درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

فهو مخالف للمذهب وموافق لقول العامة ومخالف لظاهر الفقرة الاولى من قوله (ع) يركع بركعتين بفاتحة الكتاب فان ظاهره بقرينة تعيين الفاتحة ارادة ركعتين منفصلتين اعنى صلاة الاحتياط فتعين ان يكون المراد به القيام بعد التسليم فى الركعة المرددة الى ركعة مستقلة كما هو مذهب الامامية فالمراد باليقين كما فى اليقين الوارد فى الموثقة الآتية على ما صرح به السيد المرتضى واستفيد من قوله عليه‌السلام فى اخبار الاحتياط ان كنت قد نقضت فكذا وان كنت قد اتممت فكذا هو اليقين بالبراءة فيكون المراد وجوب الاحتياط وتحصيل اليقين بالبراءة بالبناء على الاكثر وفعل صلاة مستقلة قابلة لتدارك ما يحتمل نقصه وقدار يد من اليقين والاحتياط فى غير واحد من الاخبار هذا النحو من العمل.

(احدها) ان يراد بها ما يوافق مذهب العامّة من البناء على اليقين وهو الاقلّ وهو بعيد لانّه مخالف للمذهب اذ لم يخالف احد من الاصحاب فى وجوب البناء على اكثر الّا الصّدوق وابن الجنيد ره حيث حكما بالتخيير بين الاقلّ والاكثر جمعا بين هذه الرواية وبين ما دلّ على البناء على الاكثر ولذلك قوّى بعض المتأخّرين التخيير فى المسألة المذكورة.

(وثانيها) ان يراد باليقين هو اليقين ببراءة الذّمة وتحصيل طريق الاحتياط.

(وثالثها) ان يراد بها البناء على الاكثر والتّدارك بركعة الاحتياط بعد الصلاة فان قيل ما الدّليل على ارادة ركعتى الاحتياط فيها واىّ مانع من حملها على ارادة ركعتين متّصلتين مع قطع النظر عن مخالفته لفتاوى الاصحاب فيقال ما يدلّ عليه هو ما تقرّر فى محلّه من انه اذا اطلق الوجوب فالمراد منه الوجوب التعيينى لا التخييرى فاذا كان وجوب الفاتحة تعيينيّا كان المراد بالركعتين المأتيّ بهما صلاة الاحتياط التى تجب فيها قراءة الفاتحة تعيينا لا الرّكعتين اللّتين يؤتى بهما من جهة تتميم الصلاة وتكميلها لثبوت التخيير فيهما بين الفاتحة والتسبيحات.

٤١

(قوله وتحصيل اليقين بالبراءة بالبناء على الاكثر الخ) ووجه كون البناء على الأكثر موجبا لليقين بالبراءة هو ان صلاة الاحتياط جابرة لنقصان الركعة ان كانت ناقصة فى الواقع ونافلة ان كانت تامة فيحصل على كل واحد من التقديرين اليقين بالبراءة عن الاشتغال اليقينى بخلاف ما لو قلنا بالبناء على الأقل والاتيان بركعة اخيرة متصلة بالركعات السّابقة فانّ البراءة عن الاشتغال اليقينى فى هذه الصورة انّما هو على تقدير كونها ناقصة وامّا على تقدير كونها تامة فيوجب زيادة الرّكن الموجبة للبطلان فليس البناء على الأقل موجبا للظنّ بالبراءة فضلا عن اليقين بها.

(واما) كون المراد من البناء على اليقين هو اليقين بالبراءة الذى هو عبارة عن البناء على الأكثر فلعلّه من الواضحات التى قطع بها بعض الأصحاب لمكان امره بصلاة الاحتياط ولا يمكن حملها على بقيّة الصلاة والحمل على الأقلّ لان الباقى حينئذ ركعتان وليس فيهما فاتحة الكتاب ولم يكن معنى لقوله فاذا فرغ تشهّد وقد صرح الفاضل النّراقى فى المستند بانّه ينحصر البناء على الأكثر لانّ المراد اليقين بعدم وقوع خلل فى الصّلاة فلو بنى على الأقل احتملت المبطلة اجماعا بلا تدارك بخلاف ما لو بنى على الأكثر مع صلاة الاحتياط وهو الظّاهر من السيد فى الانتصار قال فى توجيه مذهب المشهور بعد دعوى الاجماع عليه ولانّ الاحتياط أيضا فيه لانه اذا بنى على النقصان لم يأمن ان يكون قد صلّى على الحقيقة ازيد فيكون ما اتى زيادة فى صلاته.

٤٢

(منها) قوله عليه‌السلام فى الموثقة الآتية اذا شككت فابن على اليقين فهذه الاخبار الآمرة بالبناء على اليقين وعدم نقضه يراد منها البناء على ما هو المتيقن من العدد والتسليم عليه مع جبره بصلاة الاحتياط ولهذا ذكر فى غير واحد من الاخبار ما يدل على ان العمل محرز للواقع مثل قوله عليه‌السلام ألا اعلمك شيئا اذا صنعته ثم ذكرت انك نقصت أو اتممت لم يكن عليك شىء وقد تصدى جماعة تبعا للسيد المرتضى لبيان ان هذا العمل هو الاخذ باليقين والاحتياط دون ما يقوله العامة من البناء على الاقل ومبالغة الامام عليه‌السلام فى هذه الصحيحة بتكرار عدم الاعتناء بالشك وبتسمية ذلك فى غيرها بالبناء على اليقين والاحتياط تشعر بكونه فى مقابل العامة الزاعمين بكون مقتضى البناء على اليقين هو البناء على الاقل وضم الركعة المشكوكة (اقول) قد تقدم فى تفسير صحيحة ثالثة لزرارة ان المراد باليقين فيها هو اليقين بالبراءة فيكون المراد وجوب الاحتياط وتحصيل اليقين بالبراءة بالبناء على الأكثر وفعل صلاة مستقلة قابلة لتدارك ما يحتمل نقصه وقد اريد من اليقين والاحتياط فى غير واحد من الاخبار هذا النحو من العمل.

