على الحوض ظماء مقمحين ».
وفي مناقب الخوارزمي ( ٧٥ ـ ٧٦ ) بسنده عن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتحت خيبر : يا عليّ ، لو لا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمرّ بملإ من المسلمين إلاّ وأخذوا تراب نعليك ، وفضل طهورك يستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك ، ترثني وأرثك ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، أنت تؤدي ديني ، وتقاتل على سنتي ، وأنت في الآخرة أقرب الناس منّي ، وإنّك غدا على الحوض خليفتي ، تذود عنه المنافقين ، وإنّك أوّل من يرد عليّ الحوض ، وإنّك أوّل داخل يدخل الجنّة من أمّتي ، وإن شيعتك على منابر من نور رواء مرويّين ، مبيضّة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، فيكونون غدا في الجنّة جيراني ، وإنّ عدوّك غدا ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم مقمحين ... وانظر رواية هذا الخبر في كشف اليقين ( ١٠٧ ، ١٠٨ ) ومناقب ابن المغازلي ( ٢٣٧ ـ ٢٣٩ ) والمسترشد (٦٣٤) وينابيع المودّة ( ج ١ ؛ ١٣٠ ) وكفاية الطالب ( ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩ ؛ ١٣١ ) من طريق الطبراني ملخصا ، وكنز الفوائد ( ج ٢ ؛ ١٧٨ ـ ١٧٩ ).
وفي حديث الوسيلة ، روى الصفار في بصائر الدرجات ( ٤٣٦ ـ ٤٣٨ ) بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله يقول : إذا سألتم الله فسلوه الوسيلة لي ، قال : فسألنا النبي عن الوسيلة؟ قال : هي درجتي في الجنّة ، وهي ألف مرقاة ، ما بين مرقاة إلى مرقاة جوهرة ،
إلى مرقاة زبر جدة ، إلى مرقاة ياقوتة ، إلى مرقاة اللؤلؤة ، إلى مرقاة ذهبة ، إلى مرقاة فضّة ، فيؤتى بها يوم القيامة حتّى تنصب مع درجة النبيّين ، فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى يومئذ نبي ولا صدّيق ولا شهيد إلاّ قالوا : طوبى ، لمن هذه الدرجة؟ فيأتي النداء من عند الله تبارك وتعالى ـ يسمع النبيّين والصدّيقين والشهداء والمؤمنين ـ : هذه درجة محمّد صلىاللهعليهوآله.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أقبل أنا يومئذ متّزرا بريطة من نور ، عليّ تاج الملك ، وإكليل الكرامة ، وعليّ بن أبي طالب أمامي ، بيده لوائي وهو لواء الحمد ، مكتوب عليه « لا إله إلاّ الله ، المفلحون هم الفائزون بالله » ، فإذا مررنا بالنبيين قالوا : هذان ملكان مقرّبان ، وإذا مررنا بالملائكة قالوا : هذان نبيان مرسلان ، وإذا مررنا بالمؤمنين قالوا : نبيان لم نرهما ولم نعرفهما ، حتّى أعلو تلك الدرجة وعليّ يتبعني ، فإذا صرت في أعلى درجة وعليّ أسفل منّي بدرجة ـ وبيده لوائي ـ فلا يبقى يومئذ ملك ولا نبي ولا صدّيق ولا شهيد ولا مؤمن إلاّ رفعوا رءوسهم إلينا ، ويقولون : طوبى لهذين العبدين ، ما أكرمهما على الله!! فيأتي النداء من عند الله يسمع النبيّين والخلائق : هذا محمّد حبيبي ، وهذا عليّ وليّي ، طوبى لمن أحبّه ، وويل لمن أبغضه وكذب عليه.
ثمّ قال النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد ممّن كان يحبّك ويتولاّك إلاّ شرح لهذا الكلام صدره ، وابيضّ وجهه ، وفرح قلبه ، ولا يبقى أحد ممّن نصب لك حربا ، أو أبغضك ، أو عاداك ، أو جحد لك حقّا ، إلاّ اسودّ وجهه ، وطويت [ وفي بعض المصادر : واضطربت ] قدماه ... الحديث. وانظر رواية حديث الوسيلة في أمالي الصدوق ( ١٠٢ ـ ١٠٣ ) ومعاني الأخبار ( ١١٦ ـ ١١٧ ) وبشارة المصطفى (٢١) وروضة الواعظين ( ١١٣ ـ ١١٤ ) وينابيع المودّة ( ج ١ ؛ ٨٢ ) ، عن الحمويني ، وفرائد السمطين ( ج ١ ؛ ١٠٦ ـ ١٠٨ ) كلّهم بأسانيدهم إلى أبي سعيد الخدري ، ورواه القمّي في تفسيره ( ج ٢ ؛ ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ) بسنده عن الإمام الصادق عليهالسلام.
