السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات تاسوعاء
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-90423-5-0
الصفحات: ٦٤٠
وفي شرح النهج ( ج ٣ ؛ ١٩٠ ) من كتاب لمعاوية يردّ فيه على كتاب كتبه محمّد بن أبي بكر إليه ، يقول فيه معاوية : فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزه [ أي عليّا عليهالسلام ] وخالفه ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ دعواه إلى أنفسهما ، فأبطأ عنهما ، وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأراد به العظيم ... أبوك مهّد له مهاده ، وبنى ملكه وشاده ، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوّله ، وإن يكن جورا فأبوك أسّه ونحن شركاؤه ، فبهداه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، رأينا أباك فعل ما فعل ، فاحتذينا مثاله ، واقتدينا بفعاله ، فعب أباك بما بدا لك ، أودع ، والسلام على من أناب ، ورجع عن غوايته وتاب.
وروى الطبريّ كتاب معاوية هذا في المسترشد (٥٠٩) وفيه : يا محمّد أبوك مهّد مهاده ، وثنى لملكه وساده ، ووافقه على ذلك فاروقه ، فإن يكن ما نحن فيه حقّا فأبوك أوّله ، وإن يكن باطلا فأبوك أساسه ، فعب أباك بما بدا لك ، أودع ، والسلام.
وهذا المعنى من المسلّمات ، ويدل عليه النظر والاعتبار التاريخي ، وقد أجاد الشاعر محمّد بن عبد الرحمن المعروف ب « ابن قريعة » المتوفى سنة ٣٦٧ ، حيث قال ـ كما في الوافي بالوفيّات ( ج ٣ ؛ ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ) ـ :
لو لا اعتذار رعيّة |
|
ألغى سياستها الخليفة |
وسيوف أعداء بها |
|
هاماتنا أبدا نقيفه |
لكشفت من أسرار آ |
|
ل محمّد جملا طريفه |
تغنى بها عمّا روا |
|
ه مالك وأبو حنيفة |
ونشرت طي صحيفة |
|
فيها أحاديث « الصحيفة » |
وأريتكم أنّ الحسي |
|
ن أصيب في يوم السقيفة |
ولأيّ حال ألحدت |
|
بالليل فاطمة الشريفة |
ولما ختت شيخيكم |
|
عن وطء حجرتها المنيفة |
آه لبنت محمّد |
|
ماتت بغصتها أسيفه |
وروى الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١ ؛ ٥٠٥ ) قصيدة ابن قريعة هذه قائلا : أنشدني
بعض الأصحاب للقاضي أبي بكر ابن قريعة رحمهالله :
يا من يسائل دائبا |
|
عن كلّ معضلة سخيفه |
لا تكشفنّ مغطّأ |
|
فلربّما كشّفت جيفه |
ولربّ مستور بدا |
|
كالطبل من تحت القطيفة |
إنّ الجواب لحاضر |
|
لكنّني أخفيه خيفه |
لو لا اعتداء رعيّة |
|
ألغى سياستها الخليفة |
وسيوف أعداء بها |
|
هاماتنا أبدا نقيفه |
لنشرت من أسرار آ |
|
ل محمّد جملا طريفه |
تغنيكم عمّا روا |
|
ه مالك وأبو حنيفة |
وأريتكم أنّ الحسي |
|
ن أصيب في يوم السقيفة |
ولأيّ حال ألحدت |
|
باللّيل فاطمة الشريفة |
ولما حمت شيخيكم |
|
عن وطء حجرتها المنيفة |
آه لبنت محمّد |
|
ماتت بغصّتها أسيفه |
الطّرفة الرابعة والعشرون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرف ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢ ؛ ٤٨٨ ـ ٤٨٩ ) ونقلها مختصرة العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢ ؛ ٨٩ ) حيث ذكرها في سياق واحد مع الطّرفة الحادية والعشرين ، عادّا لهما طرفة واحدة.
يا عليّ اصبر على ظلم الظالمين ما لم تجد أعوانا
مرّ ما يتعلّق بصبر عليّ عليهالسلام في الطّرفة الرابعة عشر ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « يا عليّ توفي فيها ... على الصبر منك والكظم لغيظك على ذهاب حقّك » ، وسنذكر هنا ما يتعلّق بصبر عليّ عليهالسلام لأنّه لم يجد أعوانا ، وأنّه لو وجد أعوانا لجاهدهم ، وأنّ ذلك كان بوصية من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ففي كتاب سليم بن قيس (٧٢) قال سليم : سمعت سلمان الفارسي ، قال : كنت جالسا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الذي قبض فيه ... ثمّ نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى فاطمة وإلى بعلها وإلى ابنيهما ، فقال : يا سلمان ، أشهد الله أنّي حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، أما إنّهم معي في الجنّة ، ثمّ أقبل النبي صلىاللهعليهوآله على عليّ عليهالسلام ، فقال : يا عليّ ، إنّك ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم ، وقاتل من خالفك بمن وافقك ، فإن لم تجد أعوانا فاصبر واكفف يدك ، ولا تلق بيدك إلى التهلكة ، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة ، إنّه قال لأخيه موسى ( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي
وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١).