(منها) قوله عليه‌السلام فى الموثقة الآتية اذا شككت فابن على اليقين فهذه الأخبار الآمرة بالبناء على اليقين وعدم نقضه يراد منها البناء على ما هو المتيقن من العدد والتسليم عليه مع جبره بصلاة الاحتياط وفى بعض الاخبار اشارة الى البناء على اليقين مع فعل صلاة الاحتياط بعد السّلام ففى الوسائل عن قرب الاسناد عن العلاء قال قلت لأبى عبد الله عليه‌السلام رجل صلى ركعتين وشك فى الثالثة قال فيبنى على اليقين فاذا فرغ تشهّد وقام وصلى ركعة بفاتحة القرآن ففى هذا الخبر تاييد لما ذكره الشيخ قدس‌سره من معنى البناء على اليقين ولهذا ذكر فى غير واحد من الأخبار

٤٣

ثم لو سلم ظهور الصحيحة فى البناء على الاقل المطابق للاستصحاب كان هناك صوارف عن هذا الظاهر مثل تعين حملها حينئذ على التقية وهو مخالف للاصل ثم ارتكاب الحمل على التقية فى مورد الرواية وحمل القاعدة ، المستشهد بها لهذا الحكم المخالف للواقع على بيان الواقع لكون التقية فى اجراء القاعدة فى المورد لا فى نفسها مخالفة اخرى للظاهر وان كان ممكنا فى نفسه مع ان هذا المعنى مخالف لظاهر صدر الرواية الآبي عن الحمل على التقية مع ان العلماء لم يفهموا منها الا البناء على الاكثر الى غير ذلك مما يوهن ارادة البناء على الاقل. ما يدلّ على انّ العمل محرز للواقع مثل قوله عليه‌السلام ألا اعلّمك شيئا اذا صنعته ثم ذكرت انك نقصت او اتممت لم يكن عليك شىء.

(قوله وقد تصدى جماعة تبعا للسيد المرتضى الخ) حاصل ما ذكروه انه اذا بنى على الأكثر وأتى بصلاة الاحتياط فيحصل له اليقين بالامتثال لان الصلاة ان كانت ناقصة فى الواقع كملت بصلاة الاحتياط التى هى بمنزلة الجزء وان كانت تامة لم يضر وجود صلاة الاحتياط وكيف كان يحصل اليقين بالامتثال واما اذا بنى على الأقلّ لم يستيقن به لما فيه من احتمال زيادة الركعة المبطلة للصّلاة سهوا وعمدا.

(فان قلت) يلزم على الأول احتمال وقوع التسليم فى غير محلّه وهو قادح فى الصحة.

(قلنا) هذا يجرى مجرى السهو فلا ضير فيه كما صرح به بعض الاعلام.

(ثم) ان مبالغة الامام عليه‌السلام فى هذه الصحيحة الثالثة بتكرار عدم الاعتناء بالشك وبتسمية ذلك فى غيرها بالبناء على اليقين والاحتياط مثل الموثقة التى اشار(قده) اليها ومثل المروى المتقدم عن قرب الاسناد تشعر بكونه فى مقابل العامة الزاعمين بكون مقتضى البناء على اليقين هو البناء على الاقل وضم الركعة المشكوكة. (ثم) لو سلّم ظهور الصحيحة فى البناء على الاقل المطابق للاستصحاب كان

٤٤

هناك صوارف عن هذا الظاهر مثل تعيّن حملها حينئذ على التقية وهو مخالف للاصل

(وقد يتوهم) فى المقام لم لا يجوز ان يكون التقية فى مورد الرواية بمعنى اجراء القاعدة فى المورد يكون من باب التقية ويكون نفس القاعدة المستشهد بها لهذا الحكم المخالف للواقع محمولة على بيان الواقع بمعنى ان القاعدة مقتضاها ذلك فى جميع الموارد إلّا ان ايرادها فى ذلك المورد ليس موافقا للواقع بل اجراؤها فى ذلك المورد محمول على التقية وان كان نفس تلك القاعدة محمولة على بيان الواقع (ودفعه) الشيخ قدس‌سره بان ارتكاب الحمل على التقية فى مورد الرواية وحمل القاعدة على بيان الواقع ليكون التقية فى اجراء القاعدة فى المورد لا نفسها مخالفة اخرى للظاهر وان كان ممكنا فى نفسه مضافا الى ان حمل المورد على التقية دون القاعدة وتخصيصها بالمورد واخراجه عنها من المستهجنات العرفية مع ان صدر الرواية آب عن الحمل على التقية باعتبار امر الامام عليه‌السلام بركوع ركعتين بفاتحة الكتاب الظاهر فى ارادة ركعتين منفصلتين اعنى صلاة الاحتياط وهذا لا يقبل الحمل على التقية بارادة ركعة متصلة فافهم مع ان العلماء لم يفهموا من الصحيحة الا البناء على الاكثر الى غير ذلك ممّا يوهن ارادة البناء على الاقل.

