السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات تاسوعاء
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-90423-5-0
الصفحات: ٦٤٠
الطّرفة الثامنة والعشرون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرف ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٩٢ ـ ٤٩٣ ) ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢ ؛ ٩٤ ) باختصار.
يا عليّ ، أضمنت ديني تقضيه عنّي؟ قال : نعم
تقدّم بيانه في الطّرفة السابعة ، وفي الطّرفة العشرين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « من كانت له عندي عدة فليأت فيها عليّ بن أبي طالب » ، ومرّ فيها أداء عليّ عليهالسلام لما ضمنه لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه كان ينادي في الموسم وغيره : « من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني » ، وتقدّم أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام فعلا ذلك أيضا بعد عليّ عليهالسلام ، كلّ ذلك بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مضافا إلى أنّ عليّا عليهالسلام قضى ديون رسول الله صلىاللهعليهوآله وأدّى الأمانات الّتي كانت عنده صلىاللهعليهوآله لأهلها ، وذلك عند هجرته المباركة إلى المدينة المنوّرة كما ثبت ذلك في محله.
يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك
من الثابت تاريخيا ، أنّ عليّا عليهالسلام هو الّذي غسّل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسيأتيك ذلك بحول الله وقوّته ، وقد كان تغسيله للنبي صلىاللهعليهوآله بأمر منه ، حيث أوصى النبي وأمر عليّا أن لا يغسّله غيره.
ففي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : لمّا مرض رسول الله صلىاللهعليهوآله وعنده
أصحابه ، قام إليه عمّار بن ياسر ، فقال له : فداك أبي وأمّي يا رسول الله ، من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال : ذاك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. وعنه في روضة الواعظين (٧٢).
وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال : سمعت البراء بن عازب يقول : كنت أحبّ بني هاشم حبّا شديدا في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعد وفاته ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصى عليّا عليهالسلام أن لا يلي غسله غيره.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ٢٣٩ ) : إبانة ابن بطّة ، قال يزيد بن بلال : قال عليّ عليهالسلام : أوصى النبي صلىاللهعليهوآله أن لا يغسّله أحد غيري.
وفي دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل ، قال فيه الإمام الباقر عليهالسلام : وأوحى الله إلى نبيّه أن لا يبقي في غيبه وسرّه ومكنون علمه شيئا إلاّ ناجاه [ أي عليّا ] به ، وأمره أن يؤلّف القرآن من بعده ، ويتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه من دون قومه.
وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار : لمّا حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة ، دعا بعلي عليهالسلام ... ثمّ التفت إلى عليّ عليهالسلام ، فقال : يا عليّ ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك.
وفيه (٢١) بسنده عن عطاء ، عن ابن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، وهو الإمام والخليفة من بعدي ، فمن تمسّك به فاز ونجا ، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى ، يلي تكفيني وغسلي ويقضي ديني ....
وفي كنز العمال ( ج ٦ ؛ ٣٩٣ ) بسنده عن ابن عبّاس ، في حديث نقل فيه عمر قول النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : وأنت عاضدي وغاسلي ودافني.
وفي مجمع الزوائد ( ج ٩ ؛ ٣٩ ) بسنده عن عليّ عليهالسلام ، قال : أوصاني النبي صلىاللهعليهوآله أن لا يغسّله أحد غيري.
وانظر بشارة المصطفى (٥٨) والخصال ( ٣٧١ ، ٥٧٣ ) وتفسير القمّي ( ج ٢ ؛ ١٠٩ ) والمسترشد ( ١٦٩ ، ٣٣٦ ) واليقين (٣٩٠) وكتاب سليم بن قيس (٢٠٩) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وطبقات ابن سعد ( ج ٢ ؛ ٢٧٨ ) وحلية الأولياء ( ج ٤ ؛ ٧٣ ) والرياض النضرة
( ج ٢ ؛ ١٧٨ ) ووسيلة المآل للحضرمي (٢٣٩) وتحفة المحبّين بمناقب الخلفاء الراشدين (١٨٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢ ؛ ٤٨٧ / الحديث ١٠٠٦ ). وسيأتي المزيد في أثناء المطالب الآتيه في وفاته صلىاللهعليهوآله.
إنّه لا يرى عورتي أحد غيرك إلاّ عمي بصره
في دلائل الإمامة (١٠٦) بسنده عن عمارة بن يزيد الواقديّ في حديث طويل ، قال فيه الإمام الباقر عليهالسلام : وقال صلىاللهعليهوآله لأهله وأصحابه : حرام أن تنظروا إلى عورتي غير أخي ، فهو منّي وأنا منه ، له مالي ، وعليه ما عليّ.
وفي المسترشد (٣٣٦) بسنده : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : فإن رأى أحد شيئا من جسدي وأنا ميّت ذهب بصره.
وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال : سمعت البراء بن عازب يقول ... فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصى عليّا أن لا يلي غسله غيره ، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره ، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّ ذهب بصره.
وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢ ؛ ٢٧٨ ) بسنده عن يزيد بن بلال ، قال : قال عليّ عليهالسلام : أوصى النبي صلىاللهعليهوآله ألاّ يغسّله أحد غيري ، فإنّه « لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه ».
وفي مناقب ابن المغازلي (٩٣) بسنده عن السائب بن يزيد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يحلّ لمسلم يرى مجرّدي ـ أو عورتي ـ إلاّ عليّ. وروى مثله بسنده عن جابر الأنصاريّ في مناقبه أيضا (٩٤).
وانظر فقه الرضا عليهالسلام (٢١) والمسترشد (٦٩) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ٢٣٩ ) وأمالي الطوسي (٦٦٠) وبصائر الدرجات (٣٢٨) وكفاية الأثر (١٢٥) والخصال (٥٧٣) وكنوز الحقائق (١٩٣) ومجمع الزوائد ( ج ٩ ؛ ٣٩ ) وكنز العمال ( ج ٧ ؛ ١٧٦ ) ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ( ج ٣ ؛ ١٢٢ ) والشفاء للقاضي عياض ( ج ١ ؛ ٥٤ ) ونهاية الأرب ( ج ١٨ ؛ ٣٨٩ ) والبداية والنهاية ( ج ٥ ؛ ٢٨٢ ).
يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل
في نهج البلاغة ( ج ٢ ؛ ١٧٢ ) من كلام لعليّ عليهالسلام ، قال فيه : ولقد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وإنّ رأسه لعلى صدري ، ولقد سالت نفسه في كفّي ، فأمررتها على وجهي ، ولقد وليت غسله صلىاللهعليهوآله والملائكة أعواني ، فضجّت الدار والأفنية ، ملأ يهبط وملأ يعرج ، وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلّون عليه حتّى واريناه في ضريحه. وانظر هذا النص في ربيع الأبرار للزمخشريّ ( ج ٥ ؛ ١٩٧ ).
وفي كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال : سمعت البراء بن عازب ، يقول : ... فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، فمن يعينني على غسلك؟ قال : جبرئيل في جنود من الملائكة ، فكان عليّ عليهالسلام يغسّله ، والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ عليه الماء ، والملائكة يقلّبونه له كيف شاء.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ٢٤٥ ) وقد احتج أمير المؤمنين يوم الشورى ، فقال : هل فيكم من غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله غيري ، وجبرئيل يناجي ، وأجد مسّ يده معي؟!
وفي أمالي الطوسي (١١) بسنده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام خطب ذات يوم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : ... ولقد قبض النبي صلىاللهعليهوآله وإنّ رأسه لفي حجري ، ولقد وليت غسله بيدي ، تقلّبه الملائكة المقرّبون معي. ورواه الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١ ؛ ٣٧٩ ) ورواه المفيد في أماليه (٢٣٥) بسنده عن الأصبغ أيضا ، ورواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين (٢٢٤) بسنده عن أبي سنان الأسلمي.
وفي أمالي الصدوق (٥٠٥) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : لمّا مرض رسول الله ، صلىاللهعليهوآله وعنده أصحابه ، قام إليه عمّار بن ياسر ، فقال له : فداك أبي وأمّي يا رسول الله من يغسّلك منّا إذا كان ذلك منك؟ قال : ذاك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ؛ لأنّه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلاّ أعانته الملائكة على ذلك. وعنه في روضة الواعظين (٧٢).
وفي كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار بن ياسر ، قال : لمّا حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة دعا بعلي عليهالسلام ... ثمّ التفت صلىاللهعليهوآله إلى عليّ عليهالسلام ، فقال : يا عليّ ، لا يلي غسلي وتكفيني غيرك ، فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، من يناولني الماء ؛ فإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟
فقال صلىاللهعليهوآله : إنّ جبرئيل معك ، والفضل يناولك الماء ، وليغطّ عينيه ؛ فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ انفقأت عيناه. ومثله في فقه الرضا عليهالسلام (٢١) عن الصادق عليهالسلام.
وفي كتاب سليم بن قيس (٢٠٩) في مناشدة الحسين عليهالسلام في منى ، قال : أتعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أمره [ أي عليّا عليهالسلام ] بغسله ، وأخبره أنّ جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا : اللهم نعم.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ٢٣٨ ) : حلية الأولياء ، وتاريخ الطبريّ : أنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان يغسّل النبي صلىاللهعليهوآله ، والفضل يصبّ الماء عليه ، وجبرئيل يعينهما.
وفي المسترشد (٣٣٨) قول عليّ عليهالسلام : هل فيكم أحد قلّب رسول الله مع الملائكة ـ لا أشاء أقلّب منه عضوا إلاّ قلبته الملائكة معي ـ وحظي بغسله من جميع الناس ، غيري؟! قالوا : لا.
وفي حلية الأولياء ( ج ٤ ؛ ٧٧ ) بسنده عن ابن عبّاس وجابر الأنصاريّ ، في حديث طويل في وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، فيه : فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، إذا أنت قبضت ، فمن يغسلك؟ وفيما نكفّنك؟ ومن يصلّي عليك؟ ومن يدخلك القبر؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، أمّا الغسل فاغسلني أنت ، وابن عبّاس يصبّ عليك الماء ، وجبرئيل ثالثكما.
وسيأتي إعانة الملائكة لعليّ عليهالسلام في تغسيله النبي صلىاللهعليهوآله في الطّرفة الثالثة والثلاثين عند قول عليّ عليهالسلام : « ولا أقلب منه عضوا إلاّ قلب لي ».
قلت : فمن يناولني الماء؟ قال : الفضل بن العبّاس من غير نظر إلى شيء منّي
في كتاب سليم بن قيس (٧٤) قال : سمعت البراء بن عازب يقول : ... فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصى عليّا عليهالسلام أن لا يلي غسله غيره ، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره ، وأنّه ليس أحد يرى عورة رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّ ذهب بصره ... فكان عليّ عليهالسلام يغسّله والفضل بن العبّاس مربوط العينين يصبّ الماء.
وفي إعلام الورى (٨٢) : ولمّا أراد عليّ عليهالسلام غسله استدعى الفضل بن عبّاس ، فأمره أن يناوله الماء ، بعد أن عصب عينيه.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ٢٣٩ ) : وروي أنّه لمّا أراد عليّ عليهالسلام غسله صلىاللهعليهوآله استدعى الفضل بن عبّاس ليعينه ، وكان مشدود العينين ، وقد أمره عليّ عليهالسلام بذلك إشفاقا عليه من العمى.
وفي الإرشاد (١٠٠) : فلمّا أراد أمير المؤمنين عليهالسلام غسله صلىاللهعليهوآله استدعى الفضل بن العبّاس ، فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينيه.
