درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

الوضع مثل ما دلّ على سببية البيع ونجاسة الكلب وعلى هذا لا ينبغى من ذى مسكة فضلا عن المحققين ان ينازع فى التعميم والانحصار فكيف يتوهّم انّ الحكم بهذا المعنى مختص بالتكليفى واما على الأخير فالتخصيص بديهىّ فكيف يتوهّم التعميم لان الغرض من تعريف الحكم بالطلب كما صرّح به فى الزبدة اخراج الوضعية فكيف يتوهم انقسام الحكم بهذا المعنى الى التكليفى والوضعى.

(وثانيهما) ما هو المعروف بين المتأخرين وهو النافع فى مقام العمل وهو انّ الاحكام الوضعيّة اعنى السببيّة والشرطيّة ونحوهما مما يطلق عليه الحكم الشرعى مجازا او بالاشتراك هل هى مجعولة او امور منجعلة والتغاير بين هذا الوجه فى تحرير النّزاع وما تقدّم فى غاية الوضوح لانه يجوز ان يقال فى هذا العنوان بعدم الجعل بالنسبة الى الحكم الوضعى مع القول فى العنوان السابق بان الحكم الشرعى مصطلح فيما هو اعمّ من التكليفى والوضعى ويشهد بذلك كلام المحقّق جمال الدين حيث عدّ من الاحكام الشرعية نحو قوله تعالى (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) وكذلك يمكن ان يقال فى هذا العنوان بالجعل بالنسبة اليه ويقال فى العنوان السابق بانّ المصطلح فى الحكم الشرعى هو التكليفى فقط.

(الثانى) لا شبهة فى صحة اطلاق الحكم على الوضع كاطلاقه على التكليف ويشهد بذلك كثرة اطلاقه عليه فى كلمات الاعلام ولا بدّ ان يلحظ ما هو المراد من الحكم عند النافى والمثبت فقد يكون المراد من الحكم خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين وقد يكون المراد منه المحمول الشرعى الذى لا سبيل لنا اليه قبل بيان الشارع وانتسابه الى موضوعه.

(فان كان المراد) هو المعنى الاوّل عند النافى فهذا مسلم عند المثبت فانّه يعترف بعدم صحة اطلاقه بهذا المعنى على الوضع.

(وان كان المراد) هو المعنى الثانى عند المثبت فهذا لا ينكره المنكر ويسلّم صحة اطلاقه بهذا المعنى على الوضع على وجه الحقيقة سواء كان قائلا بانّ الوضع

٢٠١

من الامور الواقعيّة او قائلا بانه من الامور الانتزاعية فانّ الوضع على هذين القولين ايضا محمول اخذ من الشارع فقول الشارع الماء طاهر يكشف عن هذا الامر الواقعى الذى لا سبيل لنا اليه قبل اسناده الى الماء وحمله عليه فيكون محمولا شرعيّا وكذا يكشف عن جواز استعماله فيما يعتبر فيه الطّهور على القول بكون الطهارة منتزعة من التكليف فيكون هذا الامر الانتزاعى محمولا شرعيّا.

(الثالث) بعد ما عرفت من كون الوضع حكما فهل هو كالتكليف فى الجعل والاستقلال ام لا جعل الّا للتكليف والوضع منتزع منه فمحلّ الكلام هو انّ واقعيّة الوضع ونفس امريته هل هو بانشائه كالتكليف حيث انّه بمجرد انشائه يكون حكما وتكليفا بعد ما لم يكن فالشىء الذى لم يكن سببا ولا شرطا هل يكون كذلك بمجرّد انشاء الشارع السببية او الشرطيّة له بحيث يصدق بالحمل الشائع انه سبب او شرط ام يتوقف نفس امريّته على اختلاف افراده على جعل التكليف.

(ومن الواضح) انّ محلّ الكلام هو جعله وصلاحيّته للانشاء ثبوتا لا اثباتا فلو قال الشارع مثلا دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة والحيض مانع عنها وكان كلامه كناية عن وجوب الصلاة فى هذا الحال وحرمتها فى حال الحيض لا اشكال فيه لبداهة ان لا ضير فى التعبير عن الوجوب والحرمة بالسبب والمانع فما تراه فى بعض كلمات من التعبير بالفاظ الوضع لا ينافى النزاع فى جعله وانشائه.

٢٠٢

(والعجب) ممن ادعى بداهة بطلان ما ذكرنا مع ما عرفت من انه المشهور والذى استقر عليه رأى المحققين فقال قده فى شرحه على الوافية تعريضا على السيد صدر الدين واما من زعم ان الحكم الوضعى عين الحكم التكليفى على ما هو ظاهر قولهم ان كون الشىء سببا لواجب هو الحكم بوجوب الواجب عند حصول ذلك الشىء فبطلانه غنى عن البيان اذ الفرق بين الوضع والتكليف مما لا يخفى على من له ادنى مسكة والتكاليف المبنية على الوضع غير الوضع والكلام انما هو فى نفس الوضع والجعل والتقرير.