وفيه أيضا ( ١٢٦ ـ ١٣٠ ) : فقال الأشعث بن قيس : فما يمنعك يا بن أبي طالب ـ حين بويع أبو بكر أخو بني تيم ، وأخو بني عدي بن كعب ، وأخو بني أميّة بعدهم ـ أن تقاتل وتضرب بسيفك؟ وأنت لا تخطبنا خطبة ـ منذ كنت قدمت العراق ـ إلاّ قلت فيها قبل أن تنزل عن المنبر : والله إنّي لأولى الناس بالناس ، ما زلت مظلوما منذ قبض محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟
قال عليهالسلام : يا بن قيس ، اسمع الجواب ، لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهيّة للقاء ربّي ، وأن لا أكون أعلم أنّ ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها ، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله وعهده إليّ ، أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله بما الأمّة صانعة بعده ، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم ولا أشدّ استيقانا منّي قبل ذلك ، بل أنا بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله أشدّ يقينا منّي بما عاينت وشهدت ، فقلت : يا رسول الله ، فما تعهد إليّ إذا كان ذلك؟ قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك ، حتّى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنّتي أعوانا ... أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لو وجدت يوم بويع أبو بكر ـ الّذي عيرتني بدخولي في بيعته ـ أربعين رجلا كلّهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت ، لما كففت يدي ، ولنا هضت القوم ، ولكن لم أجد خامسا.
قال الأشعث : ومن الأربعة يا أمير المؤمنين؟
قال : سلمان وأبو ذرّ والمقداد والزبير بن صفيّة قبل نكثه بيعتي ، فإنّه بايعني مرتين ، أمّا بيعته الأولى الّتي وفى بها ؛ فإنّه لمّا بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من المهاجرين والأنصار ، فبايعوني ـ وفيهم الزبير ـ فأمرتهم أن يصبحوا عند بأبي محلّقين رءوسهم عليهم السلاح ، فما وفى منهم أحد ، ولا صبّحني منهم غير أربعة : سلمان وأبو ذرّ والمقداد والزبير ، وأمّا بيعته الأخرى ؛ فإنّه أتاني هو وصاحبه طلحة بعد قتل عثمان ، فبايعاني طائعين غير مكرهين ،
__________________
(١) الأعراف ؛ ١٥٠
ثمّ رجعا عن دينها مرتدّين ناكثين مكابرين معاندين حاسدين ، فقتلهما الله إلى النار ، وأمّا الثلاثة ـ سلمان وأبو ذرّ والمقداد ـ فثبتوا على دين محمّد صلىاللهعليهوآله وملّة إبراهيم ، حتّى لقوا الله.
يا بن قيس ، فو الله لو أنّ أولئك الأربعين الذين بايعوني وفوا لي ـ وأصبحوا على بابي محلقين ، قبل أن تجب لعتيق في عنقي بيعة ـ لنا هضته وحاكمته إلى الله ، ولو وجدت قبل بيعة عمر أعوانا ، لنا هضتهم وحاكمتهم إلى الله.
وفيه أيضا ( ٨٦ ـ ٨٧ ) فقال عليهالسلام : أنت يا زبير ، وأنت يا سلمان ، وأنت يا أبا ذرّ ، وأنت يا مقداد ، أسألكم بالله وبالإسلام ، أما سمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ذلك وأنتم تسمعون : إنّ فلانا وفلانا ـ حتّى عدهم هؤلاء الخمسة ـ قد كتبوا بينهم كتابا ، وتعاهدوا فيه وتعاقدوا على ما صنعوا؟ فقالوا : اللهمّ نعم ، قد سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ذلك ؛ إنّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا ، وكتبوا بينهم كتابا « إن قتلت أو متّ أن يزووا عنك هذا يا عليّ » ، قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل؟ فقال لك : إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم ونابذهم ، وإن أنت لم تجد أعوانا فبايع واحقن دمك ، فقال عليّ عليهالسلام : أما والله ، لو أنّ أولئك الأربعين رجلا ـ الذين بايعوني ـ وفوا لي لجاهدتكم في الله ، ولكن أما والله لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة.
وانظر في ذلك الاحتجاج ( ٧٥ ، ٨٤ ) وعلل الشرائع ( ١٤٨ / الباب ١٢٢ ـ الحديثان ٥ ، ٦ ) والغيبة للطوسي (٢٠٣) والمسترشد ( ٣٧٠ ـ ٣٧١ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣ ؛ ١٩٤ ) والكافي ( ج ٨ ؛ ٣٢ ـ ٣٣ ) وإرشاد القلوب ( ٣٩٤ ـ ٣٩٨ ) واختيار معرفة الرجال ( ج ١ ؛ ٣٨ ـ ٣٩ ) وتقريب المعارف (٢٤٥) وفيه قول الباقر عليهالسلام : « والله لو وجد عليهما أعوانا لجاهدهما » ، يعني أبا بكر وعمر.
وقد صرّح الإمام عليّ عليهالسلام بأنّه سكت لقلّة ناصره ، وعدم وجود المساعد والمعاضد.
ففي نهج البلاغة ( ج ١ ؛ ٣٠ ـ ٣١ ) في الخطبة الشقشقية : أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي ؛ بين أن أصول بيد
جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء.