(فتخلص) من جميع ما ذكرنا ان ما يقوله العامة يصدق عليه نقض اليقين بالشك ضرورة احتمال الزائد على الاقل للموافقة للواقع والزيادة عليه كما يصدق عليه خلط اليقين بالشك بخلاف البناء على الاكثر وطريقة الاحتياط فانه نقض للشك باليقين باعتبار تردده بين الاتمام والنفل وبالجملة لا اشكال فى عدم ظهور الرواية فى الاستصحاب فهى اما ظاهرة فى خلافه او مجملة فعلى كل تقدير يسقط الاستدلال بها.

٤٥

(واما) احتمال كون المراد من عدم نقض اليقين بالشك عدم جواز البناء على وقوع المشكوك بمجرد الشك كما هو مقتضى الاستصحاب فيكون مفاده عدم جواز الاقتصار على الركعة المرددة بين الثالثة والرابعة وقوله لا يدخل الشك فى اليقين يراد به ان الركعة المشكوك فيها المبنى على عدم وقوعها لا يضمها الى اليقين اعنى القدر المتيقن من الصلاة بل يأتى بها مستقلة على ما هو مذهب الخاصة ففيه من المخالفة لظواهر الفقرات الست او السبع ما لا يخفى على المتامل فان مقتضى التدبر فى الخبر احد معنيين اما الحمل على التقية وقد عرفت مخالفته للاصول والظواهر واما حمله على وجوب تحصيل اليقين بعدد الركعات على الوجه الاحوط (اقول) هذا الاحتمال من صاحب الفصول (ره) واراد بذلك اثبات انطباق الرواية على الاستصحاب على طريقة الخاصة ايضا وتوضيح ما اراده (ره) انه انه لا منافات بين دلالة الرواية على الاستصحاب وبين ما استقر عليه مذهب الخاصة من البناء على الاكثر وفعل صلاة الاحتياط ويؤيد ذلك قوله عليه‌السلام ولا يدخل الشك فى اليقين ولا يختلط احدهما بالآخر بناء على انه مسوق لبيان انه لا يدخل الركعة المشكوك فيها فى اليقين اعنى الصلاة المعلوم اشتغال الذمة بها ولا يضمها الى الركعات الثلاث اليقينية فصدر الرواية يدل على القانون الكلى وهو الاستصحاب بالبناء على عدم وقوع المشكوك وذيلها يدل على كيفية الاتيان به وان يؤتى منفصلا فلا حاجة الى حمل المورد على التقية وهذا مما لا ينافى الاستصحاب لان مقتضاه الحكم بعدم وقوع المشكوك لا الاتيان به متصلا انتهى حاصل ما ذكره بتوضيح منّا.

(قوله ففيه من المخالفة لظواهر الفقرات الست او السبع الخ) يعنى ان ما ذكره صاحب الفصول مبنى على جعل اليقين بمعنى المتيقن والشك بمعنى المشكوك وهو خلاف الظاهر فالتوجيه المذكور يكون مخالفا لظواهر الفقرات الست ان جعل

٤٦

وهذا الوجه وان كان بعيدا فى نفسه لكنه منحصر بعد عدم امكان الحمل على ما يطابق الاستصحاب ولا اقل من مساواته لما ذكره هذا القائل فيسقط الاستدلال بالصحيحة خصوصا على مثل هذه القاعدة واضعف من هذا دعوى ان حملها على وجوب تحصيل اليقين فى الصلاة بالعمل على الاكثر والعمل على الاحتياط بعد الصلاة على ما هو فتوى الخاصة وصريح اخبارهم الآخر لا ينافى ارادة العموم من القاعدة لهذا وللعمل على اليقين السابق فى الموارد الأخر وسيظهر اندفاعها بما سيجىء فى الاخبار الآتية من عدم امكان الجمع بين هذين المعنيين فى المراد من العمل على اليقين وعدم نقضه.

قوله عليه‌السلام فيبنى عليه تفريعا على ما قبله من دون ان يحتسب فقرة على حدة ولظواهر الفقرات السبع ان جعل فقرة على حدة. (وكيف كان) فلا يلائم ما ذكره صاحب الفصول شيئا من الفقرات كما قال الشيخ قدس‌سره ان مقتضى التدبر فى الخبر احد معنيين اما الحمل على التقية وقد عرفت مخالفته للاصول والظواهر واما حمله على وجوب تحصيل اليقين بعدد الركعات على الوجه الاحوط وهذا الوجه وان كان بعيدا فى نفسه لكنه منحصر بعد عدم امكان الحمل على ما يطابق الاستصحاب ولا اقل من مساواته لما ذكره هذا القائل يعنى ان حمل الحديث على تحصيل اليقين بعدد الركعات على الوجه الاحوط بفعل صلاة الاحتياط بعد الصلاة على تقدير عدم كونه اولى فلا اقل من مساواته لما ذكره صاحب الفصول (ره) من حمل قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين الخ على الاستصحاب وحمل جملة من فقرات الرواية على تحصيل اليقين بفعل صلاة الاحتياط بعد الصلاة فحينئذ تكون الرواية مجملة فيسقط الاستدلال بالصحيحة خصوصا على مثل هذه القاعدة. (ثم) ذكر بعض تلامذة الشيخ قده انّ هذه الفقرات الست تؤل الى ثلاث مفيدة لاحكام ثلاثة.

٤٧

(الاولى) قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك والحكم المستفاد منها هو انّ اليقين السّابق لا ينقض بالشّك اللاحق فتفيد حجية الاستصحاب.

