درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

(والحاصل) انه اذا ورد نص او اجماع على وجوب شيء معين مثلا معلوم عندنا او ثبوت حكم الى غاية معينة عندنا فلا بد من الحكم بلزوم تحصيل اليقين او الظن بوجوب ذلك الشيء المعلوم حتى يتحقق الامتثال ولا يكفى الشك فى وجوده فى ارتفاع ذلك الحكم وكذا اذا ورد نص او اجماع على وجوب شيء معين فى الواقع مردد فى نظرنا بين امور ويعلم ان ذلك التكليف غير مشروط بشيء من العلم بذلك الشيء مثلا او ثبوت حكم الى غاية معينة فى الواقع مرددة عندنا بين اشياء ويعلم ايضا عدم اشتراطه بالعلم مثلا يجب الحكم بوجوب تلك الاشياء المرددة فى نظرنا وبقاء ذلك الحكم الى حصول تلك الاشياء ايضا ولا يكفى الاتيان بشيء واحد منها فى سقوط التكليف وكذا حصول شيء واحد فى ارتفاع الحكم

(اقول) قد اورد عليه بعض المحشين بانّ الحاصل لا يلائم المحصول والاجمال لا يناسب التفصيل لانّه حصر فى المحصول مجرى الاستصحاب فى صورة واحدة او صورتين على وجه وفى الحاصل اجرى الاشتغال الذي هو مدرك الاستصحاب عنده فى اربع صور وظنّى انّه غير وارد باعتبار انّ هذه الصور المذكورة فى الحاصل من شقوق الصّورة المذكورة فى المحصول من جهة الاحتمالات المتصورة فى الغاية فى كونها امرا واحدا او امورا متعدّدة وكونها غاية عندنا او فى الواقع وليست تلك الاقسام خارجة عما ذكر فى المحصول فلا حاجة الى الجواب عن ذلك بانّ ما ذكره اوّلا انّما كان على سبيل التمثيل لانه لا يسمن ولا يغنى من جوع لكونه اعترافا بورود الايراد فافهم.

(قوله يجب الحكم بوجوب تلك الاشياء المرددة فى نظرنا الخ) كل واحد من القسمين قد يكون فى الشبهة الحكميّة وقد يكون فى الشّبهة الموضوعية.

(والقسم الاول) خارج عن مورد الاستصحاب عنده والقسم الثانى مجرى

٣٢١

وسواء فى ذلك كون الواجب شيئا معينا فى الواقع مجهولا عندنا او اشياء كذلك او غاية معينة فى الواقع مجهولة عندنا او غايات كذلك وسواء ايضا تحقق قدر مشترك بين تلك الاشياء او الغايات او تباينها بالكلية واما اذا لم يكن الامر كذلك بل ورد نص مثلا على ان الواجب الشيء الفلانى ونص آخر على ان ذلك الواجب شيء آخر او ذهب بعض الامة الى وجوب شيء وبعض آخر على وجوب شىء آخر وظهر من النص والاجماع فى الصورتين ان ترك ذينك الشيئين معا سبب لاستحقاق العقاب فحينئذ لم يظهر وجوب الاتيان بهما معا حتى يتحقق الامتثال بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما سواء اشتركا فى امر ام تباينا كلية وكذلك الحكم فى ثبوت الحكم الكلى الى الغاية الاستصحاب وان كانت قاعدة الاشتغال جارية فى القسمين لما ذكرنا انّ مورد قاعدة الاشتغال اعمّ من مورد الاستصحاب ومنه يظهر انّ ما اورد عليه من انّ الحاصل لا يلائم المحصول لانه حصر الاستصحاب فى المحصول فى صورة واحدة او صورتين وفى الحاصل اجرى الاشتغال الّذي هو مدرك الاستصحاب عنده فى اربع صور غير وارد نعم لم يذكر المحقّق فى المحصول صورة استمرار الحكم الى غاية معلومة شكّ فى وجودها من موارد الاستصحاب وذكرها فى الحاصل واشرنا فيما سبق الى هذا.

(قوله وسواء تحقق قدر مشترك) كما اذا كان الدّوران بين الاقل والاكثر (قوله بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما الخ) ملخّصه انّه اذا تردّد الوجوب فى يوم الجمعة بين الظهر والجمعة باعتبار ورود نص على وجوب الاول والآخر على وجوب الآخر والاصحاب فى ذلك على قولين قول بوجوب الموافقة القطعية بالاتيان بهما كما هو الظاهر من المصنّف ومن يحذو حذوه ممّن يقول بالاحتياط فى المتباينين وقد مرّت الاشارة اليه فى مبحث البراءة وقول بعدم وجوب ذلك بل

٣٢٢

المتيقّن الذى هو محل الاجماع هى حرمة المخالفة القطعيّة واستحقاق العقاب بتركهما معا وكفاية الموافقة الاحتمالية وجواز المخالفة الاحتمالية كما هو ظاهر الفاضل القمى ومن يحذو حذوه ممن يقول بالبراءة فيهما والمحقق ايضا منهم كما هو ظاهر كلامه والتحقيق قد مرّ فى محلّه.