وفي كتاب كشف المحجّة ( ٢٣٥ ـ ٢٦٩ ) قال محمّد بن يعقوب في كتاب الرسائل : عن عليّ بن إبراهيم ، بإسناده ، قال : كتب أمير المؤمنين عليهالسلام كتابا بعد منصرفه من النهروان ، وأمر أن يقرأ على الناس ... [ وفيه قوله عليهالسلام : ] فأتاني رهط يعرضون عليّ النصر ، منهم ابنا سعيد ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذرّ الغفاريّ ، وعمّار بن ياسر ، وسلمان الفارسيّ ، والزبير ابن العوام ، والبراء بن عازب ، فقلت لهم : إنّ عندي من النبي صلىاللهعليهوآله عهدا ، وله إليّ وصيّة ، لست أخالفه عمّا أمرني به ، فو الله لو خزموني بأنفي لأقررت لله تعالى سمعا وطاعة ... وقد كان رسول الله عهد إليّ عهدا ، فقال : « يا بن أبي طالب لك ولاء أمّتي ، فإن ولّوك في عافيه وأجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم ، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه ، فإنّ الله سيجعل لك مخرجا » ، فنظرت فإذا ليس لي رافد ، ولا معي مساعد إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن الهلاك ، ولو كان لي بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله عمّي حمزة وأخي جعفر لم أبايع كرها ... فضننت بأهل بيتي عن الهلاك ، فأغضيت عيني على القذى ، وتجرّعت ريقي على الشجا ، وصبرت على أمرّ من العلقم ، وآلم للقلب من حزّ الشّفار ... انظر الكتاب في الإمامة والسياسية ( ج ١ ؛ ١٧٤ ـ ١٧٩ ) والغارات ( ١٩٩ ـ ٢١٢ ) والمسترشد ( ٧٧ ، ٩٨ ، ٤٢٦ ).
وفي نهج البلاغة ( ج ١ ؛ ٦٧ ) من خطبة له عليهالسلام : فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمرّ من طعم العلقم. وانظر مثله في نهج البلاغة أيضا ( ج ٢ ؛ ٢٠٢ ).
وفي الإرشاد (١٢٩) : ما رواه عبد الرحمن بن جندب بن عبد الله ، قال : دخلت على عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بالمدينة ، بعد بيعة الناس لعثمان ، فوجدته مطرقا كئيبا ، فقلت له : ما أصاب قومك؟ فقال : صبر جميل ، فقلت له : سبحان الله! والله إنّك لصبور!! قال : فأصنع ما ذا؟ قلت : تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك ، وتخبرهم أنّك أولى بالنبي وبالفضل والسابقة ، وتسألهم النصر على هؤلاء المتمالئين عليك ، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة ... فقال : أتراه يا جندب يبايعني عشرة من مائة؟ قلت : أرجو ذلك ،
قال عليهالسلام : لكنّي لا أرجو ولا من كل مائة اثنين ...
فالكفر مقبل والردّة والنفاق ، بيعة الأوّل ، ثمّ الثاني وهو شرّ منه وأظلم ، ثمّ الثالث
مرّ الكلام عن هذا المعنى في الطّرفة السادسة ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « بيعة الأوّل ضلالة ، ثمّ الثاني ، ثمّ الثالث ». وقد وصف الثلاثة في روايات أهل البيت عليهمالسلام ـ التي ذكرنا بعضها ودللنا على البعض الآخر ـ بالكفر والردّة والنفاق ، وتظافرت الروايات عنهم عليهمالسلام ، بأنّ الناس كانوا بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله أهل ردّة إلاّ ثلاثة ، سلمان والمقداد وأبو ذرّ ، ثمّ لحق بهم جماعة آخرون.
ففي اختيار معرفة الرجال ( ج ١ ؛ ٣٨ ) بسنده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة : أبو ذرّ وسلمان والمقداد؟ قال : فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فأين أبو ساسان وأبو عمرة الأنصاريّ؟
وفيه ( ج ١ ؛ ٢٦ ـ ٣٢ ) بسنده عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : كان الناس أهل ردّة بعد النبي إلاّ ثلاثة ، فقلت : ومن الثلاثة؟ فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذرّ الغفاريّ وسلمان الفارسي ، ثمّ عرف الناس بعد يسير ، قال : هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى ، وأبوا أن يبايعوا لأبي بكر حتّى جاءوا بأمير المؤمنين عليهالسلام مكرها فبايع ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (١).
وفي الكافي ( ج ١ ؛ ٤٢٠ ) بسنده عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ في قول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً ) (٢) ( لَنْ تُقْبَلَ
__________________
(١) آل عمران ؛ ١٤٤
(٢) النساء ؛ ١٣٦
تَوْبَتُهُمْ ) (١) ـ قال : نزلت في فلان وفلان ، آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآله في أوّل الأمر ، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية ـ حين قال النبي صلىاللهعليهوآله : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه » ـ ثمّ آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ كفروا حيث مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ فلم يقرّوا بالبيعة ، ثمّ ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء.
وفي الكافي أيضا ( ج ١ ؛ ٤٢٠ ـ ٤٢١ ) بسنده عن الصادق عليهالسلام ـ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) (٢) ـ : فلان وفلان وفلان ، ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
وفي كتاب سليم بن قيس ( ١٤٩ ـ ١٥٠ ) : وقال [ أي عمر ] لأصحابه الأربعة ـ أصحاب الكتاب ـ : الرأي والله أن ندفع محمّدا إليهم برمّته ، ونسلم من ذلك ، حين جاء العدوّ من فوقنا ومن تحتنا ، كما قال الله تعالى : ( وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً ) (٣) وظنّوا ( بِاللهِ الظُّنُونَا ) (٤) وقال ( الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ) (٥) ، فقال صاحبه : لا ولكن نتخذ صنما عظيما نعبده ؛ لأنّا لا نأمن أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا ، ولكن يكون هذا الصنم ؛ لنا ذخرا ، فإن ظفرت قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم وأعلمناهم أنّا لن نفارق ديننا ، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرّا. وروى هذا الخبر الشيخ حسن بن سليمان الحلي في كتاب المحتضر ( ٥٨ ـ ٥٩ ) عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
وهذه الروايات على التسلسل تصرّح بكفرهم وردّتهم ونفاقهم ، ومن شاء المزيد من ذلك فليراجع باب « كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم » في المجلد الثامن من بحار الأنوار.
