درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

التجدّد ذاتيا فيه فى اللّاحق بخلاف موارد الشك فى المقتضى.

(قوله طلوع الفجر وغروب الشمس) يعنى يستصحب فى الشك فى بقاء اللّيل عدم طلوع الفجر وفى بقاء النهار عدم غروب الشمس.

(قوله وان كان دون الاول فى الظهور) الوجه فى كونه دون الأوّل فى الظهور هو انهما ليسا نفس الزّمان بل امر يوجد فى الزّمان ولذا يسمّى بالزمانى فاذا جرى الاستصحاب فى الزّمان يجرى الاستصحاب فى الزمانى بطريق اولى.

(ثم) ان ما ذكره الشيخ قدس سرّه فى هذا المقام من ان مرجع الطلوع والغروب الى الحركة الحادثة شيئا فشيئا ينافى ما يظهر منه فى ذلك المقام بل المحكى انه صرّح به فى مجلس بحثه من ان المراد بالطلوع مثلا هو طلوع الشمس من الأفق وبالغروب هو غروبها عنه وهذا مما ليس يوجد تدريجا فتدريجا وصرّح بالتنافى المذكور بعض الاعلام من المحشّين فى ذلك المقام.

١٨١

(وبما ذكرنا) يظهر ورود النقض المذكور عليه فى سائر الامثلة فاى فرق بين الشك فى تحقق الحدث او الخبث بعد الطهارة الذى جعل الاستصحاب فيه من ضروريات الدين وبين الشك فى كون المذى محكوما شرعا برافعية الطهارة فان الطهارة السابقة فى كل منهما كان منوطا بعدم تحقق الرافع وهذا المناط فى زمان الشك غير متحقق فكيف يسرى حكم حالة وجود المناط اليه وثانيا بالحل بان اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة الذى يتوقف صدق البناء على اليقين ونقضه بالشك عليه امر راجع الى العرف لانه المحكم فى باب الالفاظ ومن المعلوم ان الخيار والشفعة اذا ثبتا فى الزمان الاول وشك فى ثبوتهما فى الزمان الثانى يصدق عرفا ان القضية المتيقنة فى الزمان الاول بعينها مشكوكة فى الزمان الثانى نعم قد يتحقق فى بعض الموارد الشك فى احراز الموضوع للشك فى مدخلية الحالة المتبدلة فيه فلا بد من التأمل التام فانه من اعظم المزال فى هذا المقام.

(ومما ذكرناه) ظهر ورود النقض المذكور عليه فى سائر الامثلة فاىّ فرق بين الشّك فى تحقق الحدث او الخبث بعد الطّهارة الذى جعل الاستصحاب فيه من ضروريات الدين وبين الشكّ فى كون المذى محكوما شرعا برافعيّة الطهارة فان الطهارة السّابقة فى كل منهما كان منوطا بعدم تحقق الرّافع.

(وهذا المناط) فى زمان الشّكّ غير متحقق فكيف يسرى حكم حالة وجود المناط اليه.

(قوله وثانيا بالحل بان اتحاد القضية الخ) ملخص ذلك ان الاقوال فى مقام احراز الموضوع فى مجرى الاستصحاب ثلاثة.

(احدها) الاحراز بالدقة العقليّة وهذا ظاهر كلام المستدلّ ومقتضى هذا

١٨٢

القول عدم حجية الاستصحاب فى صورة الشكّ فى المقتضى وحجيته فى صورة الشّك فى المانع باقسامه سواء كان فى الاحكام ام فى الموضوعات ولا وجه حينئذ التفصيل بين الأحكام والموضوعات.

(وثانيها) الاحراز بالادلة الشرعية الدالة على المستصحب وعلى ذلك لا وجه للتفصيل ايضا كما لا يخفى.

(وثالثها) الأحراز بالعرف وهو كالسّابق فيما ذكر فالحاصل ان المناط على التحقيق هو العرف وهو لا يلتفت الى امثال هذه التغيّرات بل التحقيق ان يقال ان ما تخيّله المحدّث ساقط عن أصله اذ لو اراد من تبدّل الموضوع تبدّله من أصله بحيث لا يبقى موضوع المسألة الأولى ففيه ان من يقول بحجية الاستصحاب يشترط فيه بقاء الموضوع بل هو شرط فى تحقّق مجراه.

(قوله ومن المعلوم ان الخيار والشفعة اذا الخ) لا يخفى انّ ما ذكره هنا من جريان الاستصحاب فى المثالين مع انّ الشك فيهما من قبيل الشك فى المقتضى انّما هو على رأى الغير ثمّ ان الشيخ قدس سرّه قد بنى هنا جريان الاستصحاب وعدمه على مساعدة العرف على الحكم بالبقاء وعدم مساعدتهم فيجرى فى صورة المساعدة مطلقا ولا يجرى فى صورة العدم مطلقا.

