درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

الثّالث مع ابقاء المتعلّق على عمومه وبين الأخذ بظهوره واختصاص المتعلّق بما من شأنه الاستمرار وليس احدهما اولى من الآخر.

(قلت) انّ العرف حاكم بانّ الفعل الخاصّ يكون قرينة على التّصرف فى متعلقه العام كما فى قول القائل لا تضرب احدا فان الضّرب قرينة على اختصاص العامّ بالاحياء ولا يكون عمومه للاموات قرينة على ارادة مطلق الضّرب عليه كسائر الجمادات.

(ثم) لا يتوهم الاحتياج حينئذ الى تصرّف فى اليقين بارادة المتيقّن منه لان التّصرّف لازم على كلّ حال توضيح ذلك انّه بناء على ارادة المعنى الثّانى لا بدّ من ورود النقض على متعلّق اليقين لانّه هو الشّىء الذى من شانه الاستمرار دون صفة اليقين وامّا على المعنى الثّالث فمورده نفس اليقين لانّه بنفسه هو الشّىء الذى يرفع اليد عنه فلا يحتاج هذا المعنى الى ارتكاب التأويل ومخالفة الظّاهر هذا ملخّص ما افاده قدس‌سره فى المتن فى اثبات ما ادّعاه.

(قوله فان النقض الاختيارى الخ) اورد عليه بانّ النقض الاختيارى كما لا يتعلق باليقين كذلك لا يتعلّق بالمتيقّن او احكامه فان المتيقّن او احكامه اذا كان باقيا فى الواقع لا يمكن نقضه واذا كان مرتفعا كذلك لا يمكن ابقائه فلعلّه اراد انّ النّقض الاختيارى بناء وعملا بحسب الظاهر يمكن تعلّقه بالمتيقّن بخلاف اليقين اذ ليس له اثر شرعى حتى يترتب عليه فى الظّاهر اولا يترتب عليه كذلك فتأمل.

(قوله لا يتعلق بنفس اليقين على كل تقدير الخ) وجه ذلك هو انتقاض صفة اليقين بحصول الشّك فلا يجتمعان وكما ان اليقين بشىء واليقين بخلافه لا يجتمعان كالظن بشىء والظن بخلافه ايضا لا يجتمعان كذلك اليقين بشىء والشك فيه ايضا لا يجتمعان وكيف كان ان النهى عن نقض اليقين يدلّ على كون النقض اختياريا قابلا لورود النهى عليه والّا لم يصح النهى عنه فلا بدّ ان يكون المراد منه هو نقض

٨١

ما كان على يقين منه كالطّهارة السابقة مثلا بمعنى انّ المراد امّا نفس المتيقّن او احكام اليقين الثابتة له من جهة اليقين به فان لها كنفس المتيقن استمرارا شأنيا لا يرتفع الّا برفع فانّ جواز الدّخول فى الصلاة بالطّهارة امر مستمرّ الى ان يحدث ناقضها ومعنى عدم النقض عدم رفع اليد عن مقتضاه كما ان المراد بالنّقض هو رفع اليد عن مقتضاه.

٨٢

(وكيف كان) فالمراد اما نقض المتيقن والمراد بالنقض رفع اليد عن مقتضاه واما نقض احكام اليقين اى الثابتة للمتيقن من جهة اليقين به والمراد حينئذ رفع اليد عنها ويمكن ان يستفاد من الامارات ارادة المعنى الثالث مثل قوله عليه‌السلام بل ينقض الشك باليقين وقوله لا يعتد بالشك فى حال من الحالات وقوله فى الرواية الأربعمائة من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشك وقوله اذا شككت فابن على اليقين فان المستفاد من هذه وامثالها ان المراد بعدم النقض عدم الاعتناء بالاحتمال المخالف لليقين السابق نظير قوله عليه‌السلام اذا خرجت من شىء ودخلت فى غيره فشكك ليس بشىء قوله اليقين لا يدخله الشك صم للرؤية وافطر للرؤية فان مورده استصحاب بقاء رمضان والشك فيه ليس شكا فى الرافع كما لا يخفى هذا.

(اقول) الظّاهر انّ كلمة امّا للتّقسيم لا للتّرديد والمراد انّ المستصحب اذا كان حكما شرعيا فالمراد ابقاء نفس المتيقّن فى مرحلة الظاهر فى زمان الشّكّ وان كان موضوعا خارجيّا فالمراد ابقاء حكمه الشرعى فى زمان الشك ظاهرا وقد توهّم بعضهم انّ المراد الالتزام بالاضمار بتقدير الاثر او بجعل اليقين بمعنى المتيقّن مجازا وقد ذكر بعض الاعلام انّ المراد التّصرف فى النّسبة لا فى الكلمة حتّى يكون مجازا لغويا فيكون المقام مثل حديث الرّفع من جهة انّ التصرف فيه ايضا فى النسبة لا فى الكلمة. (ويمكن) ان يستفاد من الامارات ارادة المعنى الثالث مثل قوله عليه‌السلام بل ينقض الشّكّ باليقين لانّ موضوع الشّكّ يتبدّل باليقين وليس اليقين رافعا له مضافا الى ان المراد باليقين فى الرواية هو اليقين السابق ومن المعلوم عدم امكان كونه رافعا للشّك اللّاحق وقوله عليه‌السلام ولا يعتد بالشّكّ فى حال من الحالات وقوله عليه‌السلام فى الرّواية الأربعمائة من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه فان اليقين لا بدفع