__________________
(١) آل عمران : ٩٠.
(٢) محمّد ؛ ٢٥
(٣) الأحزاب ؛ ١١
(٤) الأحزاب ؛ ١٠
(٥) الأحزاب ؛ ١٢
وأمّا أنّ الثاني أشرّ من الأوّل وأظلم ، فمما عليه المحقّقون ، وقد أكّدت الروايات بأنّه هو الذي أضلّ الأوّل عن الذكر ، كما أنّ الوقائع والأحداث تدلّ على أنّه كان رأس الحربة في ظلم وإيذاء آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، وقد مرّ توثيق كثير من أعماله في الحرق والضرب وإسقاط الجنين وغيرها من أعماله.
وفي معاني الأخبار (٤١٢) بسنده عن أبي بصير ، قال : سألته عليهالسلام عمّا روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إنّ ولد الزنا شرّ الثلاثة »؟ قال عليهالسلام : عنى به الأوسط ، إنّه شرّ ممّن تقدّمه وممّن تلاه.
وفي بصائر الدرجات ( ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ) بسنده عن أبي الصخر ، قال : أخبرني أبي ، عن جدّي ، أنّه كان مع أبي جعفر محمّد بن عليّ بمنى وهو يرمي الجمرات ، وأنّ أبا جعفر رمى الجمرات ، قال : فاستتمّها ، ثمّ بقي في يده بعد خمس حصيّات ، فرمى اثنتين في ناحية وثلاث في ناحية ، فقال له جدّي ، جعلت فداك ، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعه أحد قطّ ؛ رأيتك رميت الجمرات ، ثمّ رميت بخمسة بعد ذلك ؛ ثلاثة في ناحية واثنتين في ناحية؟
قال عليهالسلام : نعم ، إنّه إذا كان كلّ موسم أخرجا ـ الفاسقين الغاصبين ـ ثمّ يفرّق بينهما هاهنا ، لا يراهما إلاّ إمام عدل ، فرميت الأوّل اثنتين والآخر ثلاثة ، لأنّ الآخر أخبث من الأوّل.
ثمّ تجتمع لك شيعة تقاتل بهم الناكثين والقاسطين والمارقين.
لقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وذلك على تأويل القرآن كما قاتل صلىاللهعليهوآله على تنزيله ، وقد مرّ تخريج قول النبي صلىاللهعليهوآله في عليّ أنّه يقاتل على التأويل كما قاتل صلىاللهعليهوآله على التنزيل في الطّرفة السادسة ، وسنذكر هنا أمره صلىاللهعليهوآله صريحا بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومعلوم بالضرورة ـ مضافا إلى ما تقدّم قبل قليل ـ اشتراط المقاتلة بوجود الناصر المعين ، ووجود شيعة مخلصين يقاتلون مع عليّ عليهالسلام.
ففي نهج البلاغة ( ج ١ ؛ ٣٥ ـ ٣٧ ) : فما راعني إلاّ والناس كعرف الضّبع إليّ ، ينثالون عليّ من كلّ جانب ، حتّى لقد وطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم ، فلمّا
نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت أخرى ، وقسط آخرون ، كأنّهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١) ، بلى والله ، لقد سمعوها ووعوها ، ولكنّهم حليت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها ، أما والّذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظّة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
قال أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف (٢٤١) معلّقا على هذه الفقرة : فوصفهم بإيثار الدنيا على الآخرة ، على وجه يوجب على المتمكّن من ذلك منعهم بالقهر ، وسوّى بينهم وبين المتقدّمين عليه بجعلهم آخرا لأوّلهم ، وصرّح باستحقاق الجميع الموافقة على الظلم وإيثار العاجلة ، وأنّه عليهالسلام إنّما أمسك عن أولئك وقاتل هؤلاء ؛ لعدم التمكّن هناك ؛ لفقد الناصر ، وحصوله هاهنا لكثرته ، وهذا تصريح منه عليهالسلام بظلم القوم له.
وفي كتاب سليم بن قيس (٩٤) قول النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : وستبقى بعدي ثلاثين سنة ، تعبد الله ، وتصبر على ظلم قريش ، ثمّ تجاهد في سبيل الله إذا وجدت أعوانا ، تقاتل على تأويل القرآن ـ كما قاتلت على تنزيله ـ الناكثين والقاسطين والمارقين من هذه الأمّة.
وفي أمالي الصدوق (٣١٢) بسنده عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام ، قال : بلغ أمّ سلمة زوجة النبي صلىاللهعليهوآله أنّ مولى لها ينتقص عليّا ويتناوله ، فأرسلت إليه ، فلمّا أن صار إليها قالت له : يا بني بلغني أنّك تنتقص عليّا وتتناوله؟ قال لها : نعم يا أمّاه ، قالت : اقعد ثكلتك أمّك حتّى أحدّثك بحديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ اختر لنفسك : إنّا كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله تسع نسوة ، وكانت ليلتي ، ويومي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدخل النبي صلىاللهعليهوآله وهو متهلّل ، أصابعه في أصابع عليّ عليهالسلام ، واضعا يده عليه ، فقال صلىاللهعليهوآله : ...