(قوله والعجب ممن ادعى بداهة بطلان ما ذكرنا) هو السيّد محسن الاعرجى الكاظمى ره وحاصل كلامه انّه لا داعى لصرف ظاهر الخطاب الوضعى فى نحو قوله الدلوك سبب لوجوب الصلاة الى انّه الحكم بوجوب الصلاة عنده وكون الوضعى مستتبعا للتكليفى فى خطابه لا يوجب ارجاعه اليه ولا كلام فى الفرق بينهما مفهوما واثرا ومغايرة الوضع للتكليف يقضى بالاخذ بالوضع ايضا حيث استفيد من الكلام ولو استتباعا فحيث كان الوضع من المفاهيم المستقلة المغايرة للتكليف والحكم لا مانع من تعلّق الجعل به وحيث كان مستفادا من الخطاب لا وجه لارجاعه الى الحكم التكليفى من الوجوب والحرمة.

(واجاب الشيخ قده) اوّلا بعدم الاحتياج الى جعل الوضع اذا فرض جعل التكليف وكان الوضع مفهوما انتزاعيّا وعدم دلالة الكلام الملقى الّا على انشاء التكليف وان مجرّد المغايرة مفهوما لا يقضى باستفادة الوضع من الخطاب سواء اريد انّ التكليف والوضع انشاء بجعل واحد ام اريد انّهما انشاءان بجعلين بل الخطاب لا يستفاد منه الّا التكليف سواء كان الخطاب بلفظ الإنشاء كقوله اكرم زيدا ان جاءك فانّ المستفاد منه ليس الّا وجوب الاكرام عند مجيئه وانتزاع سببيّة المجىء للوجوب لا مدخليّة لدلالة الخطاب بتعلّق الجعل بها كانتزاع مسببيّة وجوب الاكرام

٢٠٣

(وبالجملة) فقول الشارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة والحيض مانع منها خطاب وضعى وان استتبع تكليفا وهو ايجاب الصلاة عند الزوال وتحريمها عند الحيض كما ان قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ودعى الصلاة ايام اقرائك خطاب تكليفى وان استتبع وضعا وهو كون الدلوك سببا والاقراء مانعا والحاصل ان هناك امرين متباينين كل منهما فرد للحكم فلا يغنى استتباع احدهما للآخر عن مراعاته واحتسابه فى عداد الاحكام انتهى كلامه رفع مقامه.

حينئذ او كان بلفظ الاخبار كقوله دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة فان المستفاد منه ليس الّا الاخبار عن تحقّق الوجوب عند الدلوك واستفادة المفهوم الانتزاعى عن الخطاب لا يوجب تغيّر الاوّل عما هو عليه.

(وثانيا) بانّ الحكم الوضعى غير قابل للجعل والتقرّر والانشاء لا استقلالا ولا تبعا بقوله مضافا الى انّه لا معنى لكون السببيّة مجعولة فيما نحن فيه حتى يتكلم انّه بجعل مستقلّ اولا.

(وتوضيح) مرامه بحيث لا يشذّ عنه شىء انه لا كلام فى اختلاف الحكم التكليفى مع السببيّة والشرطية والمانعية والجزئية مفهوما وكذا لا كلام فى انّها من المعانى الملحوظة عند جعل الحكم التكليفى لانّ الشرطيّة والجزئيّة ملحوظتان فى الامر بالمركب والمشروط وكذلك الكلام فى السببية والمانعية وكذا لا كلام فى ارتباطها بالمأمور به بمعنى انّ لها مدخلية فى المصلحة الكامنة فيه بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد اولها مدخلية فى الغرض.

(وانما الكلام) فى انّ الامور المذكورة هل هى مجعولة بالجعل الشرعى كالاحكام التكليفية سواء كان جعلها مستقلا ام كان جعلها وجعل التكليف بجعل واحد او انّ المجعول الشرعى هو التكليف وهذه امور اعتبارية انتزاعية محضة ويختار انّ

٢٠٤

الحق انها ليست الّا على الوجه الثانى فانّها امور لا قابلية لها للجعل والانشاء مثل الموجودات الخارجية فكما لا يتعقل فيها الجعل الشرعى لانّ المقصود من الجعل ان كان كينونتها على ما هى عليها فهى حاصلة ولا اثر للجعل فى ذلك اصلا وان كان كينونتها على غير ما هى عليها فهى محال وتبدّل الوجود بالوجود امر آخر ليس المحل قابلا لذلك كذلك لا يتعقّل ذلك فى السببيّة واخواتها ولا يتصوّر هذه الامور الّا ان تكون اعتبارية محضة ولا وجود لها الّا بوجود منشإ انتزاعها كالمسببيّة والممنوعيّة وكالمطلوبية للمأمور به ضرورة انّ الوجوب انما يحصل من انشاء الطلب الالزامى وبعد تحقّق انشاء الطلب يتحقق الوجوب وبذلك يحصل صفة المطلوبيّة للمأمور به ويحصل العلم بانّه محبوب او مبغوض والسببيّة القائمة بالشىء كالدّلوك بالنسبة الى وجوب الصلاة ليست من لوازم ذاته فليست هى معنى يوجب ايجاب الشارع للفعل عند حصوله اى ليست مما له تحقق خارجى ولو فرض انه كذلك لم يقبل الجعل لكونه بنفسه امرا واقعيّا حينئذ لا تناله يد الجعل اثباتا ونفيا.