ومن أروع ما وردت روايته ـ بطرق متكثّرة عن رجال الفريقين ـ حديث الرايات
الخمس الّتي ترد على رسول الله الحوض ، منها أربع رايات هالكة ، والخامسة راية أمير المؤمنين وشيعته ؛ وهي الفائزة الناجية.
ففي كتاب اليقين ( ٢٧٥ ـ ٢٧٧ ) فيما ذكره من كتاب « المعرفة » تأليف عبّاد بن يعقوب الرواجنيّ ، برجالهم في تسمية النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ، يقول عبّاد : قد حدّثنا أبو عبد الرحمن المسعوديّ ، قال : حدّثنا الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الحكم الفزاريّ ، عن حنّان بن الحارث الأزدي ، عن الربيع بن جميل الضبّي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذرّ رضياللهعنه ، قال :
لما أن سيّر أبو ذرّ رضياللهعنه اجتمع هو وعليّ أمير المؤمنين ، والمقداد بن الأسود الكندي ، قال : ألستم تشهدون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات :
أوّلها راية العجل ، فأقوم فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك يتبعه ، فأقول : ما ذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزّقناه ، واضطهدنا الأصغر وابتزّيناه حقّه ، فأقول : اسلكوا ذات الشمال ، فيصرفون ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة.
ثمّ ترد راية فرعون أمّتي ، فمنهم أكثر الناس وهم المبهرجون ـ فقلت : يا رسول الله ، وما المبهرجون؟ أبهرجوا الطريق؟ قال : لا ، ولكنهم بهرجوا دينهم ، وهم الذين يغضبون للدنيا ، ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون ـ فآخذ بيد صاحبهم ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه ، فأقول : ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزّقناه ، وقاتلنا الأصغر وقتلناه ، فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة.
ثمّ ترد عليّ راية فلان [ في الخصال : هامان أمّتي ، وفي تفسير القمّي : سامريّ هذه الأمّة ] وهو إمام خمسين ألفا من أمّتي ، فأقوم فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه ، فأقول : ما ذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر وعصيناه ، وخذلنا الأصغر وخذّلنا عنه ، فأقول : اسلكوا سبيل
أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة.
ثمّ يرد عليّ المخدّج برايته ، وهو إمام سبعين ألفا من أمّتي ، فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه ، فأقول : ما ذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر وعصيناه ، وقاتلنا الأصغر فقتلناه ، فأقول : اسلكوا سبيل أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين ، مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة.
ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين ، فأقوم فآخذ بيده ، فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما ذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : اتبعنا الأكبر وصدّقناه ، ووازرنا الأصغر فنصرناه وقتلنا معه ، فأقول : ردوا رواء مرويّين ، فيشربون شربة لا يظمئون بعدها أبدا ، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ، ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، وكأضوإ نجم في السماء ، ثمّ قال [ أبو ذرّ ] : ألستم تشهدون على ذلك؟ قالوا : نعم ، وإنّا على ذلك من الشاهدين.
قال الحارث : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ صخر بن حكم حدثني به ، قال صخر : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ حنّان الأزدي حدثني به ، وقال حنان الأزدي : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ الربيع بن جميل حدّثني به ، وقال الربيع : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ مالك ابن ضمرة حدثني به ، وقال مالك : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ أبا ذرّ حدّثني به ، وقال أبو ذرّ : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حدّثني به ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأبي ذرّ : اشهد أنّ جبرئيل حدّثني به عن الله تعالى.
وقال أبو عبد الرحمن : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ الحارث حدّثني به ، وقال عباد : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ أبا عبد الرحمن حدّثني به. قال عباد : واسم أبي عبد الرحمن ، عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود. قال عليّ بن العبّاس (١) : اشهدوا عليّ
__________________
(١) يبدو أنّ عليّ بن العبّاس يروي الخبر عن عبّاد الرواجني ، وأنّ أبا عليّ عمر يرويه عن عليّ بن العبّاس ، لكنهما لم يذكرا في السند لأن ابن طاوس نقله مباشرة من كتاب عبّاد الرواجني.