٨٣

ولكن الانصاف ان شيئا من ذلك لا يصلح لصرف لفظ النقض عن ظاهره لان قوله بل ينقض الشك باليقين معناه رفع الشك لان الشك مما اذا حصل لا يرتفع إلّا برافع واما قوله من كان على يقين فشك فقد عرفت انه كقوله اذا شككت فابن على اليقين غير ظاهر فى الاستصحاب مع امكان ان يجعل قوله فان اليقين لا ينقض بالشك او لا يدفع به قرينة على اختصاص صدر الرواية بموارد النقض مع ان الظاهر من المضى الجرى على مقتضى الداعى السابق وعدم التوقف إلّا لصارف نظير قوله اذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ونحوه فهو ايضا مختص بما ذكرنا واما قوله اليقين لا يدخله الشك فتفرع الافطار للرؤية عليه من جهة استصحاب الاشتغال بصوم رمضان الى ان يحصل الرافع وبالجملة فالمتأمّل المنصف يجدان هذه الاخبار لا تدل على ازيد من اعتبار اليقين السابق عند الشك فى الارتفاع برافع.

بالشّكّ وقوله عليه‌السلام اذا شككت فابن على اليقين.

(فان المستفاد) من هذه الاخبار انّ المراد بعدم النّقض عدم الاعتناء بالاحتمال المخالف لليقين السّابق نظير قوله عليه‌السلام اذا خرجت من شىء ودخلت فى غيره فشكك ليس بشىء وقوله عليه‌السلام فى المكاتبة اليقين لا يدخله الشّك صم للرؤية وافطر للرّوية فانّ مورده استصحاب بقاء رمضان والشّكّ فيه ليس شكا فى الرّافع اذ جميع الاخبار الواردة فى يوم الشّكّ المروية فى الوسائل هو استصحاب بقاء شعبان لا بقاء رمضان.

(ثم قال) قدس‌سره الانصاف ان شيئا من هذه الاخبار لا يصلح لصرف لفظ النّقض عن ظاهره لان قوله عليه‌السلام بل ينقض الشكّ باليقين معناه رفع الشك لان الشك ممّا اذا حصل لا يرتفع الّا برافع وامّا قوله عليه‌السلام من كان على يقين فشكّ فقد عرفت

٨٤

انه كقوله اذا شككت فابن على اليقين غير ظاهر فى الاستصحاب مع امكان ان يجعل قوله فانّ اليقين لا ينقض بالشكّ او لا يدفع به قرينة على اختصاص صدر الرّواية بموارد النّقض مع انّ الظاهر من المضىّ الجرى على مقتضى الدّاعى السّابق وعدم التّوقف الّا لصارف نظير قوله عليه‌السلام اذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ونحوه فهو ايضا مختصّ بما ذكرنا.

(وبالجملة) فالمتأمّل المصنف يجد أنّ هذه الاخبار لا يدلّ على ازيد من اعتبار اليقين السابق عند الشّك فى الارتفاع برافع.

(ثم) لا بأس بالاشارة الى الفرق بين المانع والرّافع والدّافع فنقول ان الاوّل اعم من الاخيرين لان ما يمنع وجوده عن تأثير المقتضى ابتداء يسمى دافعا وما يمنع وجوده عن تأثير المقتضى فى الزّمان الثّانى بعد تأثيره فى الزّمان الاول يسمى رافعا فالرافع والدّافع وان تباينا بحسب الحقيقة الّا ان كلّا منهما فرد من المانع لانّ رفع الموجود حقيقة بعد وجوده محال حسبما تقرّر فى محلّه فعدم الرّافع ايضا جزء من العلّة التامّة للوجود لكن بالنّسبة الى الوجود الثّانوى لا الاولى فكلما يطلق الرّافع فلا يراد منه بحسب الحقيقة الّا هذا المعنى اذ لا حقيقة له غير هذا اذ اعدام الموجود حقيقة محال.

٨٥

(احتج للقول الاول) بوجوه منها انه لو لم يكن الاستصحاب حجة لم يستقم استفادة الاحكام من الادلة اللفظية لتوقفها على اصالة عدم القرينة والمعارض والمخصص والمقيد والناسخ وغير ذلك وفيه ان تلك الاصول قواعد لفظية مجمع عليها بين العلماء وجميع اهل اللسان فى باب الاستفادة مع انها اصول عدمية لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاستصحاب مطلقا اما لكونها مجمعا عليها بالخصوص واما لرجوعها الى الشك فى الرافع.