__________________
(١) القصص ؛ ٨٣
يا أمّ سلمة اسمعي واشهدي ، هذا عليّ بن أبي طالب سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، قلت : يا رسول الله من الناكثون؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة ، قلت : من القاسطون؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام ، قلت : من المارقون؟ قال : أصحاب النهروان ، فقال مولى أمّ سلمة : فرّجت عنّي فرّج الله عنك ، والله لا سببت عليّا أبدا. وهو في التحصين ( ٦٠٦ ـ ٦٠٧ ) وأمالي الطوسي ( ٤٢٤ ـ ٤٢٦ ) وبشارة المصطفى ( ٥٨ ـ ٥٩ ) وكشف الغمّة ( ج ١ ؛ ٤٠٠ ـ ٤٠١ ).
وفي المستدرك على الصحيحين ( ج ٣ ؛ ١٣٩ ) روى بسنده عن الأصبغ بن نباتة ، عن أبي أيّوب الأنصاريّ ، قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات والنهروانات وبالسعفات ، قال أبو أيوب : قلت : يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال : مع عليّ بن أبي طالب.
وفي أسد الغابة ( ج ٤ ؛ ٣٣ ) بسنده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من؟ فقال صلىاللهعليهوآله : مع عليّ بن أبي طالب ، معه يقتل عمّار بن ياسر.
وفي كنز العمال ( ج ٨ ؛ ٢١٥ ) بسنده عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، قال : كان عليّ عليهالسلام يخطب ، فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ... أخبرنا عن الفتنة ، هل سألت عنها رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال عليهالسلام : نعم ، إنّه لمّا نزلت هذه الآية من قول الله عزّ وجلّ : ( الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (١) علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلىاللهعليهوآله حي بين أظهرنا ، فقلت : ما هذه الفتنة الّتي أخبرك الله بها؟ فقال : يا عليّ ، إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي ....
فقلت : بأبي أنت وأمّي ، بيّن لي ما هذه الفتنة الّتي يبتلون بها؟ وعلى ما أجاهدهم بعدك؟ فقال : إنّك ستقاتل بعدي الناكثة والقاسطة والمارقة ، وحلاّهم وسمّاهم رجلا رجلا.
__________________
(١) العنكبوت ؛ ٢
وانظر شرح الأخبار ( ج ١ ؛ ١٤١ ) والخرائج والجرائح (١١٥) والمسترشد (٢٩٦) وكشف اليقين ( ٢٢٤ ، ٣٥٢ ) وكفاية الأثر ( ١١٧ ، ١٢٢ ) والخصال (١٤٥) وبشارة المصطفى ( ٥٩ ، ١٤٢ ) وتفسير القمّي ( ج ١ ؛ ٢٨٣ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣ ؛ ١٤٧ ) والجمل ( ٥٠ ، ٨٠ ) وتقريب المعارف (٢١٣) وإثبات الوصيّة (١٢٧) وأمالي الطوسي ( ٣٦٦ ، ٧٢٦ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢ ؛ ٨٤ ).
والمستدرك للحاكم ( ج ٣ ؛ ١٣٩ ) وفرائد السمطين ( ج ١ ؛ ٢٧٨ ـ ٢٨٦ ) وتاريخ بغداد ( ج ٨ ؛ ٣٤٠ ـ ٣٤١ ) و ( ج ١٣ ؛ ١٨٦ ـ ١٨٧ ) وأنساب الأشراف ( ج ٢ ؛ ١٣٨ ) وكفاية الطالب ( ١٦٧ ـ ١٧١ ) ومطالب السئول ( ٦١ ـ ٦٣ ) وأسد الغابة ( ج ٤ ؛ ٣٢ ـ ٣٣ ) والدرّ المنثور ( ج ٦ ؛ ١٨ ) والاستيعاب ( ج ٣ ؛ ١١١٧ ) وينابيع المودّة ( ج ١ ؛ ٧٩ ، ١٢٨ ) و ( ج ٢ ؛ ٥٩ ) وتذكرة الخواص (٥) وكنوز الحقائق (١٦١) وكنز العمال ( ج ٦ ؛ ٧٢ ، ٨٢ ، ٨٨ ، ١٥٤ ، ٣١٩ ، ٣٩٢ ) ومناقب الخوارزمي (١١٠) والرياض النضرة ( ج ٢ ؛ ٢٤٠ ) ومجمع الزوائد ( ج ٧ ؛ ٢٣٨ ) و ( ج ٩ ؛ ٢٣٥ ).
العن المضلّين المصلّين واقنت عليهم ، هم الأحزاب
لا شكّ عند المسلمين في جواز لعن البغاة على الإمام العادل ، ولا خلاف بين أهل القبلة أنّ الخارج على عليّ عليهالسلام باعتباره رابع الخلفاء الراشدين يعدّ باغيا ، فيجوز لعنه والبراءة منه.
قال الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١ ؛ ٢٨٨ ) : قال الإمام أبو بكر : فنشهد أنّ كلّ من نازع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في خلافته فهو باغ ، على هذا عهدت مشايخنا.
وروى الشيخ الصدوق في الخصال (٦٠٧) بسنده عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : هذه شرائع الدين لمن أراد أن يتمسّك بها وأراد الله هداه ... والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة ، والبراءة من الأنصاب والأزلام ـ أئمّة الضلال ، وقادة الجور كلّهم ؛ أوّلهم وآخرهم ـ واجبة.