(والثانية) قوله عليه‌السلام ولا يدخل الشّك فى اليقين والحكم المستفاد منها انه اذا ثبت اشتغال الذّمة بعمل من الاعمال فلا بدّ فى مقام اليقين بالبراءة من العلم باتيان جميع اجزائه وشرائطه المقوّمة فتفيد وجوب احراز جميع الاجزاء والشّرائط وعدم امكان اجراء الاصل وعدم امكان ادخال المشكوك فى صحته فى العمل.

(والثالثة) قوله عليه‌السلام ولا يخلط احدهما بالآخر والحكم المستفاد منها هو عدم الخلط بين حكمى اليقين والشّك فانّ لكلّ منهما حكما على حدة فلا ينبغى الالتفات الى الشك والاعتداد به كما يلتفت الى اليقين ويعتدّ به فتفيد عدم طريقيته وكاشفيته فلا يجوز جعله معارضا لليقين بان يحكم بانتفاء اليقين بسببه او يحكم بعدم ثبوته ولا انتفائه فكلّ واحد منهما اعتداد بالشك والتفات اليه.

(ثم) استدرك الاحكام الموجودة فى هذه الفقرات بفقرات ثلاث نشرت على ترتيب اللّفّ وهى قوله عليه‌السلام ولكنه ينقض الشّك باليقين وهو ناظر الى الاولى وقوله عليه‌السلام ويتم على اليقين فيبنى عليه وهو ناظر الى الثانية وقوله عليه‌السلام ولا يعتدّ بالشّك فى حال من الحالات وهو ناظر الى الثالثة.

(قوله واضعف من هذا دعوى ان حملها الخ) ربّما يستفاد هذه الدعوى من الفصول وان صرّح بها بعض آخر حاصلها انّ دلالة قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشّك على قاعدتين الاستصحاب وقاعدة البناء على الأكثر فيعمل بقاعدة البناء على الاكثر فى مورد الرواية وبقاعدة الاستصحاب فى غير مورد الرواية ولا يكون فى ذلك اخراج للمورد اذ يكفى فى عدم الاخراج شمول احدى القاعدتين له اضعف ممّا ذكره صاحب الفصول (ره).

(وجه الاضعفية) انه لا جامع بين المعنيين اعنى الاستصحاب وقاعدة الشّغل لان عدم نقض اليقين بالشك فى الاستصحاب انسحاب المتيقن السابق والالتزام

٤٨

بآثاره فى زمان الشّك ومعناه فى قاعدة الشّغل هو لزوم تحصيل ما يوجب اليقين بالامتثال وعدم الأخذ بما يوجب الشك وعدم الجامع بين هذين المعنيين ظاهر وان كان لفظ اليقين والشّك والنقض موجودا فيهما مضافا الى انّه يلزم فى المقام استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد.

٤٩

(ومما ذكرنا) يظهر عدم صحة الاستدلال بموثقة عمار عن ابى الحسن عليه‌السلام قال اذا شككت فابن على اليقين قلت هذا اصل قال نعم فان جعل البناء على الاقل ينافى ما جعله الشارع اصلا فى غير واحد من الاخبار مثل قوله عليه‌السلام اجمع لك السهو كله فى كلمتين متى شككت فابن على الاكثر وقوله عليه‌السلام فيما تقدم ألا اعلمك شيئا الى آخر ما تقدم فالوجه فيه اما الحمل على التقية واما ما ذكره بعض الاصحاب فى معنى الرواية بارادة البناء على الاكثر ثم الاحتياط بفعل ما ينفع لاجل الصلاة على تقدير الحاجة ولا يضر بها على تقدير الاستغناء نعم يمكن ان يقال بعدم الدليل على اختصاص الموثقة بشكوك الصلاة فضلا عن الشك فى ركعاتها فهو اصل كلى خرج منه الشك فى عدد الركعات وهو غير قادح لكن يرد عليه عدم الدلالة على ارادة اليقين السابق على الشك ولا المتيقن السابق على المشكوك اللاحق فهو اضعف دلالة من الرواية الآتية الصريحة فى اليقين السابق لاحتمالها لارادة ايجاب العمل بالاحتياط فافهم.

(اقول) انّ مراده قدس‌سره ابداء القرينة ممّا ذكره سابقا على ارادة يقين البراءة من هذه الرّواية اى اذا شككت فابن على اليقين بالبراءة بالعمل بالاحتياط على وجه خاصّ وتقريره عليه‌السلام اصليّته ينافى ما جعله الشارع اصلا فى غير واحد من الاخبار الدالة على البناء على الاكثر. (ولا ريب) انّ المستفاد منها مناف لما فى موثّقة عمّار من البناء على الاقلّ وهى لا تعارض الاخبار الدالة على البناء على الاكثر لترجيح تلك الاخبار عليها بوجوه عديدة كالاشهرية فتوى ورواية والاصرحية من حيث الدلالة والابعديّة عن طريقة العامّة التى هى من المرجّحات المنصوصة فانّهم يبنون على الاقلّ كما يظهر من الانتصار وروض الجنان والوسائل وغيرها وبملاحظة جميع ذلك يحمل الموثّقة الآمرة بالبناء على اليقين بالبراءة الحاصل على البناء على الاكثر حتى يرتفع التّنافي بينها

٥٠

وبين الاخبار الدالة على البناء على الاكثر.

(قوله اما الحمل على التقية الخ) يعنى حمل الموثقة على الاستصحاب وحمل اجراء الاستصحاب فى المورد على التقية واما ما ذكره بعض الاصحاب فى معنى الرواية بارادة البناء على الاكثر ثم الاحتياط بفعل ما ينفع لاجل الصلاة على تقدير الحاجة ولا يضربها على تقدير الاستغناء.