(ومنها) ما ذكره فى المعارج وهو ان المقتضى للحكم الاول ثابت والعارض لا يصلح رافعا فيجب الحكم بثبوته فى الآن الثانى اما ان المقتضى فلانا نتكلم على هذا التقدير واما ان العارض لا يصلح رافعا فلان العارض احتمال تجدد ما يوجب زوال الحكم لكن احتمال ذلك معارض باحتمال عدمه فيكون كل منهما مدفوعا بمقابله فيبقى الحكم الثابت سليما عن الرافع انتهى.

(اقول) ان تمامية الدليل المذكور مبنى على القول بانّ المتّبع فى باب ظواهر الالفاظ هو الاعتماد على نفس اصالة عدم القرينة والتخصيص والتقييد وبها ثبت الظّهور النوعى الحاصل فى اللّفظ.

(واما على القول) بانّ المتّبع نفس الظهور المستفاد من الالفاظ نوعا باعانة الوضع من غير ان يكون للاصول المذكورة فيه مدخلية او على القول بانّ الاتّكال عليها انّما هو لاحراز شرط العمل بالظّواهر وهو التجرد عن القرينة ونحوه كاصالة عدم المعارض فلا وجه للاستدلال المذكور اصلا.

(قوله وفيه ان تلك الاصول قواعد لفظية الخ) هذا مضافا الى احتمال كونها قواعد مقرّرة منهم فى البناء على العدم عند الشك من غير ملاحظة الحالة السابقة اصلا حتى تكون حجة من باب الاستصحاب بل الظّاهر انّ اهل المحاورات يعملون بالعمومات والمطلقات مع الشّكّ فى التخصيص والتقييد مع عدم الالتفات

٨٦

الى سبق عدم المخصّصات والمقيّدات بل مع عدم سبقه.

(وكيف كان) حاصل الجواب عن الاصل المذكور على ما يستفاد من المتن وجوه.

(احدها) انّ تمسّك العلماء بل جميع اهل اللّسان بالاصول الجارية فى باب الالفاظ سواء كانت وجوديّة او عدميّة ليس من جهة الاعتماد على الحالة السّابقة والبناء على اعتبار الاستصحاب بل من حيث انّها قواعد لفظية مفيدة للظن بالمراد ولو نوعا مع قطع النظر عن الاستصحاب واعتباره وان جامع مورد اكثرها مورد الاستصحاب ومن المعلوم انّ مجرّد الاجتماع بحسب المورد لا يقضى باعتبار الاستصحاب.

(وثانيها) انّ اصالة عدم القرينة والمعارض والمخصّص والمقيّد والناسخ وغير ذلك كلها من الاصول العدمية لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاستصحاب مطلقا لكونها مجمعا عليها بالخصوص.

(وثالثها) انّ الاصول المذكورة اصول جارية فى مورد الشّك فى الرّافع بناء على الحاق العدميّات بماله مقتض للثبوت بحيث لا يرفع الّا برافع والقول بها لا يستلزم القول باعتبار الاستصحاب مطلقا كما هو المدّعى.

(ثم) انّ المراد بالاصول اللّفظية هى الاصول الّتى تساق فى بيان المراد من اللّفظ نحو اصالة عدم التخصيص عند الشّكّ فى ان المراد من العام هل هو العموم او الخصوص واصالة عدم التقييد عند الشّك فى ان المراد من المطلق هل هو كل فرد من افراده او المقيّد واصالة عدم التّجوّز عند الشّك فى انّ المراد من اللّفظ هل هو معناه الحقيقى او المجازى ونحوها فانّ جميعها فى مقام بيان مراد اصلاح اللّفظ من العموم والاطلاق والحقيقة.

(وتقابلها) الاصول العملية التى تثبت للشاك فى مقام العمل وهى منحصرة فى الاصول الاربعة ولكونها فى مقام اصلاح العمل عند الشك فى الحكم الواقعى

٨٧

سميت بالاصول العملية مثلا اذا شكّ زيد فى طهارة لباسه عند ارادة الصلاة مع تيقنه بانه كان ظاهرا سابقا فيعمل بمقتضى الاستصحاب وكذا اذا شكّ فى وجوب الدعاء عند رؤية الهلال فيعمل بمقتضى البراءة.

(قوله ومنها ما ذكره فى المعارج الخ) من الوجوه التى يستدل بها على حجيّة الاستصحاب مطلقا ما ذكره المحقّق فى المعارج وهو انّ المقتضى ثابت والعارض لا يصلح رافعا فيجب الحكم بثبوته فى الآن الثّانى حكما ظنّيا لا قطعيا حسبما اعترف به فى المعارج فى اجوبة النافين وصرّح برجحان البقاء وربّما حكى ابدال قوله فيجب الحكم بثبوته بقوله فيظنّ به فى المقام ايضا فيصير مرجع هذا الدّليل الى دليل آخر ذكره العضدى وغيره وهو انّ ما ثبت فى وقت ولم يظنّ عدمه فهو مظنون البقاء لان معنى الحكم الظنّى بالبقاء ليس الّا الظّنّ بالبقاء على ما عرفت فى تعريف الاستصحاب.