وفي فقه الرضا عليهالسلام (٢١) : وقال جعفر عليهالسلام : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصى إلى عليّ عليهالسلام أن « لا يغسّلني غيرك » ، فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، من يناولني الماء ، وإنّك رجل ثقيل لا أستطيع أن أقلّبك؟ فقال صلىاللهعليهوآله : جبرئيل معك يعاونك ، ويناولك الفضل الماء ، وقل له : فليغطّ عينيه ، فإنّه لا يرى أحد عورتي غيرك إلاّ انفقأت عيناه ، قال : فكان الفضل يناوله الماء ، وجبرئيل يعاونه. وروى مثله الخزاز في كفاية الأثر (١٢٥) بسنده عن عمّار.
وهذا فيه دلالة على أنّ الفضل عصب عينيه بأمر من عليّ عليهالسلام لئلاّ يعمى إذا وقع بصره على عورة النبي صلىاللهعليهوآله.
وفي طبقات ابن سعد ( ج ٢ ؛ ٢٧٨ ) : بسنده عن يزيد بن بلال ، قال : قال عليّ عليهالسلام : أوصى النبي صلىاللهعليهوآله ألاّ يغسّله أحد غيري ، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه ، قال عليّ عليهالسلام : فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين. ورواه محمّد صدر العالم في كتابه معارج العلى في مناقب المرتضى (١٢١).
وفي البداية والنهاية ( ج ٥ ؛ ٢٨٢ ) عن البيهقيّ في دلائل النبوّة ( ج ٧ ؛ ٢٤٤ ) بسنده عن يزيد بن بلال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : أوصى رسول الله أن لا يغسّله أحد غيري ، فإنّه لا يرى أحد عورتي إلاّ طمست عيناه ، قال عليّ عليهالسلام : فكان العبّاس وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر.
وقال ابن كثير أيضا ( ج ٥ ؛ ٢٨٢ ) وقد أسند هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزّار في مسنده ... وساق مثله.
ويدلّ على أنّ الفضل كان معصوب العين أو وراء الستر ـ يناول عليّا الماء ـ ما تقدّم
من أنّه لا يرى عورة النبي أو مجرّده أو جسده أحد غير عليّ إلاّ عمي بصره ، هذا مع الفراغ عن أنّ الفضل كان يناوله الماء قطعا ، إمّا لوحده كما هو الصواب ، أو معه غيره كما ورد في بعض الروايات. وقد ذكرت حضور الفضل في الغسل ومناولة الماء كلّ المصادر الّتي ذكرت وفاة النبي صلىاللهعليهوآله فلا حاجة للإطالة في ذلك ، وقد مرّ بعضها آنفا.
فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح ، وأفرغ عليّ من بئر غرس أربعين دلوا مفتّحة الأفواه
لقد وردت الروايات في كتب الفريقين ، أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أوصى أن يغسل بستّ أو سبع قرب من ماء بئره بئر غرس ، وانفرد هذا الخبر بذكر وصيّته صلىاللهعليهوآله بأن يفرغ عليه أربعين دلوا أو قربة من هذا البئر بعد غسله. وفي الاستبصار ( ج ١ ؛ ١٩٦ / ٦٨٧ ) عن الصادق عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : يا عليّ ، إذا أنا متّ فاغسلني بسبع قرب من بئر غرس. وهو في التهذيب ( ج ١ ؛ ٤٣٥ / ١٣٩٨ ).
وفي الاستبصار أيضا ( ج ١ ؛ ١٩٦ / ٦٨٨ ) : ما رواه سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن فضل بن سكرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، هل للماء حدّ محدود؟ قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ عليهالسلام : إذا أنا متّ فاستق لي ستّ قرب من بئر غرس ، فاغسلني وكفّنّي.
انظر أمر النبي صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بتغسيله بست أو سبع قرب من ماء بئر غرس في مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ) وبصائر الدرجات ( ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ) والكافي ( ج ١ ؛ ٢٩٧ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢ ؛ ٢٨٠ « وغسل من بئر يقال لها الغرس » ) ومعجم البلدان ( ج ٤ ؛ ١٩٣ ) وفي الوفا لابن الجوزيّ (٨١٠) « العرس ».
وفي البداية والنهاية ( ج ٥ ؛ ٢٨٢ ) عن البيهقي في دلائل النبوّة ( ج ٧ ؛ ٢٤٤ ) ، بسنده عن الباقر عليهالسلام ، قال : غسل النبي صلىاللهعليهوآله بالسدر ثلاثا ، وغسل وعليه قميص ، وغسل من بئر كان يقال لها « الغرس » بقباء ، كانت لسعد بن خيثمة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يشرب منها ....
وفيه أيضا ( ج ٥ ؛ ٢٨٢ ) : وقال الواقدي : حدّثنا عاصم بن عبد الله الحكمي ، عن عمير ابن عبد الحكم ، قال : قال رسول الله : « نعم البئر بئر غرس ، هي من عيون الجنّة ، وماؤها أطيب المياه » وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يستعذب له منها ، وغسل من بئر غرس.
ثمّ ضع يدك يا عليّ على صدري ... ثمّ تفهم عند ذلك ما كان وما هو كائن
هذه الفقرة تبيّن طريقة من طرق علم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولذلك ذكر المجلسي الروايات المتعلّقة بهذا المطلب في أبواب علم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد روى كبار علماء الإماميّة هذا المضمون.
ففي الكافي ( ج ١ ؛ ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ) بسنده عن فضيل بن سكرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، هل للماء الّذي يغسّل به الميّت حدّ محدود؟ قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ عليهالسلام : إذا متّ فاستق ستّ قرب من ماء بئر غرس ، فغسّلني وكفّنّي وحنّطني ، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ، ثمّ سلني عمّا شئت ، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه.
وفيه أيضا ( ج ١ ؛ ٢٩٧ ) بسنده عن أبان بن تغلب ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : لمّا حضر رسول الله الموت دخل عليه عليّ عليهالسلام ، فأدخل رأسه ، ثمّ قال : يا عليّ ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني ، ثمّ أقعدني وسلني ، واكتب.