(وكيف كان) قد اختلفت الاقوال فى المسألة.

(منها) انّ الاحكام الوضعيّة ليست بمجعولة بل هى امور منتزعه من الاحكام التكليفيّة وهو المشهور كما نسب اليهم المصنّف ره فى الكتاب تبعا لشرح الزّبدة بل عن شرح الوافية للسيد صدر الدين انّ الذى استقرّ عليه رأى المحقّقين انّ الخطاب الوضعى مرجعه الى الخطاب الشرعى.

(ومنها) انها امور مستقلة مجعولة بجعل على حدة كالحكم التكليفى مطلقا وهو المنسوب الى اكثر المتأخرين سيّما متأخّرى متاخّريهم كالشيخ محمد تقى فى هداية المسترشدين واخيه صاحب الفصول وصاحب الاشارات حتى قيل انه بالغ فى ذلك الى الغاية.

(ومنها) القول بالتفصيل بين الصحة والفساد وبين غيرهما من ساير الاحكام الوضعيّة بدعوى المجعوليّة فى الثانى دون الاوّلين وهو المنسوب الى العضدى

٢٠٥

(ومنها) التّفصيل ايضا بين الصحة والفساد فى العبادات وبينهما فى المعاملات بجعلهما فى الثانى دون الاوّل.

(ومنها) قول بالتّفصيل بين انّ الصحة فى العبادات ان كانت موافقة الامر فليست بمجعولة بل امر اعتبارى وان كانت اسقاط الامر فمجعولة ويأتى تحقيق ذلك فى عبارة المصنّف إن شاء الله تعالى.

٢٠٦

(اقول) لو فرض نفسه حاكما بحكم تكليفى ووضعى بالنسبة الى عبده لوجد من نفسه صدق ما ذكرنا فانه اذا قال لعبده اكرم زيدا اذا جاءك فهل يجد المولى من نفسه انه انشأ إنشاءين وجعل امرين احدهما وجوب اكرام زيد عند مجيئه والآخر كون مجيئه سببا لوجوب اكرامه او ان الثانى مفهوم منتزع من الاول لا يحتاج الى جعل مغاير لجعله ولا الى بيان مخالف لبيانه ولهذا اشتهر فى السنة الفقهاء سببية الدلوك ومانعية الحيض ولم يرد من الشارع الا انشاء طلب الصلاة عند الاول وطلب تركها عند الثانى فان اراد بتباينهما مفهوما فهو اظهر من ان يخفى كيف وهما محمولان مختلفا الموضوع وان اراد كونهما مجعولين بجعلين فالحوالة على الوجدان لا البرهان وكذا لو اراد كونهما مجعولين بجعل واحد فان الوجدان شاهد على ان السببية والمانعية فى المثالين اعتباران منتزعان

(اقول) ان ما يستفاد من عبارة الشيخ قده ان الرّجوع الى الوجدان يقتضى الحكم بكون اكرم زيدا ان جاءك انشاء حكم واحد تكليفى عند المجىء وليس هناك انشاء حكم آخر وهو السببيّة خصوصا مع غفلة المولى عن سببية المجىء فمع الغفلة كيف يمكن الحكم بانشاء السببية ايضا فلا بدّ من الالتزام بكون السببية كالمسبّبية منتزعة من الحكم التكليفى المزبور فاذا كانت منتزعة فى المورد المزبور تكون منتزعة مطلقا لامتناع كون شيء انتزاعيّا فى مورد واصيلا ومجعولا فى مورد آخر ومما ذكرناه يندفع ما اورده بعض المحشين بانه لا شهادة فى مجرّد كون اكرم زيدا ان جاءك خطابا واحدا لانشاء خصوص احد الحكمين وانتزاع الآخر عنه لصدق ما ادّعاه قده لاعميّته منه لوضوح عدم الملازمة بينه وبين صلاحية الوضع للجعل بخطاب آخر يخصه كما لا يخفى. (قوله لا يحتاج الى جعل مغاير الخ) يعنى لا يحتاج الى جعل اصلا ولو

٢٠٧

كالمسببية والمشروطية والممنوعية مع ان قول الشارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة ليس جعلا للايجاب استتباعا كما ذكره بل هو اخبار عن تحقق الوجوب عند الدلوك هذا كله مضافا الى انه لا معنى لكون السببية مجعولة فيما نحن فيه حتى يتكلم انه بجعل مستقل او لا فانا لا نعقل من جعل الدلوك سببا للوجوب خصوصا عند من لا يرى كالاشاعرة الاحكام منوطة بالمصالح والمفاسد الموجودة فى الافعال الا انشاء الوجوب عند الدلوك وإلّا فالسببية القائمة بالدلوك ليست من لوازم ذاته بان يكون فيه معنى يقتضى ايجاب الشارع فعلا عند حصوله ولو كانت لم تكن مجعولة من الشارع ولا نعقلها ايضا صفة اوجدها الشارع فيه باعتبار الفصول المنوعة ولا الخصوصيات المصنفة او المشخصة هذا كله فى السبب والشرط والمانع والجزء.