(نعم) يمكن ان يقال انه لا نظر فى الموثقة الى شكوك الصلاة بمعنى انه لا يكون موردها ذلك فلا مضايقة فى دلالتها على حجية الاستصحاب مطلقا وخروج باب شكوك الصلاة عنها من جهة الادلة الخاصة الواردة فيها ومن المعلوم ان العام المخصص حجة فى الباقى.

(ولكن) يرد عليه عدم الدلالة على ارادة اليقين السابق على الشك ولا المتيقن السابق على المشكوك اللاحق فالموثقة اضعف دلالة من الرواية الآتية الصريحة فى اليقين السابق لاحتمال الموثقة لارادة تحصيل اليقين بالبراءة وهو مفاد الاحتياط واما الرواية الآتية فلا تحتمل ارادة الاحتياط كما سيصرح به نعم تحتمل ارادة قاعدة الشك السارى.

(قوله فافهم) لعله للاشارة الى انّ كون وجوب العمل بالاحتياط اصلا كليّا يرجع اليه فى جميع الموارد ممّا يلتزم به المحقّقون وارادة الشّك فى ركعات الصلاة خلاف الفرض فجعله اصلا كليّا مطلقا يشعر بكونه ناظرا الى قاعدة الاستصحاب وان لم يكن فى الرواية ما يدل على ارادة اليقين السّابق.

٥١

(ومنها) ما عن الخصال بسنده عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال قال امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين وفى رواية اخرى عنه عليه‌السلام من كان على يقين فاصابه شك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشك وعدها المجلسى فى البحار فى سلك الاخبار التى يستفاد منها القواعد الكلية (اقول) من الرّوايات التى استدلوا بها على حجّيّة الاستصحاب الرّواية المذكورة فانّها رويت عن ابى بصير ومحمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام كما فى شرح الوافية والقوانين والوسائل والبحار.

(وقد اورد) على الاستدلال بها بما حاصله انّ الظّاهر من الرواية هو اختلاف زمان الشكّ واليقين وسبق زمان اليقين على زمان الشك بقرينة قوله عليه‌السلام من كان على يقين فشكّ الظّاهر فى انقضاء زمان اليقين وتراخى زمان الشّك فالرّواية تكون اظهر فى الشّك السّارى ولا تنطبق على الاستصحاب لانّه لا يعتبر فى الاستصحاب اختلاف زمان الشّكّ واليقين وسبق احدهما على الآخر بل الّذى يعتبر فيه سبق زمان المتيقّن على زمان الشّكّ وان قارن زمان اليقين لزمان الشّكّ بل ولو تأخّر زمان اليقين عن زمان الشّكّ.

(وبعبارة اخرى) انّ اليقين والشّك ممّا لا يجتمعان بان يتعلّقا بشيء واحد من جميع الجهات فى زمان واحد ضرورة تقابلهما وتنافيهما من حيث المفهوم فوجودهما لا يمكن الّا بتعدّد المتعلّق او بتعدّد زمان وجودهما والتّعدّد فى المتعلّق امّا ان يكون بحسب الذّات او بحسب قيد من قيودها كالزّمان والمكان ونحوهما فما يعتبر فى الاستصحاب هو تعدّد زمان متعلّق الشّكّ واليقين وان اتّحد زمان الوصفين كما فى المثال الّذي ذكره الشّيخ قدس‌سره وما يعتبر فى القاعدة هو تعدّد الوصفين مع وحدة زمان المتعلّق الذى لازمه سراية الشّكّ اللّاحق الى اليقين السّابق ولهذا يسمّى فى لسان جمع بالشّك السّارى هذا.

٥٢

اقول : لا يخفى ان الشك واليقين لا يجتمعان حتى ينقض احدهما الآخر بل لا بد من اختلافهما اما فى زمان نفس الوصفين كان يقطع يوم الجمعة بعدالة زيد فى زمان ثم يشك يوم السبت فى عدالته فى ذلك الزمان واما فى زمان متعلقهما وان اتحد فى زمانهما كان يقطع يوم السبت بعدالة زيد يوم الجمعة ويشك فى زمان هذا القطع بعدالته فى يوم السبت وهذا هو الاستصحاب وليس منوطا بتعدد زمان الشك واليقين كما عرفت فى المثال فضلا عن تأخر الاول عن الثانى وحيث ان صريح الرواية اختلاف زمان الوصفين وظاهرها اتحاد زمان متعلقهما تعين حملها على القاعدة الاولى وحاصلها عدم العبرة بطرو الشك فى شىء بعد اليقين بذلك الشىء.

(ولكن) لا يخفى ما فيه فانّ الضّابط فى قاعدة اليقين هو اختلاف زمان الشّك واليقين مع وحدة متعلّقهما بان يتعلّق الشّك بوجود ما تعلّق به اليقين فى الزّمان الّذى تعلّق به اليقين كما اذا علم بعدالة زيد فى يوم الجمعة وشكّ فى يوم السّبت بعدالته فى يوم الجمعة على وجه يسرى الشّكّ من يوم السّبت الى يوم الجمعة من غير فرق فى ذلك بين اخذ زمان اليقين قيدا للعدالة او اخذ الزّمان ظرفا لها فانه لا يعتبر فى قاعدة اليقين لحاظ الزّمان على وجه القيديّة كما يظهر من الشّيخ قده فى المقام بل الّذى يعتبر فى القاعدة هو وحدة زمان متعلّق الشك واليقين مع اختلاف زمان نفس الشك واليقين (واما الاستصحاب) فيعتبر فيه اختلاف زمان متعلق الشّك واليقين سواء اختلف زمان الشك واليقين او لم يختلف وبعبارة اخرى متعلّق الشك واليقين فى القاعدة هو حدوث الشيء وفى الاستصحاب متعلّق اليقين هو الحدوث ومتعلّق الشّك هو البقاء.

