درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٦

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٥

(والغلبة) عبارة عن ثبوت حكم او وصف لاغلب افراد كلّىّ يظنّ كونه هو المناط والعلّة لثبوت ذلك الحكم مع العلم بكون الفرد المشكوك من افراد ذلك الكلى وقد اعتبر فى موضوعها امور ثلاثة الأول ثبوت الحكم لاغلب الافراد والثانى الظن بكون المناط لثبوت الحكم هو الكلى القدر الجامع بين الافراد والثالث العلم بكون الفرد المشكوك من افراد ذلك الكلّى.

(ثم) انّ الغلبة على اقسام قد تكون جنسيّة كما يقال انّ جنس الحيوان يحرّك فكّه الاسفل الّا التّمساح وقد تكون نوعيّة مثل ان يقال انّ نوع الانسان له عينان الّا الدّجّال لدلالة الأخبار على انّ الدّجّال ليس له الّا عين واحدة وقد تكون صنفيّة كما يقال انّ الزّنجى اسود الّا واحد منهم مثلا فهذه الاقسام ان توافقت فلا اشكال وكذلك ان علم بإحداها ولم يعلم بمخالفة غيرها لها فانه لا اشكال حينئذ فى الحكم بمقتضاها واما ان تخالفت كلّا أو بعضا فلا ريب فى ترجيح الغلبة الصّنفيّة على النوعيّة والجنسية والنوعية على الجنسيّة قال فى بحر الفوائد والوجه فيه ممّا لا يحتاج الى البيان فالمدار دائما عند الاختلاف على الاخصّ فلو فرض اختلاف اصناف الجنس فى حكم من حيث الزّيادة والنقيصة فالّذى يحصل منها هو الظّنّ بثبوت الحكم للجنس فى القدر المشترك بين الجميع فيتّبع الاخصّ وهذا يجرى فى مراتب الغلبة الجنسيّة ايضا حيث انّ الاجناس متعدّدة فالجنس السافل مقدّم على الجنس العالى فى كلّ مرتبة.

(قوله قال السيد الشارح للوافية الخ) وهو السيّد صدر الدين قال (ره) فى المحكىّ عنه المقدمة الاولى الظّاهر انّ كلّ عاقل اذا راجع وجدانه يجد فى الزمان اللّاحق وجود ما علم بوجوده فى الزّمان السّابق ارجح عنده من عدمه وان كان مما يحتمل الأمرين حين مراجعته فى بادئ النّظر.

(فالحاصل) انّ العقل اذا لاحظ الممكن الوجود الذى من شأنه دوامه بدوام علّته التّامة وزواله بزوالها فى زمان يكون من المحتمل عنده ان تحدّث علّة

١٠١

الزّوال وهى عدم جزء من اجزائه العلة التامة فيعدم الممكن او لا تحدث فيبقى بوجود علّة الوجود يرجّح الوجود مع ملاحظة تحقّقه السابق وان كان هو والعدم متساويين فى نظره مع ملاحظة تساوى حدوث علّة العدم وعدم حدوثها فيكون الوجود متيقنا اولا مشكوكا فيه مع قطع النّظر عن اليقين السّابق ثانيا ومظنونا بعد ملاحظة اليقين ثالثا ثمّ قال (ره) ومعلوم انّ هذا الرّجحان لا بدّ له من موجب الى آخر ما نقله الشيخ قدس‌سره عنه.

١٠٢

(وفيه) ان المراد بغلبة البقاء ليس غلبة البقاء ابد الآباد بل المراد البقاء على مقدار خاص من الزمان ولا ريب ان ذلك المقدار الخاص ليس امرا مضبوطا فى الممكنات ولا فى المستصحبات والقدر المشترك بين الكل أو الاغلب منه معلوم التحقق فى مورد الاستصحاب وانما الشك فى الزائد وان اريد بقاء الاغلب الى زمان الشك فان اريد اغلب الموجودات السابقة بقول مطلق ففيه اولا انا لا نعلم بقاء الاغلب فى زمان الشك وثانيا لا ينفع بقاء الاغلب فى الحاق المشكوك للعلم بعدم الرابط بينها وعدم استناد البقاء فيها الى جامع كما لا يخفى بل البقاء فى كل واحد منها مستند الى ما هو مفقود فى غيره نعم بعضها مشترك فى مناط البقاء وبالجملة فمن الواضح ان بقاء الموجودات المشاركة مع نجاة الماء المتغير فى الموجود من الجواهر والاعراض فى زمان الشك فى النجاسة لذهاب التغير المشكوك مدخليته فى بقاء النجاسة لا يوجب الظن ببقائها وعدم مدخلية التغير فيها وهكذا الكلام فى كل ما شك فى بقائه لاجل الشك فى استعداده للبقاء.