(ولكن) ذكر قده فى المكاسب فى باب خيار الغبن ما يظهر منه المخالفة لما هنا قال قده واما استناد القول بالتّراخى الى الاستصحاب فهو حسن على ما اشتهر من المسامحة فى تشخيص الموضوع فى استصحاب الحكم الشّرعى الثابت بغير الادلّة اللفظية المشخصة للموضوع مع كون الشك من حيث استعداد الحكم للبقاء.

(واما) على التحقيق من عدم احراز الموضوع فى مثل ذلك على وجه التحقيق فلا يجرى فيما نحن فيه الاستصحاب فان المتيقّن ثبوت الخيار على من لم يتمكن من تدارك ضرره بالفسخ فاذا فرضنا ثبوت هذا المعنى من الشرع فلا معنى لانسحابه

١٨٣

فى الآن اللاحق مع انّ الشخص قد تمكّن من التدارك فلم يفعل لانّ هذا موضوع آخر يكون اثبات الحكم له من القياس المحرّم نعم لو احرز الموضوع من الدّليل اللفظى على المستصحب او كان الشّك فى رافع الحكم حتى لا يحتمل ان يكون الشك لاجل تغير الموضوع اتّجه التمسك بالاستصحاب فتأمل جيدا.

١٨٤

(واما ما ذكره) ثانيا من معارضة قاعدة اليقين والاصل بما دل على التوقف ففيه مضافا الى ما ذكرناه من ضعف دلالة الاخبار على وجوب الاحتياط وانما يدل على وجوب التحرز عن موارد التهلكة الدنيوية والاخروية والاخيرة مختصة بموارد حكم العقل بوجوب الاحتياط من جهة القطع بثبوت العقاب اجمالا وتردده بين المحتملات ان اخبار الاستصحاب حاكمة على ادلة الاحتياط على تقدير دلالة الاخبار عليه ايضا كما سيجىء فى مسئلة تعارض الاستصحاب مع سائر الاصول إن شاء الله تعالى.

(ثم) ان ما ذكره من انه شبهة عجز عن جوابها كثير من الفحول مما لا يخفى ما فيه اذ اى اصولى او فقيه تعرض لهذه الاخبار وورود هذه الشبهة فعجز عن جوابها مع انه لم يذكر فى الجواب الاول عنها الا ما اشتهر بين النافين للاستصحاب ولا فى الجواب الثانى الا ما اشتهر بين الاخباريين من وجوب التوقف والاحتياط فى الشبهة الحكمية (حجة) القول السادس على تقدير وجود القائل به على ما سبق التأمل فيه تظهر مع جوابها مما تقدم فى القولين السابقين.

(اقول) انّ الجواب عن اخبار التوقّف بان التوقّف انما هو بالنّسبة الى الحكم الواقعى ولا منافات بينه وبين البراءة والاستصحاب بالنسبة الى الحكم الظاهرى مع انّ اخبار التوقّف مغيّاة بالسّؤال وملاقاة الامام عليه‌السلام وقد سئل فاجاب بالاستصحاب فى موارده وبذلك يرتفع موضوع اخبار التوقّف.

(واما الجواب) عن اخبار الاحتياط فبضعف السند اولا والدّلالة ثانيا اذ لو سلّم دلالتها على وجوب الاحتياط فلا شكّ انّ الوجوب ليس ذاتيّا كوجوب الصلاة ونحوها بل هو لاجل دفع الخوف وعدم الوقوع فى الهلكة والعمل بالاستصحاب والبراءة فى موردهما يؤمن العامل بهما عنه اذ هما من الأدلّة الشرعية المجعولة من

١٨٥

قبل الشارع فحينئذ يرتفع موضوع الاحتياط.

(ثم) انّ ما ذكره المحدث الاسترآبادى من انّه شبهة عجز عن جوابها الفحول ممّا لا يخفى ما فيه إذ أيّ أصوليّ او فقيه تعرّض لهذه الأخبار وورود هذه الشبهة فعجز عن جوابها مع انّه لم يذكر فى الجواب الأول عنها الّا ما اشتهر بين النّافين للاستصحاب ولا فى الجواب الثانى الّا ما اشتهر بين الاخباريّين من وجوب التوقف والاحتياط فى الشبهة الحكميّة هذا.

(ولكن) المحكى عن المحدّث المذكور مع شدّة انكاره فى الفوائد المدنية قد ذكر فى تعليقاته على المدارك على ما حكاه عنه المحدّث البحرانى فى الدرّة النجفية ما يوجب الرّجوع الى الحقّ والاذعان بحجية الاستصحاب فى الحكم الكلّى مع الشكّ فى الرّافع فراجع الكتاب المذكور وقد اورد فيها عليه بوجوه من الايراد وقد اعترف بدلالة الكلام المنقول على ذلك السيد المحقق الكاظمى فى شرح الوافية ايضا.