(اذا عرفت) ذلك فقد ظهر ان الرّواية ليس لها ظهور فى القاعدة فانه ليس فيها ما يستفاد منه وحدة زمان متعلّق الشّكّ واليقين وظهورها فى سبق زمان اليقين

٥٣

على زمان الشّكّ وان كان غير قابل للانكار الّا ان ذلك لمكان كون الغالب فى موارد الاستصحاب هو سبق زمان اليقين بل يمكن ان يقال بظهور الرّواية فى خصوص الاستصحاب فان قوله عليه‌السلام فليمض على يقينه ظاهر فى المضىّ على اليقين بعد فرض وجوده وانحفاظه فى زمان العمل وهذا لا ينطبق الّا على الاستصحاب فان الّذى يكون اليقين بالحدوث فيه محفوظا فى زمان العمل هو الاستصحاب وامّا القاعدة فاليقين فيها ينعدم ولذا تسمّى بالشّك السّارى.

(قوله فضلا عن تأخر الاول عن الثانى الخ) يستفاد من هذه العبارة انه يمكن فى الاستصحاب فرض تقدّم زمان الشّكّ على زمان اليقين وهو من حيث الحصول ممّا لا اشكال فيه اذ يمكن ان يكون الشّكّ حاصلا قبل اليقين كما لو كان يوم الجمعة شاكّا فى عدالة زيد وفى السّبت حصل له العلم بكونه عادلا فى يوم الخميس فيستصحب عدالته فى زمان القطع لو لم يكن قاطعا بزواله.

(قوله وحيث ان صريح الرواية) ووجه الصّراحة انّما هو من جهة لفظ كان وحذف متعلّق اليقين وكلمة الفاء الّتى هى للتّرتيب بالاتّصال ولا يخفى انّ هذا التّوجيه لا يوجب ازيد من الظّهور ولكن يمكن ان يكون مراده من الصّراحة الظّهور القوىّ الّذى ربّما يسمّى بالاسم المذكور فى كلماتهم من باب المسامحة.

(قوله تعين حملها على القاعدة الخ) حاصل الكلام على ما مرّت الاشارة اليه هو الفرق بين هذه القاعدة المعبّر عن موردها فى لسان جمع بالشّك السّارى وبين الاستصحاب المعبّر عن مورده بالشّك الطارى وهو انّ المعتبر فى الاستصحاب هو تعدّد زمان متعلّق الشّك واليقين وان اتّحد زمان الوصفين كما فى المثال المذكور فى المتن والمعتبر فى القاعدة هو تعدّد زمان الوصفين مع وحدة زمان المتعلّق الّذى لازم ذلك سريان الشّكّ اللاحق الى اليقين السّابق فمعنى عدم نقض اليقين بالشّكّ فى الاستصحاب هو الحكم بانسحاب اليقين والالتزام بترتيب آثاره فى زمان الشّكّ واما معناه فى القاعدة فهو الحكم بصحة الاعتقاد فى السابق

٥٤

ومطابقته للواقع والالتزام بآثاره فى زمان وجوده وعدم رفع اليد عنها بالشكّ السارى اليه.

(وهذه القاعدة) هى التى تسمى فى لسان بعض الاعلام باصالة الصحة فى الاعتقاد حيث انه قسم اصالة الصحة الى اقسام اربعة اصالة الصحة فى الافعال واصالة الصحة فى الاقوال واصالة الصحة فى الاعتقادات واصالة الصحة فى جميع الموجودات التى هى اعمّ من الثلاثة السابقة عليها فالجمع بين القاعدة والاستصحاب مما لا معنى له كما قد يتوهم.

٥٥

(ويؤيده) ان النقض حينئذ محمول على حقيقته لانه رفع اليد عن نفس الآثار التى رتبها سابقا على المتيقن بخلاف الاستصحاب فان المراد بنقض اليقين فيه رفع اليد عن ترتيب الآثار فى غير زمان اليقين وهذا ليس نقضا لليقين السابق إلّا اذا اخذ متعلقه مجردا عن التقييد بالزمان الاول وبالجملة فمن تامل فى الرواية واغمض عن ذكر بعض لها فى ادلة الاستصحاب جزم بما ذكرناه فى معنى الرواية اللهم إلّا ان يقال بعد ظهور كون الزمان الماضى فى الرواية ظرفا لليقين ان الظاهر تجريد متعلق اليقين عن التقييد بالزمان فان ظاهر قول القائل كنت متيقنا امس بعدالة زيد ظاهر فى ارادة اصل العدالة المقيدة بالزمان الماضى وان كان ظرفه فى الواقع ظرف اليقين لكن لم يلاحظ على وجه التقييد فيكون الشك فيما بعد هذا الزمان متعلقا بنفس ذلك المتيقن مجردا عن ذلك التقييد ظاهرا فى تحقق اصل العدالة فى زمان الشك فينطبق على الاستصحاب فافهم.