بالتبع بان يكونا حاصلين بجعل واحد ويأتى التّصريح من المصنّف بذلك عن قريب.

(قوله كالمسببية والمشروطية والممنوعية) ظاهر كلامهم التسالم على عدم مجعوليّتها وانها غير مجعولة عند الجميع وقد عرفت احتمال مجعوليّتها عند القائل بعدم الانحصار مع الحكم بكون الحكم الوضعى مجعولا.

(قوله هذا كله مضافا) اشارة الى البرهان على عدم تعقّل الجعل وعدم امكانه اذ لا معنى لكون السببية مجعولة فيما نحن فيه حتى يتكلم انه بجعل مستقلّ او لا فانا لا نعقل من جعل الدلوك سببا للوجوب.

(قوله خصوصا عند من لا يرى كالاشاعرة الخ) اقول اذ ليس عندهم فى نفس المأمور به مصلحة ولا فى المنهى عنه مفسدة تبعثان الشارع على الامر والنهى بل انما يحسن ويقبح بعد امره ونهيه فالحسن مثلا انما هو فى نفس الأمر فحينئذ

٢٠٨

لا يعقل السببيّة مع انّ السببية لو كانت من لوازم ذات السّبب لكانت مكشوفة لا مجعولة ولا نعقلها ايضا صفة اوجدها الشارع فيه باعتبار الفصول المنوّعة ولا الخصوصيات المصنّفة او المشخّصة.

(ولكن) لا يخفى انّ النزاع فى جعل احكام الوضع وعدم جعلها لا يدور على مذهب العدلى او الاشعري لانّ الاحكام التكليفية عند الأشعرى غير منوطة بالمصالح والمفاسد مع انّها مجعولة عندهم والاحكام الوضعيّة مجعولة عند كثير منهم مع عدم اناطتها بالمصالح والمفاسد وهى غير مجعولة عند كثير من العدليّة او المشهور منهم مع اناطتها بالمصالح والمفاسد.

(قوله ولو كانت لم تكن مجعولة من الشارع) يعنى ولو كانت السببيّة بمعنى المصلحة او بمعنى التأثير او يجرى مجراهما امرا واقعيّا موجودا فى الخارج وتكون لازمة لذات السبب باعتبار الوجود لم تكن مجعولة من الشارع بل مجعولة بالجعل التكوينى كسائر الأشياء الموجودة فى الخارج وهو خارج عن محل الكلام.

(قوله هذا كله فى السبب الخ) الاولى ان يقول كذا هذا كلّه فى السببية والشّرطية الخ كما لا يخفى وقد عرفت اختلاف الحال فيها بما لا مزيد عليه.

٢٠٩

(واما الصحة والفساد) فهما فى العبادات موافقة الفعل المأتى به للفعل المأمور به او مخالفته له ومن المعلوم ان هاتين الموافقة والمخالفة ليستا بجعل جاعل واما فى المعاملات فهما ترتب الاثر عليها وعدمه فمرجع ذلك الى سببية هذه المعاملة لاثرها وعدم سببية تلك فان لوحظت المعاملة سببا لحكم تكليفى كالبيع لاباحة التصرفات والنكاح لاباحة الاستمتاعات فالكلام فيهما يعرف مما سبق فى السببية واخواتها وان لوحظت سببا لامر آخر كسببية البيع للملكية والنكاح للزوجية والعتق للحرية وسببية الغسل للطهارة فهذه الامور بنفسها ليست احكاما شرعية نعم الحكم بثبوتها شرعى وحقائقها اما امور اعتبارية منتزعة من الاحكام التكليفية كما يقال الملكية كون الشيء بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه والطهارة كون الشيء (اقول) تفسير المذكور على اصطلاح المتكلمين ومن الواضح انّ الصحة والفساد بالمعنى المذكور عندهم يكونان من الاوصاف الّتى لا دخل لها بالجعل الشرعى وامّا على اصطلاح الفقهاء فهما عبارتان عن اسقاط القضاء وعدمه وبهذا المعنى ايضا لا يكونان مجعولين فانّ القضاء انما هو لتدارك ما فات ومع عدم الفوت لا قضاء ومعه لا اسقاط فعدم التدارك مع عدم الفوت كالتدارك وثبوت القضاء مع الفوت ليس امرا مجعولا بل التّعبير بالقضاء ليس الّا لخروج وقت العبادة وفوت مصلحة الوقت وهو لا يتدارك.

(ومن المعلوم) انّهما بكلا المعنيين ليستا بجعل جاعل اذ هما من الأمور القهريّة المترتبة على فعل المكلّف ومن الواضح ان مثلها لا تكون قابلة للجعل التكوينى فضلا عن التشريعى واما اسقاط القضاء او الاعمّ منه ومن الاعادة فهو ايضا من الأمور العقلية من غير ان يكون لجعل الشارع مدخليّة فيه.