٣٢٣

(هذا مجمل القول) فى هذا المقام وعليك بالتامل فى خصوصيات الموارد واستنباط احكامها عن هذا الاصل ورعاية جميع ما يجب رعايته عند تعارض المتعارضين والله الهادى الى سواء الطريق انتهى كلامه رفع مقامه وحكى السيد صدر الدين فى شرح الوافية عنه حاشية اخرى له عند قول الشهيد ره ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه الخ ما لفظه وتوضيح الكلام ان الاستصحاب لا دليل على حجيته عقلا وما تمسكوا لها ضعيف وغاية ما تمسكوا فيها ما ورد فى بعض الروايات الصحيحة ان اليقين لا ينقض بالشك وعلى تقدير تسليم صحة الاحتجاج بالخبر فى مثل هذا الاصل وعدم منعها بناء على ان هذا الحكم الظاهر انه من الاصول ويشكل التمسك بالخبر فى الاصول ان سلم التمسك به فى الفروع نقول اولا انه لا يظهر شموله للامور الخارجية مثل رطوبة الثوب ونحوها اذ يبعد ان يكون مرادهم بيان الحكم فى مثل هذه الامور التى ليست احكاما شرعية وان امكن ان (قوله وحكى السيد صدر الدين) قال بعض الاعلام من المحشين ليست هذه الحاشية فى الموضع المذكور فيما عندنا من نسخة شرح الدروس واشار الى هذه الحاشية المحقّق النراقى فى المناهج ايضا.

(قوله الظاهر انه من الاصول) قد تقدّم تحقيق ذلك فى اوّل مبحث الاستصحاب (قوله ويشكل التمسك بالخبر فى الاصول) قد تحقّق فى محلّه حجية الخبر الواحد فى الفروع والاصول فى بعض الموارد نعم لا دليل على حجيّته فى اصول الدين.

(قوله لا يظهر شمولها للامور الخارجية) قد تقدّم عند ذكر حجّة من انكر الاستصحاب فى الامور الخارجية انّ الاخبار لا يظهر شمولها للامور الخارجية مثل رطوبة الثوب ونحوها اذ يبعد ان يكون مرادهم بيان الحكم فى مثل هذه الامور

٣٢٤

يصير منشأ لحكم شرعى وهذا ما يقال من ان الاستصحاب فى الامور الخارجية لا عبرة به ثم بعد تخصيصه بالاحكام الشرعية فنقول الامر على وجهين احدهما ان يثبت حكم شرعى فى مورد خاص باعتبار حال يعلم من الخارج ان زوال تلك الحالة لا يستلزم زوال ذلك الحكم والآخر ان يثبت باعتبار حال لا يعلم فيه ذلك.

(مثال الاول) ان يثبت نجاسة ثوب باعتبار ملاقاته للبول فانه علم من اجماع او ضرورة ان النجاسة لا تزول بزوال الملاقاة.

(ومثال الثانى) ما نحن فيه فانه ثبت وجوب الاجتناب عن الاناء باعتبار انه شيء يعلم وقوع النجاسة فيه بعينه وكل شيء كذلك يجب الاجتناب عنه ولم يعلم بدليل من الخارج ان زوال ذلك الوصف الذى يحصل باعتبار زوال المعلومية بعينه لا دخل له فى زوال ذلك الحكم.

الذى ليس حكما شرعيا وان كان يمكن ان يصير منشأ لحكم شرعى وهذا ما يقال ان الاستصحاب فى الامور الخارجية لا عبرة به وفى هذا الاستدلال ايرادات قد تقدم ذكرها تفصيلا فراجع.

(وقوله اذ يبعد ان يكون مرادهم بيان الحكم الخ) لعل ذلك دفع دخل بان الامور الخارجية وان لم يكن بيانها وظيفة للشارع لعدم كونها احكاما شرعية لكن لمّا امكن ان يصير تلك الامور منشأ لاحكام شرعية جاز ان يكون مراد الشارع بيان الحكم فى التعرض لا مثال ذلك اذ الظاهر والمتفاهم عند اهل العرف من استصحاب الرطوبة او حياة زيد ونحوهما كونها مقصودة بالارادة وكونها بنفسها متعلقة للنفى والاثبات ومرادة بالكلام لا انّ مراد الشارع امر خارج عن اللفظ مع عدم قرينة عليه (ويمكن ان يقال) بانّ وظيفة الشارع وان لم تكن بيان امثال ذلك لكنه قد صدر كثيرا عنه لحفظ شرعه بيان ما هو ابعد من ذلك من الامور الخارجية التى

٣٢٥

قلّما تصير منشأ للحكم الشرعى او تترتب عليها بالقوة او بملاحظة بعض الافراد ويشير الى هذا تعرض الائمة عليهم‌السلام لبيان كثير من مسائل الطب والنجوم وغيرهما ويشهد لذلك تعرضهم عليهم‌السلام لاقسام الحكمة العملية من تهذيب الاخلاق وتدبير المنزل والسياسة المدنية فافهم.

(قوله وهذا ما يقال) يعنى وهذا دليل ما يقال.