(يعنى) يؤيّد حمل الرّواية على القاعدة انّ النّقض محمول على حقيقته إذ في النقض اشعار باتّحاد زمانى متعلقى الشّك واليقين فحينئذ يكون نقض اليقين فى القاعدة بمعنى رفع اليد عن الآثار الّتى رتبها سابقا والحكم بتدارك ما فعل من حيث الاعادة والقضاء وسائر الثمرات وامّا فى الاستصحاب فالنّقض فيه بالنسبة الى ترتّب الآثار فى المستقبل بعد زمان الشّكّ ويكون مفاده عدم ترتيب الآثار فيه وفى الحقيقة هو دفع لا رفع.

(ولا ريب) انّ لفظ النقض بعد تعذّر ارادة المعنى الحقيقى ظاهر فى الرفع لا الدفع وهو متحقق فى القاعدة لا الاستصحاب فقوله قدس‌سره على حقيقته ليس على حقيقته بل المراد به اقرب المجازات اذا المعنى الحقيقى كما سيجيء فى كلام الشيخ قده رفع الهيئة الاتصالية فى الشيء المحسوس كالحبل وغيره ومن المعلوم

٥٦

عدم امكان ارادة هذا المعنى فى المقام.

(قوله إلّا اذا اخذ متعلقه مجردا عن الزمان) يعنى لا بدّ فى الاستصحاب من عدم نقض الاثر المترتّب على اليقين بالعدالة الحاصل فى السابق وعدم ترتيب الاثر فى الزمان اللاحق لا يعدّ نقضا لما رتبه فى السابق لكن اذا اخذت العدالة مثلا مجردة عن الزمان مطلقا يمكن تصحيح صدق النقض بالحكم بعدم ترتيب الاثر على العدالة بعد كونها موردا للأثر وما ذكرناه هو الذى اشار اليه المصنف قده فى قوله الآتي وهو اللهم الّا ان يقال الخ.

(قوله عن ذكر بعض) المراد به هو الوحيد البهبهانى فى محكى الرسالة الاستصحابية والسّيّد الصدر فى شرح الوافية وصاحب القوانين.

(قوله اللهم إلّا ان يقال الخ) محصّل ما يقال ان الرّواية تحتمل معنيين تكون بحسب المعنى الاول ظاهرة فى القاعدة وبحسب المعنى الثانى تكون منطبقة على الاستصحاب بيان ذلك انّ الزّمان الماضى اذا كان قيدا للمتيقّن ويكون الشك متعلقا بالمتيقن المقيّد بالقيد المذكور فيكون معنى الرّواية من كان على يقين بشىء كالعدالة الحاصلة فى الزّمان الماضى فشكّ فى تلك العدالة المقيدة بالزمان الماضى فليبن على العدالة الماضية ولا ينقضها بالشّكّ فتكون الرواية على هذا ظاهرة فى القاعدة بلا ريب (واما) اذا كان الزّمان الماضى المستفاد من لفظ كان قيدا لليقين بحسب الظاهر وكان المتيقّن مجردا عنه فيكون المراد منه العدالة المطلقة مثلا فيصير المعنى من كان على يقين فى الزّمان الماضى بالعدالة المطلقة مثلا فشكّ فى تلك العدالة فليمض على يقينه وليبن على العدالة فحينئذ يمكن تطبيق الرّواية على الاستصحاب بعد ملاحظة شيئين الاوّل انّ الشكّ فى بقاء العدالة ايضا شك فيها الثانى حمل تاخر الشّكّ عن اليقين المستفاد من الرّواية على الغالب وانّ المراد يكون اعم منه والمستفاد من العبارة كون الرّواية ظاهرة فى هذا المعنى فتكون ظاهرة فى الاستصحاب.

(قوله فيكون الشك فيما بعد هذا الزمان الخ) البعديّة تستفاد من لفظ الفاء وقوله متعلّقا خبر ليكون وقوله مجردا عن ذلك حال للمتيقن وقوله ظاهرا من تتمته

٥٧

(ثم) لو سلم ان هذه باطلاقها مخالفة للاجماع امكن تقييدها بعدم نقض اليقين السابق بالنسبة الى الاعمال التى رتبها حال اليقين به كالاقتداء فى مثال العدالة بذلك الشخص او العمل بفتواه او شهادته او تقييد الحكم بصورة عدم التذكر لمستند القطع السابق واخراج صورة تذكره والتفطن لفساده وعدم قابليته لافادة القطع لكن الانصاف ان قوله عليه‌السلام فان اليقين لا ينقض بالشك بملاحظة ما سبق فى الصحاح من قوله لا ينقض اليقين بالشك ظاهرها مساوقته لها ويبعد حمله على المعنى الذى ذكرنا لكن سند الرواية ضعيف بالقاسم بن يحيى لتضعيف العلامة له فى الخلاصة وان ضعف ذلك بعض باسناده الى تضعيف ابن الغضائرى المعروف عدم قدحه فتأمل. (يعنى) لو قلنا بان العمل بالقاعدة بطريق الاطلاق بمعنى ان يعمل بالمعتقد السّابق فى الماضى والحال والاستقبال قبل الشّك وبعده مع التّذكّر لمستند القطع السّابق والقطع ببطلانه وعدم تذكّره أو عدم القطع ببطلانه مخالف للاجماع امكن تقييدها باحد القيدين احدهما التّقييد بعدم النّقض بالنّسبة الى الآثار السّابقة لا اللّاحقة والثانى بصورة عدم التذكّر وقد نسب المصنف قده هذا فيما سيأتى عند بيان الشّرط الثانى للاستصحاب الى بعض الاعلام وهو الشيخ المحقق كاشف الغطاء (ره) ويفهم من كلام الشيخ قده عدم ثبوت الاجماع عنده. (وقد اورد) على ما ذكر بانّه لا اطلاق للرّواية بناء على حملها على القاعدة المذكورة لانّها لا يقتضى الّا الحكم بعدم نقض اليقين بالنّسبة الى الأعمال الّتى رتّبها سابقا أو الآثار المترتّبة عليه فى زمانه ولو بعده وامّا ترتيب الآثار الغير المترتّبة على اليقين السابق اصلا وانّما يريد ترتيبها فى زمان الشّكّ فلا يدلّ عليه الرّواية فتأمّل ثمّ انّ تنزيل القاعدة على ما ذكر وتقييد اطلاقها على الصّورة المذكورة يعنى صورة عدم التّذكّر لمستند القطع واخراج صورة التّذكّر مع العلم بعدم