(واما فى المعاملات) فالفساد بمعنى عدم ترتّب الأثر ومرجعه الى امر عدمىّ

٢١٠

بحيث يجوز استعماله فى الاكل والشرب والصلاة نقيض النجاسة واما امور واقعية كشف عنها الشارع فاسبابها على الاول فى الحقيقة اسباب للتكاليف فيصير سببية تلك الاسباب فى العادة كمسبباتها امورا انتزاعية وعلى الثانى يكون اسبابها كنفس المسببات امورا واقعية مكشوفا عنها ببيان الشارع وعلى التقديرين فلا جعل فى سببية هذه الاسباب ومما ذكرناه تعرف الحال فى غير المعاملات من اسباب هذه الامور كسببية الغليان فى العصير للنجاسة وكالملاقاة لها والسبى للرقية والتنكيل للحرية والرضاع لانفساخ الزوجية وغير ذلك فافهم وتامل فى المقام فانه من مزال الاقدام. موافق للاصل واما الصحة بمعنى ترتب الأثر فالأثر المترتب ان كان من قبيل الأحكام التكليفية كاباحة التصرفات فى البيع والصلح والهبة فالكلام فيها حينئذ هو الكلام فى السببية للتكليف اذ يرجع صحتها حينئذ الى سببيّتها لآثارها وان كان من قبيل الملكية والزوجية والحرّية والطهارة فهذه الأمور بنفسها ليست احكاما شرعية مجعولية نعم الحكم بثبوتها اى الأخبار عنها والتصديق بها من دون جعل شرعى وهى اما ان تكون منتزعة من الأحكام التكليفية ومعنى الملكية كون الشيء بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه والطهارة كون الشيء بحيث يجوز استعماله فى الأكل والشرب فاسبابها حينئذ تكون كمسبباتها انتزاعية وتكون اسبابا للحكم التكليفى وامّا ان تكون امورا واقعيّة كشف عنها الشارع فتكون اسبابها ايضا كذلك هذا ملخّص ما افاده قدس‌سره فى معنى الصحة والفساد وغيرهما من الاحكام الوضعية.

(قوله نعم الحكم بثبوتها شرعى) ليس المراد بالحكم الانشاء حتى ينافى ما صرّح به من عدم مجعوليتها بل المراد الأخبار بثبوتها والتصديق به من الشرع وهذا المعنى يتحقّق مع الحكم بكونها اعتبارية انتزاعية ومع الحكم بكونها امورا واقعية مجعولة بالجعل التكوينى اما على الاوّل فلانّ المراد بها ليس ان لا يكون

٢١١

لها منشأ انتزاع اصلا بل المراد ان لا يكون لها ما بازائها فى الخارج فحينئذ يكون لها واقعية فلا بأس باخبار الشارع بثبوتها واما على الثانى فلانّ الأخبار بها من الشرع يكون امضاء او تاكيدا لما ثبت عند العرف وحينئذ فلا ينافى ثبوت جميعها او اكثرها عند العرف وبما ذكرناه اتّضح عدم الأشكال فى العبارة.

(وقد قيل) فى بيان العبارة انّ المراد بثبوته شرعا ليس ثبوت نفس الأمر الاعتبارى بل ما انتزع منه الأمر الاعتبارى اعنى الحكم التكليفى الذى هو شرعى وفيه مع ما فيه من التكلّف فى الجملة اهمال لبيان الشق الآخر الّذى ذكره المصنف فى الكتاب.

(قوله كشف عنها الشارع) ولو كان بامضاء ما عند العرف هى المسبّبات بحسب الصورة.

(قوله كمسبباتها امورا انتزاعية) والمراد بالمسببات هى المسببات بحسب الصورة وهى الملكية والزّوجية وامثالهما لا المسببات بحسب الحقيقة وهى التكاليف اذ لا يمكن كونها انتزاعية بالاتفاق.

(قوله وعلى الثانى يكون اسبابها كنفس المسببات) يعنى على التقدير الثانى يكون سببية تلك الأسباب كنفس المسببات امورا واقعية لانّ الكلام فى نفس السببية لا فى الأسباب فانها واقعية مطلقا حتى على التقدير الاوّل فيكون المراد بالسببية هو التأثير او ما يشمل على المؤثر او ما يشتمل على المصلحة لا المعنى المعروف وهو كون الشيء بحيث يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته الذى هو محل النزاع اذ هو انتزاعى مطلقا فى جميع الصور عند المصنف ره كما صرّح به بعض المحشين.