(قوله ومثال الثانى ما نحن فيه) قال بعض المحشين لا بأس بذكر بعض كلمات شارح الدّروس فى المسألة المذكورة ليتّضح به مرامه من هذه العبارة على تقدير كونها منه قال قدس‌سره قال صاحب المدارك اطلاق النصّ وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق بين ما لو كان الاشتباه حاصلا من حين العلم بوقوع النجاسة وبين ما لو طرأ الاشتباه بعد تعيّن النجس فى نفسه والفرق بينهما محتمل لتحقق المنع من استعمال ذلك المتعيّن فيستصحب الى ان يثبت الناقل عنه انتهى (ولا يخفى) ان ما ذكره من اقتضاء اطلاق النص وكلام الاصحاب ظاهر لكن الفرق الذى احتمله فيه خفاء لان الحكم بتحقق المنع من استعمال ذلك المعين ان كان باعتبار انه نجس فى الواقع يقينا فاحدهما ايضا كذلك كما اعترف به فلو ثبت انّما هو نجس فى الواقع يجب الاجتناب عنه باىّ وجه كان يجب الاجتناب عن احدهما وان لم يثبت ذلك بل ثبت انه يجب الاجتناب ما دام علم نجاسته بعينه فكما لم يثبت وجوب الاجتناب فى احدهما لا بعينه لم يثبت فى المعين ايضا بعد حصول الاشتباه فيه قلت الفرق انه مع عدم الثبوت يجرى الاستصحاب فى الثانى دون الاول ثم قال.

(فان قلت) اذا كان استعمال ذلك المعين ممنوعا فى الواقع فلا بد من حصول اليقين بالاجتناب عنه وهو لا يحصل مع استعمال احدهما.

(قلت) لا نسلّم ان ما كان واجبا فى الواقع يجب تحصيل اليقين بامتثاله بل انّما يجب تحصيل اليقين بعد كونه معلوما فى نظرنا.

٣٢٦

(قلت) ضعف هذا واضح عند المشهور لكفاية العلم الاجمالى فى تنجّز التكليف عندهم وان كان لنا كلام فى ذلك قد سلف فى باب الشبهة المحصورة قال لكن يمكن ان يقال لو كان استعمال ذلك المعيّن ممنوعا فى الواقع لما جاز استعمال الإناءين معا من شخصين ايضا لانّ احدهما مستعمل لذلك المعيّن البتّة مع ان كلّا منهما لم يفعل حراما على الفرض قلت الفرق واضح لان الشكّ بالنسبة الى كل واحد شكّ فى اصل التكليف فيجرى فيه اصل البراءة قال وثانيا ان المسلم ممنوعيّة استعمال ذلك المعيّن باعتبار انه نجس معلوم نجاسته بعينه والاستصحاب انّما يعتبر ما دام لم يعلم زوال ذلك الوصف وعند الاشتباه يعلم زوال ذلك الوصف قطعا فلا يبقى اعتباره قلت لو كان مثل هذا التغيير موجبا لعدم جريان الاستصحاب لم يجر الاستصحاب فى موضع قطّ اذ لا بدّ فيه من حصول تغير ما فى المتيقن السابق حتى يحصل الشكّ المحوج للاستصحاب قال ثم على ما ذكره لو فرض ان واحدا من الاناء وغيره كان نجسا وكان معلوما بعينه ثم اشتبه ولم يعلم انه الاناء او غيره لكان الاجتناب عن الاناء ايضا واجبا وكانّه لم يقل به احد ايضا فتدبّر قلت اذا كان محصورا فالقائل بوجوب الاجتناب فيه يقول به هنا ايضا فكيف يقول بانه لم يقل به احد.

٣٢٧

(وعلى هذا) شمول الخبر للقسم الاول ظاهر فيمكن التمسك بالاستصحاب فيه واما القسم الثانى فالتمسك فيه مشكل فان قلت بعد ما علم فى القسم الاول انه لا يزول الحكم بزوال الوصف فاى حاجة الى التمسك بالاستصحاب فاى فائدة فيما ورد فى الاخبار من ان اليقين لا ينقض بالشك قلت القسم الاول على وجهين احدهما ان يثبت ان الحكم اعنى النجاسة بعد الملاقاة حاصل ما لم يرد عليه الماء على الوجه المعتبر وحينئذ فائدته انه عند حصول الشك فى ورود الماء لا يحكم بزوال النجاسة والآخر ان يعلم ثبوت الحكم فى الجملة بعد زوال الوصف لكن لم يعلم انه ثابت دائما او فى بعض الاوقات الى غاية معينة محدودة ام لا وفائدته انه اذا ثبت الحكم فى الجملة فيستصحب الى ان يعلم المزيل.

(اقول) القسم الاول باطلاقه كما يشهد له ما ذكره جوابا عن الاعتراض الآتى يعمّ جميع صور الشكّ فى الرّافع والغاية بل وبعض صور الشكّ فى المقتضى ايضا كما لا يخفى على المتامّل الّا انّ مقتضى ما استظهره من الرّواية وجعله وجها للتفصيل بين القسمين اختصاص الحجيّة بما عدى الشكّ فى المقتضى مع امكان ان يقال ان جميع صور الشكّ فى المقتضى لا بدّ وان يرجع الى تبدّل حال او وصف وجودى او عدمى يحتمل مدخليّته فى الحكم فيندرج جميعها فى القسم الثانى.