(اقول) الظّاهر من كلام السيّد الشّارح للوافية ان المراد بالغلبة المذكورة فى عبارته المتقدمة هى الغلبة الجنسية بمعنى ملاحظة جنس الممكنات القارّة ليحصل الظنّ ببقاء الممكن الخاص وفيه انّ الغلبة الجنسيّة لا يجدى لاثبات المدّعى لانّ مقدار بقاء جنس الممكنات من الحيوانات متفاوتة فى الغاية ومختلفة فى النهاية ضرورة انّ لكل نوع من الممكنات استعدادا خاصّاً فاللّازم حينئذ الاقتصار على اقلّ مرتبة من تلك المراتب لانّه القدر المتيقّن وهو البقاء على مقدار خاصّ من الزّمان ولا ريب انّ ذلك المقدار الخاصّ ليس امرا مضبوطا فى الممكنات ولا فى المستصحبات والقدر المشترك بين الكلّ او الاغلب منه معلوم التحقّق فى مورد

١٠٣

الاستصحاب غالبا وانّما الشّك فى الزّائد فليس المراد بالغلبة هى غلبة البقاء ابد الآباد.

(وان اريد) بقاء الاغلب الى زمان الشّكّ فان اريد اغلب الموجودات السّابقة بقول مطلق ففيه اوّلا انّا لا نعلم بقاء الاغلب فى زمان الشّكّ وثانيا لا ينفع بقاء الاغلب فى الحاق المشكوك للعلم بعدم رابط بينها وعدم استناد البقاء فيها الى جامع ضرورة انّ حكم كلّ حاكم تابع لخصوص ما فى نفس الحاكم من الاغراض وو الدّواعى وهى مختلفة فى الغاية اذ قد يتعلّق الغرض بثبوت الحكم فى آن واحد كما لو طلب العطشان الماء وقد يتعلّق بثبوته فى يوم مرّة او مرّتين او فى سنة وهكذا فمدار الاحكام على مدار الاغراض والدّواعى وهى ليست مضبوطة حتّى يؤخذ القدر الجامع فيظنّ بكونه هو المناط حتّى يلحق المشكوك بالغالب لوجود المناط فيه ومع عدم القدر الجامع لا يتحقّق موضوع الغلبة.

(وكذا الحال) فى الاحكام الشّرعيّة فانّها ايضا تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة عند العدليّة والصّلاح النفس الامرى فى جميع الموضوعات ليس على نسق واحد بل مقتضى كلّ حكم مباين للآخر اذ ربّما يكون الصّلاح فى شيء مقتضيا لاتيانه فى العمر مرّة واحدة كالحجّ مثلا وقد يكون مقتضيا لاتيانه فى كل سنة شهرا واحدا كالصّوم وقد يكون مقتضيا لاتيانه فى كل يوم وليلة خمس مرّات كالصلاة مثلا وهكذا.

(وبالجملة) فلا ارتباط بين مقتضيات الاحكام الشرعيّة اصلا فكيف يمكن اخذ القدر الجامع حتّى يظنّ بكونه هو المناط والعلّة فى ثبوت الحكم حتّى يلحق المشكوك بالغالب ومع عدم احراز القدر الجامع المظنون كونه هو المناط لثبوت الحكم على الغالب لا يتحقّق الغلبة لانّ المعتبر فى موضوعها وجود القدر الجامع بين الافراد المظنون كونه هو العلّة لثبوت الحكم على الغالب حتّى يصير ذلك الظنّ سببا لالحاق الفرد المشكوك بالغالب.

١٠٤

(وان اريد) به ما وجه به كلام السيد المتقدم صاحب القوانين بعد ما تبعه فى الاعتراف بان هذا الظن ليس منشؤه محض الحصول فى الآن السابق لان ما ثبت جاز ان يدوم وجاز ان لا يدوم قال بل لانا لما فتشنا الامور الخارجية من الاعدام والموجودات وجدناها مستمرة بوجودها الاول على حسب استعداداتها وتفاوتها ومراتبها فنحكم فيما لم تعلم حاله بما وجدناه فى الغالب الحاقا له بالاعم الاغلب ثم ان كل نوع من انواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب فى افراد ذلك النوع فالاستعداد الحاصل للجدران القديمة يقتضى مقدارا من البقاء بحسب العادة والاستعداد الحاصل للانسان يقتضى مقدارا منه للفرس مقدارا آخر وللحشرات مقدارا آخر ولدود القز والبق والذباب مقدارا آخر وكذلك (اقول) ان قوله وان اريد به عطف على قوله فان اريد اغلب الموجودات السّابقة وجزائه قوله فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه بعد انتهاء كلام صاحب القوانين.

(ثم) الفرق بين هذا الوجه والوجه الاوّل انّ الملحوظ فى وجه الاول اغلب الممكنات والموجودات وبعبارة اخرى الغلبة الجنسيّة وهذا الوجه مبنىّ على تقدّم الغلبة النوعيّة على الغلبة الجنسيّة عند التعارض وعلى تقدّم الغلبة الصنفية على الغلبة النوعية والجنسية عند التعارض ايضا.