(قوله حجة القول السادس على تقدير الخ) وهو التفصيل بين الحكم الجزئى وغيره فلا يعتبر فى غير الأول وهذا هو الّذى يستظهر من كلام المحقق الخوانسارى فى حاشية شرح الدروس على ما حكاه السيد فى شرح الوافية.

(قوله تظهر مع جوابها مما تقدم) لانّ حجّة عدم حجيّة الاستصحاب فى الحكم الكلى هى حجّة القول الخامس الّذى اختاره الأخباريّون من عدم شمول الأخبار للشبهة الحكميّة الكليّة وحجة عدم حجيّة الاستصحاب فى الامور الخارجية ما نقله فى بيان دليل القول الرابع من انّ الأخبار لا يظهر شمولها للامور الخارجيّة اذ يبعد ان يكون مرادهم عليهم‌السلام بيان الحكم فى مثل الامور الّتى ليست حكما شرعيّا وان امكن ان يصير منشأ لحكم شرعى ودليل حجية الاستصحاب فى الاحكام الجزئية دلالة الأخبار على ذلك خصوصا مع ملاحظة كون مورد بعض الاخبار ذلك فافهم.

١٨٦

(حجة القول السابع) الذى نسبه الفاضل التونى قده الى نفسه وان لم يلزم مما حققه فى كلامه فانه بعد الاشارة الى الخلاف فى المسألة قال ولتحقيق المقام لا بد من ايراد كلام يتضح به حقيقة الحال فنقول الاحكام الشرعية تنقسم الى ستة اقسام الاول والثانى الاحكام الاقتضائية المطلوب فيها الفعل وهو الواجب والمندوب والثالث والرابع الاحكام الاقتضائية المطلوب فيها الترك وهو الحرام والمكروه والخامس الاحكام التخييرية الدالة على الاباحة والسادس الاحكام الوضعية كالحكم على الشىء بانه سبب لامر او شرط له او مانع له والمضايقة بمنع ان الخطاب الوضعى داخل فى الحكم الشرعى مما لا يضر فيما نحن بصدده.

(اقول) القول السابع هو التفصيل بين الاحكام الوضعية يعنى نفس الاسباب والشروط والموانع والاحكام التكليفيّة التّابعة لها وبين غيرها من الاحكام الشرعية فيجرى فى الاول دون الثانى وهذا التفصيل منسوب الى الفاضل التّونى وهو الذى يظهر من كلماته بعد التّدبر التّام فيها.

(واشار) قدس‌سره بقوله وان لم يلزم ممّا حقّقه الى الاعتراض على الفاضل التّونى حيث قال فيما سيأتى من كلامه عن قريب فظهر ممّا ذكرناه انّ الاستصحاب المختلف فيه لا يجرى الّا فى الاحكام الوضعية اعنى نفس الاسباب والشرائط والموانع للاحكام الخمسة من حيث انها كذلك وحاصل الاعتراض هو انه لم يظهر من المقدّمة التى قدّمها الفاضل التونى والتحقيق الذى سبق منه جريان الاستصحاب فى نفس الاسباب والشروط والموانع وانما لزم منها عدم جريان الاستصحاب فى الاحكام التكليفية وفى الاحكام الوضعية بالمعنى المعروف وهى السببية والشرطية والمانعية لا جريانه فى الاسباب والشروط والموانع وسيجىء التصريح من الشيخ قدس‌سره بهذا الاعتراض وقد سبقه فى هذا الاعتراض السيدان

١٨٧

الفاضلان الشارحان للوافية السيد الصّدر والسيد المحقق الكاظمى قدس‌سرهما.

(قوله المطلوب فيها الفعل وهى الواجب والمندوب) ولا يخفى انّ الحكم عبارة عن الوجوب والندب والحرمة والكراهة باعتبار تعلقها بفعل المكلف والواجب والمندوب والحرام والمكروه انما هى افعال المكلفين التى تعلق بها تلك الاحكام ففى عبارته ره مسامحة ظاهرة كما سامح ايضا فى اطلاق الحكم الوضعى على ذات السبب والشرط والمانع التى هى اوصاف قائمة بتلك الذوات وهذه الاوصاف هى التى وقع الخلاف فى انها متأصّلة فى الجعل ام لا والّا فمن البديهى ان نفس الذوات غير قابلة لتعلق الجعل الشرعى بها بحيث لا يريب فيه ذو مسكة.