(وكيف كان) انّ ما يظهر منه قده فى هذه الحاشية اختياره ما يوافق المختار وهو حجيّة الاستصحاب فيما عدى الشك فى المقتضى خلافا لما يظهر منه فى عبارته المحكيّة عن شرح الدّروس من التفصيل فى اقسام الشكّ فى الرّافع.

٣٢٨

(ثم لا يخفى) ان الفرق الذى ذكرنا من ان اثبات مثل هذا بمجرد الخبر مشكل مع انضمام ان الظهور فى القسم الثانى لم يبلغ مبلغه فى القسم الاول وان اليقين لا ينقض بالشك قد يقال ان ظاهره ان يكون اليقين حاصلا لو لا الشك باعتبار دليل دال على الحكم فى غير صورة ما شك فيه اذ لو فرض عدم الدليل عليه لكان نقض اليقين حقيقة باعتبار عدم الدليل الذى هو دليل العدم لا الشك كأنه يصير قريبا ومع ذلك ينبغى رعاية الاحتياط فى كل من القسمين بل فى الامور الخارجية ايضا انتهى كلامه رفع مقامه.

(قوله واما القسم الثانى فالتمسك فيه مشكل) قد تقدّم عدم الاشكال فيه نعم لا يجرى الاستصحاب فيه من جهة عدم جواز اجرائه فى الحكم العقلى وقد سبق فى باب الاستصحاب فى الحكم العقلى من المصنف قدس سرّه عدم جريان الاستصحاب فيه من جهة ذلك لا من جهة ما ذكره المحقق ره.

(قوله عند حصول الشك فى ورود الماء الخ) يعنى عند الشكّ فى اصل ورود الماء فتكون الشبهة موضوعيّة او فى وروده على الوجه المعتبر بان لم يعلم الوجه المعتبر فتكون الشبهة حكمية وقد سمعت فى السابق حجية الاستصحاب فى القسم الثانى ايضا عند المحقق خلافا لما فهم المصنف وغيره من كلامه.

(قوله فيستصحب الى ان يعلم المزيل) قد اورد عليه السيد الشارح الموافية وبعض المحشين انّ هذا الكلام مناف لما ذكره فى الحاشية السابقة من عدم جريان الاستصحاب فى مثل هذه الصورة وقد حمله بعضهم على مذهب المشهور ولا يخفى بعده عن مساق كلامه.

(قوله ثم لا يخفى ان الفرق الذى ذكرناه الخ) يعنى الفرق بين اصل القسمين حيث ذكر انّ شمول الخبر للقسم الاوّل ظاهر فيمكن التمسك بالاستصحاب فيه واما

٣٢٩

القسم الثانى فالتمسّك فيه مشكل وانما حملنا عبارته على ذلك اذ التصريح بالفرق انما كان فى اصل القسمين لا فى القسمين من القسم الاول بل يفهم من عبارته عدم الفرق فى قسمى القسم الاول وانّ الاخبار شاملة لكليهما ولذا قد اورد عليه ما سمعت ويدلّ على هذا المعنى مضافا الى ما ذكرنا قوله ومع ذلك ينبغى رعاية الاحتياط فى كل من القسمين بل فى الامور الخارجية ولو كان المراد قسمى القسم الاول لكان الصواب ان يقول ومع ذلك ينبغى رعاية الاحتياط فى كل من القسمين بل فى القسم الثانى بل فى الامور الخارجية ايضا.

(ثم) انّ عبارة شارح الوافية بناء على النسخة الموجودة عندى هكذا ثم لا يخفى انّ الفرق الذى ذكرنا من انّ اثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل الى آخره اقول انّ العبارة مشتملة على السقط والعبارة الاصلية هكذا ثم لا يخفى انّ الفرق الذى ذكرناه بين القسمين وان كان لا يخلو عن بعد ولكن بعد ملاحظة ما ذكرنا من ان اثبات مثل هذا بمجرّد الخبر مشكل مع انضمام ان الظهور الخ وعليه يصح الكلام ويكون قوله كأنه يصير قريبا جوابا لقوله ولكن بعد ملاحظة ما ذكرنا.

(قوله اذ لو فرض عدم الدليل عليه الخ) تمسك بعدم الدليل على بقاء الوجوب فى اللّاحق على عدمه وقد تمسك فى الحاشية السابقة عليه باصل البراءة حيث قال مع وجود بعض الرّوايات الدالة على عدم المؤاخذة بما لا يعلم وما ابعد ما بينه وبين ما ذكره شيخ الطائفة فى العدّة حيث تمسك بعدم الدليل على بقاء الحكم السابق وقد عرفت ذلك فى الكتاب.

(وكيف كان) قد استشكل بعض المحشين فى المقام بانّ ما ذكره لو تمّ لاقتضى عدم جريان الاستصحاب فى شيء من الموارد المشكوكة لان الدليل الدال على الحكم سواء كان دلالته على نحو العموم او الاطلاق او الاجمال يدلّ على الحكم قبل عروض الشك وبعد حصول الشك فالصورة المشكوكة ان كانت مشمولة للعموم او الاطلاق فالعموم او الاطلاق كاف فى اثبات الحكم فى تلك الصورة وان

٣٣٠

كان الدليل مثبتا للحكم على نحو الاجمال فلا شكّ انه ان ثبت الحكم بعد عروضه وعلى مقالته فعدم الدليل دليل على العدم فلا وجه للاستصحاب اللهم الّا ان يقال انّ مراده هو الفرق بين ما دلّ على الاستمرار وعدمه فالاوّل يدل على ثبوت الحكم فى الزمان الثانى لو لا الشك بخلاف الثانى فعدم الحكم فى الثانى انما هو لعدم الدليل عليه فنقض اليقين حقيقة من جهة عدم الدليل الذى هو دليل العدم لا الشك فتامل.