وعقد الصفّار في بصائر الدرجات ( ٣٠٢ ـ ٣٠٤ ) الباب السادس من الجزء السادس تحت عنوان « باب في وصيّة رسول الله أمير المؤمنين أن يسأله بعد الموت » ، روى فيه عشرة أحاديث في ذلك : الأوّل : عن عمر بن أبي شعبة ، والثاني : عن الحسين بن معاوية ، عن الصادق عليهالسلام ، والثالث : عن بعض أصحابنا ، عن الصادق عليهالسلام ، والرابع : عن حفص ابن البختري ، عن الصادق عليهالسلام ، والخامس : عن أبان بن تغلب ، عن الصادق عليهالسلام ، والسادس : عن حفص بن البختريّ ، عن الصادق عليهالسلام ، والسابع : عن عمر بن سليمان الجعفي ،
عن الصادق عليهالسلام ، والثامن : عن فضيل سكرة ، عن الصادق عليهالسلام ، والتاسع : عن فضيل سكرة أيضا ، عن الصادق عليهالسلام ، والعاشر : عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهالسلام. ونحن ننقل الثاني والعاشر منها :
فعن الحسين بن معاوية ، قال : قال لي جعفر بن محمّد عليهماالسلام : دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام : فقال : يا عليّ ، إذا أنا متّ فاستق ستّ قرب من ماء ، فإذا استقيت فأنق غسلي وكفّني وحنّطني ، فإذا كفّنتني وحنّطتني ، فخذني وأجلسني ، وضع يدك على صدري ، وسلني عمّا بدا لك.
وعن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهالسلام ، قال : أوصاني النبي صلىاللهعليهوآله إذا أنا متّ فغسّلني بستّ قرب من بئر غرس ، فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني ، ثمّ ضع فاك على فمي ، قال : ففعلت ، وأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ٣٧ ) : أبان بن تغلب ، والحسين بن معاوية ، وسليمان الجعفريّ ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، كلّهم عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : لمّا حضر رسول الله صلىاللهعليهوآله الممات دخل عليه عليّ عليهالسلام ، فأدخل رأسه معه ، ثمّ قال : يا عليّ ، إذا أنا متّ فغسّلني وكفّني ، ثمّ أقعدني وسائلني واكتب.
تهذيب الأحكام : فخذ بمجامع كفني ، وأجلسني ، ثمّ اسألني عمّا شئت ، فو الله لا تسألني عن شيء إلاّ أجبتك فيه ـ انظر التهذيب ( ج ١ ؛ ٤٣٥ / ١٣٩٧ ) ـ وفي رواية أبي عوانة ، بإسناده ، قال عليّ عليهالسلام : ففعلت ، فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.
وفي إثبات الوصيّة (١٠٥) : وروي أنّه كان ممّا قال له في تلك الحال : إذا أنا متّ فغسّلني وكفّنّي وحنّطني ، ثمّ أجلسني ، فاسأل عمّا بدا لك واكتب.
ونقل المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٥١٤ ) رواية بهذا الصدد عن كتاب الخرائج والجرائح.
قال صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ما أنت صانع لو تأمر القوم عليك من بعدي ، وتقدّموك وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة ، ثمّ لبّبت بثوبك ، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل مرموما مخذولا محزونا مهموما
مرّ ما يتعلّق بظلم القوم لأمير المؤمنين عليهالسلام وغصبهم الخلافة في الطّرفة الرابعة عشر ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « يا عليّ توفي ... على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك » وفي الطّرفة السادسة والعشرين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « فقد أجمع القوم على ظلمكم » ، كما مرّ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبره بأسمائهم وحلاّهم ، وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣ ؛ ٢٠٣ ) عن أبي جعفر ، عن أبيه عليهالسلام قال النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : كيف بك يا عليّ إذا ولّوها من بعدي فلانا؟ قال : هذا سيفي أحول بينهم وبينها ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : وتكون صابرا محتسبا فهو خير لك منها ، قال عليّ عليهالسلام : فإذا كان خيرا لي فأصبر وأحتسب ، ثمّ ذكر فلانا وفلانا كذلك ....
كلّ هذا قد مرّ فيما تقدّم ، كما تقدّم أنّ بيعتهم ضلالة ، وأنّهم كانوا يخطّطون لقتل عليّ في السقيفة ، وعند صلاة الفجر ، ويوم الشورى ، وسنذكر هنا جرّهم لعليّ عليهالسلام بالرّمّة ـ أي الحبل ـ وسوقهم إيّاه سوقا عنيفا ، وقودهم إيّاه عليهالسلام كما يقاد الجمل المخشوش.
ففي شرح النهج ( ج ١٥ ؛ ١٨٦ ) من كتاب لمعاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، يقول في جملته : لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه ، ورمت إفساد أمره ، وقعدت في بيتك ، واستغويت عصابة من الناس حتّى تأخّروا عن بيعته ، ثمّ كرهت خلافة عمر وحسدته ، واستطلت مدّته ، وسررت بقتله ، وأظهرت الشماتة بمصابه ، حتّى إنّك حاولت قتل ولده لأنّه قتل قاتل أبيه ، ثمّ لم تكن أشدّ منك حسدا لابن عمك عثمان ، ... وما من هؤلاء إلاّ من بغيت عليه ، وتلكّأت في بيعته ، حتّى حملت إليه قهرا ، تساق بخزائم الاقتسار كما يساق الفحل المخشوش ....
وجواب عليّ عليهالسلام لهذا الكتاب في نهج البلاغة ( ج ٣ ؛ ٣٠ ـ ٣٥ ) ، حيث افتخر عليهالسلام بما وقع عليه من الظلم ، وعدّ ذلك مفخرة لا منقصة ، فقال في جوابه : وقلت أنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع ، ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وأن تفضح
فافتضحت ، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكّا في دينه ، ولا مر تابا بيقينه. وانظر هذه الفقرة من كتابه عليهالسلام في تقريب المعارف (٢٣٧). والكتاب في الاحتجاج ، انظر الفقرة هذه في (١٧٨) منه.