١٨٨

اذا عرفت هذا فاذا ورد امر بطلب شيء فلا يخلو اما ان يكون موقتا ام لا وعلى الاول يكون وجوب ذلك الشىء او ندبه فى كل جزء من اجزاء الوقت ثابتا بذلك الامر فالتمسك فى ثبوت ذلك الحكم فى الزمان الثانى بالنص لا بالثبوت فى الزمان الاول حتى يكون استصحابا وهو ظاهر وعلى الثانى ايضا كذلك ان قلنا بافادة الامر التكرار وإلّا فذمة المكلف مشغولة حتى يأتى به فى اى زمان كان ونسبة اجزاء الزمان اليه نسبة واحدة فى كونه اداء فى كل جزء منها سواء قلنا بان الامر للفور ام لا والتوهم بان الامر اذا كان للفور يكون من قبيل الموقت المضيق اشتباه غير خفى على المتأمل فهذا ايضا ليس من الاستصحاب فى شيء ولا يمكن ان يقال اثبات الحكم فى القسم الاول فيما بعد وقته من الاستصحاب فان هذا لم يقل به احد ولا يجوز اجماعا وكذا الكلام فى النهى بل هو الاولى بعدم توهم الاستصحاب فيه لان مطلقه يفيد التكرار والتخييرى ايضا كذلك فالاحكام التكليفية الخمسة المجردة عن الاحكام الوضعية لا يتصور فيه الاستدلال بالاستصحاب فاما الاحكام الوضعية فاذا جعل الشارع شيئا سببا (اقول) اذا عرفت انقسام الأحكام الشرعيّة الى ستة اقسام الأوّل والثانى الأحكام الاقتضائيّة المطلوب فيها الفعل وهو الواجب والمندوب والثالث والرابع الأحكام الاقتضائية المطلوب فيها الترك وهو الحرام والمكروه والخامس الاحكام التخييرية الدالة على الاباحة والسادس الاحكام الوضعيّة كالحكم على الشيء بانه سبب لأمر او شرط له او مانع له فحينئذ اذا ورد امر بطلب شيء فلا يخلو اما ان يكون موقّتا ام لا وعلى الأوّل يكون وجوب ذلك الشيء او ندبه فى كل جزء من اجزاء الوقت ثابتا بذلك الأمر فالتمسك فى ثبوت ذلك الحكم فى الزّمان الثانى بالنصّ لا بالثبوت فى الزّمان الأول حتى يكون استصحابا وهو ظاهر وعلى

١٨٩

لحكم من الاحكام الخمسة كالدلوك لوجوب الظهر والكسوف لوجوب صلاته والزلزلة لصلاتها والايجاب والقبول لاباحة التصرفات والاستمتاعات فى الملك والنكاح لتحريم ام الزوجة والحيض والنفاس لتحريم الصوم والصلاة الى غير ذلك فينبغى ان ينظر الى كيفية سببية السبب هل هى على الاطلاق كما فى الايجاب والقبول فان سببيته على نحو خاص وهو الدوام الى ان يتحقق المزيل وكذا الزلزلة او فى وقت معين كالدلوك ونحوه مما لم يكن السبب وقتا وكالكسوف والحيض ونحوهما مما يكون السبب وقتا للحكم فان السببية فى هذه الاشياء على نحو آخر فانها اسباب للحكم فى اوقات معينة وجميع ذلك ليس من الاستصحاب فى شيء فان ثبوت الحكم فى شيء من اجزاء الزمان الثابت فيه الحكم ليس تابعا للثبوت فى جزء آخر بل نسبة السبب فى محل اقتضاء الحكم فى كل جزء نسبة واحدة وكذلك الكلام فى الشرط والمانع.

الثانى ايضا كذلك ان قلنا بافادة الامر التكرار والّا فذمّة المكلف مشغولة حتى يأتى به فى اىّ زمان كان.

(قوله فذمة المكلف مشغولة الخ) قد فهم منه الشيخ قده على ما سيأتى ان مراده التمسك بنفس الأمر والدليل اللفظى وعدم جريان الاستصحاب ولكن فهم منه بعض المحشّين التمسك بقاعدة الاشتغال والظاهر هو الأوّل من جهة ظهور كلامه فى ذلك ومن جهة ورود الاستصحاب على قاعدة الاشتغال الّا ان يدفع هذا بانّ الحكم للشك لا للمشكوك او بان الورود غير ظاهر كونه مذهبا للفاضل التونى وان كان هو مقتضى التحقيق.

(قوله اشتباه غير خفى على المتأمل) وجهه انّ الموقت لا بدّ ان يكون اوّله وآخره معلوما واما الفور فالمراد به العرفى وهو يختلف باختلاف الافعال فاذا

١٩٠

كان السفر مثلا قريبا لا يحتاج الى تهيئة الزاد والراحلة كثيرا بخلاف السفر البعيد.

(ويمكن) ان يكون وجهه انه يكون بالنسبة الى الزمان الأول للفور وبالنسبة الى ما بعده يكون الامر مطلقا ويمكن ان يكون وجهه ما اشار اليه بعض المحققين من ان الموقت المضيّق ينتفى بانتفاء وقته بخلاف ما اذا كان الأمر للفور فانه اذا لم يات به فى اول زمان الامكان فيجب فى ثانيه وثالثه وهكذا فيكون فورا بعد فور وهذا هو احد الاقوال فى المسألة.