٣٣١

(اقول) لقد اجاد فيما افاد وجاء بما فوق المراد إلّا ان فى كلامه مواقع للتأمل فليذكر مواقعه ونشير الى وجهه فنقول قوله وبعضهم ذهب الى حجيته فى القسم الاول ظاهره كصريح ما تقدم منه فى حاشيته الاخرى وجود القائل بحجية الاستصحاب فى الاحكام الشرعية الجزئية كطهارة هذا الثوب والكلية كنجاسة المتغير بعد زوال التغير وعدم الحجية فى الامور الخارجية كرطوبة الثوب وحياة زيد وفيه نظر يعرف بالتتبع فى كلمات القائلين بحجية الاستصحاب وعدمها والنظر فى ادلتهم مع ان ما ذكره فى الحاشية الاخيرة دليلا لعدم الجريان فى الموضوع جار فى الحكم الجزئى فان بيان وصول النجاسة الى هذا الثوب الخاص واقعا وعدم وصولها وبيان نجاسته المسببة عن هذا الوصول وعدمها لعدم (يعنى) قد اجاد فيما افاد من جهة انه فتح باب الاشكال فى الروايات التى تمسك بها القوم على حجية الاستصحاب مطلقا والّا فكلماته محلّ نظر عند المصنف كما سيأتى وقد ذكر فى شرح الوافية ايضا مثل ذلك ثمّ اعترض عليه باربعة اعتراضات فراجع.

(قال) فى بحر الفوائد قد اجاد فى فهم اختصاص دلالة الرّوايات بالشك فى الرافع وعدم شمولها للشّك فى المقتضى الّا انه ما اجاد فى تخصيصها ببعض اقسام الشّك فى الرافع كما ستقف عليه إن شاء الله هذا كله بناء على كون الغاية من قبيل الرافع او ملحقة به حكما والّا فما اجاد فى التّفصيل المذكور اصلا الّا انّك قد عرفت انّ الغاية وان لم يكن من الرافع موضوعا الّا انّها ملحقة به فى الحكم فراجع.

(قوله وفيه نظر يعرف بالتتبع فى كلمات القائلين الخ) ووجه ما ذكره من النظر هو الانكار بوجود القول بالتّفصيل بين الاستصحاب فى الموضوعات

٣٣٢

الوصول كلاهما خارج عن شأن الشارع كما ان بيان طهارة الثوب المذكور ظاهرا وبيان عدم وصول النجاسة اليه ظاهرا الراجع فى الحقيقة الى الحكم بالطهارة ظاهرا ليس إلّا شأن الشارع كما نبهنا عليه فيما تقدم قوله والظاهر فى البقاء حجية الاستصحاب بمعنى آخر الخ وجه مغايرة ما ذكره لما ذكره المشهور هو ان الاعتماد فى البقاء عند المشهور على الوجود السابق كما هو ظاهر قوله لوجوده فى زمان سابق عليه وصريح قول شيخنا البهائى اثبات الحكم فى الزمان الثانى تعويلا على ثبوته فى الزمن الاول وليس الامر كذلك على طريقة شارح الدروس قوله قده ان الحكم الفلانى بعد تحققه ثابت الى حدوث حال كذا او وقت كذا الخ.

الخارجية وبين الأحكام الشرعية وهذا هو الذى تنظر على الفاضل القمى بعد حكايته التفصيل بين الحكم الشرعى وغيره فى تقسيم المستصحب الى الحكم الشرعى وغيره قال وفيه نظر يظهر بتوضيح المراد من الحكم الشرعى وغيره قال بعد جملة من الكلام فى تحقيق النظر اذا عرفت ما ذكرنا ظهر انّ عدّ القول بالتفصيل بين الأحكام الشرعيّة والأمور الخارجية قولين متعاكسين ليس على ما ينبغى الخ وقد عرفت ما فيه من وجود القائل بذلك كما قيل انّ المصرّح به هو جمال الدّين فى حاشية الرّوضة بل يمكن استظهار ذلك من الفاضل التونى من التّفصيل الّذى ذكره.

(قوله كما نبهنا عليه فيما تقدم الخ) وقد ذكره فيما تقدم فى الردّ على حجة من انكر اعتباره فى الأمور الخارجية كالمحقق الخوانسارى حيث ذكره فى حاشيته عند كلام الشهيد ويحرم استعمال الماء النجس الخ والمصنف ذكر فى مقام الردّ النقضى بالاحكام الجزئية مثل طهارة الثوب الى آخر ما ذكره ثمّة ولكن ذكر المصنف فى الحاشية على هذا الموضع من الكتاب ونظير ادلة حلّ الاشياء الواردة

٣٣٣

فى الشبهة الموضوعية كما فى رواية مسعدة بن صدقة الواردة فى الثوب المشتبه والعبد المشتبه بالحرّ والزوجة المشتبهة بالرضيعة.