(وبالجملة) يكون المناط الغلبة الاخصّ وهذا هو المتعيّن لان الغلبة الاخصّ تفيد الحاق المشكوك بالغالب ظنّا ومع وجودها لا يحصل الظنّ بالالحاق من جهة الغلبة النوعيّة او الجنسيّة فافهم. (وكيف كان) حاصل توجيه صاحب القوانين كلام السيّد المتقدّم بعد ما تبعه فى الاعتراف بانّ هذا الظّنّ ليس منشؤه محض الحصول فى الآن السّابق

١٠٥

الرطوبة فى الصيف والشتاء فهنا مرحلتان الاولى اثبات الاستمرار فى الجملة الثانية اثبات مقدار الاستمرار ففيما جهل حاله من الممكنات القارة يثبت ظن الاستمرار فى الجملة بملاحظة حال اغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت انواعها وظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذى هو من جملتها فالحكم الشرعى مثلا نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة الاحكام الصادرة من الموالى الى العبيد وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الاحكام الشرعية فاذا اردنا التكلم فى اثبات الحكم الشرعى فنأخذ الظن الذى ادعيناه من ملاحظة اغلب الاحكام الشرعية لانه الانسب به والاقرب اليه وان امكن ذلك بملاحظة احكام سائر الموالى وعزائم سائر العباد. لان ما ثبت جاز ان يدوم وجازان لا يدوم انّه اذا فتّشنا الامور الخارجية من الاعدام والموجودات وجدناها مستمرة بوجودها الاوّل على حسب تفاوتها ومراتبها فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه فى الغالب إلحاقا له بالاعمّ الاغلب.

(ثم) انّ كلّ نوع من انواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب فى افراد ذلك النوع فالاستعداد الحاصل للجدران القديمة يقتضى مقدارا من البقاء بحسب العادة وكذلك حال الحيوانات بحسب تفاوت اصنافها وتغايرها فى مقدار البقاء وكذا الرّطوبة فى الصّيف والشّتاء فهنا مرحلتان الاولى اثبات الاستمرار فى الجملة ، الثانية اثبات مقدار الاستمرار ففيما جهل حاله من الممكنات القارة يثبت ظنّ الاستمرار فى الجملة بملاحظة حال اغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت انواعها وظن مقدار خاصّ من الاستمرار بملاحظة حال النوع الّذى هو من جملتها.

فالحكم الشّرعى مثلا نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة الاحكام

١٠٦

الصادرة من الموالى الى العبيد وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الاحكام الشّرعية فاذا اردنا التكلّم فى اثبات الحكم الشرعى فنأخذ الظّنّ الّذى ادّعيناه من ملاحظة اغلب الاحكام الشرعية لانه الانسب به والاقرب اليه لاشتراكهما فى الجنس القريب او النّوع او الصّنف وقد ذكرنا سابقا ان المتعيّن عند التعارض الأخذ بالاخصّ وعدم اعتبار الاعمّ.

١٠٧

(ثم) ان الظن الحاصل من الغلبة فى الاحكام الشرعية محصله انا نرى اغلب الاحكام الشرعية مستمرة بحسب دليله الاول بمعنى انها ليست احكاما آنية مختصة بآن الصدور بل يفهم من حاله من جهة امر خارجى عن الدليل انه يريد استمرار ذلك الحكم الاول من دون دلالة الحكم الاول على استمرار فاذا رأينا منه فى مواضع عديدة انه اكتفى فى ابداء الحكم بالامر المطلق القابل للاستمرار وعدمه ثم علمنا ان مراده من الامر الاول الاستمرار نحكم فيما لم يظهر مراده بالاستمرار الحاقا بالاغلب فقد حصل الظن بالدليل وهو قول الشارع بالاستمرار وكذلك الكلام فى موضوعات الاحكام من الامور الخارجية فان غلبة البقاء يورث الظن القوى بالبقاء انتهى فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه مما اشرنا اليه.

(اقول) ان قوله بمعنى انّها ليست احكاما آنية مختصّة بآن الصّدور الخ دفع ما يظهر من قوله بسبب دليله الاول حيث يستفاد منه كون ذلك الاستمرار مستفادا من ذلك الدليل بنفسه توضيح الدفع انّه ليس كون ذلك مستمرا بسبب دليله الاوّل وانّ الاستمرار ناش عن نفس ذلك الدليل بل المراد منه انّه ليس احكامه آنيّة مختصّة بآن الصدور بل مستمرّة ولو كان من جهة امر خارج عن الدليل.

(وحاصل مراده) ره كما هو ظاهر عبارته بل صريحها انّا نرى اغلب الاحكام الشّرعية مستمرة بسبب دليله الاول وان كان الدليل من الأدلّة المهملة بالنسبة الى الازمنة المتأخرة وكان يفهم من حاله من جهة امر خارجىّ عن الدليل انّه يريد استمرار ذلك الحكم الاول من دون دلالة الحكم الاوّل على الاستمرار.

(وبالجملة) فهو ره ادّعى غلبة الاستمرار فى الاحكام الشرعية الثّابتة بالادلة المهملة وادّعى استكشاف الاستمرار فى مواردها بالامور الخارجة عن إلّا دلالة هذا محصّل كلام المحقق القمى ره.