(قوله والنكاح لتحريم ام الزوجة الخ) يعنى جعل الشارع الايجاب والقبول فى خصوص النكاح سببا لتحريم أمّ الزوجة والحيض والنفاس لتحريم الصوم والصلاة الى غير ذلك فينبغى ان ينظر الى كيفية سببية السبب هل هى على الاطلاق كما فى الايجاب والقبول فان سببيته على نحو خاصّ وهو الدّوام الى ان يتحقق المزيل.

(قوله او فى وقت معين كالدلوك ونحوه مما لم يكن السبب وقتا الخ) توضيح ذلك انّ السبب على قسمين احدهما ما يكون سببا للحكم على الاطلاق بمعنى انه لو لا المزيل لكان المسبب باقيا دائما ثانيهما ما يكون سببا للحكم فى وقت معين وهذا على وجهين احدهما ان يكون سببا للحكم وظرفا للمحكوم عليه ايضا كالكسوف ونحوه وثانيهما ما يكون سببا للحكم من غير ان يكون ظرفا للمحكوم عليه كالدّلوك فانه سبب للحكم من غير ان يكون ظرفا للمحكوم عليه فمراده من الحكم فى قوله مما يكون السبب وقتا للحكم هو المحكوم عليه او نفسه لكن باعتبار البقاء.

(قوله وجميع ذلك ليس من الاستصحاب فى شىء) يحتمل ان يريد عدم جريان الاستصحاب فى نفس السببية التى هى من الاحكام الوضعية لان السببية ان كانت مطلقة ثبتت فى جميع الاوقات وان كانت فى وقت معين تثبت فى جميع اجزاء ذلك الوقت بنفس الدليل الدّال على السببية فلا يتصور الشك فيها حتى

١٩١

يجرى الاستصحاب فيها وكذلك لا يجرى فى المسبب وهو الحكم الشرعى لانّ الشكّ فيه لا بدّ من ان يكون من جهة الشك فيها مع عدم تصوّر الشك فيها فلا يجرى فيها ولا فيه وقد فهم المصنف فيما سيأتى من كلامه انّ مراده عدم جريان الاستصحاب فى المسبب.

(قوله فان ثبوت الحكم فى شيء من اجزاء الخ) يعنى انّه لا بدّ فى الاستصحاب من ان يكون ثبوت الحكم فى الزّمان الثانى تابعا للثبوت فى الزّمان الاول ومن جهة ثبوته فيه بان يكون الثبوت فى الزّمان السابق سببا للحكم بثبوته فى الزّمان الثانى وليس الأمر كذلك فى السببية فان ثبوت الحكم فيها فى جميع اجزاء الزمان من جهة الدليل الدال عليها من غير فرق بين الزمان الاول والثانى بالاصالة والتبعية قوله وكذلك الكلام فى الشرط والمانع يعنى فى الشرطيّة والمانعيّة.

١٩٢

(فظهر مما ذكرناه) ان الاستصحاب المختلف فيه لا يكون إلّا فى الاحكام الوضعية اعنى الاسباب والشرائط والموانع للاحكام الخمسة من حيث انها كذلك ووقوعه فى الاحكام الخمسة انما هو بتبعيتها كما يقال فى الماء الكر المتغير بالنجاسة اذا زال تغيره من قبل نفسه فانه يجب الاجتناب عنه فى الصلاة لوجوبه قبل زوال تغيره فان مرجعه الى ان النجاسة كانت ثابتة قبل زوال تغيره فكذلك يكون بعده ويقال فى المتيمم اذ وجد الماء فى اثناء الصلاة ان صلاته كانت صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده اى كان مكلفا ومأمورا بالصلاة بتيممه قبله فكذا بعده فان مرجعه (قوله) فظهر مما ذكرناه الخ الوجه فى ذلك انه اذا فرض انتفاء الشك الذى هو مورد الاستصحاب فى الأحكام التكليفيّة من حيث هى كذلك والاحكام الوضعية بالمعنى المعروف اعنى السببية والشرطية والمانعية فينحصر مورد الرّوايات فى الاحكام الوضعية بالمعنى الذى ذكره اعنى نفس الأسباب والشّروط والموانع لعدم تحقق الشك على وجه يجرى فيه الاستصحاب الّا فيها لانه وان تحقّق الشك فى الاحكام الطلبية فى بعض الاحيان الّا انه ليس مورد جريان الاستصحاب بل هو مورد سائر الأصول اللفظية والعملية غير الاستصحاب.

(قوله) اعنى الأسباب والشرائط والموانع يعنى اذا شكّ فى بقائها نفسها يجرى الاستصحاب فيها بالذات وفى احكامها بالتّبع.

(قوله) من حيث انها كذلك قيّد بالحيثية لان المقصود الحقيقى من اجراء الاستصحاب فى الموضوعات المذكورة جعل الآثار الشرعية من قبل الشارع وترتيبها من قبل المكلف لا الآثار الآخر التى ليست من الأمور الشرعية.