(وقد يقال) انه يمكن للخصم ارجاع الأمر فى الامثلة المذكورة الى استصحاب الأحكام كاستصحاب الملكية فى العبد ونحوها من الأحكام فى غيرها من الامثلة وانت خبير بان ارجاع ذلك الى ما ذكره بعيد مضافا الى انّ الملكية بمقتضى الرّواية المتقدّمة غير يقينية حتى يستصحب لاحتمال كونه حرّا باع نفسه حين البيع واوّل زمان المعاملة.

(قوله هو ان الاعتماد فى البقاء عند المشهور على وجود السابق الخ) اقول لعل الفرق بينهما ان المشهور يعتمدون فى الحكم بالبقاء فى الزمان الثانى على الوجود السابق من غير فرق بين كون ثبوته فى الزمان الأول على وجه الاجمال او على وجه الاستمرار ولكن المحقق الخوانسارى يعتمد فى ذلك على الوجود السابق اذا كان على وجه الاستمرار الناشى من دليل الحكم كما استظهرناه من بعض كلماته المتقدّمة فمساق كلامه مساق كلام المصنف فى اعتبار الاستصحاب حيث يخص حجيته فى خصوص الشك فى الرافع بمعنى انه لو لا الشك لكان الحكم باقيا بمقتضى دليله السابق والمشهور يقولون باعتبار الاستصحاب مطلقا من غير فرق بين الشك فى المقتضى او الرّافع ولعله يرجع اليه ما ذكره بعضهم من انّ المشهور نظرهم الى مجرد حكم العقل بانّ ما ثبت دام بخلاف المحقق فان نظره اليه مع ملاحظة دليل الحكم والّا فالتعويل على الحالة السابقة مشترك بينهما.

(وقد ذكر بعض المعاصرين) انّ الاعتماد بالبقاء عنده يحتمل ان يكون لعموم الدليل وحينئذ يكون ره من المنكرين كما يحتمل ان يكون الاتّكال على قاعدة الاشتغال او قاعدة لا تنقض اذ الحالة السابقة لم تكن متّكلا عليها عند المكلّف بل الاتّكال على نفس الاخبار تعبّدا وان كانت ملحوظة عند الشارع فى مقام الجعل على وجه الحكمة لا العلّة.

٣٣٤

(وانت خبير) بانّ الاحتمالين بعيدان عن سياق كلامه اذ الظاهر من كلامه انّه من المثبتين لا من المنكرين بل الظاهر منه انّ الاعتماد على دلالة الدليل الاول المثبت للحكم لا ما ذكره من الاشتغال وقاعدة نقض اليقين المستفادة من الاخبار مع قوله بانّه لا يخلو عن الاجمال فتامل.

(قوله وليس الامر كذلك على طريقة شارح الدروس) لانّ الاعتماد فى البقاء عنده اما على قاعدة الاشتغال فى مورد احتمال الضرر واما على قاعدة البراءة مع تأيّدهما بالاخبار على ما عرفت عنه حيث قال لكنّه لا يخلو عن تأييد الدّليل الاوّل وعلى تقدير كون الخبر دليلا مستقلا عنده على الاستصحاب يكون الاستصحاب عنده مغايرا لاستصحاب القوم حيث ان الاعتماد فيه عندهم على مجرد الوجود السابق وانّ ما ثبت دام وهذا الوجه الذى ذكر للمغايرة ليس بالوجه اذ قد عرفت فى مقام بيان كلام المصنّف حيث ذكر انّ ما ذكره صاحب الفصول فى مقام بيان الفرق بين مذهبه ومذهب المحقّق من الوجوه اكثرها غير فارقة اذ الاختلاف فى المدرك لا يوجب اختلاف نفس القول بل الوجه المغايرة بالعموم والخصوص فان الاستصحاب عند القوم حجة مطلقا سواء كان فى الشك فى المقتضى او فى الرافع وسواء كان مستمرّا الى غاية ام لا بخلاف المحقق فان الاستصحاب عنده حجة اذا كان مستمرّا الى غاية معينة لا مطلقا بل فى صورتين منها او ثلاث على الخلاف فى فهم مذهبه بين المصنف وبعض الاعلام من المحشين فتأمل فى المقام فانّ البحث فيه يحتاج الى دقّة تامّة وتفكر عميق اذ المقام من مزال الاقدام.

٣٣٥

(اقول) بقاء الحكم الى زمان كذا يتصور على وجهين الاول ان يلاحظ الفعل الى زمان كذا موضوعا واحدا تعلق به الحكم الواحد كان يلاحظ الجلوس فى المسجد الى وقت الزوال فعلا واحدا تعلق به احد الاحكام الخمسة ومن امثلته الامساك المستمر الى الليل حيث انه ملحوظ فعلا واحدا تعلق به الوجوب او الندب او غيرهما من احكام الصوم.

(الثانى) ان يلاحظ الفعل فى كل جزء يسعه من الزمان المغيى موضوعا مستقلا تعلق به حكم فيحدث فى المقام احكام متعددة لموضوعات متعددة ومن امثلته وجوب الصوم عند رؤية هلال رمضان الى ان يرى هلال شوال فان صوم كل يوم الى انقضاء الشهر فعل مستقل تعلق به حكم مستقل.