٢١٢

(قوله) وعلى الاول يكون وجوب ذلك الشىء او ندبه فى كل جزء من اجزاء ذلك الوقت ثابتا بذلك الامر فالتمسك فى ثبوت الحكم فى الزمان الثانى بالنص لا بثبوته فى الزمان الاول حتى يكون استصحابا اقول فيه ان الموقت قد يتردد وقته بين زمان وما بعده فيجرى الاستصحاب واورد عليه تارة بان الشك قد يكون فى النسخ واخرى بان الشك قد يحصل فى التكليف كمن شك فى وجوب اتمام الصوم لحصول مرض يشك فى كونه مبيحا للافطار وثالثة بانه قد يكون اول الوقت وآخره معلوما ولكنه يشك فى حدوث الآخر والغاية فيحتاج المجتهد فى الحكم بالوجوب او الندب او الحكم بعدمهما عند عروض ذلك الشك الى دليل عقلى او نقلى غير ذلك الامر هذا ولكن الانصاف عدم ورود شيء من ذلك عليه (قوله فيه ان الموقت قد يتردد الخ) اقول قد يتردّد الوقت ويقع الشكّ فى الموقت بوجوه مذكورة فى كلمات الاعلام.

(منها) ما ذكره بعضهم وهو ما اذا ثبت الحكم بالعلامة وتجعل دليلا عليه فى الجملة ولكن يشكّ فى انّ وضعها لذلك هل يكون على الاطلاق او على التقييد من حيث انّ الوضع لم يعلم من الخطاب ليرتفع الاشتباه بظهور الفرق بين المطلق والمقيّد بل بالاجماع مثلا كما فى استصحاب جواز الردّ بالغبن الفاحش بعد اوّل اوقات العلم به ومثل ذلك ما لو وجدنا الصّحابة يتبادرون عند الزلزلة والكسوف وكلّ مخوّف الى الصلاة فنعلم سببية الخوف ونشكّ هل كانت المبادرة للتوقيت كما فى الكسوف او للاهتمام كما فى الزّلزلة فنحكم بالوجوب على من لم يتبادروا انّ تمادى الوقت بالاستصحاب.

(ومنها) قد يشكّ فى كون الموقت موسعا او مضيقا فانه بعد مضى زمان يحتمل كون الحكم مضيقا يشكّ فى بقاء الحكم فيستصحب.

٢١٣

اما الشك فى النسخ فهو خارج عما نحن فيه لان كلامه فى الموقت من حيث الشك فى بعض اجزاء الوقت كما اذا شك فى جزء مما بين الظهر وو العصر فى الحكم المستفاد من قوله اجلس فى المسجد من الظهر الى العصر وهو الذى ادعى ان وجوبه فى الجزء المشكوك ثابت بنفس الدليل واما الشك فى ثبوت هذا الحكم الموقت لكل يوم او نسخه فى هذا اليوم فهو شك لا من حيث توقيت الحكم بل من حيث نسخ الموقت فان وقع الشك فى النسخ الاصطلاحى لم يكن استصحاب عدمه من الاستصحاب المختلف فيه لان اثبات الحكم فى الزمان الثانى لعموم الامر الاول للازمان ولو كان فهم هذا العموم من استمرار طريقة الشارع بل كل شارع على ارادة دوام الحكم ما دامت تلك الشريعة لا من عموم لفظى زمانى.

(ومنها) انّ الوقت قد يتردّد امره بين زمان وما بعده كالغروب الشرعى المردّد بين استتار القرص وذهاب الحمرة المشرقية فالشكّ فى الحقيقة انما تعلّق بقدح العارض وهو الاستتار الى غير ذلك مما يظهر من كلماتهم منها ما ذكره الشيخ قده فى الكتاب والاستصحاب جار فى جملة صور الترديد.

(ولكن) ظاهر عبارة الشيخ قده جريان الاستصحاب فى الحكم مع كون الشبهة حكمية بان لم يعلم ان الوقت المضروب للفعل ما هو كما اذا شكّ فى انّ الغروب هو استتار القرص او زوال الحمرة المشرقية وقد اورد عليه بانه لا يجرى استصحاب الحكم قطعا لفرض الشكّ فى موضوعه واما استصحاب نفس الموضوع فلا يجرى ايضا امّا لانّ تعيين احد الحادثين بالاصل لا يجوز للتعارض فاصالة عدم تعيين الشارع لاستتار القرص معارض باصالة عدم تعيينه لذهاب الحمرة واما لانّ استصحاب بقاء الوقت الكلّى يصير مثبتا والظاهر هو الاوّل هذا مع انّ جريان الاستصحاب فى الوقت مما تسلّمه الفاضل التونى حيث جوّز جريان الاستصحاب فى

٢١٤

الاسباب والشروط والموانع والوقت اما سبب او شرط.

(قوله واورد عليه تارة) الايراد الاوّل للسيد المحقّق الكاظمى مع ايرادات اخرى والثانى للمحقّق القمى والثالث للسيد صدر الدين مع ايرادات اخرى.

(قوله اما الشك فى النسخ فهو خارج عما نحن فيه) اقول محصله انّ كلام المفصّل فى الموقّت من حيث بعض اجزاء الوقت واما الشك فى ثبوت الحكم الموقت كصلاة الكسوف مثلا فى بعض زمان لاحتمال النسخ فهو شكّ لا من حيث توقيت الحكم بل من حيث نسخ الموقت فان وقع الشكّ فى النّسخ الاصطلاحى الذى هو عبارة عن رفع الحكم الذى ثبت دوامه الى آخر الشّريعة اما لعموم الأمر الأوّل زمانا او لفهم هذا المعنى من استمرار طريقة الشارع على ارادة دوام الحكم ما دامت تلك الشريعة كما يستفاد ذلك من قوله عليه‌السلام حلال محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلال الخ فاستصحاب عدمه ليس من الاستصحاب المختلف فيه بل هو من قبيل اثبات الحكم بالدليل.