٨٨

(وفيه) ان المراد بالمقتضى اما العلة التامة للحكم او للعلم به اعنى الدليل او المقتضى بالمعنى الاخص وعلى التقدير الاول فلا بد من ان يراد من ثبوته ثبوته فى الزمان الاول ومن المعلوم عدم اقتضاء ذلك لثبوت المعلول او المدلول فى الزمان الثانى اصلا وعلى الثانى فلا بد من ان يراد ثبوته فى الزمان الثانى مقتضيا للحكم وفيه مع انه اخص من المدعى ان مجرد احتمال عدم الرافع لا يثبت العلم ولا الظن بثبوت المقتضى بالفتح.

والمراد من معارضة احتمال الرافع باحتمال عدمه الموجبة للتساقط ان كان سقوط الاحتمالين فلا معنى له وان كان سقوط المحتملين عن الاعتبار حتى لا يحكم بالرافع ولا بعدمه فمعنى ذلك التوقف عن الحكم بثبوت المقتضى بالفتح لا ثبوته وربما يحكى ابدال قوله فيجب الحكم بثبوته بقوله فيظن ثبوته ويتخيل ان هذا ابعد عن الايراد ومرجعه الى دليل آخر ذكره العضدى وغيره وهو ان ما ثبت فى وقت ولم يظن عدمه فهو مظنون البقاء وسيجىء ما فيه.

(اقول) انّ المقتضى بحسب اللغة والعرف اعمّ من العلة التامّة والسّبب الاصولى بحيث يطلق على كلّ منهما اطلاق الكلّى على الفرد وعند اهل المعقول يراد منه خصوص العلّة التّامّة وامّا عند الاصوليين فاذا اطلق لفظ المقتضى يراد منه خصوص المعنى الثانى اى السّبب الاصولى فهو اخصّ من المقتضى بالمعنى الاعمّ الثابت فى اللّغة.

(ثم) انّ المقتضى بكلا المعنيين المذكورين اى العلّة التامّة والسّبب الاصولى قد يكون مقتضيا لاصل الوجود مؤثرا فيه وقد يكون مقتضيا للعلم به مع عدم تأثير فى الوجود اصلا.

(وبعبارة اخرى) قد يكون واسطة فى الثّبوت وقد يكون واسطة فى الاثبات

٨٩

محضا بمعنى انّه لا يكون مؤثرا فى الثّبوت اصلا حيث انّ كلّما يكون واسطة فى الثّبوت يكون واسطة فى الاثبات ايضا بمعنى انّ العلم به يستلزم العلم بالمثبت ولكن لا عكس اذ ربّما يكون الشّىء واسطة فى الاثبات ولا يكون واسطة فى الثّبوت كاكثر الوسائط والثّانى يسمّى بالدّليل الإنّي والاوّل يسمى بالدليل اللمّى ان لوحظ من حيث التوسط فى الاثبات والّا فلا يسمى دليلا وبهذه الملاحظة جعله الشيخ قدس‌سره مقابلا للدليل حيث انّ جهة تأثيره فى الوجود ليست جهة الدليلية حيث ان معنى الدليل هو الواسطة فى العلم.

(قوله مع انه اخص من المدعى) لانّ المدّعى هو حجية الاستصحاب فى الشك فى المقتضى والشكّ فى الرّافع كليهما والدليل على فرض تماميته انما يثبت حجيته فى الشك فى الرّافع فقط لكن لا يرد هذا على المحقق (ره) اذ لعله اورد الدليل لاثبات المذهب المختار عنده وهو التفصيل بين الشّكّ فى الرّافع والشّك فى المقتضى بالحجيّة فى الأوّل دون الثّانى او انّه اعتقد كون النّزاع منحصرا فى الشّك فى الرّافع فقط فلذا اورد الحجّة المذكورة لكن الوجه الثّانى بعيد نعم يرد ايراد الاخصيّة من المدّعى على من اورد الدليل المزبور لاثبات حجيّة الاستصحاب مطلقا.

(وكيف كان) توضيح ما اورده الشّيخ قده على ما ذكره المحقّق انّ المراد من المقتضى امّا العلّة التّامّة او السّبب وعلى التّقديرين امّا ان يكون المراد علّة الحكم او سببه او علّة العلم بالحكم او سببه وعلى جميع التّقادير الاربعة امّا ان يراد من الثبوت الثّبوت فى الزّمان السّابق او فى الزّمان اللّاحق فهذه احتمالات ثمانية.

(اما الاربعة) فى العلة فاثنان منها وهو علة الحكم او العلم فى الزّمان الثانى خلاف الفرض اذ معهما لا يبقى شكّ واثنان منها وهو علّة الحكم او العلم فى الزمان الاوّل غير مثبت للمطلوب ضرورة عدم اقتضاء شىء لثبوت المعلول او

٩٠

المدلول فى الزّمان الثّانى.