وفي كتاب سليم بن قيس (٨٤) : فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وثار عليّ عليهالسلام إلى سيفه ، فسبقوه إليه وكاثروه وهم كثيرون ، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه ، فألقوا في عنقه حبلا ... ثمّ انطلق بعلي عليهالسلام يعتل عتلا ، حتّى انتهي به إلى أبي بكر ...
وانظر مضمون خبر سليم في بيت الأحزان (١٦٠).
وفيه أيضا (٢٥١) : فانتهوا بعلي عليهالسلام إلى أبي بكر ملبّبا.
وفيه أيضا (٨٩) : فنادى عليّ عليهالسلام قبل أن يبايع ، والحبل في عنقه : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١).
وفي الاحتجاج (٨٣) : فانطلق قنفذ ، فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وبادر عليّ عليهالسلام إلى سيفه ليأخذه ، فسبقوه إليه ، فتناول بعض سيوفهم ، فكثروا عليه فضبطوه ، وألقوا في عنقه حبلا أسود ... ثمّ انطلقوا بعلي عليهالسلام ملبّبا بحبل ، حتّى انتهوا به إلى أبي بكر ، وعمر قائم بالسيف على رأسه ، وخالد بن الوليد ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وسالم ، والمغيرة بن شعبة ، وأسيد بن حضير ، وبشير بن سعد ، وسائر الناس قعود حول أبي بكر عليهم السلاح ، وهو عليهالسلام يقول : أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنّكم لن تصلوا إليّ ، هذا جزاء منّي ، وبالله لا ألوم نفسي في جهد ، ولو كنت في أربعين رجلا لفرّقت جماعتكم ، فلعن الله قوما بايعوني ثمّ خذلوني.
وفي الاحتجاج (١٥٠) عن كتاب سليم بن قيس (١١٧) في احتجاج عليّ عليهالسلام على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار ـ لمّا تذاكروا فضلهم بما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله من النصّ عليه وغيره من القول الجميل ـ وفيه : فقال طلحة بن عبيد الله ـ وكان يقال له « داهية
__________________
(١) الأعراف ؛ ١٥٠
قريش » ـ : فكيف نصنع بما ادّعى أبو بكر وأصحابه الّذين صدّقوه ، وشهدوا على مقالته ، يوم أتوه بك تعتل وفي عنقك حبل ، فقالوا لك : بايع ... وروى بعض الحديث الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١ ؛ ٣١٢ ـ ٣١٨ ) بسنده عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي.
وفي اختيار معرفة الرجال ( ج ١ ؛ ٣٧ ) بسنده عن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : لمّا مرّوا بأمير المؤمنين عليهالسلام وفي رقبته حبل آل زريق ، ضرب أبو ذرّ بيده على الأخرى ثمّ قال : ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية ، وقال مقداد : لو شاء لدعا عليه ربّه عزّ وجلّ ، وقال سلمان : مولانا أعلم بما هو فيه.
وفي الخصال (٤٦٢) بسنده عن زيد بن وهب ـ في قضيّة الّذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدّمه على عليّ عليهالسلام ـ وفيه قول عليّ عليهالسلام لهم : ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلاّ السكوت ؛ لما تعلمون من وغر صدور القوم وبغضهم لله عزّ وجلّ ولأهل بيت نبيّة صلىاللهعليهوآله ، وإنّهم يطالبون بثارات الجاهليّة ، والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدّين للحرب والقتال ، كما فعلوا ذلك حتّى قهروني ، وغلبوني على نفسي ولبّبوني ، وقالوا لي : بايع وإلاّ قتلناك ، فلم أجد حيلة إلاّ أن أدفع القوم عن نفسي ، وذاك أنّي ذكرت قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ إنّ القوم نقضوا أمرك ، واستبدّوا بها دونك ، وعصوني فيك ، فعليك بالصبر حتّى ينزل الأمر ، ألا وإنّهم سيغدرون بك لا محالة ، فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالك وسفك دمك ، فإنّ الأمّة ستغدر بك بعدي ، كذلك أخبرني جبرئيل عن ربّي.
وفي التهاب نيران الأحزان (٧٠) : ثمّ إنّ الثاني جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين والمؤلّفة قلوبهم ، وأتى بهم إلى منزل عليّ ... وتواثبوا على أمير المؤمنين وهو جالس على فراشه ، فأخرجوه سحبا ملبّبا بثوبه إلى المسجد.
وفيه أيضا (٧١) : فدخلوا على أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولبّبوه بثوبه ، وجعلوا يقودونه قود البعير المخشوش.
وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣ ؛ ٢٤٤ ) : وروى إبراهيم ، عن يحيى بن الحسن ، عن عاصم ابن عامر ، عن نوح بن درّاج ، عن داود بن يزيد الأودي ، عن أبيه ، عن عديّ بن حاتم ،
قال : ما رحمت أحدا رحمتي عليّا حين أتي به ملبّبا ... ورواه الدرازيّ في التهاب نيران الأحزان (٧١).
وفي السقيفة وفدك ( ٧١ ـ ٧٢ ) : أخبرني أبو بكر الباهلي ، عن إسماعيل بن مجالد ، عن الشعبي ، قال : قال أبو بكر : يا عمر ، أين خالد بن الوليد؟ قال : هو هذا ، فقال : انطلقا إليهما ـ يعني عليّا والزبير ـ فائتياني بهما ، فانطلقا ، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف؟ قال : أعددته لأبايع عليّا ، قال : وكان في البيت ناس كثير ، منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميّين ، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره ، ثمّ أخذ بيد الزبير فأقامه ، ثمّ دفعه فأخرجه ، وقال : يا خالد دونك هذا ، فأمسكه خالد ، وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس ، أرسلهم أبو بكر ردءا لهما ، ثمّ دخل عمر ، فقال لعليّ : قم فبايع ، فتلكّأ واحتبس ، فأخذ بيده ، وقال : قم ، فأبى أن يقوم ، فحمله ودفعه كما دفع الزبير ، ثمّ أمسكهما خالد ، وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا ، واجتمع الناس ينظرون ، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال ... ورواه عن الجوهريّ ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ٦ ؛ ٤٨ ـ ٤٩ ).