(اقول) شرح الاقسام انّ الغاية فى الحكم المغيى امّا غاية للفعل او غاية للحكم بحيث يلاحظ الفعل فى كل جزء من الزمان المغيى موضوعا مستقلا تعلّق به حكم فيحدث من ذلك احكام متعدّدة لموضوعات متعددة.

(ثم) الغاية فى الاول اما مع كون مقدار زمان العمل موافقا لمقدار زمان الوجوب كما فى الجلوس فى المسجد الى الزوال او مع كون زمان الوجوب اوسع من زمان العمل كما فى الفرائض اليومية ثم الحكم التكليفى فى الاول من هذين القسمين للقسم الاول اما امر او نهى او تخيير.

(قوله فالحكم التكليفى اما امر واما نهى واما تخيير الخ) والغرض من ذلك هو دفع ما يظهر من اطلاق كلامه فى الحكم لجريان قاعدة الاشتغال فى الاحكام الثلاثة المذكورة بورود الاشكال على اطلاق فان قاعدة الاشتغال لا تجرى فى بعض موارد الاحكام المذكورة كما اذا كان الفعل فيما بعد الغاية حراما فى الاول وواجبا فى الثانى وواجبا او حراما فى الثالث اذ الامر دائر فى الاول فى زمان الشك فى

٣٣٦

(اما الاول) فالحكم التكليفى اما امر واما نهى واما تخيير فان كان امرا كان اللازم عند الشك فى وجود الغاية ما ذكره من وجوب الاتيان بالفعل تحصيلا لليقين بالبراءة من التكليف المعلوم لكن يجب تقييده بما اذا لم يعارضه تكليف آخر محدود بما بعد الغاية كما اذا وجب الجلوس فى المسجد الى الزوال ووجب الخروج منه من الزوال الى الغروب فان وجوب الاحتياط للتكليف بالجلوس عند الشك فى الزوال معارض بوجوب الاحتياط للتكليف بالخروج بعد الزوال فلا بد من الرجوع فى وجوب الجلوس عند الشك فى الزوال الى اصل آخر غير الاحتياط مثل اصالة عدم الزوال او عدم الخروج عن عهدة التكليف بالجلوس او عدم حدوث التكليف بالخروج او غير ذلك.

حصول الغاية بين الوجوب والحرمة وهو مورد التخيير لا الاشتغال لكون الامر دائرا بين المحذورين بحيث لا يمكن فيه الاحتياط كما مرّ فى مبحث البراءة.

(وفى الثانى) وان كان الامر دائرا بين الوجوب والحرمة الّا انّ ابقاء الحرمة فى زمان الشكّ انّما هو من باب المقدّمة العلمية فالمحلّ محلّ البراءة عنهما.

(وفى الثالث) على تقدير كون ما بعد الفعل هو الوجوب يكون المورد من موارد الحكم بالوجوب من باب المقدّمة وعلى تقدير كون ما بعده هو الحرمة يكون الحكم بها من باب المقدّمة العلمية فلا وجه لإجراء قاعدة الاشتغال فى الموارد المذكورة نعم اذا كان ما بعد الغاية مباحا او مكروها او مندوبا تجرى قاعدة الاشتغال ووجهه ظاهر كما لا يخفى.

(قوله لكن يجب تقييده بما اذا لم يعارضه تكليف آخر الخ) اقول حاصله تعارض قاعدة الاحتياط بمثلها فى المقام فلا بدّ من الرّجوع الى الاصول الموضوعية وفيه انّ العلم بحدوث تكليف آخر بعد الغاية فى الفرض المزبور لا يوجب الاحتياط

٣٣٧

فى ذلك التكليف الآخر عند الشكّ فى حدوثه كى يوجب ذلك حصول التعارض المزبور ضرورة عدم تنجز التكليف بالواجبات المشروطة قبل تحقق الشرط وهو الوقت فى مفروض المقام.

(نعم) لو قلنا بالوجوب التعليقى او الوجوب التهيئى النفسى فى بعض مقدمات الواجب المشروط كان وجوب الاحتياط فى التكليف السابق معارضا للاحتياط فى التكليف اللاحق فى هذا المثال لكنّه منكر للواجب التعليقى والمفروض انّ عروض الواجب التهيّئي لبعض المقدّمات فى الواجب المشروط محتاج الى الدليل من الشرع وهو مفقود فى المقام فيكون الامر فى المقام دائرا بين المحذورين لان الحكم فى الزّمان المشكوك كونه قبل الزّوال او بعده مردّد بين الوجوب والحرمة ومقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الاصل الموضوعى هو التخيير او الاباحة او التوقف على حسب الاقوال فى دوران الامر بين المحذورين.

(قوله مثل اصالة عدم الزوال الخ) اقول انّ هذه الاصول لكونها استصحابا واردة على قاعدة الاشتغال وقاعدة وجوب المقدمة العلميّة لكن قد يقال ان اصالة عدم الزّوال انّما يكون واردا على اصالة الاشتغال او وجوب المقدّمة العلميّة بالنسبة الى ما بعد الزّوال لكن يجرى قاعدة الاشتغال بالنسبة الى ما قبل الغاية لان الاصل المزبور يكون بالنسبة اليه مثبتا لانّ اصالة عدم الزّوال لا يثبت كون الزّمان قبل الزّوال حتى يحكم من جهته بوجوب الجلوس فيه فلا بدّ من الرّجوع الى اصل الاشتغال لاثبات الحكم المزبور.