(واما الاربعة) فى السّبب فاثنان منها وهو سبب العلم او الحكم فى الزّمان الاوّل مضافا الى انّهما خلاف الفرض غير مثبت للمطلوب لانّ العلّة التّامّة بقسميها فى الزّمان الاوّل غير ملازم لثبوت الحكم فى الزّمان الثّانى فضلا عن وجود السبب فيه فتعين ارادة الاثنين الاخيرين من السّبب فان كان المراد الاوّل اعنى سبب الحكم فى الزّمان الثانى ففيه مضافا الى انّه اخصّ من المدّعى اذ المدّعى كما هو ظاهر اختياره قول المفيد اعنى حجيّة الاستصحاب مطلقا حتّى فى الشّك فى المقتضى والدّليل المذكور على هذا الفرض فى الشّك فى الرّافع انّ الملازمة ممنوعة اذ لا ملازمة بين احتمال عدم الرّافع وبين العلم او الظّن بثبوت المقتضى بالفتح الّا ان يدّعى الملازمة بينهما امّا بقاعدة كلّما ثبت يدوم وسيأتى بيانه او بقياس مقتضى الحكم بمقتضى العلم اى الدّليل والجامع هو الاقتضاء فكما انّ الدليل اذا ثبت فى مورد فلا يرفع اليد عنه باحتمال المعارض كذلك مقتضى الحكم اذا ثبت لا يرفع اليد عنه باحتمال الرّافع.

(قوله ان مجرد احتمال عدم الرافع لا يثبت العلم الخ) وذلك لانّ وجود كلّ شىء موقوف على امرين من ثبوت المقتضى وفقد المانع فمجرّد ثبوت المقتضى بمعناه الاصطلاحى لا يجدى فى ثبوت الشّىء لا علما ولا ظنّا بل يحتاج الى احراز فقد المانع.

(قوله ان كان سقوط الاحتمالين فلا معنى له) ووجه ذلك لانّ الاحتمالين لم يسقطا ابدا ضرورة بقائهما معا اذ لو لا بقاؤهما لم يتحقق موضوع الشّكّ وان كان المراد من معارضة احتمال الرّافع باحتمال عدمه الموجبة للتساقط سقوط المحتملين عن الاعتبار حتى لا يحكم بالرّافع ولا بعدمه فمعنى ذلك التّوقف عن الحكم بثبوت المقتضى بالفتح لا ثبوته.

(قوله وسيجىء ما فيه) من انا لا نسلم حصول الظنّ فى جميع الاوقات وعلى تقدير حصوله لا دليل على حجيته.

٩١

(ثم) ان ظاهر هذا الدليل دعوى القطع ببقاء الحالة السابقة واقعا ولم يعرف هذه الدعوى من احد واعترف بعدمه فى المعارج فى اجوبة النافين وصرح بدعوى رجحان البقاء ويمكن ان يريد به اثبات البناء على الحالة السابقة ولو مع عدم رجحانه وهو فى غاية البعد عن عمل العقلاء بالاستصحاب فى امورهم والظاهر ان مرجع هذا الدليل الى انه اذا احرز المقتضى وشك فى المانع بعد تحقق المقتضى وعدم المانع فى السابق بنى على عدمه ووجود المقتضى ويمكن ان يستفاد من كلامه السابق فى قوله والذى نختاره ان مراده بالمقتضى للحكم دليله وان المراد بالعارض احتمال طرو المخصص لذلك الدليل فمرجعه الى ان الشك فى تخصيص العام او تقييد المطلق لا عبرة به كما يظهر من تمثيله بالنكاح والشك فى حصول الطلاق ببعض الالفاظ فانه اذا دل الدليل على ان عقد النكاح يحدث علاقة الزوجية وعلم من الدليل دوامها ووجد فى الشرع ما ثبت كونه رافعا لها وشك فى شىء آخر انه رافع مستقل او فرد من ذلك الرافع ام لا وجب العمل بدوام الزوجية عملا بالعموم الى ان يثبت المخصص وهذا حق وعليه عمل العلماء كافة.

(اقول) انّ ظاهر الدّليل الّذي ذكره المحقق دعوى القطع ببقاء الحالة السّابقة واقعا ولم يعرف هذه الدعوى من احد واعترف بعدمه فى المعارج فى اجوبة النافين وصرح بدعوى رجحان البقاء.

ويمكن ان يريد المحقق بقوله المتقدّم فيجب الحكم بثبوته فى الآن الثانى اثبات البناء على الحالة السّابقة ولو مع عدم رجحان البقاء وهو فى غاية البعد عن عمل العقلاء بالاستصحاب فى جميع امورهم كما ادّعاه العلامة فى النهاية واكثر من تأخر عنه وزاد بعضهم انه لو لا ذلك لاختلّ نظام العالم واساس عيش بنى آدم

٩٢

نعم لو شك فى صدق الرافع على موجود خارجى لشبهة كظلمة او عدم الخبرة ففى العمل بالعموم حينئذ وعدمه كما اذا قيل اكرم العلماء الا زيدا فشك فى انسان انه زيد او عمرو قولان فى باب العام المخصص اصحهما عدم الاعتبار بذلك العام لكن كلام المحقق قده فى الشبهة الحكمية بل مفروض كلام القوم ايضا اعتبار استصحاب المعدود من ادلة الاحكام فيها دون مطلق الشبهة الشاملة للشبهة الخارجية هذا غاية ما امكننا من توجيه الدليل المذكور لكن الذى يظهر بالتامل عدم استقامته فى نفسه وعدم انطباقه على قوله المتقدم والذى نختاره واخراجه للمدعى عن عنوان الاستصحاب كما نبه عليه فى المعالم وتبعه غيره فتامل. والظاهر انّ مرجع هذا الدليل الى انه اذا احرز المقتضى وشكّ فى المانع بعد تحقق المقتضى وعدم المانع فى السابق بنى على عدمه ووجود المقتضى وبعبارة اخرى انّ هذا الاستدلال مبنىّ على استقرار بناء العقلاء على عدم المانع والحكم بوجود المقتضى بالفتح عند احراز المقتضى وعدم المانع فى السابق.