١٠٨

توضيحه ان الشك فى الحكم الشرعى قد يكون من جهة الشك فى مقدار استعداده وقد يكون من جهة الشك فى تحقق الرافع اما الاول فليس فيه نوع ولا صنف مضبوط من حيث مقدار الاستعداد مثلا اذا شككنا فى مدخلية التغيير فى النجاسة حدوثا وارتفاعا وعدمها فهل ينفع فى حصول الظن بعدم المدخلية تتبع الاحكام الشرعية الأخر مثل احكام الطهارات والنجاسات فضلا عن احكام المعاملات والسياسات فضلا عن احكام الموالى الى العبيد وبالجملة فكل حكم شرعى او غيره تابع لخصوص ما فى نفس الحاكم من الاغراض والمصالح ومتعلق بما هو موضوع له وله دخل فى تحققه ولا دخل لغيره من الحكم المغاير له ولو اتفق موافقته له كان بمجرد الاتفاق من دون ربط ومن هنا لو شك واحد من العبيد فى مدخلية شىء فى حكم مولاه حدوثا وارتفاعا فتتبع لاجل الظن بعدم مدخلية وبقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشىء احكام سائر الموالى بل احكام هذا المولى المغايرة للحكم المشكوك موضوعا ومحمولا عد من اسفه السفهاء.

(قوله توضيحه) يعنى توضيح وجه ضعف توجيه صاحب القوانين انّ الشكّ فى الحكم الشرعى قد يكون من جهة الشك فى مقدار استعداده وقد يكون من جهة الشك فى تحقق الرّافع امّا الاول فالجواب عنه بوجهين تارة عدم وجود نوع او صنف مضبوط حتّى يرجع فى مورد الشّكّ اليه لاختلاف استعدادات الانواع والاصناف واخرى انه مع وجود نوع او صنف مضبوط لا يمكن الرّجوع فى مورد الشكّ اليه لانّ البقاء فى كل فرد مستند الى السّبب الخاصّ المقتضى له واتّفاق الافراد فى مقدار من البقاء انّما هو من باب الاتّفاق لا لوجود الجامع الّذى اقتضى ذلك ومن المعلوم انّ الشرط فى نفع الغلبة فى الحاق المشكوك بالغالب هو وجود الجامع وقد اشار الشيخ قده الى هذا الجواب بقوله وبالجملة فكلّ حكم شرعى

١٠٩

(واما الثانى) وهو الشك فى الرافع فان كان الشك فى رافعية الشىء للحكم فهو ايضا لا دخل له بسائر الاحكام ألا ترى ان الشك فى رافعية المذى للطهارة لا ينفع فيه تتبع موارد الشك فى الرافعية مثل ارتفاع النجاسة بالغسل مرة او نجاسة الماء بالاتمام كرا او ارتفاع طهارة الثوب والبدن بعصير العنب او الزبيب والتمر واما الشك فى وجود الرافع وعدمه فالكلام فيه هو الكلام فى الامور الخارجية ومحصل الكلام انه ان اريد انه يحصل الظن بالبقاء اذا فرض له صنف او نوع يكون الغالب فى افراده البقاء فلا ننكره ولذا يظن عدم النسخ عند الشك فيه لكنه يحتاج الى ملاحظة الصنف والتامل حتى لا يحصل التغاير فان المتطهر فى الصبح اذا شك فى وقت الضحى فى بقاء طهارته واراد اثبات ذلك بالغلبة فلا ينفعه تتبع الموجودات الخارجية مثل بياض ثوبه وطهارته وحيوة زيد وقعوده وعدم ولادة الحمل الفلانى ونحو ذلك. او غيره تابع لخصوص ما فى نفس الحاكم من الدواعى والاغراض وهى مختلفة باعتبار انّ الغرض قد يتعلق فى ثبوته بساعة او بيوم مرة او مرتين او فى شهر او فى سنة او فى مدة عمر وهكذا.

(وكذا الحال) فى الاحكام الشرعية لانّها ايضا تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة عند العدلية والصلاح النفس الامرى فى جميع الموضوعات ليس على نسق واحد بل مقتضى كل حكم مباين للآخر كما انّ كل حكم مباين لحكم آخر كالصلاة والصّوم والحج ونحوها فالصلاة يجب اتيانها فى كل يوم وليلة مرّات عديدة وو الصّوم فى كل سنة شهرا والحج فى مدة عمره مرّة كل ذلك دليل على اختلاف مقتضيات الاحكام الشّرعية.

(اقول) قد تقدم فى توضيح وجه ضعف التوجيه المتقدّم انّ احراز الغلبة

١١٠

نعم لو لوحظ صنف هذا المتطهر فى وقت الصبح المتحد او المتعارف فيما له مدخل فى بقاء الطهارة ووجد الاغلب متطهرا فى هذا الزمان حصل الظن ببقاء طهارته وبالجملة فما ذكره من ملاحظة اغلب الصنف فحصول الظن به حق إلّا ان البناء على هذا فى الاستصحاب يسقط عن الاعتبار فى اكثر موارده وان بنى على ملاحظة الانواع البعيدة او الجنس البعيد او الابعد وهو الممكن القار كما هو ظاهر كلام السيد المتقدم. لا يمكن بالنسبة الى الشكّ فى المقتضى لما عرفت من انّ مقتضيات الاحكام مختلفة لا جامع بينها ابدا ضرورة ان كل شرعى او غير تابع لخصوص ما فى نفس الحاكم من الاغراض والمصالح ومتعلّق بما هو موضوع له وله دخل فى تحققه ولا دخل لغيره من الحكم المغاير له ولو اتفق موافقته له كان بمجرّد الاتفاق من دون ربط ومن هنا لو شكّ واحد من العبيد فى مدخليّة شىء فى حكم مولاه حدوثا وارتفاعا فتتبع لاجل الظّنّ بعدم المدخليّة وبقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشيء احكام سائر الموالى بل احكام هذا المولى المغايرة للحكم المشكوك موضوعا ومحمولا عدّ من اسفه السّفهاء.