بهذا عند الله ، أنّ عبّادا حدثني به. قال أبو عليّ عمر : اشهدوا عليّ بهذا عند الله ، أنّ عليّ بن عبّاس حدثني به. وانظر رواية هذا الخبر بتفصيل أكثر في الخصال ( ٤٥٧ ـ ٤٦٠ ) بسنده عن أبي ذرّ.
وفي تفسير فرات (٩٢) بسنده عن جعفر بن محمّد عليهالسلام ، قال : يحشر يوم القيامة شيعة عليّ رواء مرويّين ، مبيضة وجوههم ، ويحشر أعداء عليّ عليهالسلام يوم القيامة ووجوههم مسودّة ظامئين ، ثمّ قرأ ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) (١).
وقد روي حديث الرايات الخمس أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قاله عند نزول قوله تعالى ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (٢).
انظر حديث الرايات كلّه أو بعضه في اليقين ( ٢١٠ ـ ٢١١ ) عن كتاب « ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين » لمحمّد بن أبي الثلج بعدة أسانيد إلى أبي الجارود عن الباقر ، و ( ٢٧٩ ـ ٢٨١ ) من كتاب « تأويل ما نزل من القرآن في النبي وآله » لمحمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذرّ ، و ( ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ) عن كتاب أحمد بن محمّد الطبريّ المعروف بالخليلي ، بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذرّ ، و ( ٣٦٣ ـ ٣٦٦ ) عن نسخة بخط المظفر بن جعفر بن الحسن من مشايخ الطبريّ ، بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذرّ ، و ( ٤٠٨ ـ ٤٠٩ ) من كتاب « أسماء مولانا عليّ عليهالسلام » برواية أبي طالب الأنباري ، بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي الحسين ، و ( ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ) عن كتاب « كفاية الطالب » للكنجي (٧٦) بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذر ، أورد منه الراية الخامسة فقط ـ وهو
__________________
(١) آل عمران ؛ ١٠٦
(٢) آل عمران ؛ ١٠٦ ـ ١٠٧
بهذا المقدار في مجمع الزوائد ( ٩ ـ ١٣١ ) وكنوز الحقائق (١٨٨) ومستدرك الحاكم ( ج ٣ ؛ ١٣٦ ) وقال : « أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقاة » ـ وحديث الرايات في اليقين أيضا ( ٤٤٣ ـ ٤٤٧ ) من جزء عتيق عليه تاريخ سماع على مؤلفه سنة ٤٠٢ بسنده عن مالك ابن ضمرة ، عن أبي ذرّ ، وحديث الرايات الخمس في تفسير القمّي ( ج ١ ؛ ١٠٩ ـ ١١٠ ) بسنده عن مالك بن ضمرة ، عن أبي ذرّ.
ورواية القمّي توافق ما صوّره ورواه السيّد الحميريّ رحمهالله في شعره ، فأبدع أيّما إبداع رحمهالله ، حيث قال في قصيدته « لأمّ عمرو » ـ كما في ديوانه ( ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ) ـ :
فالناس يوم الحشر راياتهم |
|
خمس ، فمنهم هالك أربع |
قائدها العجل ، وفرعونها |
|
وسامريّ الأمّة المفظع |
ومارق من دينه مخدج |
|
أسود عبد لكع أو كع |
وراية قائدها وجهه |
|
كأنّه الشمس إذا تطلع |
غدا يلاقي المصطفى حيدر |
|
وراية الحمد له ترفع |
مولى له الجنّة مأمورة |
|
والنّار من إجلاله تفزع |
إمام صدق ، وله شيعة |
|
يرووا من الحوض ولم يمنعوا |
بذاك جاء الوحي من ربّنا |
|
يا شيعة الحقّ فلا تجزعوا |
هذا ما يتعلّق بابيضاض وجوه قوم واسوداد وجوه آخرين ، وفيه : أيضا أنّ السعداء من ابيضت وجوههم ، وأن الأشقياء من اسودت وجوههم ، ولكننا نذكر ما ورد صريحا بلفظ « السعيد من أحبّ عليّا وأطاعه ووالاه ، والشقي من عاداه وأبغضه ونصب له ».