(قوله ويمكن ان يستفاد من كلامه السابق الخ) مراد الشيخ قده بقوله من كلامه السابق هو قول المحقّق والّذي نختاره ان ننظر فى دليل ذلك الحكم المذكور بعد ذكر الاقوال فى ذيل قول الشيخ والاقوى هو القول التاسع وكيف كان انّ هذا توجيه آخر للاستدلال الّذى ذكره المحقّق ره وحاصله يرجع الى لزوم الرجوع الى العموم والاطلاق عند الشّكّ فى المخصّص او المقيّد فى الشّبهات الحكميّة اذا كانا منفصلين نعم فى المخصّص او المقيد المتصلين مثل اكرم العلماء الى ان يفسقوا مع الشّكّ فى فسق بعض العلماء من جهة عدم معلومية معنى الفسق شرعا يحكم باجمال العام او المطلق والمقام من قبيل الاوّل لا الثانى ففى المقام اذا دلّ عموم اوفوا بالعقود على استمرار علاقة الزوجية وعلم انّ مثل قوله انت طالق مخصص للعموم المذكور وشكّ ان قوله انت خليّة مثلا مخصص ايضا ام لا فيكون الشّكّ

٩٣

فى التخصيص الزّائد على ما علم تخصيصه به فلا بد من التمسّك بالعموم فيه كما اذا شكّ فى اصل التخصّص ولا شبهة فى ذلك وهذا حق وعليه عمل العلماء كافّة.

(نعم) لو شكّ فى صدق الرّافع على موجود خارجى لشبهة كظلمة او عدم الخبرة ففى العمل بالعموم حينئذ وعدمه كما اذا قيل اكرم العلماء الّا زيدا فشك فى انسان انّه زيد او عمر وقولان فى باب العامّ المخصّص اصحهما عدم الاعتبار بذلك العام اذ التمسّك بالعموم او الاطلاق انّما هو فى الشّكّ فى المراد والشكّ فى الشبهات الموضوعيّة ليس من قبيله وبعبارة اخرى العموم او الاطلاق انّما يثبتان الكبرى لا الصّغرى ولا بد من اثباتها فى الخارج ولا يصح اثبات الصّغرى بالكبرى فافهم.

(قوله لكن كلام المحقق فى الشبهة الحكمية) حيث قال فى محكىّ المعارج اذا ثبت حكم فى وقت ثم جاء وقت آخر ولم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم ثمّ مثّل بالمتيمّم الواجد للماء فى اثناء الصلاة وهو من الشبهة الحكمية لا الموضوعيّة.

(قوله ولكن الذى يظهر بالتامل عدم استقامته فى نفسه) امّا عدم استقامته فى نفسه فلانّ الاصول اللفظيّة قد اعتبر فى موضوعها عدم القرينة فالعامّ لا يكون مقتضيا بنفسه بل يعتبر فيه عدم المخصّص على وجه الشطرية او الشرطية.

(واما) عدم انطباقه على قوله والّذي نختاره فلانّ الظاهر من تمثيله بعقد النكاح المقتضى للزّوجيّة انّ مراده من المقتضى هو المقتضى للحكم وبالرّافع رافع الحكم لا الدّليل المقتضى للعلم بالحكم حتى يشمل مثل العام.

(قوله كما نبه عليه فى المعالم وتبعه غيره) قد ذكر صاحب المعالم ان ما ذكره المحقّق بقوله والّذى نختاره عدول عما اختاره اولا يعنى ان المحقق قد اختار اوّلا حجية الاستصحاب مطلقا فى الشك فى المقتضى وفى الشّكّ فى الرافع ثمّ عدل عن ذلك فى قوله والّذى نختاره وحكم بكون الاستصحاب حجة فى الشك فى الرّافع فقط فظهر عدم انطباق الدليل على ما ذكره بقوله والذى نختاره

٩٤

على طريقة صاحب المعالم وامّا عدم الانطباق على تقدير حمل الدليل على التمسك بالعموم بناء على التوجيه المذكور فواضح لانّ الدليل يحمل على التمسك بالدليل اللفظى.