وهذه النصوص كلّها صريحة بأنّهم لبّبوا عليّا عليهالسلام ، وساقوه سوقا عنيفا ، وألقوا في عنقه حبلا ، وسحبوه إلى البيعة سحبا ، وأنّه عليهالسلام صبر واحتسب لوصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك. ولقد أجاد الشاعر المرحوم السيّد باقر الهنديّ الموسويّ رحمهالله ، حيث قال في قصيدة له بعنوان « نصّ الغدير » كما في ديوانه (٢٥) :
دخلوا الدار وهي حسرى بمر أى |
|
من عليّ ذاك الأبي الغيور |
واستداروا بغيا على أسد ال |
|
لّه فأضحى يقاد قود البعير |
ينظر الناس ما بهم من معين |
|
وينادي ، وماله من نصير |
فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ، أنقاد للقوم وأصبر ـ كما أمرتني على ما أصابني ـ من غير بيعة لهم ، ما لم أصب أعوانا عليهم لم أناظر القوم
مرّ ما يتعلّق بوصيّة النبي صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام بالصبر على غصب حقّه ما لم يجد أعوانا في الطّرفة الرابعة والعشرين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « يا عليّ ، اصبر على ظلم الظالمين ما لم تجد أعوانا ».
ويبقى هنا أن نشير إجمالا إلى أنّ عليّا عليهالسلام لم يبايع القوم أبدا ، وإنّما انقاد لهم بوصيّة من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو الّذي عبّر عنه في كتب التاريخ بالمبايعة ؛ أخذا بظاهر صورة الأمر ، هذا مع الإغماض عن أنّه ما انقاد لهم إلاّ بعد استشهاد الصدّيقة الطاهرة الزهراء عليهاالسلام.
ففي الشافي في الإمامة ( ج ٣ ؛ ٢٤٢ ) : روى إبراهيم الثقفي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبيه ، عن صالح بن أبي الأسود ، عن عقبة بن سنان ، عن الزهريّ ، قال : ما بايع عليّ عليهالسلام إلاّ بعد ستّة أشهر ، وما اجترئ عليه إلاّ بعد موت فاطمة عليهاالسلام.
وفي الصراط المستقيم ( ج ٣ ؛ ١٠٦ ) : وأخرج مسلم ، أنّه قيل للزهريّ : لم يبايع عليّ عليهالسلام ستّة أشهر؟ فقال : لا والله ولا واحد من بني هاشم. وفي تاريخ ابن الأثير ( ج ٢ ؛ ٣٣١ ) قال الزهريّ : بقي عليّ عليهالسلام وبنو هاشم والزبير ستّة أشهر لم يبايعوا أبا بكر ، حتّى ماتت فاطمة عليهاالسلام فبايعوه.
وقد حقّق الشريف المرتضى في الشافي ( ج ٣ ؛ ٢٣٧ ـ ٢٧٣ ) أنّ عليّا لم يبايع القوم إلاّ ظاهرا ، وبأمر من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه عليهالسلام احتجّ على القوم ولم يسكت ، وتخلّف عن بيعتهم ، ولو افترضنا أنّه سكت ، فإنّ السكوت ينقسم إلى الرضا وعدمه ، مع أنّ الأدلّة كلّها تدلّ على أنّه عليهالسلام لم يرض خلافتهم ولم يبايعهم.
كما حقّق ذلك أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ( ٢٢٠ ـ ٢٢٧ ) وقال من جملة كلامه : وأمّا البيعة ، فإن أريد بها الرضا ، فهو من أفعال القلوب الّتي لا يعلمها غيره تعالى ، بل لا ظنّ بها فيه ؛ لفقد أماراتها وثبوت ضدّها ، وإن أريد الصفقة باليد فغير نافعة ، لا سيّما مع كونها واقعة عن امتناع شديد ، وتخلّف ظاهر ، وتواصل إنكار عليه ، وتقبيح لفعله ، وموالاة مراجعة ؛ بتهديد تارة ، وتخويف أخرى ، وتحشيم وتقبيح ، إلى غير ذلك ممّا هو
معلوم ، ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهيّة المبايع واضحة ، وأمّا إظهار التسليم ، فعند فقد كلّ ما يظنّ معه الانتصار ، ولهذا صرّح عليهالسلام عند التمكّن من القول بوجود الأنصار بأكثر ما في نفسه من ظلم القوم له ، وتقدّمهم عليه بغير حقّ ... وذلك مانع من وقوع تسليمه عن رضى.
وكذلك حقّق الموضوع العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٣ ؛ ١١٣ ـ ١١٦ ) وقال من جملة كلامه : ولئن سلّم سكوته عليهالسلام فهو أعمّ من رضاه ، وقد عرف في الأصول بطلان الإجماع السكوتي ؛ إذ لا ينسب إلى ساكت قول ، بل دلالة السكوت على السخط أولى من دلالته على الرضا ، فإن قالوا : يكفي في الرضا ترك النكير ، قلنا : لا ، فإنّ السخط أسبق ؛ للإجماع على تأخّره عليهالسلام عن البيعة كراهة لها ، قالوا : وفي وصيّة النبي صلىاللهعليهوآله له عليهالسلام « أن لا توقع فتنة » ، دليل صحّة خلافتهم ، قلنا : قد أمر الله نبيّه بالصبر على أذى الكفّار ، حتّى نزلت آية السيف ، وقد أخرج صاحب جامع الأصول ، عن أبي ذرّ ، قول النبي صلىاللهعليهوآله : كيف أنتم وأئمّة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟! قلت : أضرب بسيفي حتّى ألقاك ، قال : هل أدلّك على خير من ذلك؟ تصبر حتّى تلقاني.