ففي أمالي المفيد (١٦١) بسنده عن سلمان الفارسي رحمهالله ، قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم عرفة ، فقال : أيّها الناس ، إنّ الله باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامّة ، ويغفر لعليّ خاصّة ، ثمّ قال : ادن منّي يا عليّ ، فدنا منه ، فأخذ بيده ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : إنّ السعيد ، كلّ السعيد ، حقّ السعيد ، من أطاعك وتولاّك من بعدي ، وإنّ الشقيّ ، كلّ الشقيّ ، حقّ الشقي ، من عصاك ونصب لك عداوة من بعدي.
وفي أمالي الصدوق (١٥٣) بسنده عن الصادق ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين عليهمالسلام ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن عليّ عليهالسلام ، عن أمّه فاطمة بنت محمّد صلوات الله عليهما ، قالت : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله عشيّة عرفة ، فقال : إنّ الله تبارك وتعالى باهى بكم وغفر لكم عامّة ، ولعليّ خاصّة ، وإنّي رسول الله إليكم ، غير محاب لقرابتي ، هذا جبرئيل يخبرني : أنّ السعيد ، كلّ السعيد ، حقّ السعيد ، من أحبّ عليّا في حياته وبعد موته ، وأن الشقيّ ، كلّ الشقيّ ، حقّ الشقيّ ، من أبغض عليّا في حياته وبعد وفاته.
وانظر رواية هذا الخبر في دلائل الإمامة (٧) وبشارة المصطفى (١٤٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣ ؛ ١٩٩ ) عن الطبراني في المعجم الكبير بإسناده إلى الزهراء عليهاالسلام ، ومناقب الخوارزمي (٣٧) عن الطبراني أيضا ، وهو في شرح النهج ( ج ٩ ؛ ١٦٨ ـ ١٦٩ ) نقله ثمّ قال : « رواه أحمد في كتاب فضائل عليّ ، وفي المسند أيضا » ، وهو في ينابيع المودّة ( ج ١ ؛ ١٢٧ ) عن مسند أحمد ، ثمّ قال : « أيضا أخرجه موفق بن أحمد الخوارزمي بلفظه ».
وروى هذا الحديث الصدوق في أماليه ( ٣١٢ ـ ٣١٣ ) والطبريّ في بشارة المصطفى (١٦٠) بسنديهما عن أبي الحمراء خادم رسول الله ، وفيه زيادة وهي : « يا عليّ ، كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ، يا عليّ ، من حاربك فقد حاربني ، ومن حاربني فقد حارب الله عزّ وجلّ ، يا عليّ من أبغضك فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ، وأتعس الله جدّه ، وأدخله نار جهنّم ».
وفي أمالي الصدوق ( ٢٣ ـ ٢٤ ) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة ، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك ، ومن أهانك فقد أهانني ، ومن أهانني أدخله الله نار جهنّم خالدا فيها وبئس المصير ، ... يا عليّ ، سعد من تولاّك وشقي من عاداك ... ورواه الطبريّ في بشارة المصطفى (٥٥).
وفيه أيضا (٢٢٢) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام : يا عليّ ، أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ، لأنك منّي وأنا منك ، لحمك من لحمي ، ودمك من
دمي ، وروحك من روحي ، وسريرتك سريرتي ، وعلانيتك علانيتي ، وأنت إمام أمّتي ، وخليفتي عليها بعدي ، سعد من أطاعك ، وشقي من عصاك ، وربح من تولاّك ، وخسر من عاداك ، وفاز من لزمك ، وهلك من فارقك ، ... ورواه الطبريّ في بشارة المصطفى (٣٢).
وفيه (٢٩٥) بسنده عن الصادق ، عن الباقر ، عن السجاد ، عن الحسين ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، أنت أخي وأنا أخوك ، يا عليّ ، أنت منّي وأنا منك ، يا عليّ ، أنت وصيّي وخليفتي ، وحجّة الله على أمّتي بعدي ، لقد سعد من تولاّك ، وشقي من عاداك.
مرق النغل الأوّل الأعظم ، والآخر النغل الأصغر ... والثالث والرابع
تقدّم الكلام عن هذا المعنى في الطّرفة السادسة ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « بيعة الأول ضلالة ، ثمّ الثاني ثمّ الثالث وويل للرابع » ، وفي الطّرفة الرابعة والعشرين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « فالكفر مقبل والردة والنفاق ، بيعة الأوّل ثمّ الثاني ـ وهو شرّ منه وأظلم ـ ثمّ الثالث » ، وبقي هاهنا تنبيهان :
الأوّل : أنّ النغل في هذه الرواية ليس بمعنى ولد الزنية ؛ لأنّ أبا بكر كان صحيح النسب ـ بخلاف عمرو معاوية ؛ فإنّهما كانا لزنية كما نصّت على ذلك مصادر الأنساب والمثالب ـ فيتعيّن المعنى الآخر ، وهو الفاسد ، ويكون فساد كلّ شيء بحسبه ، إن لم نجوّز استعمال اللفظ في معنيين في آن واحد.