(قوله فتأمل) فى وجه التّأمل وجوه تعرّض لها بعض المحشين ولعلّ وجهه هو الاشارة الى ان ما ذكره الشيخ قده من ارادة الدليل من المقتضى واحتمال طرو المخصص لذلك الدليل من العارض وان كان يوجب العدول عن عنوان الاستصحاب الى غيره الّا انه مغاير لما ذكره صاحب المعالم من عدول المحقق عن القول بحجية الاستصحاب مطلقا فى الشكّ فى المقتضى وفى الشكّ فى الرّافع الى حجيته فى الشكّ فى الرافع فقط.

٩٥

(ومنها) ان الثابت فى الزمان الاول ممكن الثبوت فى الآن الثانى وإلّا لم يحتمل البقاء فيثبت بقائه ما لم يتجدد مؤثر العدم لاستحالة خروج الممكن عما عليه بلا مؤثر فاذا كان التقدير تقدير عدم العلم بالمؤثر فالراجح بقاؤه فيجب العمل عليه وفيه منع استلزام عدم العلم بالمؤثر رجحان عدمه المستلزم لرجحان البقاء مع ان مرجع هذا الوجه الى ما ذكره العضدى وغيره من ان ما يتحقق وجوده ولم يظن او لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء.

(اقول) حاصل هذا الدليل ان الثابت اوّلا ممكن الثبوت ثانيا والّا لم يحتمل البقاء فيثبت بقائه ما لم يتجدّد مؤثر العدم اى ما لم ينتف علة الوجود فانّ عدم علة الوجود علة للعدم لا انّ العدم مؤثر على حدة فاذا كان التقدير تقدير عدم العلم بالمؤثر فالرّاجح بقائه فيجب العمل عليه.

(وكيف كان) هذا الاستدلال مبنىّ على كفاية العلة المحدثة للبقاء اى عدم احتياج الممكن الى المؤثر الّا فى حدوثه فيرد عليه اولا انه خلاف التحقيق وثانيا ما اورده الشيخ قده من منع استلزام عدم العلم بالمؤثر رجحان عدمه المستلزم لرجحان البقاء اللهم الّا ان يكون غرضه من رجحان البقاء ترتيب اثره فى مقام العمل بالنظر الى ما استقرّ عليه طريقة العقلاء من عدم الاعتناء باحتمال وجود المزيل ما لم يتحقق.

(قوله وفيه منع استلزام الخ) حاصل الايراد انّ عدم العلم بالمؤثر لا يستلزم الظنّ بالبقاء بل مستلزم لاحتمال البقاء والذى يستلزم رجحان البقاء وظنه هو الظن بعدم المؤثر وهو فى المقام ممنوع بل المفروض فى الاستدلال عدم ذلك ولو تمسك المستدلّ باصالة العدم فلا يجديه ايضا.

(وما يقال) من انّ له اثبات الظنّ به بوجه آخر وهو انّ زوال البقاء محتاج الى المقتضى ورفع المانع بخلاف بقاء البقاء فانه محتاج الى رفع المانع

٩٦

(ومحصل الجواب) عن هذا وامثاله من ادلتهم الراجعة الى دعوى حصول ظن البقاء منع كون مجرد وجود الشىء سابقا مقتضيا لظن بقائه كما يشهد له تتبع موارد الاستصحاب مع انه ان اريد اعتبار الاستصحاب من باب الظن النوعى يعنى لمجرد كونه لو خلى وطبعه يفيد الظن بالبقاء وان لم يفده فعلا لمانع ففيه انه لا دليل على اعتباره اصلا وان اريد اعتباره عند حصول الظن فعلا منه فهو وان استقام على ما يظهر من بعض من قارب عصرنا من اصالة حجية الظن إلّا ان القول باعتبار الاستصحاب بشرط حصول الظن الشخصى منه حتى انه فى المورد الواحد يختلف الحكم باختلاف الاشخاص والازمان وغيرها لم يقل به احد فيما اعلم عدا ما يظهر من شيخنا البهائى قده فى عبارته المتقدمة وما ذكره قده مخالف للاجماع ظاهرا لان بناء العلماء فى العمل بالاستصحاب فى الاحكام الجزئية والكلية والموضوعات خصوصا العدميات على عدم مراعات الظن الفعلى. فقط فيقدّم الثانى لكونه اقلّ احتمالا من الاوّل.

(فمدفوع) بانّ هذا ايضا لا يتمّ الّا باجراء الاصل وتقدم انه غير مجد فى المقام كما صرّح به بعض الاعلام.

(قوله مع ان مرجع هذا الوجه الخ) اقول انّ عمدة ادلة حجية الاستصحاب على ما يستفاد من كلماتهم هو ان بقاء ما ثبت راجح فيجب الاخذ به والّا لزم العمل بالمرجوح وبعبارة اخرى انّ ما تحقق وجوده ولم يظنّ او لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء وقد ذكر القوم ادلة كثيرة كادت تبلغ عشرة كلها راجعة الى ذلك والاولى ان تجعل تقريرات مختلفة لدليل واحد لا ادلة مستقلة الّا ما يكون ظاهرا فى الاستقلال فمن جملتها ما ذكر.