(واما الثانى) وهو الشكّ فى الرّافع سواء كانت الشّبهة فيه حكميّة او موضوعية فان كان الشكّ فى رافعيّة الشيء للحكم فهو ايضا لا دخل له بسائر الاحكام ألا ترى انّ الشكّ فى رافعيّة المذى للطهارة لا ينفع فيه تتبّع موارد الشكّ فى الرّافعية مثل ارتفاع النجاسة بالغسل مرة او نجاسة الماء بالاتمام كرّا وامّا الشكّ فى وجود الرافع وعدمه فالكلام فيه هو الكلام فى الامور الخارجيّة.

(قوله يحصل الظن بالبقاء اذا فرض الخ) غرضه قدس‌سره انّه لا يحصل الظّنّ بالبقاء بملاحظة الغلبة النّوعية او الصّنفيّة لما عرفت من اختلاف الدّواعى والاغراض والمصالح الكامنة فى الاحكام وعدم وجود القدر الجامع بينها حتى يظنّ

١١١

بكونه هو المناط بين الافراد كى يلحق المشكوك بالافراد الغالبة.

(قوله ولذا يظن عدم النسخ عند الشك فيه) الظّنّ بعدم النّسخ ان كان مستندا الى عموم او اطلاق للّفظ فيكون خارجا عن الاستصحاب الّذى هو من الاصول العمليّة وان لم يكن مستندا الى عموم او اطلاق لفظى فلا دليل على حجّيّته الّا ان يقال بان بناء اهل الشّرائع على العمل بهذا الظّنّ.

(قوله إلّا ان البناء على هذا فى الاستصحاب يسقطه عن الاعتبار) لا يرد هذا الاشكال على السيّد الصّدر الشّارح للوافية لانّه صرّح بعدم الدّليل على حجيّة الظّنّ الحاصل من الغلبة وانّ المعتمد هو التّمسك بالاخبار الّتى تجرى فى صورة الشّكّ والوهم ايضا.

(قوله وان بنى على ملاحظة الانواع البعيدة) كلمة بنى ان كانت ببناء الفاعل بارجاع الضمير الى المحقق القمى ففيه انه مخالف لصريح كلامه وقد اعترف به الشيخ قده عن قريب وان كانت ببناء المفعول ففيه انّه تكرار لما سلف بلا فائدة.

١١٢

(ففيه) ما تقدم من القطع بعدم جامع بين مورد الشك وموارد الاستقراء يصلح لاستناد البقاء اليه وفى مثله لا يحصل الظن بالالحاق لانه لا بد فى الظن بلحوق المشكوك بالاغلب اولا بثبوت الحكم او الوصف الجامع فيحصل الظن بثبوته فى الفرد المشكوك ومما يشهد بعدم حصول الظن بالبقاء اعتبار الاستصحاب فى موردين يعلم بمخالفة احدهما للواقع فان المتطهر بمائع شك فى كونه بولا او ماء يحكم باستصحاب طهارة بدنه وبقاء حدثه مع ان الظن بهما محال وكذا الحوض الواحد اذا صب فيه الماء تدريجا فبلغ الى موضع شك فى بلوغ مائه كرا فانه يحكم حينئذ ببقاء قلته فاذا امتلاء واخذ منه الماء تدريجا الى ذلك الموضع فيشك حينئذ فى نقصه عن الكر فيحكم ببقاء كريته مع ان الظن بالقلة فى الاول وبالكرية فى الثانى محال.

(اقول) ان ما ذكره السيد المتقدّم من ملاحظة اغلب الصنف فحصول الظنّ به حقّ إلّا انّ البناء على هذا فى الاستصحاب يسقطه عن الاعتبار فى اكثر موارده وان بنى على ملاحظة الانواع البعيدة او الجنس البعيد او الابعد وهو الممكن القارّ كما هو ظاهر كلام السيد.

(ففيه) ما تقدّم من القطع بعدم جامع بين مورد الشكّ وموارد الاستقراء يصلح لاستناد البقاء اليه وفى مثله لا يحصل الظن بالالحاق لانه لا بدّ فى الظن بلحوق المشكوك بالاغلب اوّلا بثبوت الحكم او الوصف الجامع فيحصل الظن بثبوته فى الفرد المشكوك.