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللّغة ( ج ٥ ؛ ٤٥١ ) : النون والغين واللام كلمة تدلّ على فساد وإفساد.
وفي القاموس المحيط ( ج ٤ ؛ ٦٠ ) : ونغل المولود ـ ككرم ـ نغولة : فسد.
وفي تاج العروس ( ج ٨ ؛ ١٤١ ) : « وفي التّهذيب « يقال : نغل المولود ـ ككرم ـ نغولة ، فهو نغل ، فسد ».
وفي لسان العرب ( ج ١١ ؛ ٦٧٠ ) : « التهذيب : يقال نغل المولود ينغل نغولة ، فهو نغل ».
وصرّح الفيومي في المصباح المنير (٦١٥) بأنّ النّغل أو النّغل بمعنى ولد الزانية إنّما أخذ
عن النّغل بمعنى الأديم الفاسد ، قال : « نغل الأديم نغلا ـ من باب تعب ـ فسد ، فهو نغل ـ بالكسر ، وقد يسكّن للتخفيف ـ ومنه قيل لولد الزانية نغل ؛ لفساد نسبه ».
الثاني : أنّه لا تنافي بين قوله هنا « النغل الأوّل الأعظم » ، وبين ما تقدّم في الطّرفة الرابعة والعشرين من قوله « ثمّ الثاني وهو شرّ منه وأظلم » وذلك ، لما تقدّم أن أشرنا إليه ، وما ثبت عند المحققين من العلماء ، من أنّ الأوّل كان هو المخطّط السياسي لمؤامرة غصب الخلافة ، وكان أروغ من ثعلب ، وأن الثاني كان رأس الحربة المنفّذ لمآربه ومقاصده ، فلذلك ترى لسان روايات أهل البيت مشفا إلى هذه الحقيقة بمثل قولهم « أبوك وفاروقه » ، مضافا إلى أن أبا بكر كان الغاصب الأوّل لخلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فهو بهذا الاعتبار أشدّ وأعظم فسادا ممّن تلاه من الغاصبين.
مبغض عليّ وآل عليّ في النار ، ومحبّ عليّ وآل عليّ في الجنّة
تقدّم الكلام على هذا المطلب في الطّرفة التاسعة عشر عند ، قوله صلىاللهعليهوآله : « اللهمّ إنّي لهم ولمن شايعهم سلم ، وزعيم يدخلون الجنّة ، وحرب وعدوّ لمن عاداهم وظلمهم ... زعيم لهم يدخلون النار ». وسنذكر هنا أحاديث وروايات أخرى في هذا المضمون واردة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وإن كان هذا المطلب ممّا أجمع عليه المسلمون.
ففي كفاية الأثر (٣٠) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : الأئمّة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين عليهمالسلام ، والتاسع قائمهم ، فطوبى لمن أحبّهم ، والويل لمن أبغضهم. وفيه أيضا ( ٣٢ ـ ٣٣ ) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : الأئمّة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين عليهالسلام ، والتاسع مهديهم ، فطوبى لمحبّيهم ، والويل لمبغضيهم.
وفي نهج الحقّ (٢٦٠) : ومن المناقب لخطيب خوارزم ، عن ابن عمر : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أحبّ عليّا قبل الله منه صلاته وصيامه وقيامه ، واستجاب دعاءه ، ألا ومن أحبّ عليّا أعطاه الله بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنّة ، ألا ومن أحبّ آل محمّد أمن من الحساب
والميزان والصراط ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء ، ألا ومن أبغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه « آيس من رحمة الله ».
وفي دلائل الإمامة (٢٥) بسنده عن الكاظم ، عن الصادق ، عن الباقر عليهمالسلام ، عن جابر الأنصاري ، قال : لمّا زوّج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة عليهاالسلام ... وفيه قول النبي صلىاللهعليهوآله : يا عليّ من أحبّك وأحبّ ذريّتك فقد أحبّني ، ومن أحبّني أحبّه الله ، ومن أبغضك وأبغض ذريتك فقد أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله وأدخله النار.