٣٣٨

وان كان نهيا كما اذا حرم الامساك المحدود بالغاية المذكورة او الجلوس المذكور فان قلنا بتحريم الاشتغال كما هو الظاهر كان المتيقن التحريم قبل الشك فى وجود الغاية واما التحريم بعده فلا يثبت بما ذكر فى الامر بل يحتاج الى الاستصحاب المشهور وإلّا فالاصل الاباحة فى صورة الشك وان قلنا انه لا يتحقق الحرام ولا استحقاق العقاب الا بعد تمام الامساك والجلوس المذكورين فليرجع الى مقتضى اصالة عدم استحقاق العقاب وعدم تحقق المعصية ولا دخل له بما ذكره فى الامر وان كان تخييرا فالاصل فيه وان اقتضى عدم حدوث حكم ما بعد الغاية للفعل عند الشك فيها إلّا انه قد يكون حكم ما بعد الغاية تكليفا منجزا يجب فيه الاحتياط كما اذا اباح الاكل الى طلوع الفجر مع تنجز وجوب الامساك من طلوع الفجر الى الغروب عليه فان الظاهر لزوم الكف من الاكل عند الشك هذا كله اذا لوحظ الفعل المحكوم (اقول) النهى المتعلق بالجلوس المحدود بالغاية المذكورة امّا ان يراد منه حرمة الفعل فى جميع الوقت المضروب كنهى الجنب عن الجلوس فى المسجد الى ان يغتسل او يراد منها حرمة المجموع من حيث المجموع فلو جلس بعض الوقت لم يعص او يراد منه حرمة ايجاد مطلق طبيعة الجلوس فى مجموع الوقت لا الطبيعة مطلقا فلو اوجدها فى اىّ جزء من اجزاء الوقت عصى وارتفع النفى بالنسبة الى ما بعده من الاجزاء الباقية لتحقق العصيان.

(وهذا الاخير) هو الذى يصلح ان يكون مثالا لوحدة التكليف وتحريم الاشتغال وامّا القسم الاوّل وان حرم فيه الاشتغال ايضا الّا انّه ينحلّ الى تكاليف متعدّدة حيث ان كل جزء من اجزاء الوقت موضوع مستقل للحرمة وله فى نفسه اطاعة وعصيان وامّا القسم الاخير وان كان اجزاء الوقت فيه ايضا موضوعات عديدة لحرمة الاشتغال فى ظرف التحليل ولذا نتمسك لنفى وجوب الاجتناب بالنسبة الى

٣٣٩

عليه بالحكم الاقتضائى او التخييرى امرا واحدا مستمرا واما الثانى وهو ما لوحظ فيه الفعل امورا متعددة كل واحد منها متصف بذلك الحكم غير مربوط بالآخر فان كان امرا او نهيا فاصالة الاباحة والبراءة قاضية بعدم الوجوب والحرمة فى زمان الشك وكذلك اصالة الاباحة فى الحكم التخييرى إلّا اذا كان الحكم فيما بعد الغاية تكليفا منجزا يجب فيه الاحتياط فعلم مما ذكرنا ان ما ذكره من الوجه الاول الراجع الى وجوب تحصيل الامتثال لا يجرى إلّا فى قليل من الصور المتصورة فى المسألة ومع ذلك فلا يخفى ان اثبات الحكم فى زمان الشك بقاعدة الاحتياط كما فى الاقتضائى او قاعدة الاباحة والبراءة كما فى الحكم التخييرى ليس قولا بالاستصحاب المختلف فيه اصلا لان مرجعه الى ان اثبات الحكم فى الزمان الثانى يحتاج الى دليل يدل عليه ولو كان اصالة الاحتياط او البراءة.

المشكوك بالاصل الّا ان الحكم المتعلّق بالطّبيعة حكم وحدانىّ بسيط ثابت للماهية باعتبار تحقّقها فى ضمن فرد ما فالنهى ثابت ما لم يتحقّق الطّبيعة فى الخارج ومقتضاه حرمة كل فرد يفرض تحقّقها فى ضمنه من اجزاء الوقت ممّا علم فرديّته لها وامّا الجزء المشكوك فرديّته فالاصل اباحته فلاحظ وتامّل.

(قوله فلا يثبت بما ذكر فى الامر) وهو الرّجوع الى قاعدة الاشتغال.

(قوله بل يحتاج الى الاستصحاب المشهور) وهو استصحاب بقاء الوقت او استصحاب بقاء الحرمة او استصحاب عدم الزّوال وجعله استصحابا على المشهور مبنىّ على عدم كونه استصحابا حجة عند المحقّق لان مبنى استصحاب المحقّق هو قاعدة الاشتغال فى التكاليف الالزاميّة ولا اقلّ من ان يكون المورد هو موردها ومن المعلوم انّ المورد هنا مورد البراءة وصرّح به المصنّف بقوله والّا فالاصل الاباحة.

٣٤٠