(قوله ومما يشهد بعدم حصول الظن بالبقاء) اقول قد يتوهّم عدم شهادة ما استشهد به الشيخ قده لما ذكره لانّ الممتنع فى موردين مذكورين هو حصول الظنّ الشخصى من الاستصحابين وامّا الظنّ النوعى فلا والاستصحاب عند

١١٣

(ثم) ان اثبات حجية الظن المذكور على تقدير تسليمه دونها خرط القتاد خصوصا فى الشبهة الخارجية التى لا يعتبر فيها الغلبة اتفاقا فان اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظن الحاصل من الغلبة وعدم اعتبار الظن بنجاسته من غلبة اخرى كطين الطريق مثلا مما لا يجتمعان وكذا اعتبار قول المنكر من باب الاستصحاب مع الظن بصدق المدعى لاجل الغلبة. الاكثر مبنىّ على الظنّ النوعى لا الشخصى ولكن لا يخفى عليك انّ التوهم المذكور لا يخلو عن الخدشة اذ ظاهر من يجعل الوجه فى اعتبار الاستصحاب الغلبة هو ارادة الظنّ الشخصى لا النوعى نعم يمكن ان يقال انّ مدّعى حصول الظنّ من الاستصحاب لا يدّعى حصوله منه فى مورد العلم الاجمالى ايضا.

(قوله فان المتطهر بمائع شك فى كونه بولا او ماء الخ) وفيه انّ الوضوء لا يتحقّق بماء مشكوك فى كونه بولا أو ماء مع الالتفات بذلك فى حال التوضّؤ لعدم امكان قصد التقرّب فى التوضّؤ بمثل ذلك المائع فحينئذ ينبغى تقييده بالغافل حتى يكون ذلك فى حال الغفلة دون الالتفات.

(قوله ثم ان اثبات حجية الظن المذكور الخ) لانّ الظّنّ الحاصل من الغلبة فى الاحكام الشرعية لا دليل على حجيته الّا دليل الانسداد وهو غير تامّ عند الشيخ قده وسائر المحققين لكن الظّاهر من المحقق القمى فى باب تعارض الاحوال وفى باب وقوع الامر عقيب توهّم الحظر كون الظنّ المستفاد من الغلبة حجة مطلقا فى الشبهات الموضوعية بالعقل والشرع والعرف فراجع ومنه يظهر انّ ادّعاء الاتّفاق على عدم اعتبار الغلبة فى الشبهة الخارجية على ما يظهر من الشيخ قده فى هذا المقام لعلّه فى غير محله نعم لا يجرى دليل الانسداد فى الشبهات الموضوعيّة الخارجية لاختصاصه بالشبهات الحكمية.

(قوله فان اعتبار استصحاب طهارة الماء الخ) المقصود من هذا الكلام

١١٤

تحقيق عدم كون العلّة فى حجية الاستصحاب فى الشبهات الموضوعية هو الغلبة اذ لو كانت هى العلة لوجدت الحجية اينما وجدت ولا معنى للتفكيك فانّ اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظن الحاصل من الغلبة وعدم اعتبار الظن بنجاسته من غلبة اخرى كطين الطريق مثلا مما لا يجتمعان وكذا اعتبار قول المنكر من باب الاستصحاب مع الظنّ بصدق المدّعى لاجل الغلبة.

١١٥

(ومنها) بناء العقلاء على ذلك فى جميع امورهم كما ادعاه العلامة فى النهاية واكثر من تأخر عنه وزاد بعضهم انه لو لا ذلك لاختل نظام العالم واساس عيش بنى آدم وزاد آخر ان العمل على الحالة السابقة امر مركوز فى النفوس حتى الحيوانات ألا ترى ان الحيوانات تطلب عند الحاجة المواضع التى عهدت فيها الماء والكلاء والطيور يعود من الاماكن البعيدة الى او كارها ولو لا البناء على ابقاء ما كان لم يكن وجه لذلك.

(والجواب) ان بناء العقلاء انما يسلم فى موضع يحصل لهم الظن بالبقاء لاجل الغلبة فانهم فى امورهم عاملون بالغلبة سواء وافقت الحالة السابقة او خالفها ألا ترى انهم لا يكاتبون من عهدوه فى حال لا يغلب فيه السلامة فضلا عن المهالك الاعلى سبيل الاحتياط لاحتمال الحياة ولا يرسلون اليه البضائع للتجارة ولا تجعلونه وصيا فى الاموال او قيما على الاطفال ولا يقلدونه فى هذا الحال اذا كان من اهل الاستدلال وتراهم لو شكوا فى بقاء الحكم الشرعى او نسخه يبنون على البقاء ولو شكوا فى رافعية المذى شرعا للطهارة فلا يبنون على عدمها.