(قوله ووقوعه فى الاحكام الخمسة الخ) ان اراد اجراء استصحاب آخر فى الاحكام الشرعية بعد اجراء الاستصحاب فى الموضوعات المذكورة فهو على

١٩٣

الى انه كان متطهرا قبل وجدان الماء فكذا بعده والطهارة من الشروط فالحق مع قطع النظر عن الروايات عدم حجية الاستصحاب لان العلم بوجود السبب او الشرط او المانع فى وقت لا يقتضى العلم بل ولا الظن بوجوده فى غير ذلك الوقت كما لا يخفى فكيف يكون الحكم المعلق عليه ثابتا فى غير ذلك الوقت فالذى يقتضيه النظر دون ملاحظة الروايات انه اذا علم تحقق العلامة الوضعية تعلق الحكم بالمكلف واذا زال ذلك العلم بطرو الشك يتوقف عن الحكم بثبوت ذلك الحكم الثابت اولا إلّا ان الظاهر من الاخبار انه اذا علم وجود شيء فانه يحكم به حتى يعلم زواله انتهى كلامه رفع مقامه.

خلاف التحقيق الآتى من عدم جريان الاستصحاب فى الحكم بعد جريان الاستصحاب فى الموضوع بل لو فرض عدم جريانه فيها لا يجرى فيه لعدم جريان الاستصحاب مع الشكّ فى الموضوع وان اراد انّ بقاء الحكم التكليفى يترتب على الاستصحابات الموضوعيّة فهو حقّ لا محيص عنه.

(قوله فان مرجعه الى ان النجاسة) انما جعل مرجعه الى هذا لان مقصوده الحكم ببقاء الحكم الشرعى من جهة استصحاب الموضوع وهو النجاسة فى المثال.

(قوله اى كان مكلفا الخ) انّما فسّره بذلك لان مقصوده الحكم ببقاء الحكم التكليفى تبعا للموضوع واجراء الاستصحاب فيه ولذا قال فانّ مرجعه الى انه كان متطهرا الخ وانما لم يجعل الحكم الحكم التكليفى تبعا للصحة المستصحبة لان الفاضل لم يجعلها من الاحكام الوضعية لا بالمعنى المعروف ولا بغيره.

(قوله إلّا ان الظاهر من الاخبار انه اذا علم الخ) اقول يمكن ان يستدلّ بالأخبار على حجيّة الاستصحاب فى الاسباب والشّروط والموانع فقط بوجهين.

١٩٤

(الاول) انّ العمدة فى اخبار الاستصحاب هو الصحيح الاوّل والثانى لزرارة وموردهما هو الطهارة من الحدث والطهارة من الخبث فيحمل اللّام على العهد لان اللفظ انما يحمل على العموم حيث لا عهد فلا دلالة فيهما على حجيته فى غيرهما الّا انه يلحق به ساير الشروط والاسباب والموانع من جهة عدم القول بالفصل.

(والثانى) ان اللّام وان كانت للجنس او للاستغراق الّا انه لا يمكن شمول الرّوايات لغير الموضوعات المذكورة لعدم حصول الشكّ فيه او لانه اذا حصل شك بدوىّ فيه يجب التمسك بالدليل اللفظى على ما عرفت من المقدّمة التى قدّمها لبيان ذلك.

(ويرد الاول) انّ حمل اللام على العهد خلاف الظاهر لانها حقيقة فى الجنس خصوصا مع انضمام القرائن التى ذكرناها سابقا عند الكلام فى الرواية مضافا الى ان الفاضل قد صرّح فى الوافية بكون اللّام للجنس وتعلق فيها بكلام الشارح الرّضى وابن الحاجب مضافا الى عدم معلومية عدم القول بالفصل مع انّ استصحاب الطهارة من الحدث او قاعدتها اجماعية حتى عند منكرى الاستصحاب.

(هذا) مضافا الى انّ الفاضل التونى ذكر الاخبار العامة ايضا مثل صحيحة ثالثة لزرارة ومثل قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال وغير ذلك.

(ويرد الثانى) انّ صور الشكّ فى غيرها كثيرة ايضا بحيث لا يتأتى التمسك فيها بغير الاستصحاب.

١٩٥

(وفى كلامه) انظار يتوقف بيانها على ذكر كل فقرة هى مورد للنظر (ثم) توضيح النظر فيه بما يخطر فى الذهن القاصر فنقول قوله اولا والمضايقة بمنع ان الخطاب الوضعى داخل فى الحكم الشرعى لا يضر فيما نحن بصدده فيه ان المنع المذكور لا يضر فيما يلزم من تحقيقه الذى ذكره وهو اعتبار الاستصحاب فى موضوعات الاحكام الوضعية اعنى نفس السبب والشرط والمانع لا فى التفصيل بين الاحكام الوضعية اعنى سببية السبب وشرطية الشرط والاحكام التكليفية وكيف لا يضر فى هذا التفصيل منع كون الحكم الوضعى حكما مستقلا وتسليم انه امر اعتبارى منتزع من التكليف تابع له حدوثا وبقاء وهل يعقل التفصيل مع هذا المنع.