وفي أمالي الصدوق ( ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال
أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض خطبه : أيّها الناس ، اسمعوا قولي واعتقلوه عنّي ؛ فإنّ الفراق قريب ... لقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآله أنّ الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي ، وقد خاب من افترى. ومثله في بشارة المصطفى (١٩١).
وفي كتاب سليم بن قيس (٢١١) قال أبان : قال سليم : لمّا التقى أمير المؤمنين عليهالسلام وأهل البصرة يوم الجمل ، نادى عليهالسلام الزبير : يا أبا عبد الله ، اخرج إليّ ، ... فخرج إليه الزبير ، فقال عليهالسلام : أين طلحة؟ ليخرج ، فخرج طلحة ، فقال : نشدتكما الله أتعلمان ـ وأولو العلم من آل محمّد وعائشة بنت أبي بكر ـ أنّ أصحاب الجمل وأهل النهروان ملعونون على لسان محمّد صلىاللهعليهوآله ، وقد خاب من افترى.
وفي تفسير فرات (١٤١) في تفسير قوله تعالى : ( وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ ) (١) بسنده عن أبي الطفيل ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يقول : لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله ، وعائشة بنت أبي بكر ، أنّ أصحاب الجمل وأصحاب النهروان ملعونون على لسان النبي صلىاللهعليهوآله ، ولا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط. وانظر تفسير القمّي ( ج ١ ؛ ٢٣٠ ) وتفسير العيّاشي ( ج ٢ ؛ ٢١ ).
وفي تفسير القمّي ( ج ١ ؛ ٢٨٣ ) بسنده عن الإمام السجاد عليهالسلام في قوله : ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ ، فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (٢) : فإنّها نزلت في أصحاب الجمل ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الجمل : والله ما قاتلت هذه الفئة الناكثة إلاّ بآية من كتاب الله عزّ وجلّ ؛ يقول الله : ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ) (٣) ... الآية. وانظر تفسير العيّاشي ( ج ٢ ؛ ٨٣ ـ ٨٥ ) وشواهد التنزيل ( ج ١ ؛ ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ).
وفي تفسير فرات (١٦٣) بسنده عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب : يا معشر المسلمين ، ( فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (٤) ، ثمّ
__________________
(١) الأعراف ؛ ٤٠
(٢) التوبة ؛ ١٢
(٣) التوبة ؛ ١٢
(٤) التوبة ؛ ١٢
قال : هؤلاء القوم هم وربّ الكعبة ، يعني أهل صفين والبصرة والخوارج.
وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢ ؛ ٨٤ ) عن الحسن البصري ، قال : خطبنا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على هذا المنبر ، وذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة ، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على رسوله ، ثمّ قال : أيّها الناس ، والله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلاّ بآية تركتها في كتاب الله ، إنّ الله يقول : ( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (١) ، أما والله لقد عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال لي : يا عليّ ، لتقاتلنّ الفئة الباغية ، والفئة الناكثة ، والفئة المارقة. وانظر مجمع البيان ( ج ٣ ؛ ١١ ) والتبيان ( ج ٥ ؛ ١٨٣ ) وفيهما : « وكان حذيفة يقول : لم يأت أهل هذه الآية ». وقال شيخ الطائفة رحمهالله : « وروي عن أبي جعفر عليهالسلام أنّها نزلت في أهل الجمل ، وروي ذلك عن عليّ عليهالسلام وعمّار ، وغيرهما ».
هذا كلّه ، مضافا إلى الأحاديث الصريحة الواردة في لعن من يقاتل عليّا عليهالسلام ، ويتقدّمه ، والأحاديث الواردة في لعن الخوارج خصوصا ، وأنّهم كلاب أهل النار ، كما رواه الطوسي في أماليه (٤٨٧) بسنده عن عبد الله بن أبي أوفى ، عن النبي صلىاللهعليهوآله. وبالجملة فلا شبهة ولا إشكال في جواز بل استحباب ـ وربّما الوجوب إذا توقفت البراءة من أعداء الله على ـ لعن الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومضافا إلى ما تقدّم في لعن النبي صلىاللهعليهوآله معاوية وأخاه وأباه في عدّة مواطن.
وقد كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا صلّى بالناس فقنت في الركعة الثانية ، لعن معاوية وعمرو ابن العاص ، وأبا الأعور السلمي ، والوليد بن عقبة ، والمغيرة بن شعبة ، والضحاك بن قيس ، وبسر بن أرطأة ، وحبيب بن مسلمة ، وأبا موسى الأشعري ، ومروان بن الحكم. انظر في ذلك الأصول الستّة عشر (٨٨) وعنه في بحار الأنوار ( ج ٨ ؛ ٥٦٦ ) وشرح النهج ( ج ٤ ؛ ٧٩ ) وتذكرة الخواص (١٠٢) وأمالي الطوسي (٧٢٥).
__________________
(١) التوبة ؛ ١٢
وقد تقدّم في الطّرفة الأولى عند قوله صلىاللهعليهوآله : « والبراءة من الأحزاب تيم وعدي وأميّة وأشياعهم وأتباعهم » ما يتعلق بالموضوع ، وإنّهم يسمّون ب « الأحزاب » إمّا حقيقة لتحزّبهم ضد عليّ وأهل البيت عليهمالسلام ، وإمّا مجازا باعتبار أنّ الكثير منهم هم بقيّة الأحزاب الذين قاتلوا رسول الله وآذوه وألّبوا عليه ، ويشير إليه هنا قوله صلىاللهعليهوآله : « هم الأحزاب وشيعتهم » فإنّ الملاك واحد في جميع الخارجين والمقاتلين لرسول الله صلىاللهعليهوآله وعليّ وأهل البيت عليهمالسلام.