(اقول) بناء العقلاء عبارة عن بنائهم على سلوك طريق ظنى فى امور معاشهم وقبل الخوض فى بيان هذا الدليل الذى استدلوا به على حجية الاستصحاب لا بأس بالاشارة الى الفرق بين (بناء العرف) (والسيرة) (وبناء العقلاء) فنقول انّ لها جهة اشتراك وهو كونها من عمل الناس وجهة افتراق وهى انه تارة يكون فى مقام فهمهم مداليل الالفاظ والخطابات واخرى من حيث تديّنهم بالدين وتشرّعهم بالشرع وثالثا من حيث كونهم من العقلاء فيسمى الاول ببناء العرف والثانى بالسيرة المستمرّة بين المسلمين ولها شروط ذكرت فى محله منها كونها مستمرة الى زمان المعصوم عليه‌السلام فلا يعتنى بالسيرة فى الامور المستحدثة ومنها

١١٦

(وبالجملة) فالذى اظن انهم غير بانين فى الشك فى الحكم الشرعى من غير جهة النسخ على الاستصحاب نعم الانصاف انهم لو شكوا فى بقاء حكم شرعى فليس عندهم كالشك فى حدوثه فى البناء على العدم ولعل هذا من جهة عدم وجدان الدليل بعد الفحص فانها امارة على العدم لما علم من بناء الشارع على التبليغ فظن عدم الورود يستلزم الظن بعدم الوجود والكلام فى اعتبار هذا الظن بمجرده من غير ضم حكم العقل لقبح التعبد بما لا يعلم فى باب اصل البراءة قال فى العدة بعد ما اختار عدم اعتبار الاستصحاب فى مثل المتيمم الداخل فى الصلاة والذى يمكن ان ينتصر به طريقة استصحاب الحال ما أومأنا اليه من ان يقال لو كانت الحالة السابقة مغيرة للحكم الاول لكان عليه دليل واذا تتبعنا جميع الأدلّة فلم نجد فيها ما يدل على ان الحالة الثانية مخالفة للحالة الاولى دل على ان حكم الحالة الاولى باق على ما كان فان قيل هذا رجوع الى الاستدلال بطريق آخر وذلك خارج عن استصحاب الحال قيل ان الذى نريد باستصحاب الحال هذا الذى ذكرناه واما غير ذلك فلا يكاد يحصل غرض القائل به انتهى. عدم صدور الرّدع من المعصوم عليه‌السلام.

(ويسمى الثالث) ببناء العقلاء وهو عبارة عن استقرار طريقة العقلاء على العمل بالظن شخصا او نوعا فى امور معاشهم وبنائهم على العمل بالحالة السابقة ليس من جهة فهمهم الخطابات ولا من جهة تشرّعهم بالشّرع بل من حيث كونهم من العقلاء (ثم) حجية بناء العقلاء فى هذا المقام كحجيّته فى سائر المقامات من جهة كشفه عن حكم العقل اجمالا فيكون الفرق بين حكم العقل وبناء العقلاء بالاجمال والتفصيل فيدلّ على حجيّته ما يدلّ على حجيّة حكم العقل. (وكيف كان) قال بعض الاعلام من المحشين انّ بناء العقلاء هو العمدة فى

١١٧

باب الاستصحاب وانّ اخبار الباب منزّلة عليه وامضاء له ولكن يختصّ هذا الدليل بما عدى الشك فى المقتضى وانّ بناء العقلاء انما هو على عدم الاعتناء باحتمال الرّافع فى رفع اليد عمّا كانوا عليه فلو كانوا يقلّدون شخصا لا يرفعون اليد عن تقليده بمجرّد احتمال موته او كان شخص وكيلا عن شريكه او شخص آخر قائما مقامه ملتزما بالقيام بالوظائف التى كانت عليه كالانفاق على زوجته واولاده وحفظ امواله لا يعتزل عن عمله باحتمال موت الموكّل بل لا يعهد عن عاقل رفع اليد عمّا كان عليه فى شىء من مثل هذه الامور بمجرد احتمال الموت او صيرورة المرأة التى يجب الانفاق عليها مطلّقة بل لا يعملون بالظن ايضا ما لم يكن من طريق عقلائى معتبر كاخبار الثقة وغيره.

(وكيف كان) فمن تأمل فى مثل هذه الموارد ونظائرها ككيفية سلوك العبيد مع مواليهم فى مقام الاطاعة لا يكاد يرتاب فى استقرار سيرة العقلاء على ما ادّعيناه وامّا ما ترى من انهم لا يرسلون البضائع اليه بمجرد احتمال الموت فوجهه غالبا مراعاة الاحتياط والتحرّز عن الضرر المحتمل ألا ترى انه لو اخبر ثقة عدل فى هذه الموارد بحياته لو لم يحصل لهم اطمينان شخصى بالحياة لا يعملون بمقتضى قوله لو احتملوا تلف اموالهم على تقدير الموت. (وكذا) لو قال شريكه اعط كلّ فقير درهما وعلىّ ادائه واحتمل ارادة التجوز واختفاء القرينة وانه على تقدير ارادة المجاز لا يؤدّى الّا ما اراده لا يعملون فى مثل المورد باصالة عدم القرينة وسرّ ذلك انّ مراعاة الواقع وعدم ترتّب الضرر عندهم هو الملحوظ لا غير وهذا لا ينافى حجية قول الثّقة عندهم او اعتبار اصالة عدم القرينة لديهم وانما يظهر اثر اعتبار مثل هذه الامور فيما اذا تعذّر فى حقّهم الاحتياط على تقدير الحجيّة كما لو كان المكلّف ممّن وجب عليه طاعة امره ولم يكن معذورا فى مخالفته على تقدير الحجيّة. (وعلى كل حال) من الادلة التى استدلّوا بها على حجيّة الاستصحاب بناء

١١٨

العقلاء على ذلك فى جميع امورهم كما ادّعاه العلامة فى النهاية واكثر من تأخّر عنه وزاد بعضهم انه لو لا ذلك لاختلّ نظام العالم واساس عيش بنى آدم وزاد آخر انّ العمل على الحالة السابقة امر مركوز فى النّفوس حتى الحيوانات.