٩٧

(ومنها) انّ الباقى مستغن عن المؤثّر فى بقائه والّا لزم تحصيل الحاصل بناء على ما ذهب اليه جماعة من المتكلمين من انّ علة الحاجة الى العلة هى الحدوث استقلالا أو شرطا فيكون ارتفاع الواقع وجودا وعدما مرجوحا وبقائه راجحا فيجب العمل بالرّاجح.

(ومنها) انّ ما ثبت فى الزّمن الأول ولم يظهر زواله قطعا او ظنّا كان الظنّ ببقائه ثابتا اذ لولاه لزم ان لا يتقرّر معجزة لابتناء تقرّرها على استمرار العادة وان لا يثبت الاحكام الشّرعيّة لجواز النسخ وان يكون الشّكّ فى الطلاق كالشّك فى النكاح لكن الاجماع قام على اباحة الوطى فى الأول دون الثانى.

(ومنها) انّ الباقى لا يعدم الا عند وجود المانع والمفتقر الى المؤثر كما يعدم عند وجود المانع يعدم عند عدم المقتضى وما لا يعدم الّا بطريق واحد اولى بالوجود ممّا يعدم بطريقين الى غير ذلك من الأدلة الّتى تعرّض لها بعض الاعلام من المحشين ولكن لا يخلو بعضها من اشكال.

(محصل الجواب منه قده) عن الأدلّة الراجعة الى دعوى حصول ظنّ البقاء منع كون مجرّد وجود الشيء سابقا مقتضيا لظنّ بقائه كما يشهد له تتبع موارد الاستصحاب مع انّه ان اريد اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ النّوعى يعنى لمجرد كونه لو خلى وطبعه يفيد الظّنّ بالبقاء وان لم يفده فعلا لمانع ففيه انّه لا دليل على اعتباره اصلا لانّ غاية ما يمكن ان يستدل به لاعتباره هو دليل الانسداد وهو بمحل المنع فى المقام لانّ نتيجته انّما هو حجيّة الظّنّ الشخصى لا النّوعى وان اريد اعتباره عند حصول الظّن فعلا منه فهو وان استقام على ما يظهر من بعض الاعلام كالوحيد البهبهانى والسيد الرّياض والمحقق القمى قدّس الله اسرارهم من اصالة حجيّة الظّنّ المطلق الّا انّ القول باعتبار الاستصحاب بشرط حصول الظّنّ الشخصى منه حتى انه فى المورد الواحد يختلف الحكم باختلاف الاشخاص

٩٨

والازمان وغيرها لم يقل به احد عدا ما يظهر من الشيخ البهائى (ره) فى عبارته المتقدمة وما ذكره (ره) مخالف للإجماع ظاهرا لانّ بناء العلماء فى العمل بالاستصحاب فى الاحكام الجزئية والكليّة والموضوعات خصوصا العدميّات على عدم مراعات الظنّ الفعلى.

٩٩

(ثم) ان ظاهر كلام العضدى حيث اخذ فى افادته الظن بالبقاء عدم الظن بالارتفاع ان الاستصحاب امارة حيث لا امارة وليس فى الامارات ما يكون كذلك نعم لا يبعد ان يكون الغلبة كذلك وكيف كان فقد عرفت منع افادة مجرد اليقين بوجود الشىء للظن ببقائه وقد استظهر بعض تبعا لبعض بعد الاعتراف بذلك ان المنشأ فى حصول الظن غلبة البقاء فى الامور القارة قال السيد الشارح للوافية بعد دعوى رجحان البقاء ان الرجحان لا بد له من موجب لان وجود كل معلول يدل على وجود علته له اجمالا وليست هى اليقين المتقدم بنفسه لان ما ثبت جاز ان يدوم وجاز ان لا يدوم ويشبه ان يكون هى كون الاغلب فى افراد الممكن القار ان يستمر وجوده بعد التحقق فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاص للالحاق بالاعم الاغلب هذا اذا لم يكن رجحان الدوام مؤيدا بعادة أو امارة وإلّا فيقوى بهما وقس على الوجود حال العدم اذا كان يقينيا انتهى كلامه رفع مقامه.

(اقول) ان القائلين بحجيّة الاستصحاب من باب افادته الظّن اخذوا فى موضوعه عدم الظّنّ المعتبر على خلافه فهو عندهم امارة حيث لا أمارة فلا يقاوم الاستصحاب مع سائر الأدلّة الاجتهاديّة وليس فى الامارات ما يكون كذلك.

(نعم) لا يبعد ان يكون الغلبة مثل الاستصحاب لانها توجب الحاق الفرد المشكوك بالغالب فلا بدّ ان يكون الفرد المذكور قبل النّظر الى الغالب مشكوكا وبعد النّظر اليه مظنونا فلو كان هناك امارة على الخلاف لخرج المشكوك عن كونه كذلك ولا يفيد النّظر الى الغالب ظن الحاقه به.

(وكيف كان) قد عرفت منع افادة مجرّد اليقين بوجود الشىء للظّنّ ببقائه وقد استظهر بعض تبعا لبعض بعد الاعتراف بذلك انّ المنشا فى حصول الظّنّ غلبة البقاء فى الامور القارّة.

١٠٠