وفي كشف الاشتباه (٨٨) قال : ونحن ننكر حجيّة الإجماع [ على أبي بكر ] وتحقّقه ، أمّا عدم حجيّته ؛ فلأنّ الإجماع إنّما يعتبر عندنا إذا كشف عن رضى المعصوم ، وبيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الإمام أمير المؤمنين ، وأمّا عدم تحقّقه ؛ فلتخلّف الإمام أمير المؤمنين وجماعة من الصحابة عن بيعة أبي بكر ؛ إذ قد اجتمعت الأمّة على أنّه تخلّف عن بيعة أبي بكر ، فالمقلّ يقول بتأخّره ثلاثة أيّام ، ومنهم من يقول : تأخّر حتّى ماتت فاطمة عليهاالسلام ، ثم بايع بعد موتها ، ومنهم من يقول : تأخّر أربعين يوما ، ومنهم من يقول : تأخّر ستّة أشهر ، والمحقّقون من أهل الإماميّة يقولون : لم يبايع ساعة قطّ. وانظر هذا الكلام في الفصول المختارة من العيون والمحاسن (٥٦) وهو اختيار الشريف المرتضى من كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.
وفي كتاب سليم (٨٩) : ثمّ قال [ عمر ] : قم يا بن أبي طالب فبايع ، فقال : فإن لم أفعل؟ قال : إذا والله نضرب عنقك ، فاحتجّ عليهم ثلاث مرّات ، ثمّ مدّ يده من غير أن يفتح كفّه ،
فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه ... وقيل للزبير : بايع ، فأبى ... قال سلمان : ثمّ أخذوني فوجئوا عنقي حتّى تركوها كالسّلعة ، ثمّ أخذوا يدي فبايعت مكرها ، ثمّ بايع أبو ذرّ والمقداد مكرهين ، وما بايع أحد من الأمّة مكرها غير عليّ عليهالسلام وأربعتنا.
وفيه أيضا (١٢٨) قول عليّ عليهالسلام : ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ، ولا أقوى به ، أمّا حمزة فقتل يوم أحد ، وأمّا جعفر فقتل يوم مؤتة ... فأكرهوني وقهروني ، فقلت كما قال هارون لأخيه : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١) ، فلي بهارون أسوة حسنة ، ولي بعهد رسول الله صلىاللهعليهوآله إليّ حجّة قويّة.
وفي الشافي في الإمامة ( ج ٣ ؛ ٢٤٤ ) : روى إبراهيم ، عن يحيى بن الحسن ، عن عاصم بن عامر ، عن نوح بن درّاج ، عن داود بن يزيد الأوديّ ، عن أبيه ، عن عديّ بن حاتم ، قال : ما رحمت أحدا رحمتي عليّا ، حين أتي به ملبّبا ، فقيل له : بايع ، قال : فإن لم أفعل؟ قالوا : إذا نقتلك ، قال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ، ثمّ بايع كذا ، وضمّ يده اليمنى.
وفي التهاب نيران الأحزان ( ٧١ ـ ٧٢ ) : وروى عديّ بن حاتم ، قال : والله ما رحمت أحدا من خلق الله مثل رحمتي لعليّ بن أبي طالب ، حين أتوا به ملبّبا بثوبه حتّى أو قفوه بين يدي الأوّل ، فقالوا له : بايع ، قال : وإن لم أفعل؟ قالوا : نضرب الّذي فيه عيناك ، فرفع طرفه إلى السماء ، وقال : اللهمّ إنّي أشهدك أنّهم يقتلونني وأنا عبدك وأخو رسولك ، فقالوا له : مدّ يدك وبايع ، فجرّوا يده فقبض عليها ، وراموا فتحها فلم يقدروا ، فمسح عليها الأوّل وهي مضمومة ، وهو عليهالسلام ينظر إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقول : يا بن العم ( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢). ورواه بهذا النصّ الشيخ عبّاس القمّي في بيت الأحزان ( ١٦٥ ـ ١٦٦ ).
وقال العلاّمة المجلسي رحمهالله في بحار الأنوار ( ج ٨ ؛ ٢٣٠ ـ ٢٣٣ ) : أجاز لي بعض الأفاضل في مكّة ـ زاد الله شرفها ـ رواية هذا الخبر ، وأخبرني أنّه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب
__________________
(١) الأعراف ؛ ١٥٠
(٢) الأعراف ؛ ١٥٠
دلائل الإمامة ، وهذه صورته : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ ، قال : حدّثنا أبي رضياللهعنه ، قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ الكوفي ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي ، عن جعفر بن عليّ الحوّار ، عن الحسن بن مسكان ، عن المفضّل بن عمر الجعفي ، عن جابر الجعفي ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : ... [ حديث طويل جدا في الكتاب الخطير الّذي كان عمر قد أودعه عند معاوية ، وفيه قول عمر ] :
فاستخرجته من داره مكرها مغصوبا ، وسقته إلى البيعة سوقا ... ولمّا دخل السقيفة صبا أبو بكر إليه ، فقلت له : قد بايعت يا أبا الحسن ، فانصرف ، فأشهد ما بايعه ولا مدّ يده إليه ... ورجع عليّ عليهالسلام من السقيفة وسألنا عنه ، فقالوا : مضى إلى قبر محمّد صلىاللهعليهوآله فجلس إليه ، فقمت أنا وأبو بكر إليه ، وجئنا نسعى ، وأبو بكر يقول : ويلك يا عمر!! ما الّذي صنعت بفاطمة ، هذا والله الخسران المبين ، فقلت : إنّ أعظم ما عليك أنّه ما بايعنا ، ولا أثق أن يتثاقل المسلمون عنه ، فقال : فما تصنع؟ فقلت : تظهر أنّه قد بايعك عند قبر محمّد صلىاللهعليهوآله ، فأتيناه وقد جعل القبر قبلة ، مسندا كفّه على تربته ، وحوله سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان ، فجلسنا بإزائه ، وأو عزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع عليّ يده ، ويقرّبها من يده ، ففعل ذلك ، وأخذت بيد أبي بكر لأمسحها على يده ، وأقول : « قد بايع » ، فقبض عليّ يده ، فقمت أنا وأبو بكر موليّا ، وأنا أقول : جزى الله عليّا خيرا فإنّه لم يمنعك البيعة لمّا حضرت قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فوثب من دون الجماعة أبو ذرّ جندب بن جنادة الغفاريّ ، وهو يصيح ويقول : والله ـ يا عدوّ الله ـ ما بايع عليّ عتيقا ، ولم يزل كلّما لقينا قوما وأقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته وأبو ذرّ يكذّبنا ، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر ، ولا في خلافتي ، ولا يبايع لمن بعدي ، ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلا ، لا لأبي بكر ولا لي.