وفي كتاب التحصين ( ٥٨٧ ـ ٥٨٨ ) من كتاب « نور الهدى والمنجي من الردى » للحسن بن أبي طاهر الجاواني ، بسنده عن زيد بن أرقم ، في خطبة النبي صلىاللهعليهوآله في الغدير ، وفيها : معاشر الناس ، أنا صراط الله المستقيم الّذي أمركم الله أن تسلكوا الهدى إليه ، ثمّ عليّ عليهالسلام من بعدي ، ثمّ ولدي من صلبه ... ألا إنّ أعداءهم هم أهل الشقاق ، والغاوون ، وإخوان الشياطين ، الّذين ( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) (١) ، ألا إنّ أولياءهم الذين ذكر الله في كتابه ، المؤمنون الذين وصف الله تعالى ، فقال : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ) (٢) ... ألا إنّ أولياءهم الذين يدخلون الجنّة بسلام آمنين ، وتتلقاهم الملائكة بالتسليم ، أن ( طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ ) (٣) ، ألا إنّ أولياءهم لهم ( الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٤) ، ألا إن أعداءهم الذين ( سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) (٥) ، ألا إنّ أعداءهم الذين يسمعون لجهنّم شهيقا ويرون لها زفيرا ، ( كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها ) (٦) ....
__________________
(١) الأنعام ؛ ١١٢
(٢) المجادلة ؛ ٢٢
(٣) الزمر ؛ ٧٣
(٤) غافر ؛ ٤٠
(٥) النساء ؛ ١٠
(٦) الأعراف ؛ ٣٨
وفي تفسير فرات (٣٠٦) بسنده عن عبد الله بن عبّاس ، قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوآله فينا خطيبا ، فقال : الحمد الله على آلائه وبلائه عندنا أهل البيت ... أيّها الناس ، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وأهل بيتي من طينة لم يخلق أحدا غيرنا وموالينا ... هؤلاء خيار خلقي ، وحملة عرشي وخزّان علمي ، وسادة أهل السماء والأرض ، هؤلاء البررة المهتدون المهتدى بهم ، من جاءني بطاعتهم وولايتهم ، أو لجته جنّتي وأبحته كرامتي ، ومن جاءني بعداوتهم والبراءة منهم أو لجته ناري ، وضاعفت عليه عذابي ، وذلك جزاء الظالمين ....
وفي أمالي المفيد (٢٧١) بسنده عن مسروق بن الأجدع ، عن الحارث الأعور ، قال : دخلت على عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : ما جاء بك يا أعور؟ قال : قلت : حبّك يا أمير المؤمنين ، قال : الله؟ قلت : الله ، فناشدني ثلاثا ، ثمّ قال : أما إنّه ليس عبد من عباد الله ، ممّن امتحن الله قلبه للإيمان ، إلاّ وهو يجد مودّتنا على قلبه ، فهو يحبّنا ، وليس عبد من عباد الله ممّن سخط الله عليه ، إلاّ وهو يجد بغضنا على قلبه ، فهو يبغضنا ، فأصبح محبّنا ينتظر الرحمة ، وكأنّ أبواب الرحمة قد فتحت له ، وأصبح مبغضنا على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم ، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم ، وتعسا لأهل النار مثواهم.
وفي أمالي المفيد أيضا ( ٢١٦ ـ ٢١٧ ) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : وجد قتيل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فخرج مغضبا حتّى رقى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ... والّذي نفسي بيده ، لا يبغضنا أهل البيت أحد إلاّ أكبه الله على وجهه في نار جهنّم.
وفي مناقب ابن المغازليّ ( ١٣٧ ـ ١٣٨ ) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر ، فقال : والّذي نفس محمّد بيده ، لا يبغضنا ـ أهل البيت ـ أحد إلاّ أكبه الله في النار.
وانظر هذا الحديث في نظم درر السمطين (١٠٦) ومستدرك الحاكم ( ج ٣ ؛ ١٥٠ ) و ( ج ٤ ؛ ٣٥٢ ) وإحياء الميت بهامش إتحاف الأشراف (١١١) وإسعاف الراغبين (١٠٤) والصواعق المحرقة ( ١٧٢ ، ٢٣٧ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٥ ؛ ٩٤ ) ونزل الأبرار (٣٥).