(قوله لان كلامه فى الموقت الخ) يعنى انّ كلام الفاضل التونى حيث ذكر انه يتمسك بالأمر لا بالاستصحاب انما هو اذا شكّ فى خروج بعض الأجزاء التى للموقت بحيث يرجع الأمر الى التخصيص فيتمسك به لدفع احتماله واما احتمال النسخ فهو احتمال ناش من رفع اليد عن الحكم الثابت فى موضوع فى الازمنة المتأخرة بعد العمل او بعد حضور وقته واين هو من التخصيص الذى يشك فى ارادته من اوّل الأمر من اللفظ وحينئذ فالايراد عليه بالشك فى النسخ غير وارد عليه لخروجه عن محلّ كلامه.

(قوله لم يكن استصحاب عدمه من الاستصحاب المختلف فيه) الاولى جعل هذا وما سيأتى فى قوله وبالجملة جوابين فحق العبارة فى هذا المقام ان يقال لم يكن هذا من الاستصحاب اصلا لانّ التمسك فيه بعموم الدّليل وعلى تقدير كونه استصحابا فهو ليس استصحابا مختلفا فيه وكلامه انّما يكون فيه حيث قال فظهر

٢١٥

انّ الاستصحاب المختلف فيه لا يكون الّا فى الاحكام الوضعيّة لكن هذا انما يتمّ على تقدير كون الوصف احترازيّا وامّا على تقدير كونه توضيحيّا فلا.

(قوله لعموم الامر الاول للازمان) قد اورد عليه بانّ التمسك بالعموم الزمانى للدليل انما يصحّ اذا كان الدليل دالّا عليه كقولهم تمسّكوا بالسبب ابدا والّا فيحتاج الى الاستصحاب ولا ينحصر الشكّ فى النسخ فيما اذا استفيد العموم الزّمانى بل الشكّ فيه يتصوّر على وجهين.

(احدهما) ما ذكره وهو ان يشكّ فى ثبوت الحكم الموقّت فى كل يوم ونسخه فى ذلك اليوم.

(وثانيهما) انّ الحكم الموقّت هل يبقى الى آخر الوقت المضروب له او ينسخ قبل انتهائه وهذا يتحقّق فيما لا يكون فيه عموم زمانىّ فانّه يكفى فى تحقّقه التوقيت ولعلّ قوله فتامّل اشاره الى ذلك.

٢١٦

(وكيف كان) فاستصحاب عدم النسخ لدفع احتمال حصول المخصص فى الازمان كاستصحاب عدم التخصيص لدفع احتمال المخصص فى الافراد واستصحاب عدم التقييد لدفع ارادة المقيد من المطلق والظاهر ان مثل هذا ليس محلا لانكاره وليس اثباتا للحكم فى الزمان الثانى لوجوده فى الزمان الاول بل لعموم دليله الاول كما لا يخفى.

(وبالجملة) فقد صرح هذا المفصل بان الاستصحاب المختلف فيه لا يجرى فى التكليفيات ومثل هذا الاستصحاب مما انعقد على اعتباره الاجماع بل الضرورة كما تقدم فى كلام المحدث الأسترآباديّ ولو فرض الشك فى نسخ حكم لم يثبت له من دليله ولا من الخارج عموم زمانى فهو خارج عن النسخ الاصطلاحى داخل فيما ذكره من ان الامر اذا لم يكن للتكرار يكفى فيه المرة ولا وجه للنقض به فى مسئلة الموقت فتامل واما الشك فى تحقق المانع كالمرض المبيح للافطار والسفر الموجب له وللقصر والضرر المبيح لتناول المحرمات

(قوله قده داخل فيما ذكره من ان الامر اذا لم يكن للتكرار الخ) قد اورد عليه بانّ فرض كلام المورد ليس داخلا فيما ذكره الفاضل التونى من انّ الامر اذا لم يكن للتكرار يكفى فيه المرّة لانّ فرض المورد فيما اذا لم يعلم من الدليل او من الخارج عموم زمانى وكلام الفاضل التونى فيما اذا علم بعدم العموم والتكرار فليس كلام المورد داخلا فيما ذكره اذ يمكن فى فرض المورد جريان الاستصحاب فى الحكم بتقريب انّه اذا ثبت حكم ولم يثبت من دليله ولا من الخارج عموم زمانى وشككنا فى انّ المرّة هل هى رافعة للحكم ام لا فحينئذ يستصحب الحكم بعد الاتيان بالمرّة ولا يمكن جريان الاستصحاب بناء على فرض الفاضل اذ بعد العلم بعدم التكرار واتيان المرّة لا يبقى مورد للاستصحاب مضافا الى ما قد يقال من انّ المرّة والتكرار لا يأتيان الّا فيما اذا ثبت التكليف مرّة واحدة والمفروض فى المقام الشكّ فى ثبوته