ونضيف هنا ما في كتاب عليّ عليهالسلام الّذي أخرجه للناس ـ كما في المسترشد (٤٢٦) ـ وفيه قوله عليهالسلام : ثمّ نظرت في أهل الشام ، فإذا هم بقيّة الأحزاب وحثالة الأعراب ... ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا التابعين بإحسان.
وفي الغارات (٢٠٦) قال عليهالسلام في هذا الكتاب : ثمّ إنّي نظرت في أهل الشام ، فإذا هم أعراب أحزاب ، وأهل طمع جفاة طغام ، يجتمعون من كلّ أوب ، ومن كان ينبغي أن يؤدّب ويدرّب ، أو يولّى عليه ويؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار.
وفي كشف المحجّة ( ٢٥٩ ـ ٢٦٣ ) قول عليّ عليهالسلام في كتابه هذا : وقد نزل [ طلحة ] داران مع شكّاك اليمن ، ونصارى ربيعة ، ومنافقي مضر ... ونظرت إلى أهل الشام ، فإذا هم بقيّة الأحزاب ، فراش نار ، وذباب طمع ، تجمّع من كلّ أوب ، ممّن ينبغي أن يؤدّب ويحمل على السنّة ، ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ، ولا التابعين بإحسان.
وفي الإمامة والسياسة ( ج ١ ؛ ١٧٦ ـ ١٧٨ ) : ثمّ إنّي نظرت بعد ذلك في أهل الشام ، فإذا هم أعراب وأحزاب ، وأهل طمع ، جفاة طغام ، تجمّعوا من كلّ أوب ، ممّن ينبغي أن يؤدّب ، ويولّى عليه ، ويؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا من التابعين بإحسان ... إنّما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء ، ممّن أسلم كرها ، وكان لرسول الله صلىاللهعليهوآله حربا ، أعداء السنّة والقرآن ، وأهل الأحزاب والبدع والأحداث.
وفي الخصال (٣٩٨) بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن ، في كلّهن لا يستطيع إلاّ أن يلعنه ... وأنزل الله عزّ وجلّ في القرآن آيتين في سورة الأحزاب ، فسمّى أبا سفيان وأصحابه كفّارا ، ومعاوية مشرك
عدوّ لله ولرسوله.
وفي تطهير الجنان (٥٤) أنّ عليّا قال : « انفروا إلى بقيّة الأحزاب ، وانظروا إلى ما قال الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، إنّا نقول : صدق الله ورسوله ، ويقولون : كذب الله ورسوله » ، والمراد ببقيّة الأحزاب معاوية ؛ لأنّ أبا سفيان كان رئيس الأحزاب المجمع لهم ، ومعنى « إلى ما قال الله ... » انفروا قائلين هذا القول الّذي قاله الصحابة لمّا نفروا إلى الأحزاب مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لا الّذي قاله المنافقون ، قال تعالى حاكيا عن الفريقين : ( وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (١) ، وقال تعالى : ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ) (٢).
__________________
(١) الأحزاب ؛ ٢٢
(٢) الأحزاب ؛ ١٢.
الطّرفة الخامسة والعشرون
روى هذه الطّرفة ـ عن كتاب الطّرفة ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٤٨٩ ـ ٤٩٠ ) ونقلها ـ بكلتا روايتيها ـ مختصرة العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢ ؛ ٩٣ ـ ٩٤ ).
وقد روي مضمون الطّرفة كاملا في عدّة مصادر وبعدّة أسانيد ، مع اختلافات في المتن والألفاظ. رواه فرات في تفسيره ( ٣٩٢ ـ ٣٩٤ ) بسنده عن فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، عن أبيها سيّد الشهداء عليهالسلام ، وروى مثله في تفسيره أيضا ( ٥٤٤ ـ ٥٤٥ ) بسند آخر عن فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها عليهالسلام. ورواه الشيخ المفيد في أماليه ( ٣٥١ ـ ٣٥٣ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة العبدي ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، ورواه فرات في تفسيره ( ٣٩٤ ـ ٣٩٥ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة : أنّ رجلا من بجيلة يكنّى أبا خديجة جاء معه ستّون رجلا إلى عليّ عليهالسلام في مسجد الكوفة ، فسأله أبو خديجة عن سرّ من أسرار رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأمر عليهالسلام قنبرا ، فأتاه بكتاب ففضّه ، وكان فيه مضمون الطّرفة. ورواه الشيخ الصدوق في معاني الأخبار (١١٨) بسنده عن أنس بن مالك ، وأنّ عليّا عليهالسلام أمر الحسن عليهالسلام أن ينادي بها على المنبر. ورواه شيخ الطائفة الطوسي في أماليه ( ١٢٢ ـ ١٢٤ ) بسنده عن الأصبغ بن نباتة السعدي ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام. ورواه العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ١ ؛ ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ) قائلا : وقد روينا عن شيخنا زين الدين عليّ بن محمّد التوليني ، أنّ الأصبغ بن نباتة دخل على عليّ عليهالسلام ... ثمّ ساق مضمون الطّرفة.