فالتحقيق العلمي والنصوص الّتي نقلناها ، والنصوص الأخرى الحاكية للبيعة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كلّها تدلّ دلالة قطعيّة على أنّ عليّا عليهالسلام لم يبايع القوم بيعة حقيقيّة ولا ساعة قطّ ، وإنّما أجبروه ولبّبوه وسحبوه ، ثمّ تركوه ، وبعد وفاة الزهراء عليهاالسلام مسحوا على يده
وأخذوا ظاهر البيعة منه بالإكراه ، ورضوا بذلك منه ، وقد بيّنّا أنّ انقياده وصبره عليهالسلام كان بوصيّة وعهد من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
يا عليّ ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقال عليهالسلام : يا رسول الله ، أجمعه ثمّ آتيهم به ، فإن قبلوه وإلاّ أشهدت الله وأشهدتك عليهم
مرّ الكلام عن جمعه عليهالسلام للقرآن في الطّرفة السادسة عشر ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه ، والفرائض والأحكام على تنزيله ».
الطّرفة التاسعة والعشرون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرف ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٥٤٦ ) وصرّح بأنّها في كتاب مصباح الأنوار ؛ منقولة بإسناده إلى كتاب الوصيّة لعيسى الضرير. ونقلها عن كتاب الطّرف العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢ ؛ ٩٤ ـ ٩٥ ) باختصار.
يا عليّ غسّلني ولا يغسّلني غيرك
تقدّم الكلام عنها في الطّرفة الثامنة والعشرين بنفس العنوان.
يا محمّد ، قل لعليّ : إنّ ربّك يأمرك أن تغسّل ابن عمّك ؛ فإنّها السنّة لا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء ، وإنّما يغسّل كلّ نبي وصيّه من بعده
دلّت على هذا المطلب كلّ الأحاديث الّتي خصّصت عليّا عليهالسلام بتغسيل رسول الله صلىاللهعليهوآله دون غيره ، كما دلّت على ذلك جملة من الأحاديث الّتي ذكرت ذلك بعد ذكر النبي صلىاللهعليهوآله لإمامة عليّ عليهالسلام.
ففي كفاية الأثر ( ٢٠ ـ ٢١ ) بسنده عن عطاء ، عن ابن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، وهو الإمام والخليفة من بعدي ، فمن تمسّك به فاز ونجا ، ومن تخلّف عنه ضلّ وغوى ، يلي تكفيني وتغسيلي ....
مضافا إلى الأحاديث المصرحة بأن لا يغسّل النبي إلاّ وصيّه من بعده ، ولا يغسّل الإمام
إلاّ الإمام الّذي بعده.
ففي إكمال الدين ( ٢٦ ـ ٢٧ ) : وكذلك أخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله بتشاكل أفعال الأوصياء في من تقدّم وتأخّر ، من قصّة يوشع بن نون وصي موسى عليهالسلام ، مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى ، وقصّة أمير المؤمنين عليهالسلام وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله مع عائشة بنت أبي بكر ، وإيجاب غسل الأنبياء أوصياءهم بعد وفاتهم.
حدّثنا عليّ بن أحمد الدقّاق ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم ، قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الجنيد الرازيّ ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ ، عن عبد الرزّاق ، عن أبيه ، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قلت للنبي صلىاللهعليهوآله : يا رسول الله ، من يغسّلك إذا متّ؟ قال صلىاللهعليهوآله : يغسّل كلّ نبي وصيّه ، قلت : فمن وصيّك يا رسول الله؟ قال صلىاللهعليهوآله : عليّ بن أبي طالب ... وروى هذا الحديث بسنده عن ابن مسعود ، ابن جرير الطبريّ الإمامي في بشارة المصطفى (٢٧٧).
وعقد الكليني في الكافي ( ج ١ ؛ ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ) بابا بعنوان « إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ إمام من الأئمّة » ، وروى فيه ثلاثة أحاديث ، الثاني منها بسنده عن أبي معمر ، قال : سألت الرضا عليهالسلام عن الإمام يغسّله الإمام؟ قال عليهالسلام : سنّة موسى بن عمران عليهالسلام.
وكتب في الهامش نقلا عن مرآة العقول للمجلسي : أي غسّله وصيّه في التيه ، وحضر حين موته.
وهاهنا طريفة نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٣ ؛ ٣٨ ) ، تعليقا على ما كانت تقوله عائشة : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّله إلاّ نساؤه » ، قال ابن أبي الحديد : حضرت عند محمّد بن معدّ العلويّ في داره ببغداد ، وعنده حسن بن معالي الحلّي المعروف بابن الباقلاويّ ، وهما يقرآن هذا الخبر وهذه الأحاديث من تاريخ الطبريّ ، فقال محمّد بن معدّ لحسن بن معالي : ما تراها قصدت بهذا القول؟ قال : حسدت أباك على ما كان يفتخر به من غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فضحك محمّد ، فقال : هبها استطاعت أن تزاحمه في الغسل ، هل تستطيع أن تزاحمه في غيره من خصائصه؟! وانظر قول عائشة في تاريخ الطبريّ ( ج ٣ ؛ ٢٠٤ ).