٢١٧

فهو الذى ذكره المفصل فى آخر كلامه بجريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى تبعا للحكم الوضعى فان السلامة من المرض الذى يضربه الصوم شرط فى وجوبه وكذا الحضر وكذا الامن من الضرر فى ترك المحرم فاذا شك فى وجود شىء من ذلك استصحب الحالة السابقة له وجودا او عدما ويتبعه بقاء الحكم التكليفى السابق بل قد عرفت فيما مر عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى إلّا مع قطع النظر عن استصحاب موضوعه وهو الحكم الوضعى فى المقام مثلا اذا اوجب الشارع الصوم الى الليل على المكلف بشرط سلامته من المرض الذى يتضرر بالصوم فاذا شك فى بقائها وحدوث المرض المذكور واحرز الشرط بالاستصحاب اغنى عن استصحاب المشروط بل لم يبق مجرى له لان معنى استصحاب الشرط ترتيب آثار وجوده وهو ثبوت المشروط مع فرض وجود باقى العلل الناقصة وحينئذ فلا يبقى الشك فى بقاء المشروط. كذلك فى الزّمان اللّاحق لاحتمال النسخ. (ولكن) يمكن منع استصحاب المورد بانّ استصحاب الحكم فى الفرض المذكور غير سليم لانّ مرجع الشكّ فى الفرض الى الشكّ فى اصل التكليف لانّ القدر المتيقّن من الاشتغال انّما هو بالنسبة الى المرّة وامّا بالنسبة الى الزّائد فيكون ثبوت التكليف مشكوكا فينفى بالاصل. (ولعل الامر) بالتأمّل بعد ذلك اشارة الى ما ذكر من المناقشة او يقال فى وجهه انّ مثل قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) كما يحتمل فيه عموم الازمان بالنسبة الى كلّ يوم فيجرى فيه احتمال النسخ المصطلح كذا يحتمل فيه عدم اعتبار ذلك العموم لكن لا يخرج بذلك عن احتمال جريان النسخ المصطلح بملاحظة العموم الثابت بالنسبة الى اجزاء ذلك الوقت ولو فى عموم واحد فلا يدخل

٢١٨

فيما اذا لم يكن الامر للتكرار فلا فائدة فى جعل الموقّت قسمين.

(قوله واما الشك فى تحقق المانع كالمرض المبيح) يمكن ان يقال انّ المرض ليس عبارة عن امر عدمىّ وهو عدم السلامة حتى يرجع الى شرطيّة السلامة بمعنى الصحة واراد المورد انّ المرض بعنوانه رافع لا مانع فلا ينحصر مجرى الاستصحاب فى ذات السبب والشرط والمانع.

(قوله بل قد عرفت فيما مر عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى إلّا مع قطع النظر عن استصحاب موضوعه الخ).

(اقول) محصّله عدم جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى بملاحظة تبعيّته للحكم الوضعى ايضا امّا لانّ استصحاب الحكم الوضعى مغن عن الاستصحاب فى الحكم التكليفى لانّ معنى استصحاب الشرط وعدم المانع هو ترتيب آثار وجوده وهو ثبوت المشروط اى الحكم التكليفى فلا فائدة فى اجراء الاستصحاب فى المشروط او لانّ الشكّ فى الحكم التكليفى مسبّب عن الشكّ فى الحكم الوضعى ومع جريان الاصل فى السّبب لا مجرى للاصل فى المسبّب لا معارضا ولا معاضدا.

(اقول) الناظر فى كلام الفاضل التونى يعلم ان غرضه من منع جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى فى الموقّتات هو كفاية الامر والدليل فى اثبات ذلك الحكم فى الزّمان المشكوك من غير حاجة الى الاستصحاب لا ان يكون غرضه منع اجراء الاستصحاب فى الحكم التكليفى من جهة كون الاستصحاب فيه مسبّبا عن الحكم الوضعى فلا يجرى فيه الاستصحاب ما دام بقاء الاصل فى السبب او من جهة الغناء عن الاستصحاب فى الحكم الوضعى كيف والّا فهذا الغناء والتسبيب قد يكون فى الحكم الوضعى ايضا وحينئذ فالايراد عليه بصورة الشكّ فى تحقّق المانع فى بعض اجزاء الوقت فى محلّه لعدم كفاية الامر والدليل فى اثبات ذلك الحكم فى زمان الشكّ فى المزيل والمانع بل لا بدّ فى ذلك من الاستصحاب اللهم

٢١٩

الّا ان يقال بجواز التمسّك بالعام والمطلق فى الشبهات المصداقيّة والامر بالموقّت وان لم يكن من العام والمطلق المصطلح بالنسبة الى اجزاء الوقت الّا انّ حكمه حكم العامّ والمطلق نظير العشرة وصيغ الجمع وحينئذ فثبوت الحكم فى زمان الشكّ من جهة الامر لا من جهة الاستصحاب.

٢٢٠