(ملخص الجواب) عن هذا الدليل على ما افاده الشيخ قده انّ بناء العقلاء فى الموارد المذكورة وغيرها ليس لاجل الحالة السابقة كما هو المناط فى باب الاستصحاب بل لاجل الظن بالبقاء من جهة الغلبة فلو كانت الغلبة مقتضية للظنّ بعدم البقاء لا يعملون به ألا ترى انه لو غاب شخص ومضت مدة لا يعيش الناس فيها غالبا لا يبنى العقلاء على وجوده ولا يكاتبونه ولا يرسلون اليه البضائع للتجارة ولا يجعلونه وصيّا على الاطفال وغير ذلك فيستكشف من ذلك انّ بنائهم لاجل العادة والجبلة وغيرهما مما قد يصادف مورد الاستصحاب وقد لا يصادفه فيكون الدليل المذكور اخصّ من المدّعى مضافا الى ما ذكره سابقا من ان البناء فى باب الاستصحاب على الظنّ الشخصى يسقطه عن الاعتبار فى اكثر موارده وانه لم يعهد من احد من العلماء الّا ما يظهر من الشيخ البهائى ره.

(قوله لو شكوا فى نسخ الحكم الشرعى) لو شكّوا فى نسخه لاجل ثبوت غلبة الاستمرار فى الاحكام الشرعية الكليّة وعدم نسخها.

(قوله ولو شكوا فى رافعية المذى شرعا) لعدم ثبوت غلبة الاستمرار فى مثل الاحكام المزبورة وعدم ثبوت نوع او صنف مخصوص مضبوط وعلى تقدير ثبوته لم يثبت الرّابط حتى يظن من جهته بثبوت الاستمرار فى الفرد المشكوك على ما صرّح به الشيخ قده سابقا.

(قوله من غير جهة النسخ على الاستصحاب) اما من جهة النّسخ فيبنون على الاستصحاب لو سلّم كون اصالة عدم النسخ استصحابا وقد ذكر سابقا انّ اصل عدم النّسخ من الاصول اللّفظية التى لا ربط لها بالاستصحاب.

(قوله نعم الانصاف انهم لو شكوا الخ) يعنى انّهم لو شكّوا فى بقاء الحكم

١١٩

الشرعى من جهة الشكّ فى رافعه يبنون على بقائه من جهة بنائهم على عدم الرّافع للحكم الشرعى المزبور بعد الفحص فى ذلك كما انهم اذا شكّوا فى حدوث حكم شرعى يبنون على عدمه بعد الفحص ولعلّ وجه عدم بنائهم على عدم البقاء بل بنائهم على البقاء من جهة عدم الرّافع انما هو من جهة انّ عدم الدليل دليل العدم فيقال انهم اذا فحصوا عن الادلّة ولم يجدوا فيها ما يدلّ على الرّافع للحكم السّابق وظنّوا بعد الفحص بعدم ورود الدّليل على الرّافع للحكم المزبور فيحكمون من جهة ذلك بعدم الرّافع للحكم المزبور.

(لكن) يرد عليه انّ الظنّ بعدم الورود لا يستلزم الظنّ بعدم الوجود الّا فى عامّ البلوى على ما ذكره المحقق ره على ما حكى عنه فى باب اصل البراءة مع انه لا دليل على حجيّة الظنّ المزبور بمجرّده نعم اذا انضمّ اليه قبح التكليف بما لا يعلم وقبح العقاب بلا بيان يستقيم المطلب لكن لا مدخليّة للظنّ فى التمسك بالقاعدة ويكون المناط هو قاعدة البراءة ولا يكون عدم الدليل دليل العدم اصلا على حدة ولذا انحصر الاصول العملية عند الشيخ قده فى الاصول الاربعة.

(قوله قال فى العدة بعد ما اختار الخ) كلامه ره فيها يشمل الشك فى المقتضى والشك فى الرّافع والوجودى والعدمى وان كان المثال الذى ذكره من قبيل الشك فى المقتضى ثمّ انّ كلامه لا يخلو عن نظر اذ يمكن ان يقال انه لو كانت الحالة الثانية موافقة للحالة الاولى لكان عليها دليل فاذا تتبّعنا جميع الادلة فلم نجد فيها ما يدلّ على انّ الحالة الثانية موافقة للحالة الاولى توجب الحكم بعدم موافقة الحالة الثانية للحالة الاولى.

(ثم) ان نقل الشيخ قده كلام الشيخ فى العدة هنا لاجل مناسبة ما لا انه عين ما ذكره فى قوله نعم الانصاف لما تقدّم من انّ كلام المصنف فى الشكّ فى الرّافع فقط لا مطلقا لكن فى الشبهة الحكمية منه وكلام الشيخ فى العدّة اعمّ من الشكّ فى للرافع والشكّ فى المقتضى هذا بناء على المعنى الاوّل واما على المعنى الثانى

١٢٠