(قوله ان المنع المذكور لا يضر الخ) اقول الوجه فى ذلك ان الحكم الوضعى بالمعنى الذى ذكره الفاضل التّونى (ره) اعنى الموضوعات الخارجيّة لم يتوهّم احد كونها من الامور الاعتبارية حتى يمنع من اجراء الاستصحاب فيها ولا تعلّق الجعل بالنسبة اليها ضرورة انّ نفس الذّوات غير قابلة لتعلّق الجعل الشرعى بها.

(قوله وكيف لا يضر فى هذا التفصيل منع كون الحكم الوضعى حكما مستقلا الخ) اقول يحتمل ان يكون غرضه من عدم المعقولية هو عدم معقوليّة التفصيل بين الوضع والتكليف على القول بانتزاع الوضع من التكليف بمعنى انه لا وجه لاجراء الاستصحاب فى الأمر المنتزع وعدم اجرائه فى منشإ انتزاعه بل لا بدّ اما من اجرائه فيهما او عدم اجرائه فيهما من دون تفصيل كما يحتمل قويّا ان يكون غرضه عدم معقولية اجراء الاستصحاب فى الحكم الوضعى على القول بانتزاعه من التكليف اما لان الشكّ فى الوضع حينئذ مسبّب عن الشك فى التكليف الّذى انتزع منه هذا الوضع ولو كانا متغايرين فالمرجع عند الشكّ فى الحكم

١٩٦

الوضعى على القول بانتزاع الوضع من التكليف هو اصل البراءة ولو كان للتّكليف حالة سابقة لعدم اعتبار الاستصحاب فى الحكم التكليفى عند هذا المفصّل او لانّ الاصل فى الحكم الوضعى حينئذ مثبت لان السببيّة المنتزعة من الحكم التكليفى معلولة له بمعنى انّ التكليف علّة لوجودها واستصحاب المعلول لاثبات العلة لا يتمّ الّا مع الاثبات ضرورة ان العلة اثر عقلىّ للمعلول لا اثر شرعى ولا كذلك لو قلنا بجعل الوضع وانتزاع التكليف منه اذ التكليف حينئذ معلول للوضع فباستصحاب الوضع يترتّب اثره الشرعى وهو التكليف مضافا الى امكان اجراء الاستصحاب فى الوضع على القول بالجعل لمجرّد اثباته وان لم يكن لترتب التكليف عليه والحاصل لا مجرى للاستصحاب فى الاحكام الوضعيّة على القول بانتزاعها من التكليف اما لانّ الاصل مثبت او لان الاصل فيها مسبّبىّ محكوم بالنسبة الى الاصل فى التكليف من البراءة على مذهب هذا المفصّل.

١٩٧

(ثم) انه لا بأس بصرف الكلام الى بيان ان الحكم الوضعى حكم مستقل مجعول كما اشتهر فى السنة جماعة او مرجعه الى الحكم التكليفى فنقول ان المشهور كما فى شرح الزبدة بل الذى استقر عليه رأى المحققين كما فى شرح الوافية للسيد صدر الدين ان الخطاب الوضعى مرجعه الى الخطاب الشرعى وان كون الشىء سببا لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشىء فمعنى قولنا اتلاف الصبى سبب لضمانه انه يجب عليه غرامة المثل او القيمة اذا اجتمع فيه شرائط التكليف من البلوغ والعقل واليسار وغيرها فاذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله اغرم ما اتلفته (لا بأس) ببسط المقام وتفصيل الكلام فى شرح محلّ النقض والابرام فنقول انه لا اشكال فى استقلال كلّ واحد من الوضع والتكليف مفهوما وتفاوتهما بحسبه جزما وانّه يمكن ان يعبّر عن كلّ بما يخصّه من الخطاب اخبارا وانشاء اذ الانشاء بمجرّده قليل المئونة وليس هو الّا قصد حصول المعنى باللّفظ وشبهه كما كان الاخبار به هو حكايته وبيان تحققه فى موطنه بهما ولذا كان لنسبته خارج دونه فكلّ ما يصح الاخبار عنه يمكن انشائه غاية الأمر ربما يكون لغوا لا يترتّب عليه اثر كالأخبار به كما لا يخفى.

(ثم) انّ المراد من الأحكام التكليفية هى المجعولات الشرعية الّتى تتعلّق بافعال العباد اوّلا وبالذّات بلا واسطة وهى تنحصر بالخمسة اربعة منها تقتضى البعث والزّجر وهى الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة وواحدة منها تقتضى التخيير وهى الاباحة.