٥٨

(ومنها) مكاتبة على بن محمد القاسانى قال كتبت اليه وانا بالمدينة عن اليوم الذى يشك فيه من رمضان هل يصام ام لا فكتب عليه‌السلام اليقين لا يدخله الشك صم للرؤية وافطر للرؤية فان تفريع تحديد كل من الصوم والافطار على رؤية هلالى رمضان وشوال لا يستقيم إلّا بارادة عدم جعل اليقين السابق مدخولا بالشك اى مزاحما به والانصاف ان هذه الرواية اظهرها فى هذا الباب فى اخبار الاستصحاب إلّا ان سندها غير سليم هذه جملة ما وقفت عليه من الاخبار المستدل بها للاستصحاب وقد عرفت عدم ظهور الصحيح منها وعدم صحة الظاهر منها فلعل الاستدلال بالمجموع باعتبار التجابر والتعاضد.

الصّلاحيّة يستفاد من كلام الشيخ المحقّق كاشف الغطاء.

(ولكن) ذكر بعض الاعلام ان لهذه القاعدة صورا.

(إحداها) ما قام الاجماع على اعتباره.

(والثانية) ما قام الاجماع على عدم اعتباره.

(والثالثة) ما وقع فيه الخلاف امّا الّتى قام الاجماع على اعتبارها فهى ما اذا اعتقد شيئا ورتّب عليه الآثار فانكشف الخلاف وامّا الّتى قام الاجماع على عدم اعتبارها فهى ما اذا اعتقد شيئا وظهر فساد مدرك الاعتقاد قبل ان يبنى عليه وترتّب عليه الآثار كما اذا اعتقد المجتهد حجّيّة الاجماع المنقول وظهر فساد مدرك اعتقاده قبل ان يعمل به وامّا التى وقع فيها الخلاف بينهم فهى ما اذا اعتقد شيئا ورتّب عليه الآثار ثمّ شك فى صحة الاعتقاد وحصل له التّزلزل فيها.

(ثم) قال فنحمل الرّواية على الصّورتين اللّتين لم يقم الاجماع على عدم اعتبارهما لا الصورة الاخرى ولكن قد صرّح كاشف الغطاء الذى انتشر منه تأسيس هذا الاساس بجريان القاعدة فى الصّورة الاخيرة ايضا. (قوله ويبعد حمله على المعنى الذى ذكرنا) وهو المعنى الذى يكون

٥٩

منطبقا على قاعدة الشّك السّارى.

(قوله لكن سند الرواية ضعيف الخ) ضعّفها العلّامة بالقاسم بن يحيى مع انّ المستفاد من جملة من اهل الرّجال مدحه بل صرّح بعضهم بتوثيقه ولكن حكى عن صاحب الرّجال الكبير وصاحب نقد الرجال انّ العلامة (ره) استند فى تضعيفها الى تضعيف ابن الغضائرى والمشهور بين علماء الرّجال انّ قدحه لا ينافى المدح.

(قوله فتأمل) يمكن ان يكون وجه التّأمل انّ الراوى يكون حينئذ مجهول الحال فلا تكون الرّواية حجّة ويمكن ان يكون اشارة الى عدم قدح العلّامة (ره) من جهة اشتهار الرّواية فتوى ورواية كما ادّعاه بعض الافاضل بل عن الفاضل النراقى فى المناهج انّه نقل عن المجلسى فى البحار بعد ذكر الخبر كلاما يدلّ على صحة التّعويل بذلك الخبر والاعتماد عليه وهو ما لفظه اصل الخبر فى غاية الوثاقة والاعتبار على طريقة القدماء واعتمد عليه الكلينى (ره) انتهى فيخرج بذلك عن حدّ الضّعاف ولا يلتفت الى التّضعيف المذكور.

(قوله ومنها مكاتبة على بن محمد القاسانى) هى سندا مطعونة بانّ علىّ بن محمد القاسانى ممّن لم يوثّقه احد من الرّجال وان لم يضعّفه احد ايضا ولكن ذهب جماعة الى انّ كلّ خبر رواه احد من المشايخ الثلاثة فى احد الكتب الاربعة ولم يكن له معارض فهو محكوم بالاعتبار مضافا الى انجبار المكاتبة بعمل الاصحاب (قوله) كتبت اليه يعنى الامام الجواد عليه‌السلام او الامام الهادى عليه‌السلام على الخلاف بين علماء الرّجال.

(قوله عن اليوم الذى يشك فيه من رمضان) الظّاهر انّ المراد بيوم الشّك هو اليوم الذى يشكّ فيه انه من شعبان او من رمضان وقد عقد فى الوسائل بابا لاستحباب صوم يوم الشكّ بنيّة الندب على انه من شعبان اذا كانت علّة او شبهها ولو بان من شهر رمضان أجزأه وذكر اخبارا كثيرة متعلّقة بيوم الشكّ بحيث يقطع كون

٦٠