هذا ، مع أنّنا لو أردنا استنتاج هذه المضامين عبر القياس المنطقي ، المتألّف من
صغرى القياس وكبراه ، لنتج مضمون الطّرفة بلا كلام ، لأنّ كلّ مقدّمات الاستدلال ثابتة عند جميع المسلمين ، والمضامين هي :
الأوّل : أ ـ من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله.
ب ـ ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١).
فينتج أنّ من ظلم ذوي القربى عليه لعنة الله.
الثاني : أ ـ من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله.
ب ـ « من كنت مولاه فعلي مولاه ».
فينتج أنّ من توالى غير عليّ عليهالسلام فعليه لعنة الله.
الثالث : أ ـ من سبّ أبويه فعليه لعنة الله.
ب ـ « أنا وعليّ أبوا المؤمنين ».
فينتج أنّ من سبّ النبي صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام فعليه لعنة الله.
__________________
(١) الشورى ؛ ٢٣
الطّرفة السادسة والعشرون
روى هذه الطرفة ـ عن كتاب الطّرف ، ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢ ؛ ٢٤٩٠ ـ ٤٩٢ ).
الروايات في وفاة النبي صلىاللهعليهوآله كلّها ـ أو جلّها ـ متّفقة على حضور الزهراء والحسنين بعد عليّ عليهمالسلام عند وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّه أوصى عليّا والزهراء عليهماالسلام وأسرّ لهما بما لم يسرّ به إلى أحد غيرهما ، والروايات من حيث التفصيل والجزئيّات مختلفة زيادة ونقيصة ، إلاّ أنّها متواترة المعنى في أنّ النبي أفضى لهما ببعض الأسرار ، ونبّأهما بما سيلقون من بعده ، ولهذا كلّه رأينا أن ننقل بعض المرويّات في ذلك ونشير إلى باقي الروايات ليطّلع على التفاصيل من أراد ذلك.
ففي كتاب سليم بن قيس ( ٦٩ ـ ٧٢ ) قال سليم : سمعت سلمان الفارسي ، قال : كنت جالسا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الّذي قبض فيه ، فدخلت فاطمة عليهاالسلام ، فلمّا رأت ما برسول الله صلىاللهعليهوآله خنقتها العبرة حتّى جرت دموعها على خدّيها ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا بنيّة ، ما يبكيك؟ قالت : يا رسول الله ، أخشى على نفسي وولدي الضيعة من بعدك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله واغرورقت عيناه : يا فاطمة ، أو ما علمت أنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّه حتم الفناء على جميع خلقه؟! إنّ الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني منهم فجعلني نبيّا ، ثمّ اطّلع إلى الأرض ثانيا فاختار بعلك وأمرني أن أزوّجك إيّاه ، وأن أتّخذه أخا ووزيرا ووصيّا ، وأن أجعله خليفتي في أمّتي ، فأبوك خير
أنبياء الله ورسله ، وبعلك خير الأوصياء والوزراء ، وأنت أوّل من يلحقني من أهلي ، ثمّ اطّلع إلى الأرض اطّلاعة ثالثة ، فاختارك وأحد عشر رجلا من ولدك وولد ـ أخي ـ بعلك ، فأنت سيّدة نساء أهل الجنّة ، وابناك سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأنا وأخي والأحد عشر إماما أوصيائي إلى يوم القيامة ، كلّهم هاد مهتد ... فاستبشرت فاطمة عليهاالسلام بما قال وفرحت ... ثمّ نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى فاطمة ، وإلى بعلها وإلى ابنيها ، فقال : يا سلمان ، أشهد الله أنّي حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، أما إنّهم معي في الجنّة ، ثمّ أقبل النبي صلىاللهعليهوآله على عليّ عليهالسلام فقال : يا عليّ ، إنّك ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم ، وقاتل من خالفك بمن وافقك ، فإن لم تجد أعوانا فاصبر واكفف يدك ، ولا تلق بيدك إلى التهلكة ، فإنك منّي بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة ؛ إنّه قال لأخيه موسى ( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (١). وروى هذا الخبر بتفاوت يسير في إكمال الدين ( ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ) بسنده عن سليم بن قيس ، وروى فرات في تفسيره ( ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ) قريبا منه بسنده عن عبد الله بن عبّاس ، عن سلمان. وانظر أمالي الطوسي ( ١٥٤ ـ ١٥٥ ) وإرشاد القلوب ( ٤١٩ ـ ٤٢١ ).
وفي أمالي الطوسي (١٨٨) بسنده عن عبد الله بن العبّاس ، قال : لمّا حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة بكى حتّى بلت دموعه لحيته ، فقيل له : يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال : أبكي لذرّيّتي ، وما تصنع بهم شرار أمّتي من بعدي ، كأنّي بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي ، وهي تنادي : « يا أبتاه يا أبتاه » ، فلا يعينها أحد من أمّتي ، فسمعت ذلك فاطمة عليهاالسلام فبكت ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تبكين يا بنيّة ، فقالت : لست أبكي لما يصنع بي بعدك ، ولكن أبكي لفراقك يا رسول الله ، فقال لها : أبشري يا بنت محمّد بسرعة اللّحاق بي ، فإنّك أوّل من يلحق بي من أهل بيتي.
وفي كشف الغمّة ( ج ١ ؛ ٤٩٧ ـ ٤٩٨ ) روى جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخلت
__________________
(١) الأعراف ؛ ١٥٠