(واما الاحكام الوضعية) فهى المجعولات الشرعية الّتى لا تتضمّن البعث والزّجر ولا تتعلّق بالأفعال ابتداء اوّلا وبالذات وان كان لها نحو تعلّق بها ولو باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفية سواء تعلّق الجعل الشرعى بها ابتداء تأسيسا

١٩٨

فى حال صغرك انتزع من هذا الخطاب معنى يعبر عنه بسببية الاتلاف للضمان ويقال انه ضامن بمعنى انه يجب عليه الغرامة عند اجتماع شرائط التكليف ولم يدع احد ارجاع الحكم الوضعى الى التكليف الفعلى المنجز حال استناد الحكم الوضعى الى الشخص حتى يدفع ذلك بما ذكره بعض من غفل عن مراد النافين من انه قد يتحقق الحكم الوضعى فى مورد غير قابل للحكم التكليفى كالصبى والنائم وشبههما وكذا الكلام فى غير السبب فان شرطية الطهارة للصلاة ليست مجعولة بجعل مغاير لانشاء وجوب الصلاة الواقعة حال الطهارة وكذا مانعية النجاسة ليست إلّا منتزعة من المنع عن الصلاة فى النجس وكذا الجزئية منتزعة من الامر بالمركب. او إمضاء أو تعلق الجعل الشرعى بمنشإ انتزاعها.

(وقد اختلفت) كلمات الاصحاب فى تعدادها فقيل انها ثلاثة وهى السببية والشرطيّة والمانعية.

(وقيل) انها خمسة بزيادة العلة والعلامة.

(وقيل) تسعة باضافة الصحة والفساد والرخصة والعزيمة.

(وقيل) انها غير محصورة بل كلّ ما لا يكون من الحكم التكليفى فهو من الحكم الوضعى سواء كان له دخل فى التّكليف او فى متعلقه او فى موضوعه حتى عدّ من الأحكام الوضعية مثل القضاوة والولاية بل قيل انّ الماهيّات المخترعة الشرعية كلّها من الأحكام الوضعية كالصوم والصلاة والحج ونحو ذلك وقد شنّع على القائل بذلك بان الصوم والصلاة والحج ليست من مقولة الحكم فكيف تكون من الأحكام الوضعية ولكن قيل يمكن توجيهه بانّ عدّ الماهيّات المخترعة الشرعية من الأحكام الوضعية انما هو باعتبار كونها مركّبة من الأجزاء والشرائط والموانع وحيث كانت الجزئية والشرطية والمانعية من الأحكام الوضعية فيصح عدّ جملة

١٩٩

المركّب من الأحكام الوضعية وليس مراد القائل بانّ الماهيّات المخترعة من الأحكام الوضعية كون الصلاة مثلا بما هى هى حكما وضعيا فانّ ذلك واضح الفساد لا يرضى المنصف ان ينسبه الى من كان من اهل العلم.

(وكيف كان) والتحقيق ان يقال انّ الأحكام الوضعية ليست بتلك المثابة من الاقتصار بحيث تختص بالثلاثة او الخمسة أو التّسعة المتقدمة ولا هى بهذه المثابة من التعميم بحيث تشمل الماهيات المخترعة والولاية والقضاوة بل ينبغى ان يقال انّ المجعولات الشرعية الّتى هى من القضايا الكلية الحقيقية على انحاء ثلاثة منها ما يكون من الحكم التكليفى ومنها ما يكون من الحكم الوضعى ومنها ما يكون من الماهيّات المخترعة فتأمّل.

(اذا عرفت ما ذكرناه) فنقول تحقيق الكلام فى هذا المقام بحيث يهذّب به المرام يستدعى رسم امور.

(الاول) فى تحرير محلّ النزاع وهو بين وجهين.

(احدهما) ما هو بين القدماء من العامة والخاصة الى زمان صاحب الوافية وشارحه السيد صدر الدّين ومن تبعهما من المتأخّرين وهو انّ الأحكام الشرعية منحصرة فى الخمسة التكليفية او منقسمة اليها والى ما يسمّونها بالأحكام الوضعية وتحقيق هذا مبنىّ على معرفة الحكم الشرعى فى اصطلاح القوم فانه عرّف بتعاريف.

(منها) انه خطاب الله المتعلق بافعال المكلّفين.

(ومنها) انه خطاب الشارع لفائدة شرعية وهذان من الاشاعرة كالغزالى والآمدي.

(ومنها) ما فى الزّبدة اعنى طلب الشارع الفعل أو الترك أو الترخيص وغير خفىّ على الوفىّ انّ شيئا من هذه غير قابل لجريان تحرير النزاع المذكور فيه اما الأوّلان اعنى الخطاب فلانّه بديهىّ انّ الخطابات الواصلة من الشارع منقسمة الى ما يشتمل على التكليف مثل ما دلّ على وجوب الصلاة والصوم وغيره وعلى

٢٠٠